مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

وبقيت القضايا معلقة في .. “قمة الحلول”

اختتمت يوم الجمعة 18 نوفمبر 2005 في قصر المعارض بالكرم المرحلة الثانية من القمة العالمية لمجتمع المعلومات Keystone

انتهت قمة مجتمع المعلومات في تونس وسط ارتياح المنظمين، وتساؤلات منتظري الحلول لجسر الهوة الرقمية، وقلق الحريصين على قيام مجتمع معلومات محترم للحريات.

القمة اختتمت لكن ملفات هامة ظلت معلقة مثل مسالة إدارة الإنترنت او تمويل صندوق تمويل الهوة الرقمية إضافة الى قلق من التجاوزات التي ترغب بعض الدول في “تقنينها”.

اختتمت عشية يوم الجمعة 18 نوفمبر المرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات في تونس بعد أن شارك في مختلف فعاليتها الرسمية والجانبية أكثر من 17 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم من بين 25 ألف شخص تم تسجيلهم.

ما يجمع عليه الجميع في المرحلة الثانية من قمة مجتمع المعلومات من وفود حكومية ومنظمات مجتمع مدني وأرباب القطاع الخاص بل حتى حوالي الف صحفي شاركوا في تغطية أشغال هذه القمة، هو حسن التنظيم المادي الذي قامت به السلطات التونسية وحسن الإستقبال الذي أبداه الشعب التونسي في المناسبات القليلة التي أتيحت له فيها فرصة الاختلاط بضيوف القمة.

هذا التقييم عبر عنه أيضا السيد يوشيو أوتسومي، المدير العام للاتحاد الدولي للاتصالات وهي المنظمة الدولية التي أشرفت على الإعداد للقمة منذ حوالي سبع سنوات. كما أثنت عليه عدة وفود مثلما جاء في بيان أصدره الوفد الأمريكي قبل ساعات من اختتام القمة عبر فيه عن “شكره للمنظمين وللشعب التونسي لتمكنهم من التغلب على التحديات الجسام التي طرحها استقبال حدث من هذا النوع”.

نجاح بدون حلول

أما فيما يتعلق بلب ما كان مفروضا أن تناقشه القمة لتستحق فعلا تسمية “قمة الحلول” كما ذكر بذلك الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، فقد وصف المدير العام للاتحاد الدولي للاتصالات يوشي اوتسومي ما تمخض عنها بـ “النجاح”، في المقابل، تساءلت منظمات المجتمع المدني في تقييمها النهائي للقمة “عما بقي من حلول في قمة الحلول؟”.

ونشير الى أن أهم القضايا التي كانت مطروحة للنقاش في هذه القمة تمثلت في كيفية حل مسألة الإشراف على الإنترنت وإشراك مختلف المكونات من حكومات وقطاع خاص ومجتمع مدني في ممارسته. وهي النقطة الى تم إرجاؤها الى “موعد قادم” من خلال تأسيس منتدى لمناقشة الموضوع من جديد والخروج بعد حوالي خمس سنوات بحلول هذا إن حصل اتفاق بهذا الخصوص.

وفيما يتعلق بهذا المنتدى، أوضحت منظمات المجتمع المدني بأن “صيغة إقامته لا زالت غامضة”، محذرة من مخاطر أن “يتم تحديد تلك المعايير بطريقة تجعله ينحرف عن تحقيق الأهداف الأساسية التي وضع من أجلها”.

والأخطر من هذا وذاك هو ما صرح به المدير العام للاتحاد الدولي للاتصالات بخصوص التحركات والتطورات الجارية حاليا في شتى المناطق من العالم بخصوص “إنشاء شبكات إنترنت إقليمية”، مشيرا بالتحديد إلى الشبكة الصينية وغيرها. والخطر الذي يكمن في ذلك، وبالنظر الى ما يتم اليوم من رقابة، هو مدى القدرة على الاستمرار في الوصول الى الشبكة بدون عراقيل تقنية او رقابية أو سياسية إذا ما تحولت الإنترنت الى شبكات وطنية.

تهميش التمويل

بعد أن تخلصت مرحلة جنيف من الحسم في قضية تمويل الهوة الرقمية التي تعتبر من بين أهم النقاط التي دعيت هذه القمة لمعالجتها، وبعد تسرع الدول النامية في إقامة صندوق التضامن الرقمي دون مشاركة فعلية (وإلزامية) للدول المتقدمة، تم في مرحلة تونس شبه تجاهل لصندوق لم تتجاوز أرصدته لحد الآن 8 ملايين من الدولارات. وهو ما دفع عددا من الصحفيين الى طرح السؤال أكثر من مرة على المدير العام للاتحاد الدولي للاتصالات بغية معرفة المزيد عن هذا الصندوق والحجم الحقيقي لرصيده الحالي دون الحصول على ردود شافية.

وقد عبر ممثلو المجتمع المدني عن الأسف لعدم البت نهائيا في قمة تونس في بلورة أساليب تمويل جديدة لأن الفكرة تركت “مفتوحة” بعد مرحلة جنيف.

ومع أن المدير العام للاتحاد الدولي للاتصالات، عبر عن ارتياحه لظاهرة تعميم مفاهيم مجتمع المعلومات من خلال النقاش المكثف الذي عرفته مرحلتا جنيف وتونس وما سبقهما من اجتماعات تحضيرية، إلا أن السؤال المطروح هو: هل يمكن بالفعل الحديث عن نجاحات في غياب قرارات والتزامات فعلية؟. على كل، هذا ما يجب على مرحلة المتابعة والتطبيق إظهاره.

حرية التعبير .. شرط لازم

بالنسبة لميكانزمات متابعة ما بعد قمة تونس ومدى التزام الدول بفحوى الإعلانات السياسية وخطط العمل التي أقرتهما المرحلتان معا، أعربت منظمات المجتمع المدني عن بعض التحفظات بخصوص مفهوم مجتمع المعلومات الذي ترى فيه “ظاهرة سياسية واجتماعية معقدة قد يصعب الإشراف عليها من خلال لجنة العلوم والتكنولوجيا من أجل التنمية التي أوكلت لها مهمة الإشراف على تطبيق قرارات جنيف وتونس، والتي هي لجنة تكنولوجية صرفة”.

ولاشك أن التركيز على قضايا حقوق الإنسان، الذي سبق ورافق انعقاد مرحلة تونس ومن قبلها مرحلة جنيف يبرهن جليا على أنها المرة الأولى في تاريخ الإنسانية التي تتاح فيها وبالنسبة للجميع فرصة الإدلاء بدلوه لتصور مجتمع معلومات قائم على اساس احترام الحريات وحقوق الإنسان إضافة الى استعماله لتكنولوجيا الاتصال مثلما تشير الى ذلك مختلف الوثائق التي صادقت عليها الدول في مرحلتي القمة.

ومن هذا المنطلق، لا يمكن الفصل بين ما يتم داخل قاعات القمة وخارجها مثلما أوضح الرئيس السويسري صامويل شميت في كلمة الافتتاح. ولاشك أن الوفد الأمريكي كان أكثر وضوحا بهذا الخصوص عندما عبر في بيانه الختامي عن “الإضطرار للتعبير عن الأسف لكون الحكومة التونسية لم تحسن استغلال هذا الحدث الهام لإظهار مدى تعلقها بحرية التعبير وحرية التجمع في تونس”.

محمد شريف – سويس إنفو – تونس

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية