مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

منتدى دافوس: تفاؤل حذر ونتائج غير ملموسة!

رحبت الصحف السويسرية بالتفاؤل الحذر الذي طغى على أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس Keystone

بعد خمسة أيام من المناظرات، وأكثر من 250 جلسة عمل، وسلسلة من المباحثات السياسية المحمومة، أنهى المنتدى الاقتصادي العالمي أشغاله في منتجع دافوس.

وفي الوقت الذي بدأت فيه الحياة تعود إلى مسارها العادي في المنتجع السويسري، يختلف المراقبون حول حصيلة الدورة الرابعة والثلاثين للمنتدى.

“دافوس هي جوهرة”. لم يعتد قراء الصحيفة السويسرية تاغس انتسايغر الناطقة باللغة الألمانية على هذه النبرة المتحمسة منها، خاصة وهي المعروفة باتجاهاتها اليسارية.

لكنها لم تجد سوى كلمات الإطراء كي تصف حصيلة المنتدى الاقتصادي العالمي الذي أنهى أعماله في منتجع دافوس يوم الأحد الموافق 25 يناير الجاري.

وتفسر موقفها ذلك بالقول إن المنتدى بجمعه للزعماء السياسيين والاقتصاديين مع شرائح واسعة من ممثلي المجتمع المدني تحت سقفٍ واحد تمكن من طرح بعض “الحقائق غير المريحة” على مائدة النقاش، على حد تعبيرها.

وهي في رأيها ذلك لا تجانب الصواب كثيرا، لاسيما وأن المدير التنفيذي المشارك للمنتدى فيليب بورجونون عبر عن نفس الرأي وإن بصيغة أخرى.

فقد صرح بالقول: “قد يكون من الصعب للغاية مواجهة الحقائق (المعروضة على النقاش)، لكنك إذا ناقشتهم ضمن بيئة نفسية فعالة ستتمكن من إضافة بعض العناصر الإيجابية”.

وما يعنيه الاثنان هو أن نقاشات المنتدى التي تناولت مواضيع معقدة شائكة، كان على رأسها تحديات إعادة إعمار العراق وملف التجارة العالمية، إضافة إلى الفجوة التي تباعد بين أوروبا والولايات المتحدة، تمت في أجواء متفائلة وإيجابية.

نبرة أمريكية استرضائية؟

تقف تلك الأجواء على طرف نقيض مما ساد في المنتدى العام الماضي، والذي عكست فعالياته التوتر الدولي الذي كان قائماً آنذاك نتيجة ً لتأهب الولايات المتحدة لغزو العراق رغم الرفض الدولي الشديد لتلك الخطوة.

لذلك، تعامل الكثيرون مع قمة هذا العام على أنها فرصة سانحة قد تُمكن من رأب الصدع القائم في العلاقات الأمريكية الأوروبية.

وتبدت الأهمية التي يوليها صناع القرار للمنتدى في تحول نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني إلى دافوس، في ثاني زيارة دولية له إلى خارج الولايات المتحدة منذ توليه منصبه قبل ثلاث سنوات.

وقد جاء السيد تشيني فعلاً ليوجه رسالة واضحة المضمون إلى أوروبا عندما حثها على العمل مع الولايات المتحدة في مواجهة الإرهاب الدولي، ودعم جهود تعزيز الديمقراطية في الشرق الأوسط. وشدد قائلاً: “نحن ندعو أصدقاءنا وحلفاءنا الديمقراطيين، وفي أوروبا بالتحديد، للالتحاق بنا في هذه الجهود”.

حضور سويسري ملموس

في مقابل ذلك التقدم الطفيف على صعيد الأجواء في مجال العلاقات الأمريكية الأوروبية، تمكنت سويسرا من تحقيق بعض النجاحات الملموسة على صعيد سياستها الخارجية.

فقد استطاع رئيس الكنفدرالية جوزيف دايس على سبيل المثال، من خلال لقاءه مع رئيس الوزراء التركي محجوب اوردوغان، من تخفيف التوتر الذي شاب العلاقات الثنائية بين البلدين.

يذكر أن أنقره كانت قد ألغت زيارة لوزيرة الخارجية السويسرية بسبب التوصية التي أصدرها مجلس النواب السويسري بتحميل تركيا مسؤولية ما حدث للأرمن عام 1915 واعتبارها “جريمة إبادة جماعية”.

بنفس النسق، عمد السيد دايس من خلال لقاء سريع جمعه بالسيد تشيني إلى الضغط من أجل عدم استبعاد الشركات السويسرية من المشاركة في عمليات إعادة إعمار العراق.

وعلى الصعيد الدولي، نجح رئيس الكونفدرالية في تنظيم اجتماع ضم 19 وزيرا للتجارة من كافة أنحاء العالم، بهدف إحياء المفاوضات التي تعثرت العام الماضي نتيجة تباعد الرؤى بين دول الشمال والجنوب حول اتفاقية دولية جديدة للتجارة.

كما اتخذت وزيرة الخارجية ميشلين كالمي – راي من المنتدى سبيلاً للترويج لمبادرة جنيف للسلام في الشرق الأوسط، التي لعبت سويسرا دور الراعي لها، والتقت ضمن هذا الإطار بكل من مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا والأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ووزير الخارجية الفلسطيني نبيل شعث.

نتائج غير ملموسة!

رغم كل ما سبق، ومع استثناء الأجواء التصالحية والتفاؤل الحذر الذي أسفر عنه المنتدى فإنه يصعب القول أن دورة هذا العام قد تمخضت عن نتائج مادية ملموسة.

وقد وضعت صحيفة دير بوند الناطقة باللغة الألمانية أصبعها على الجرح عندما أشارت بلا مواربة في افتتاحيتها قائلة:”ظلت كل المشاكل والقضايا الكبرى، التي تمت مناقشتها، بلا حل”.

عبر عن نفس الرأي السيد كينيث روث المدير التنفيذي لمنظمة “مراقبة حقوق الإنسان” Human Rights Watch عندما قال:” هناك قدر أكبر من التوجهات التصالحية، لكنها لا تغير من حقيقة استمرار مشاعر القلق العميقة هنا من أسلوب إدارة الرئيس بوش ومنهجها الأحادي”.

بيد أن مشاعر القلق السائدة لم تكن العامل الوحيد الذي أضعف من المردود الفعلي للمنتدى بل ساهم فيها بشكل مباشر الغياب الواضح لقادة أهم القوى التي عارضت الحرب الأمريكية على العراق، وعلى رأسها فرنسا وروسيا وألمانيا، إضافة إلى كل من بريطانيا وإيطاليا رغم تحالفهما الوثيق مع واشنطن.

ولذا، لم تزد الحصيلة الفعلية للمنتدى كما تقول صحيفة بازلر تسايتونغ الناطقة باللغة الألمانية عن نقاشات ودية بين الأطراف المتحاورة، أما”غيوم العاصفة فإنها لم تنقشع بعد”.

سويس إنفو

تواصلت فعاليات الدورة الرابعة والثلاثين للمنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس من 21 إلى 25 يناير.
شارك في المنتدى خمسة من أعضاء الحكومة الفدرالية السويسرية السبعة.
حضر المنتدى أكثر من 2100 شخصية سياسية واقتصادية.
كان من أبرز المتحدثين في المنتدى كوفي أنان الأمين العام للأمم المتحدة وديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية