مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

واشنطن حليف مفاجئ للسر المصرفي!

المصارف السويسرية: سرية ونجاعة وحرفية أمام الشبابيك ووراءها! Keystone Archive

من المحتمل أن تفشل الضغوط التي يتعرض لها السر المصرفي من طرف بروكسيل في تحقيق نتائج ملموسة بعد أن عثرت الكونفدرالية على حليف .. غير متوقع!

لقد صمدت سويسرا إلى حد الآن بمفردها تجاه ضغوط الإتحاد الأوروبي. لكنها ستتمكن من الآن فصاعدا من الإعتماد على مساعدة – محدودة لكنها ثمينة – لم تكن تحلم بها من جانب الولايات المتحدة.

فمنذ فترة قررت الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي تكثيف جهودها لمكافحة التهرب الضريبي. ومن أجل تحقيق هذا الهدف بذلت جهودا حثيثة لإقناع عددا من الحكومات الأجنبية بمدها بمعلومات مفصلة عن ودائع مواطني بلدان الإتحاد الخمسة عشر في مصارفها ومؤسساتها المالية.

هذا المطلب يمثل تهديدا خطيرا لقواعد السرية المصرفية التي اشتهرت المصارف السويسرية بتطبيقها وقد يؤدي في صورة اعتماده إلى إضعاف موقع الساحة المصرفية السويسرية برمتها.

“المسمار الأخير في النعش”؟

لكن يبدو – من خلال بعض التسريبات في واشنطن – أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش ليست على استعداد، في الوقت الحاضر، للقبول بالتعليمات الأوروبية!

وعلى الرغم من أن المسألة لم تتاكد بعد، إلا أن صحيفة وول ستريت جورنال المعروفة تتوقع صدور موقف رسمي من طرف البيت الأبيض خلال الأيام القليلة القادمة.

ويُعتقد في واشنطن أن اتخاذ مثل هذا القرار سيعزز كثيرا موقف عدد من الدول من بينها سويسرا (وحتى بعض البلدان الأعضاء في الإتحاد..) التي تنوي الصمود بوجه الضغوط الأوروبية.

ولا يتردد بعض المعلقين الأمريكيين في القول بأن قرار الإدارة الأمريكية – في صورة الإعلان عنه رسميا – سيمثل “المسمار الأخير في نعش” المشروع الذي يعمل الإتحاد الأوروبي جاهدا لتمريره. بل إن مصدرا قريبا من فريق المفاوضين السويسريين في بروكسيل قال لسويس إنفو إن الإتحاد الأوروبي يستعد بعدُ “لإقامة مراسم الحداد على مشروعه”!

فما لم تتمكن أوروبا من إقناع الدول الأخرى مثل سويسرا والولايات المتحدة بالإنضمام إليها في مسعاها فان كل جهودها سوف تبوء بالفشل.

ففي تصريحات أدلى بها مؤخرا إلى سويس إنفو، أكد جيمس نازون من رابطة المصرفيين السويسريين أن حزمة الإجراءات الجبائية التي تخطط لها المفوضية الأوروبية لن تكون ممكنة التنفيذ بدون اعتمادها من طرف سويسرا.

وقال السيد نازون: “إن بلدان الإتحاد الأوروبي تريد إقرار نظام لتبادل المعلومات بشكل آلي على أن يكون جاهزا للبدء في العمل خلال السنة المقبلة، لكن وضعه موضع التنفيذ يتوقف مباشرة على تعاون بلدان غير أعضاء في الإتحاد مثل سويسرا”.

موقف ثابت ومبررات واضحة!

في المقابل، تقترح سويسرا بديلا يتمثل في اقتطاع مباشر لنسبة من الرسوم على فوائد الأموال المودعة في مصارفها من طرف مواطني بلدان الإتحاد ثم تحويل جزء منها إلى سلطات الدول المعنية. ويتيح هذا النظام الحفاظ على السرية المصرفية لأنه لا يقدم للجهات الأوروبية أي معلومات عن أصحاب الحسابات.

يشار إلى أن الحكومة السويسرية متمسكة منذ بداية المفاوضات بموقف واضح وثابت مفاده أن السر المصرفي غير قابل للتفاوض أصلا. ولا تخفى مبررات مثل هذا الموقف في بلد تبلغ فيه مساهمة القطاع المصرفي في إجمالي الناتج الخام اثني عشرة في المائة.

من جهة أخرى، تدير المصارف السويسرية ما يناهز خمسة وثلاثين في المائة من إجمالي الثروات والودائع الخاصة أو التابعة لمختلف المؤسسات في العالم والتي تقدر حاليا بألفي مليار دولار! وهو ما يفسر إلى حد بعيد الرفض السويسري تقديم أي تنازل في هذا الملف.

وفي انتظار إعلان واشنطن رسميا عن موقفها من المشروع الأوروبي، يتساءل المراقبون في بروكسيل عن سر هذا التطابق – الذي لا يتردد البعض في وصفه بالتآمر – في وجهات النظر بين السويسريين والأمريكيين! لكن الكثير من المتابعين للملف يؤكدون أن برن وواشنطن تعتقدان ، منذ فترة بعيدة، أن أنجع وسيلة لمكافحة التهرب الجبائي تتمثل في تخفيض الضرائب. لا أكثر ولا أقل.

سويس إنفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية