مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مزيد من الجودة.. طوق النجاة للبنوك السويسرية

Keystone

يقف العالم اليوم مشدوها وهو يتابع تدهور الاقتصاد العالمي الذي يطال كل الدول وكل القطاعات، ومن هنا قام الكثير من الخبراء وعقدت العديد من المؤتمرات تتلمس طرق النجاة، ولم تكن سويسرا بمنأى عن الأحداث.

في هذا السياق، صدر مؤخرا كتاب جديد من إعداد مجموعة من خبراء الاقتصاد السويسريين بعنوان: “المصارف السويسرية .. ماذا بعد؟”، يشرح الأسباب التي كانت وراء الأزمة العالمية الحالية وموقف البنوك الكبرى منها.

واعتبر الكتّاب أن البنوك السويسرية تقف اليوم أمام نقطة تحول تاريخية، وأنها يجب أن تركز بشكل أكبر على النوعية، وتتيح الفرصة لوجوه جديدة إذا ما أرادت استعادة مجدها.

وفي حديث لسويس انفو مع كلود باومان وهو أحد مؤلفي الكتاب وأحد رموز الصحافة الاقتصادية في سويسرا قال: “على البنوك السويسرية أن تقوم بالتركيز على نهجها وأسلوبها الخاص، وعليها أن تحسن اختيار الأسواق وتُهدّف تجاهها بأكثر فاعلية”.

وقد قام باومان بالتعاون مع الخبير المصرفي فيرنر روتش، بتحديد مواطن النجاحات التي حققتها الصناعة المصرفية السويسرية خلال الخمسين سنة الماضية، ووضع إصبعه على الأخطاء التي وقع فيها هذا القطاع مؤخرا ومن ثم قام بصياغة مقترحات لكيفية تحسين الوضع الحالي.

وحول السبب الرئيسي للأزمة يقول باومان: “البنوك كانت تركز بقدر كبير على نمو الإرادات وإهمال المودعين، كما أنها استثمرت الكثير من أموال الخاصة لأولئك المودعين في عمليات تداول الأملاك طمعا في زيادة الأرباح والعوائد”، وأضاف “أعتقد أننا جميعا أدركنا خطأ هذا النهج وبأنه لا يصلح أن يكون في إستراتيجيات المصارف، ويجب أن تكون هناك وسائل أخرى لزيادة الأرباح (الإيرادات)”.

أكثر كفاءة

وأعرب باومان عن اعتقاده بأن البنوك السويسرية يمكنها السعي لأن تكون – على سبيل المثال – الأرخص والأكثر كفاءة من غيرها أو أن تكون لها المبادرة في سوق محددة كاستحداث المصارف الافتراضية أو إنشاء مصارف خاصة بالأثرياء، وأكد: “أنه من المهم لأي بنك التركيز على نمط مخصص من الأعمال”.

وقد ذكر الكتاب بأن بعضا مما امتازت به المصارف السويسرية فقد خصوصيته على مدى سنوات العقد الماضي نتيجة للعولمة.

ويعتقد باومان بأن “هناك علامات استفهام كبيرة حول أمركة القطاع المصرفي السويسري”، ولا يتردد في وضع النقاط على الحروف قائلا: “النموذج السويسري في ممارسة الأعمال التجارية والمصرفية يختلف تماما عنه في الولايات المتحدة والبلدان الأنجلوسكسونية”.

ويضيف: “الأعمال التجارية والمصرفية في الولايات المتحدة تركز على الأرباح قصيرة الأجل أكثر بكثير عما هو (الحال) في سويسرا”.

الحفاظ على أموال العملاء

المصارف السويسرية ، بحسب باومان تراعي في الأساس الحفاظ على أموال العملاء وعدم المخاطرة بها ولذلك فإنها تعتمد أسلوب الإكثار من الصفقات بقدر المستطاع.

وانتقد قائلا: “ومما ينبغي إدراكه، أن يو بي اس وكريدي سويس قاما باستثمار مبالغ ضخمة لمجرد الحصول على حصة في الاستثمارات المصرفية ولم يحصدوا أي ربح”.

وبحسب ما ورد في الكتاب أنه بظهور العولمة اختفت الصفات الرائدة للنهج المصرفي السويسري: “بالنظر إلى الماضي نلحظ أنه كان عندنا عدد من كبار المصرفيين الذين كانوا فخرا لا للصناعة المصرفية السويسرية فحسب بل لسويسرا كلها”. وكانت لهم مكانتهم في المجتمع “ولكنها اختفت في السنوات العشر الماضية”.

وفي ذات السياق يقول باومان: “لابد للنظام المصرفي السويسري من دماء جديدة إذا أراد أن تعود له مصداقيته المرموقة مرة أخرى”.

الغطرسة المصرفية

ومن جهة أخرى يرى باومان أنه “في الآونة الأخيرة اعتنت الصناعة المصرفية بتسليط الأضواء على الجوانب السلبية فقط من مثل المرتبات الباهظة وغطرسة المصرفيين، وعلى هذا الوضع أن يتغير، وعلى الوجوه الجديدة إعادة اكتشاف دور المصرفي السويسري الحقيقي”.

وثمة مسألة أخرى ينبغي أن تلحظها البنوك السويسرية وهي مستجدات واقع السوق، فالكتاب يشير إلى بعض الأمثلة بما في ذلك تجارة الذهب وتجارة السندات الأوروبية، والتي يعتبرها غادرت سويسرا إلى أسواق أخرى مثل لندن ولوكسمبورغ بسبب الرسوم والضرائب.

وفي الوقت الذي تتنادى فيه مختلف الأطراف لوضع سياسة صارمة وممارسة ضغوط هائلة لأجل مزيد من الضوابط والنظم، أبدى باومان مخاوفه من أن تؤدي إلى تفاقم الوضع وإلى مزيد من التدهور.

وقال: “ينبغي ألا تكون عندنا قوانين ولوائح أكثر صرامة وتشددا من غيرنا لأن من شأنه أن يجعلنا في وضع دون البلدان الأخرى”، واستدرك مضيفا: “نعم، ينبغي أن نضع اللوائح لأن من شأنها أن تعطي المزيد من المصداقية للنظام بأكمله، ولكن لتكن تلك اللوائح مساوية لما عند الآخرين”.

الدعم السياسي

ليس مستغربا أن يكون للساسة السويسريين دور في تذليل الصعاب وسن القوانين ودعم صناعتنا المصرفية في الداخل والخارج.

ويلفت باومان: “نحن لسنا متحدين في دفاعنا عن مركز سويسرا المالي، مقارنة بما يحصل في لندن حيث المدينة بسياسييها ومصرفييها ومُشرّعيها وشعبها كلهم متحدون، ويمكنهم بذلك ممارسة الكثير من الضغوط”.

ويقول: “السر المُعلَن” وهو أن لندن غالبا ما تسعى لمنافسة سويسرا وإلى اجتذاب بعض أصولنا المالية”، ثم ويتابع: “لا يزال الكثير من الناس في سويسرا ينظرون إلى البنوك على أنها مجرد واقع ومجرد إدارة للثروة المحلية، ولكنها في الحقيقة صناعة حيوية جدا ويجب أن تعزز وتوسع”.

وأما بخصوص السرية المصرفية التقليدية أو مصطلح “سياسة خصوصية بيانات العملاء” والتي اعتبرها إتحاد المصارف السويسرية من أولوياته فيرى باومان بأنها لازمة لحماية الخصوصية المالية ويعتبر أنها وثيقة الصلة بمستقبل الصناعة المصرفية السويسرية.

ويشير باومان بأن هناك كثير من الناس لسذاجتهم لا يدركون صرامة التشريعات في النظام المصرفي المركزي في سويسرا ولا يدركون قدرتها على مكافحة غسيل الأموال، كما يستغرب أن يكون ذلك عند عدد من السويسريين ويرجعه إلى “ضحالة في التفكير”.

ويختم حديثه موضحا: “قد يكون سن قوانين أو تشريعات أكثر صرامة بالنسبة لبعض القطاعات المصرفية خدمة كبيرة من شأنها أن تعزز المكانة المرموقة للنظام المصرفي السويسري”.

سويس انفو ، روبرت بروكس – زيورخ

هو صحفي متخصص في الشؤون الاقتصادية، يعمل لدى المجلة الأسبوعية فيلتفوخه “Weltwoche” الصادرة في زيورخ، والتي احتفلت مؤخرا بالذكرى السنوية 75 على إنشائها.

كان يعمل سابقا لدى صحيفة المال والأعمال فينانس اوند فيرتشافت “Finanz und Wirtschaft” ولدى وكالة الأنباء السويسرية (SDA – ATS).

وقد حصل على عدة جوائز عن كتاباته.

وفي عام 2006 ، نزل إلى الأسواق كتابه “البنوك السويسرية عند نقطة التحول”.

وقد دشن مؤخرا موقعا الكترونيا تحت اسم فينيوز “Finews” يعنى بالصناعة المصرفية السويسرية (انظر الرابط أدناه).

مدير عام بنك كلاريدن لوي “Clariden Leu bank in Zurich” في زيورخ، وقد صار له 15 عاما في القطاع المصرفي.

عمل رئيسا لمكتب الاستثمارات في بنك هوفمان “Bank Hofmann” منذ عام 2001 وحتى نهاية عام 2006.

سبق له أن تولى منصبا كل من بنك كريدي سويس وبنك يو بي اس.

قام بنشر العديد من المقالات والخطب حول القضايا الاقتصادية، وبالأخص حول التسويق المصرفي والاتصالات.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية