مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أفغانستان بين الإفلاس وانتظار إنجاز الوعود

إعادة إعمار أفغانستان ليست بنفس حماس إنهاء نظام طالبان Keystone

تبدو الحكومة الانتقالية في أفغانستان مهددة على المدى القصير بالافلاس إذا لم تلب الأمم المتحدة والدول المانحة وعودها التي قطعتها في مؤتمر بون. في هذه الأثناء تطرح عدة تساؤلات حول مستقبل اللاجئين في ظل تواصل القصف وحول التأثيرات البيئية والصحية للذخيرة التي استعملتها الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد تنظيم القاعدة

أصدر الناطق باسم الأمم المتحدة في أفغانستان السيد أحمد فوزي في كابول يوم الإثنين نداء عاجلا يحذر فيه من مغبة إفلاس الدولة الأفغانية إذا لم يتم التعجيل بتقديم الوعود المالية التي التزمت بها الدول المانحة. أما وزير الداخلية في الحكومة الأفغانية المؤقتة يونس قانوني فقد اتهم منظمة الأمم المتحدة بعدم تقديم الأموال التي وعدت بها لتقديم رواتب رجال الشرطة الأفغانية.

فالحكومة الأفغانية لم يعد في حوزتها أكثر من ستة عشر مليون دولار،وتحتاج عاجلا إلى مائة مليون دولار لتغطية نفقات موظفيها، وهذا في وقت توصل فيه فريق من الخبراء الدوليين ، تحضيرا لاجتماع الدول المانحة في عطلة نهاية الأسبوع في اليابان، إلى تحديد احتياجات إعادة إعمار أفغانستان خلال العشرة أعوام القادمة بما قيمته خمسة عشر مليار دولار .

وتنتظر الخزينة الأفغانية بفارغ الصبر اكتمال الإجراءات البيروقراطية الأممية لرفع العقوبات المفروضة على هذا البلد أثناء حكم طالبان منذ عام 1999. وينتظر أن يتم رفع هذه العقوبات خلال اجتماع مجلس الأمن الدولي يوم الجمعة القادم. وهذا ما قد يسمح لأفغانستان باستعادة الأموال المجمدة والمقدرة في الولايات المتحدة الأمريكية بأكثر من 220 مليون دولار، كما قد يسمح لشركة الطيران الأفغانية أريانا باستئناف رحلاتها الدولية.

تأزم وضع اللاجئين واستمرار القصف

نهاية نظام طالبان لا تعني بالضرورة نهاية معاناة آلاف اللاجئين او المرحلين . فقد أعلنت المفوضية السامية لشئون اللاجئين يوم الثلاثاء في جنيف أن حوالي 13 ألف أفغاني يعيشون مأساة في منطقة محايدة على الحدود مع باكستان نظرا لأن إسلام اباد ترفض السماح لهم بعبور الحدود. وتتوقع المفوضية وصول حوالي أربعين ألف لاجئ جديد إلى منطقة سبين بولداك في الأيام القادمة نظرا لتعذر إيصال المساعدات إلى منطقة قندهار.

وإذا كانت المنظمات الأممية تتجنب الحديث عن ذلك علانية فإن تواصل القصف الأمريكي لبعض المناطق ليس بالأمر الذي يسهل لا عملية تقديم المساعدات الإنسانية ولا ظروف إيواء اللاجئين . فقد أوردت بعض الأنباء بحث القوات الأمريكية عن أهداف جديدة لقنبلتها بعد قصف منطقة شوار كيلي لأكثر من أسبوع على التوالي. وإذا كانت البيانات العسكرية الأمريكية تكتفي بالحديث عن مباني تنظيم القاعدة التي تم تحطيمها فإن سكان المنطقة أشاروا حسب وكالات الأنباء إلى تحطيم العديد من القرى وسقوط عشرات القرويين ضحايا لهذا القصف.

بداية جدل قد يحتد

وفي الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة الأمريكية نقل أسرى تنظيم القاعدة وحركة طالبان إلى قاعدة جوانتانامو الأمريكية المتواجدة فوق التراب الكوبي، بدأت تتعالى أصوات تطالب بضرورة احترام القانون الإنساني الدولي ومعاهدات جنيف أثناء معاملة هؤلاء الأسرى واعتبارهم كأسرى حرب.

كما أن استعمال الولايات المتحدة في “حربها ضد الإرهاب” في أفغانستان ، للقنابل الانتشارية، عمل على تلويث مناطق حاول عمال نزع الألغام تطهيرها منذ سنوات. وهكذا اصبح من كتبت له النجاة أثناء الحرب، مهددا بالإصابة بقنبلة أو لغم. وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن أفغانستان تعاني من أكثر من سبعة ملايين لغم يعود معظمها إلى فترة الاحتلال السوفيتي وتمس أحد عشر بالمائة من التراب الأفغاني.

في المقابل ارتفعت بعض الأصوات مطالبة الأمم المتحدة والمنظمات المختصة بالتحقيق في نوعية الأسلحة التي استعملتها ولا زالت تستعملها الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان ومدى تأثيرها على البيئة والإنسان. وهو ما واجه به بعض الصحفيين ممثلي الأمم المتحدة في جنيف الذين اكتفوا بذكر ” أن بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان لم يصل إلى علمها استعمال الولايات المتحدة في أفغانستان لذخيرة مزودة باليورانيوم المنضب”.

وفي الوقت الذي تحتمي فيه الأمم المتحدة بمثل هذه الأجوبة لا بد من التنويه بمنظمات حقوقية وأهلية لا ترغب في تمويه الحقائق بل عمدت حسب طاقتها، إلى استضافة عائلات ضحايا الحادي عشر سبتمبر لزيارة أهالي ضحايا القصف الأمريكي في أفغانستان .

فقد وصل أول فوج إلى كابول يوم الثلاثاء، بدعوة من المنظمة غير الحكومية الأمريكية “جلوبل إيكسشانج ” لقضاء خمسة أيام يزور خلالها عائلات أفغانية فقدت أقاربها في القصف الأمريكي او أطفال أصيبوا بالقنابل الانتشارية الأمريكية. وهذه الخطوة فيها من الدلالة ما يكفي للتعبير عن أن معاناة الإنسان واحدة ولا يمكن أن تخضع للكيل بمكيالين.

محمد شريف – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية