مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مصيدة الديون ودوائر الملاحقة

ياتي ارتفاع حجم الديون الشخصية وسط أجواء اقتصادية واجتماعية قاتمة Keystone

تشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن عدد الناس الذين وقعوا في مصيدة تراكم الديون وتعرضوا لإجراءات الملاحقة في سويسرا، قد سجّل رقما قياسيا خلال عام 2002.

أما أسباب الملاحقة، فكانت حسب الأهمية تراكم الديون الضرائبية أو الديون الاستهلاكية أو عدم تسديد فواتير الخدمات الصحية.

لم تزد نسبة الملاحقات القانونية للمديونين فحسب، وإنما زادت أيضا حالات رهن الحيازة، أي احتجاز أشياء كضمان على الديون، بنسبة 6% بالمقارنة مع عام 2000، حينما بلغ عدد هذه الحالات لتغطية الديون مليون وثمانين ألف حالة في عام 2001.

وتبين الإحصائيات أن عدد الملاحقات، وعدد رهانات الحيازة قد تضاعفا خلال السنوات العشر الماضية في سويسرا، وأن الحوافز للإقبال على السلف والقروض قد تغيرت نوعيا عن ذي قبل، حيث أن الناس أصبحوا يقترضون، لتغطية الضروريات الأساسية وليس لشراء البضائع الكمالية في الغالب.

وتدل هذه المؤشرات وهذه التغييرات في نوعية المستلفين، على أن أغلبية الأفراد والعائلات المُستدينة، لا تجد الدخل الكافي لتغطية الاحتياجات الضرورية، وأن المزيد والمزيد من العائلات ذات الأطفال، يقع في دوامة الديون بسبب الارتفاع الباهظ في التكاليف الصحية وتكاليف التكوين والدراسة بعد سنوات الدراسة الإجبارية المجانية.

وتكشف دراسة عدد من حالات المقترضين النقاب، عن نفس النمط ونفس الإنزلاقة غالبا في مصيدة الديون إلى ما لا طاقة للفرد أو العائلة له، وهو اللجوء إلى قروض وسلف جديدة لتغطية القديمة، ومحاولات التخلص من ضغوط الأطراف المُقرضة سواء كانت من الأطراف العامة أو الخاصة، بمساعدة مُقرضين آخرين.

الخيار بين التحكيم أو القضاء

كما بينت الأبحاث أن معظم الناس الذين يتعرضون لمثل هذه الضغوط، لا يملكون الدخل الكافي لتقسيط الديون التي تترتب عليهم، ولا يجدون مخرجا من هذه الورطة إلا بزيارة أحد المراكز الرسمية التابعة لحكومات الكانتونات أو المراكز الخاصة الاستشارية لبحث الميزانية الشخصية ومحاولة معالجة الديون.

ولدى تحويل مثل هذه القضايا إلى القضاء، تتخلى الأطراف الدائنة عادة على نسبة معينة من الديون، شريطة تسديد الباقي على الفور أو بأقساط شهرية. لكن الأمور لا تنتهي غالبا بمثل هذه السهولة، ويستغرق تسديد الديون في بعض الحالات سنوات عديدة، لا يستطيع المُستدين خلالها الاحتفاظ إلا بالحد الأدنى من الدخل لتخصيص الباقي لخدمة ديونه.

لكن الأهم من ذلك هو أن معالجة هذه القضايا قد زادت صعوبة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية العامة، ومع تقلص إمكانيات الحصول على مساعدة المعارف والأقرباء الذين يعاني الكثيرون منهم حاليا من مشاكل مماثلة، كما تبين الإحصائيات.

علاوة على ذلك، طرأت تغييرات على مسالك الأطراف الدائنة التي أصبحت تسارع أكثر من ذي قبل، للملاحقات القانونية ولرهانات الحيازة في محاولة لاسترجاع ما أمكن من المستحقات المالية.

ديون وهموم وانهيارات!

وتؤكد مختلف الأوساط التي تتعامل مع مثل هذه الحالات أن أسوء المضاعفات بالنسبة للأفراد أو العائلات الذين يتعرضون لرهانات الحيازة، هي المضعفات النفسانية، إذ يتوجب عليهم أن يفتحوا الأبواب على مصراعيها لكاشفي الحسابات وللمحققين في أوضاعهم المالية والعائلية وفي ظروف عملهم، إذا كانوا من العاملين.

ومما يزيد الطين بلة بالنسبة لهؤلاء الذين يمارسون عملا ما، هو منع صاحب العمل من تقديم الأجر أو الراتب لصاحبه مباشرة، وإنما لدائرة ملاحقة الديون في هذه الحالة، الأمر الذي يعتبره الكثيرون كاعتداء على كرامتهم أو بمثابة وضعهم تحت الوصاية.

وتحمل هذه التطورات بعضهم على تصرفات عدائية تجاه موظفي دوائر الملاحقة ودوائر الحجز لممتلكاتهم كضمان للديون.

وبهذا لا يصبح الإنسان فريسة للديون المتراكمة فحسب، وإنما عرضة لضغوط مادية ومعنوية قاسية، غالبا ما تترك تأثيرات سلبية على العلاقات الشخصية والحياة العائلية.

جورج أنضوني – سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية