مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نجاح شيرلوك هولمز لا جدال فيه

swissinfo.ch

كان السير آرثر كونان دويل، معجبا جدا بشلال رايخنباخ، ما جعله يعتقد أنه المكان المناسب لوضع حدّ لمغامرات شيرلوك هولمز.

وكان يمكن أن تكون أحد أخطاء الكاتب الفادحة، لو أنها لم تتحوّل إلى بركة تنعم بها قرية مايريغن، في منطقة الألب القريبة من برن.

كان دويل قد انتهى منذ سنة من كتابة قصتين من قصص هولمز، عندما عزم هو وزوجته على القيام بجولة في سويسرا. لقد قرر مقاومة الإحباط، الذي أصابه، نتيجة الوضع الذي حشر نفسه فيه.

ويقول يورغ موسفيلد، مدير فندق “بارك سوفاج”، حيث يعتقد أن كانون دويل قد استقر خلال زيارته إلى القرية، “سجل في مذكراته سنة 1893، والتي لا تزال موجودة، أنه يريد أن يضع نهاية لشيرلوك هولمز عند شلال رايخنباخ”.

وفي قصة “المشكلة النهائية”، دبّـر كونان دويل مكيدة للتخلص من هولمز ومنافسه اللدود الأستاذ الشرير موريارتي، وخلال معركتهما النهائية والحاسمة، اشتبك الرجلان عند الشلال وسقطا، فتوفيا غرقا.

أنكليشر هوف

في القصة، يُـعيد كونان دويل تسمية الفندق، فيطلق عليه اسم “أنكليشر هوف”، ويُـصبح مالكه، بحسب رواية/ الدكتور واطسن “بيتر ستايلر الأعظم”، وهو “رجل ذكي بارع، يُـجيد اللغة الإنكليزية”.

وتغيّـر الفندق شيئا ما منذ أن نزل ضيوفا به واطسن وهولمز، وتسلم إدارته يورغ موسفيلد، الذي لا يعدمه شيء من كرم الضيافة والمهارات اللغوية التي تمتع بها ستايلر.

ونجح موسفيلد في التعرف عن قرب على كونان دويل وهولمز بطريقة أفضل بكثير مما فعله ستايلر، ويقول موسفيلد: “يعود قرار إقامة نصب تذكاري لشيرلوك هولمز إلى سنة 1987، وقد شيّـده جون دوبلوداي”، ويضيف “عندما أزيل السّتار عن النّـصب التذكاري بحضور جمعية شيرلوك هولمز البريطانية، والتي كان من بين أعضائها ابنة الكاتب، السيدة جون كونان دويل، قررنا أن يخلّـد هذا المكان في ذاكرة كنيستنا الإنجلكانية”.

والكنيسة في الواقع، عبارة عن معبد صغير ولم تكن مجرّد غرف لدراسة هولمز، كما تؤكد القصص، بل هي خزانة كنوز تذكارية أيضا. فهي تحتوي على غوليون وعدسة مكبرة وقبعة صائد الأيائل وتمثال للمخبر الشهير.

وتوجد بها كذلك مجلة ستراند الشهرية، التي قلّ ما عثر عليها كاملة، وقد نشرت على صفحاتها العديد من المقالات الطريفة التي ظهرت في صحيفة «التايمز” بداية من سنة 1910. وينقل مراسل الصحيفة من جنيف أن شركة الخطوط الحديدية السويسرية منعت بيع القِـصص البوليسية، لاعتقادها أن ذلك يؤثر سلبا على الشباب السويسري.

كذلك ظلت تصريحات واطسن إلى الشرطة بعد موت هولمز المفترض طي الكتمان، ورافق استعراض أحداث الجريمة الملاحظات التي صاغها بإتقان المخبر السري، وأرسلها إلى واطسن مباشرة قبل شجاره مع موريارتي عند شلال رايخنباخ، وورد في الرسالة: “عزيزي واطسن، أكتب إليك هذه الأسطر بعد إذن السيد موريارتي، الذي ينتظر تفرّغي لأناقش معه القضايا التي لا تزال عالقة بيننا”.

الشغف بالتجوال

يمكن رؤية مصبات المياه انطلاقا من فندق بارك سوفاج. واليوم، للوصول إلى تلك المنطقة، يستخدم الزوار، إما القاطرات المعلقة أو يسلكون الطريق الخشبية الصاعدة، التي استخدمها من قبل هولمز وواطسن وموريارتي. ويعتقد أن كونان دويل، الشغوف بالتجوال، شاهد الشلالات أول مرة من طابق علوي.

ويقول موسفيلد: “الشيء الذي يمكن تصوره الآن، هو أن دويل انطلق من غريندلفالد، مرورا بغروس شايديغ، قبل أن يصل نزولا إلى مايرينغن، ويكون بالتالي قام بجولته انطلاقا من الاتجاه المعاكس، تماما كما فعل شيرلوك هولمز”.

ويعد شلال رايخنباخ من المناطق الرئيسية على الطريق العابرة إلى غروس شايديغ، والتي هي اليوم أكثر شهرة مما كانت عليه خلال زيارة كونان دويل في العصر الذهبي للسياحة. واليوم، أصبح هذا الشلال من المزارات الهامة التي يحج إليها محبي شيرلوك هولمز.


نجمة بيضاء ولوحة تخلدان مشهد المعركة الأخيرة التي دارت بين هولمز وموريارتي. ويقول واطسن، معلقا على هذا المشهد: “أي محاولة لانتشال الجسمين محكوم عليها بالفشل المطلق، وبالتالي، فالغوص في ذلك القدر المفزع للمياه المتحركة، والأمواج الهائجة ستظل على مدى الأزمان، شاهدة على أخطر عملية إجرامية وعلى قانون الغاب، الذي كان يحكم حياة جيلهم”.

البعث من جديد

لقد أنجز كونان دويل عملا رائعا، إذ جعل المحقّـق، صاحب شعبية لا سابق لها، وأجبر في الأخير على بعثه من جديد. وظهرت على إثر ذلك عشرات من قصص شيرلوك هولمز، تجاوز نجاحها ما حقّـقه الكاتب من نجاحات سابقة.

وعلى إثر ذلك، كلّف كونان بتصميم أزياء السّباحة لسلاح البحرية البريطانية، وخوضات لأعوان المطافئ، وأسند له في سويسرا دورا رئيسيا في التشجيع على رياضة التزلج على الجليد في منطقة الألب.

ويكشف نص هزلي قصير لدويل، معلق في مدرج بمتحف شيرلوك هولمز، تعدّد اهتمامات المؤلف، فهو يصوّر نفسه بالحمار المُـسن الذي يحمل أثقالا، وما شيرلوك هولمز، إلا واحدا منها.

سويس انفو – دان بيشتل – مايرينغن

عبّـر السير أرثر كونان دويل عن انجذابه وإعجابه بسويسرا في العديد من المناسبات بين 1893 و1925.

قدّم دويل خدمات هامة بلسياحة السويسرية عبر كتاباته ومحاضراته، صحبة صديقه الكبير هانري لين.

سنة 1874، أصبح دويل أول متزحلق يعبُـر مرتفعات ماينفيلدر فوركا (2445 متر)، انطلاقا من أروزا إلى دافوس، وهكذا صنع شعبيته في مجال التزلج على الجليد.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية