مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نداء إلى صندوق النقد الدولي!

أيدت سويسرا مطالب الدول النامية بتوسيع نطاق اختيار المرشحين لمنصب مدير صندوق النقد الدولي swissinfo.ch

طالبت مجموعة من المدراء التنفيذيين التابعين للدول النامية، صندوق النقد الدولي بتبني نظاماً أكثر شفافية في عملية اختيار المدير الجديد للمنظمة.

سويسرا انضمت إلى نداء المجموعة، وهو الأول من نوعه، الداعي إلى عدم حصر عملية الاختيار على المرشحين من البلدان الأوروبية.

تتخذ الدعوة الصادرة عن البلدان النامية أهمية خاصة. فهي تعبّـرُ عن تمرد على الطريقة المعتمدة المعتادة في اختيار مدير صندوق النقد الدولي، والذي عادة ما يتم انتقاءه من مجموعة من المرشحين الأوروبيين.

فمنذ تبلور فكرة إنشاء صندوق النقد الدولي والبنك العالمي في يوليو 1944 خلال مؤتمر للأمم المتحدة عقد في بريتون وودز بولاية نيوهامشير الأمريكية، جرت العادة على أن يتولى أمريكي إدارة البنك العالمي، وأوروبي إدارة صندوق النقد الدولي.

وخلال الستين عاماً الماضية لم يحدث أن خرجت المنظمتان عن هذه القاعدة، بل التزمتا بها التزاما صارماً.

“عملية اختيار أكثر شفافية”!

أطلقت الدعوة، في بيان صدر يوم 19 مارس الماضي، مجموعة ُ المدراء التنفيذيين لمجموعة الإحدى عشر (G11)، التي تضم عدداً من الدول النامية في آسيا، وأفريقيا، وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط.

وانضم إلى البيان المدراء التنفيذيون لكل من أستراليا وسويسرا وروسيا، التي تقوم كل منها بتمثيل كتلة من عدة بلدان. وأشار البيان إلى ضرورة أن يكون المرشح الذي سيتم اختياره شخصية بارزة، تتحلى بخبرة كبيرة بعمل الصندوق وأهدافه.

كما طالب بأن تتسم “عملية تحديد واختيار المرشح بالشفافية والوضوح، على أن يكون هدفها استقطاب الشخص الأكثر كفاءة للمنصب، بغض النظر عن جنسيته”.

وبعد أن أردف البيان قائلاً “إن تعدد المرشحين وتعبيره عن تنوع الأعضاء المنتمين لمختلف المناطق الإقليمية يصب في المصلحة العليا للصندوق”، اختُـتم بالتشديد على ضرورة استشارة “كل أعضاء المجلس التنفيذي” في عملية الاختيار، وأن يتم إبلاغهم بكافة المستجدات المتعلقة بها أولاً بأول.

رد ألماني فرنسي قوي!

فور صدور البيان، سارعت كل من ألمانيا وفرنسا إلى اتخاذ موقف موحد، وكان من الواضح أن الهدف منه يتمثّـل في الحفاظ على الوضع القائم كما هو دون تغيير.

فقد شدّد وزير المالية الألماني هانز ايخل ونظيره الفرنسي فرانسيس مير بعد لقاء جمعهما في برلين يوم 22 مارس، على ضرورة أن “يكون شاغل منصب مدير الصندوق أوروبيا”ً.

ولم يسم الوزيران المرشح المنتظر، لكن تكهنات صحفية تشير إلى تصدر وزير المالية الإسباني رودريغو راتو قائمة المرشحين.

ومن المتوقع أن تتّـحد الدول الأوروبية في دعمها للمرشح الأوروبي، كما لا يُـنتظر أن تتخذ الولايات المتحدة موقفاً مغايراً للإجماع الأوروبي.

الوزن الاقتصادي للدولة هو الحاسم!

على عكس بعض المنظمات الدولية الأخرى، التي تعمل وفقاً لمبدأ تمثيل كل بلد بصوت واحد، يطبق صندوق النقد الدولي نظام “التصويت المرجح”.

فكلما زادت حصة بلد عضو في ميزانية الصندوق، والتي يتم تحديدها عموماً على أساس ثقل وحجم الدولة الاقتصادي، كلما كان عدد أصواته أكبر.

وانطلاقا من هذا المبدأ، تساهم الولايات المتحدة، وهي أكبر اقتصاد في العالم، بالنصيب الأكبر في تمويل صندوق النقد الدولي، حيث تبلغ حصتها 17.6% من إجمالي المتاحة. وفي المقابل، لا تزيد حصة دولة مثل جُـزر سيشيل، وهي أصغر اقتصاد في العالم، عن 0.004% من مجموع الحصص.

ومن أجل الالتفاف على هذا المبدأ الصارم، لجأت الدول النامية إلى إقامة تحالفات إقليمية فيما بينها، وتعيين ممثل عنها في الصندوق للدفاع عن مصالحها.

وضمن هذا الإطار، قررت سويسرا، التي تتمتع بثقل اقتصادي كبير داخل الصندوق، تمثيل مصالح عدد من دول آسيا الوسطى فيه، وهي أوزباكستان، وقرقيزستان، وطاجيكستان، وتركمانستان، وآذربيجان، إضافة إلى بولندا.

سويسرا “لا تستثني أي مرشح”

وفي حديث خاص مع سويس انفو، أكّـد اليكسندر كارير، مدير القسم الدولي بوزارة المالية الفدرالية، أن الموقف السويسري الداعم للبيان لم يكن مبعثه تمثيل برن لمصالح تلك الدول في المجلس التنفيذي للصندوق.

صحيح أن سويسرا تمثل مصالح تلك البلدان في المجلس، إلا أن انضمامها إلى مجموعة الإحدى عشر G11 يمكن تحديده بمقاربة متعددة الزوايا لهذا الموضوع، فهي ترغب في اختيار مرشح “يحوز على المؤهلات الضرورية للمنصب”، و”يتمتع بقدر كبير من الدعم من قبل أعضاء المنظمة”.

ولذا، فإن العثور على مثل هذا الشخص يتطلب “التقدم بعدة مرشحين” ، وتوفير “نظامٍ شفافٍ للاختيار” فيما بينهم، و”استشارة أعضاء صندوق النقد الدولي في هذا النوع من القرار”، على حد قول السيد كارير.

من جهة أخرى، حذر السيد كارير من قراءة رغبة سويسرية في استبعاد أي مرشح أوروبي للمنصب. فبرن كما قال “لا تستثني مبدئياً أية دولة”. ومضى قائلاً: “ليس هدفنا على الإطلاق أن لا يكون المرشح أوروبيا. لكن ما نقوله هو أنه يجب أن نعثر على شخص يتحلى بالمؤهلات الضرورية لهذا المنصب، ويمثل مصالحنا في الصندوق”.

إلهام مانع – سويس إنفو

صندوق النقد الدولي مسؤول أمام بلدانه الأعضاء.
يتولى القيام بأعمال الصندوق اليومية مجلس تنفيذي يمثل البلدان الأعضاء البالغ عددهم 183، وهيئة موظفين دوليين يقودهم المدير العام وثلاث نواب للمدير العام.
يتألف المجلس التنفيذي من 24 مديراً، يرأسه المدير العام للصندوق.
يجتمع المجلس عادة ثلاث مرات في الأسبوع في جلسات تستغرق كل منها يوماً كاملاً.

تخصص مقاعد مستقلة في المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي للبلدان المساهمة الخمسة الكبرى، وهي الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، إلى جانب الصين وروسيا والسعودية. أما المديرون الآخرون (وهم 16)، فتتولى انتخابهم مجموعات من البلدان تعرف بإسم “الدوائر الانتخابية” لفترات مدتها عامين.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية