مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نتائج الإنتخابات الإسرائيلية تفتح الباب للمقايضات

إيهود أولمرت يدلي بأول تصريحاته بعد أن أظهرت النتائج الأولية فوز حزب كاديما (إلى الأمام) الذي يترأسه في الإنتخابات العامة الإسرائيلية Keystone

الليل الإنتخابي الطويل في إسرائيل لم ينته بحلول صباح الأربعاء 29 مارس..

فالسماء ظلت ملبدة بالغيوم الرمادية وكسوف الشمس الذي عم المنطقة أتي ليطيل ليل الكوابيس لبعض الأحزاب في إسرائيل وليمنح ساعات نوم وراحة إضافية للآخرين..

الليل في إسرائيل لم ينته هذا الصباح.. فالسماء ملأى بالغيوم الرمادية وكسوف الشمس أتي ليطيل ليل الكوابيس لبعض الأحزاب في إسرائيل وليمنح ساعات نوم وراحة إضافية للآخرين وبقي رئيس الحكومة الإسرائيلية السابق بنيامين نتياهو رئيس حزب الليكود المحطم على رصيف المعركة الانتخابية في إسرائيل وحيدا..

فالذي زرع تقليصات حادة في مخصصات المتقاعدين خلال إشغاله لمنصب وزير المالية في إسرائيل حصل على حزب خاص بهم أوصلهم ليكونوا مفاجأة الانتخابات الإسرائيلية.. والذي أصر على إخافة الإسرائيليين من حركة حماس “وجدهم في واد اخر”..

وعلى حد تعبير علي واكد، المحلل السياسي والكاتب في النسخة الالكترونية لصحيفة يديعوت احرونوت الإسرائيلية في حديث مع سويس انفو، فالإسرائيليون “ملوا حتى النخاع السياسة الإسرائيلية التقليدية وملوا أكثر السياسيين أنفسهم واختاروا أن يبحثوا عن أجندة مختلفة من خلال تصويتهم للمتقاعدين أو من خلال عزوفهم عن المشاركة في الانتخابات أصلا”.

اليمين .. خاسر أكبر

إذن فالمتقاعدون هم “المفاجأة” والليكود واليمين هم “الخاسر الأكبر”، إذ لم يتمكنوا هم وحلفاؤهم الطبيعيون في الأحزاب المتدينة من الوصول إلى تشكيل لكتلة مانعة من 61 عضوا في الكنيست تحول دون وصول ايهود اولمرت إلى كرسي رئيس الوزراء في إسرائيل.

ومع “الشهية المفتوحة” للأحزاب المتدينة لدخول الحكومة الجديدة، على حد تعبير علي واكد فالليكود من جهة والقائمة المشتركة للمفدال والاتحاد الوطني المعارضين الأبرز لخطة الانطواء أو الانسحابات أحادية الجانب (التي ينوي اولمرت القيام بها في حال عدم وجود شريك فلسطيني، مثلما صرح في خطاب الفوز ليل الأربعاء) وجدا نفسيهما على الهامش.

وقد حدث ذلك على الرغم من أن نتنياهو قال قبل الانتخابات إن “التصويت هذه المرة هو استفتاء على خطة أولمرت” واتضح أن الناخب الإسرائيلي لم يعر الأمر أي اهتمام أو إن أعارها فقد جاءت في شكل “تأييد شعبي إسرائيلي على هذه الخطة”، على حد تعبير حاييم رامون، أحد قادة حزب كاديما.

المركب الأخير في عناصر اليمين الإسرائيلي أي حزب المهاجرون الروس “إسرائيل بيتنا” بدا يسير بعيدا عن رفاقه في اليمين فهناك أجندة استراتيجية خاصة به وهي “الوصول مع حزبه إلى سدة الحكم في إسرائيل بعد أربع سنوات”، كما ذكر الموقع الالكتروني لصحيفة هارتس.

خيبة أمـل كاديما

كاديما – وان استطاعت الحصول على ثمانية وعشرين مقعدا والتحول إلى الحزب الحاكم القادم في إسرائيل – إلا أن خيبة الأمل لديها عميقة جدا على الرغم من تصريحات تسيبي لفني، وزيرة الخارجية في إسرائيل والمرشحة للاستمرار في هذا المنصب في الحكومة القادمة واحد ابرز القيادات في كاديما التي قالت: “إن نتائج الحركة تعتبر انتصارا تاريخيا في تاريخ السياسة الإسرائيلية التي لم تسجل في تاريخها حصول حزب يدخل الانتخابات لأول مرة على المرتبة الأولى في عدد المقاعد ويرشح لتشكيل الحكومة”.

غير أن من تابع الحملة الانتخابية لكاديما وتصريحات رئيس الحزب اولمرت الذي صرح يوم الأحد 26 مارس الماضي لموقع يديعوت احرونوت الالكتروني بان “أية نتيجة تحت 36 مقعدا ستكون خيبة أمل بالنسبة له” ولموقع معاريف الالكتروني أنه “يتوقع الحصول على أربعين إلى ستة وأربعين مقعدا”، يدرك حجم خيبة الأمل وحجم الورطة لاولمرت وكاديما خصوصا وان الفرق بينها وبين حزب العمل المرشح الطبيعي لدخول ائتلافها هو ثمانية مقاعد فقط!!

العمل شريك قوي

إن من تابع عملية تشكيل حكومات سابقة في إسرائيل يعرف أكثر عمق هذه الورطة. فاولمرت كان يريد أن يدخل حزب العمل إلى ائتلافه وفق شروطه هو لا وفق رغبات عمير بيرتس زعيم العمل.

مع فرق أكثر من خمسة عشر مقعدا كان يمكن أن يتأتى ذلك لاولمرت، ولكن مع فرق كهذا فحزب العمل يبدو شريكا وندا قويا لكاديما في الائتلاف القادم. وان نجح بيرتس في إقناع المتقاعدين بالانضمام إلى حزبه فان الفارق بينه وبين كاديما سيقف عند مقعد واحد (!) وهو ما يفسر ربما تصريحات مئير شطريت، وزير التربية والتعليم في الحكومة الحالية واحد أقطاب كاديما الذي قال “إن خطة الانطواء غير مطروحة للتنفيذ فورا وبالتالي فكاديما على استعداد للذهاب إلى ائتلافه القادم مع “إسرائيل بيتنا” أو حتى مع الليكود، فالأجندة المطروحة حاليا اجتماعية وليست سياسية”.

هذه التصريحات تعني أن “شطريت يفهم حجم الورطة مع حزب العمل ويريد أن يقول له أن لا يتسرع في رفع سقف مطالبه وأن يقنن مطالبه فالشركاء المحتملون كثيرون وتكلفتهم أقل”، مثلما يشرح علي واكد.

هذه التصريحات لم تثر قلق عمير بيرتس وتحديدا ليس في هذا اليوم فهو يعرف أن كاديما لا تستطيع السير بدونه سواء تعلق الأمر بالقضايا السياسية أو فيما يرتبط بالأجندة الاجتماعية التي يعتبر “أباها الروحي” في إسرائيل في الانتخابات الحالية.

ومع حصول حزب العمل على عشرين مقعدا في ظروف الزلزال السياسي الحاصل في إسرائيل (منذ خروج اريئيل شارون من الليكود وتأسيس كاديما)، وعلى الرغم من الكثير من الاستطلاعات التي تحدثت عن 16 أو 17 مقعدا فقط للعمل، فإن بيرتس قد عزز مكانته داخل حزبه لذلك يستطيع ايهود براك الانتظار أربع سنوات إضافية..

فمع تحقيق هذه النتائج في مثل هذه الظروف، فمن الصعب العثور على حلفاء داخل حزب العمل لإزاحة بيرتس خصوصا وانه “الوحيد منذ زعامة رابين للحزب الذي لم يقلل عدد المقاعد للحزب عندما تزعمه كما فعل كل من شمعون بيرس وايهود براك وعمرام متسناع”، على حد تعبير سكرتير الحزب ايتان كابل.

الأحزاب الدينية .. واليسارية

على صعيد آخر، حققت الأحزاب الدينية اليهودية (شاس الشرقية ويهدوت هتوراه الاشكنازية الغربية) ارتفاعا في عدد المقاعد (13 لشاس وستة ليهدوت هتوراه)، غير أن هذا الانتصار لشاس يحمل في طياته أبعادا إضافية فهو أولا شكل استفتاءا على شخص رئيس القائمة ايلي يشاي الذي استطاع إسكات الأصوات المتزايدة الهامسة بالمطالبة بتغييره بالمرشح الخامس في قائمة الحركة الحاخام اريئيل اتياس، المقرب من الزعيم الروحي للحركة الحاخام عوفاديا يوسف.

وثانيا وهو الأهم لقد استطاعت شاس سحب مصوتيها الشرقيين من حضن الليكود والمشاركة في تحطيم هذا الحزب الذي شكل منذ تأسيسها الخصم الأساسي لها في جمهور المصوتين خصوصا وأن الحركة ترى نفسها أيضا حركة اجتماعية أثنية تمثل مصالح اليهود الشرقيين في إسرائيل بالإضافة إلى كونها حركة دينية.

الحزب الأكثر يسارية بين الأحزاب الصهيونية غرق هو الأخر في شعور من خيبة الأمل. فحزب ميرتس بزعامة يوسي بيلين لم تستطع وقف خسارتها للمقاعد من معركة انتخابية إلى أخرى ومع حصولها على أربعة مقاعد فحسب تراجع مستوى تأثيرها إلى أدنى حد وإن لم تختفي رغبتها بدخول حكومة اولمرت خصوصا وأنها جزء من الكتلة المانعة لليمين الإسرائيلي من تهديد حكومة اولمرت إن فكر الأخير بالانطواء (أي الانسحاب أحادي الجانب) أو بالتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين.

ارتفاع التمثيل العربي ولكن ..

أخيرا تبدو الأحزاب العربية بشكل عام سعيدة بما حققت على الرغم من وجود مرارة غير معلن عنها لدى جميعها من النتائج التي حققها الحزبين الآخرين. لقد تمكن كل من “الجبهة” و “التجمع” من الحفاظ على نفس التمثيل الذي حصلا عليه في الانتخابات الماضية أي 3 مقاعد لكل منهما، وهنا يجدر “الأخذ بعين الاعتبار أن الجبهة حصلت على هذه النتيجة بالانتخابات الماضية سوية مع القائمة العربية للتغيير بزعامة احمد الطيبي فيما حققت هذه النتيجة هذه المرة لوحدها”، على حد تعبير رئيسها محمد بركة في حديث مع سويس انفو.

“القائمة العربية الموحدة”، المكونة من ثلاث أحزاب رئيسية هي الحركة الإسلامية والحزب الديمقراطي العربي والقائمة العربية للتغيير حصلت على أربعة مقاعد. وبذلك استطاعت الأحزاب العربية رفع تمثيلها البرلماني في الكنيست الإسرائيلي من 8 إلى 10 مقاعد، ومع هذا ستبقى مستثناة من دخول أي ائتلاف حكومي وفي أفضل الحالات ستكون جزءا أساسيا من أية كتلة مانعة تتصدى لليمين الإسرائيلي خصوصا مع ازدياد الأصوات المطالبة بنقل جزء من مواطني إسرائيل الفلسطينيين وحملة جنسيتها إلى مناطق نفوذ السلطة الفلسطينية للتقليل من حجمهم الديمغرافي داخل دولتهم التي تعرف نفسها “باليهودية”.

قاسم الخطيب – القدس

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية