مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مفاوضات عسيرة في جنيف حول البرنامج النووي الإيراني

متظاهر إيراني ملثم الوجه في تظاهرة سابقة نظمت في أكتوبر 2009 أمام المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف Reuters

استؤنفت في جنيف صباح الإثنين 6 ديسمبر المفاوضات بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد (5+1) التي تضم الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي من أجل تحريك الحوار النووي المنقطع بين الطرفين منذ 14 شهرا.

وتدور هذه المحادثات في ظل أجواء متوترة إثر إعلان طهران أنها باتت تتحكم بكامل دورة انتاج الوقود النووي وكشفها عن اللجوء لأول مرة لاستخدام مُركّز يورانيوم مستخرج من برنامج تخصيبها الوطني في إشارة واضحة إلى اعتزامها الإستمرار في التمسك ببرنامجها النووي. وهو ما يرى فيه محمد رضا جليلي، الخبير السياسي والأستاذ بمعهد جنيف للدراسات الدولية في حوار خاص مع swissinfo.ch، عاملا “قد لا يشجع على توقع الكثير من هذه الجولة من المحادثات” التي تستمر يومي الاثنين 5 والثلاثاء 6 ديسمبر 2010.

swissinfo.ch: تعقد إيران هذا الإجتماع في جنيف مع مجموعة 5 زاءد 1 للمرة الأولى منذ عام ونيف. هل يمكن تلخيص ما وصلت إليه هذه المحادثات ودوافع انعقاد هذا الإجتماع اليوم؟

محمد رضا جليلي: يشارك الإيرانيون في اجتماع جنيف للإظهار بأنهم لا يتخلون عن المسار الدبلوماسي. ولكن موقفهم لم يتغير أساسا لأن تصريحات الرئيس أحمدي نجاد ومسؤولين إيرانيين آخرين تسير في الاتجاه القائل بأن إيران مازلت وفية لأهدافها القديمة وأنها لا ترغب في التخلي عن أي شيء في المجال النووي. وهذا ما ينبئ بمفاوضات قاتمة نظرا لعدم ظهور بوادر أية ليونة من الجانب الإيراني وهذا على الأقل حتى اليوم. ويمكن بالفعل حدوث مفاجآت عندما يحلون بجنيف ولكنني أشكك في حدوث تغير مفاجئ في الموقف الإيراني.

وما الذي تتوقعونه من هذا الاجتماع؟

محمد رضا جليلي: لا يمكن توقع الكثير في اعتقادي. إذ تتذكرون بأن اجتماعا مماثلا تم في جنيف قبل عام تقريبا. وقد تم فيه تقديم وعود ولكن تلك الوعود لم تحقق. فإيران اليوم توجد في وضعية أكثر هشاشة لربما وهذا لعدة أسباب: أولا لأن هناك شبه إجماع بين الدول المشاركة في مجموعة 5+1، وثانيا لأن العقوبات كان لها تأثير سلبي للغاية على الوضع الاقتصادي الإيراني، وأخيرا الصعوبات التقنية التي واجهتها إيران في برنامج تخصيب اليورانيوم.

والسؤال المطروح هو هل ستؤثر هذه العوامل الثلاثة في تليين الموقف الإيراني؟ هذا ما تصعب الإجابة عنه لكنني أعتقد بأن تأثير هذه العوامل سيكون ثانويا نظرا لكون المشكلة الأساسية بالنسبة لإيران تتمثل في أن التراجع في المشكل النووي ومحاولة إيجاد حل وسط يعني إشارة ضعف بالنسبة للحكومة الإيرانية. ولا أرى أية عوامل تسمح باعتبار أن إيران قد تقبل هذه الوضعية.

وماذا عن الدور الذي قد تلعبه سويسرا في هذا الموضوع؟

محمد رضا جليلي: إن سويسرا وجنيف وبالخصوص الأمم المتحدة في جنيف مستعدة بالفعل لإيجاد الجو المناسب لعقد المفاوضات ومن أجل إيجاد حل للمشكلة النووية. وهو دور هام ولكن هذا أقل ما يمكنهم القيام به حتى ولو أنهم غير متيقنين من أن هذه المفاوضات قد تفضي إلى شيء. ولكن أعتقد بأن هذه المفاوضات ستكون مقدمة لمواجهات حتى ولو أن الجانب الإيراني يرى في هذه المفاوضات فرصة لربح الوقت. وهذه الرغبة في ربح الوقت تعتبر ملائمة أيضا بالنسبة للإدارة الأمريكية التي تواجه العديد من المشاكل في الوقت الحالي. فهذه الأطراف لا ترى مانعا في عقد اجتماع اليوم ولو أدى ذلك الى عقد اجتماع آخر بعد ستة أشهر أو عام من الآن. هذا التوجه قائم منذ حوالي ثمانية أعوام والكل يراهن على ربح الوقت.

وماذا عن موقف بعض الدول المشاركة في هذا المسار والتي ترى أن من حقها امتلاك الأسلحة النووية في الوقت الذي ترغب في منع دول أخرى من امتلاك نفس الإمكانية؟

محمد رضا جليلي: رسميا يتمثل الموقف الإيراني في الترديد بأن إيران ترغب في التزود بإمكانيات نووية مدنية. وترفض إيران الإعتراف بأن برنامجها النووي قد تكون له أبعاد عسكرية. وإذا ما اقتصرنا على البرنامج النووي المدني، تتمتع كل الدول بحق امتلاك برامج مماثلة ولكن عليها أن تقبل مراقبة مدققة من قبل الوكالة الدولية للطاقة النووية التي يوجد مقرها في فيينا. وهذا ما يبدو أنه لا ينطبق كلية على البرنامج النووي الإيراني وهو ما أدى إلى إثارة بعض الشكوك لدى المجموعة الدولية بخصوص الأهداف الحقيقية لهذا البرنامج.

وبالإضافة الى ذلك يعتبر اتفاق منع الانتشار النووي معاهدة غير عادلة تم إبرامها في ظروف خاصة. ولكنها المعاهدة الوحيدة المتوفرة لدينا في الوقت الحالي لمحاولة الحد من الانتشار النووي. فإذا كان بلد مثل إيران الذي وقع على اتفاقية منع الانتشار النووي، لا يحترم بنود تلك المعاهدة ، فإن ذلك سيكون كارثيا بالنسبة لعملية مراقبة سباق التسلح النووي خصوصا وأن الظروف الدولية الحالية لا تسمح بإعادة التفاوض بخصوص معاهدة جديدة.

ومن أجل الحد من أخطار استخدام السلاح النووي، تم اعتماد منطق السماح لبعض القوى العظمى بامتلاك هذا السلاح. وهذا ما يبدو أنه كان ناجعا منذ التوقيع على اتفاقية منع الإنتشار النووي حيث لم يتم استخدام السلاح النووي ولو مرة واحدة. ولكن إذا ما قامت دولة من دول الشرق الأوسط بامتلاك السلاح النووي ووجدت باقي دول المنطقة نفسها مضطرة للقيام بنفس الخطوة، فإن ذلك سيدخلنا في دوامة سباق تسلح لا يمكن التحكم فيها وقد تكون لها عواقب وخيمة على المجموعة الدولية برمتها.

لو أتيح لكم تقديم نصائح للمشاركين في هذه المفاوضات، ماذا ستكون هذه النصائح؟

محمد رضا جليلي: قد تكون توصية لدفعها للدخول في إطار مفاوضات فعلية وهذا ما لا ينطبق على المفاوضات الحالية. ما يتم اليوم هو مجرد محادثات. من أجل الدخول في مفاوضات فعلية يجب تحديد الإطار وأن تعترف الأطراف المشاركة ببعض العوامل. وهذه الخطوات الضرورية لم ندركها بعد في هذه المفاوضات.

محمد رضا جليلي من مواليد طهران في عام 1940 ويحمل الجنسيتين السويسرية والإيرانية ويعيش في سويسرا منذ عدة سنوات.

يعمل كأستاذ للعلوم السياسية ومتخصص في شؤون الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في معهد جنيف للدراسات الدولية. وليست لديه أية قرابة مع سعيد جليلي، المفاوض الإيراني في مفاوضات جنيف حول البرنامج النووي الإيراني.

(نقله من الفرنسية وعالجه: محمد شريف)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية