مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

منظمة يجب أن تطور نفسها

صورة تعود إلى عام 1996 أثناء زيارة وزير الخارجية السويسري والرئيس الدوري لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا آنذاك فلافيو كوتي أثناء زيارة له إلى البوسنة والهرسك. Keystone

يرى أحد الخبراء السويسريين أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، يجب أن تعيد النظر في نظامها، بعد أن فقدت الكثير من مضمونها.

ويعتقد لورانت غوتشل مدير “سويس بيس” بأن فترة رئاسة الكنفدرالية للمنظمة في عام 1996 شكلت ذروة نجاحها.

35 دولة وقعت في أغسطس 1975 في العاصمة النرويجية هلسنكي على وثيقة، رأت أنها ستعمل في هذا الوقت على رأب الصدع بين الكتلتين الشرقية والغربية في فترة الحرب الباردة.

ويعتقد لورانت غوتشل مدير المؤسسة السويسرية للسلام “سويس بيس” , وأستاذ العلوم السياسية في المعهد الأوروبي التابع لجامعة بازل، أن الكنفدرالية دعمت بقوة عمل المنظمة، حيث كان للحياد آنذاك أهميته في السياسة الخارجية، فكان لها دور هام في المنظمة الأوروبية.

سويس انفو: كيف كانت أهمية المشاركة في هذه المنظمة بالنسبة لسويسرا، التي لم تكن وقت تأسيسها عضوا في الأمم المتحدة، وإلى الآن ليست ضمن بلدان الإتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي؟

لورانت غوتشل: لقد كانت تلك المشاركة فرصة للعمل في تأسيس هذا المنتدى،حيث تواجدت فيها أهم دول شرق وغرب أوروبا. ولم تكن تلك المساهمة بديلا عن الالتحاق بالأمم المتحدة، أو المجموعة الأوروبية آنذاك أو حلف شمال الأطلسي، فلقد كانت المنظمة الجديدة متعددة الأنشطة وتتميز بحركية عالية.

ففي تلك المرحلة لم تكن على شكل منظمة، ولذلك سميت أيضاً مؤتمر، حيث كانت في منتصف الطريق كنوع من التعاون الدولي المتعدد الجنسيات.

سويس انفو: إذن كانت فرصة لسويسرا للتواجد على الساحة الدولية؟

لورانت غوتشل: صحيح

سويس انفو: عايشت سويسرا في عام 1996 لحظة الذروة عندما تبدل الاسم من مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا إلى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وكانت في الوقت نفسه الرئيس الدوري لعملها، وحصلت على إطراء كثير، كيف يمكن شرح ذلك؟

لورانت غوتشل: لقد تحركت سويسرا بالفعل بقوة في تلك السنة، وربما يمكن للمرء أن يقول إن سويسرا اضطلعت من دون عمد بمسؤوليات هامة في تلك السنة، حيث واجهت المنظمة تحديات عديدة لم تكن في الحسبان.

سويس انفو: ما هو حقيقة الدور السويسري في تلك السنة؟

لورانت غوتشل: من بين تلك المسؤوليات كان قيام أول انتخابات في البوسنة والهرسك بعد انتهاء الحرب، وكان السؤال الهام هو هل الوقت مناسب بالفعل لإجراء تلك الانتخابات وكيفية الإعداد لها يما في ذلك من مشاركة اللاجئين الذين لم يتمكنوا من العودة إلى أوطانهم الأصلية. وقد حصلت سويسرا على سمعة عالية للغاية لأنها ساهمت في ترتيب وإعداد الانتخابات التي مرت من دون أية مشكلات أو عوائق.

ونقطة أخرى،حيث كانت سويسرا نشطة في فريق المنظمة لدعم الشيشان برئاسة تيم غولديمان.

سويس انفو: منذ 3 سنوات وسويسرا عضو في الأمم المتحدة، فهل فقدت المنظمة معناها بالنسبة لسويسرا؟

لورانت غوتشل: إن نشاط سويسرا داخل الأمم المتحدة له دلالات أكثر من عملها في المنظمة، فالمنظمة فقدت الكثير من معانيها، لقد كانت هامة في فترة الحرب الباردة وفي المرحلة التي تلتها، لأنها كانت المنتدى الوحيد الذي يضم كلا من شرق القارة الأوروبية وغربها.

وربما لم تتمكن المنظمة من الحفاظ على فعاليتها بعد أن أصبحت الحرب الباردة في صفحات التاريخ، كما أن منظمات مثل مجلس أوروبا وحلف شمال الأطلسي والإتحاد الأوروبي، لم تعد مقتصرة على دول غرب القارة، فقد انفتحت على دول شرق ووسط القارة وبالتالي أصبحت أقوى.

سويس انفو: هل ما تزال هناك حاجة لوجود منظمة الأمن والتعاون؟

لورانت غوتشل: تلعب المنظمة دورها مثلما كان في السابق، فهي تقوم بواجب مهم نحو الأقليات، وهي المنظمة الوحيدة، باستثناء مجلس أوروبا، التي تضم روسيا كعضو كامل، إلا أن الأسئلة المحورية الهامة لا تتم مناقشتها في إطار المنظمة.

سويس انفو: هل ما تزال هناك حاجة لوجود منظمة الأمن والتعاون؟

لورانت غوتشل: تلعب المنظمة دورها مثلما كان في السابق، فهي تقوم بواجب مهم نحو الأقليات وهي المنظمة الوحيدة، باستثناء مجلس أوروبا، التي تضم روسيا كعضو كامل، إلا أن الأسئلة المحورة الهامة لا تتم مناقشتها في إطار المنظمة.

سويس انفو: تقف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا أمام نقطة تحول وتريد أن تقوم بعملية إصلاح ذاتي، فأين ترى مجالات النشاط التي يمكن أن تدخل فيها؟

لورانت غوتشل: إن المنظمة ما تزال نشطة في مجال مراقبة العمليات الانتخابية، ويمكنها أن تمارس نشاطا في دول مثل اوزبكستان وقيرقيزيا و اوكرانيا وروسيا البيضاء، حيث أن تلك الدول ليست عضوة في أية منظمة أخرى.

ومجال آخر هو رعاية الأقليات العرقية، التي تبدو مشكلاتها واضحة في العديد من دول شرق ووسط أوروبا، ففي هذه المجالات قامت المنظمة في الماضي بواجبها وتحديدا بشكل مختلف عما قام به مجلس أوروبا، الذي اعتمد على العديد من المعايير القانونية، بينما اعتمدت منظمة الأمن والتعاون على معايير تتناسب مع الأوضاع السياسية.

سويس انفو: هل ترى مستقبلا للمنظمة؟

لورانت غوتشل: نعم، اعتقد ان هناك مستقبلا للمنظمة، إلا أنها يجب أن تتكيف مع الأجواء المتغيرة التي أحاطت بها.

سويس انفو

1 اغسطس 1975 وقعت 35 دولة في هلسنكي على وثيقة تأسيس مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا بمشاركة سويسرا والولايات المتحدة وكندا.
1994 تغير الإسم وتحول إلى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
1996 تولت سويسرا الرئاسة الدورية للمنظمة من خلال وزير الخارجية آنذاك فلافيو كوتي.
2005 بلغ عدد الدول الأعضاء في المنظمة 55 بلدا.
تصل ميزانيتها السنوية إلى 260 مليون فرنك، تساهم سويسرا فيها بما يتراوح بين 8 و 9 ملايين، 73% منها لتمويل 17 عملية ميدانية.
تزاول المنظمة أنشطتها في جورجيا وارمينيا وأذربيجان وكازاخستان واوزبكستان وتركمانستان وطاجيكستان وقيرقيزيا.
يعمل لدى المنظمة 1000 موظف دولي ، و2400 من الموظفين المحليين في البلدان التي تنشط فيها.

يعتقد البروفسور لورانت غوتشل أن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا يجب أن تطور مفهومها بما يتناسب مع المتغيرات التي يمر بها العالم، ويرى بأن وجودها ضروري ولازم لمراقبة العمليات الإنتخابية ورعاية مشكلات الأقليات العرقية.
يعمل غوتشل استاذا للعلوم السياسية في المعهد الأوروبي التابع لجامعة بازل، وله كتاب حول الدور السويسري في رئاسة المنظمة، صدر عام 1997.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية