مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الإقتراع الذي يمثل مُنعرجا بالنسبة لسويسرا

مباشرة عقب الإعلان عن نتائج استفتاء 9 فبراير 2014 والذي صوّت فيه الشعب السويسرية بأغلبية ضئيلة لصالح اعتماد نظام الحصص بالنسبة لرعايا بلدان الغتحاد الاوروبي، الرئيس السويسري ووزير الخارجية، ديديي بوكهالتر يصل إلى مقر المؤتمر الصحفي برفقة وزيرة العدل والشرطة سيمونيتا سوماروغا، وووزيرة الطاقة والنقل دوريس ليوتهارد Reuters

غداة الفوز المفاجئ الذي حققته مبادرة حزب الشعب "أوقفوا الهجرة المكثفة"، شبهت الصحف السويسرية الصادرة صبيحة الإثنين 10 فبراير 2014 الحدث ب"الصدمة" التي لا يماثلها إلا رفض الإنضمام إلى المجال الإقتصادي الاوروبي في عام 1992. وتتوقّع الصحف السويسرية أن يفتح هذا الإقتراع المجال لفترة طويلة من الغموض وعدم الإستقرار في العلاقة بين سويسرا والإتحاد الاوروبي.

وبينما أجمعت الصحف السويسرية الناطقة بالفرنسية يوم الإثنيْن 10 فبراير عن غضبها لتصويت أغلبية ضئيلة من الناخبين السويسريين لصالح مبادرة حزب الشعب، اكتفت الصحف الصادرة في المناطق الألمانية بالتساؤل حول سبل تطبيق هذا القرار، وكيف سينعكس على العلاقات السويسرية الأوروبية.

ورأت صحيفة “لاليبرتي” الصادرة بفريبورغ أن نتيجة الإقتراع “تضع الحكومة السويسرية أمام مهمّة شاقة”، وتتوقّع “فترة من العلاقات الباردة بين برن وبروكسل”، بينما ذهبت “لاتريبون دي جنيف” الناطقة بالفرنسية إلى اعتبار العودة إلى نظام الحصص بمثابة “توجيه صفعة قوية إلى أوروبا”.

وكشفت نتائج التصويت الفجوة الهائلة بين ضفتي نهر السّارين (نهر يفصل افتراضيا بين المناطق المتحدثة بالفرنسية والمناطق المتحدثة بالألمانية)، بشأن سياسة سويسرا تجاه أوروبا والهجرة عموما.

غضب وخيبة

الصحف الناطقة بالفرنسية لم تخف غضبها وانتقادها الشديد للأغلبية التي صوّتت لصالح مبادرة “أوقفوا الهجرة المكثفة”، وذهبت صحيفة “لوماتان” الصادرة بلوزان إلى حد القول بأن سويسرا الناطقة بألمانية من خلال قبولها لمبادرة حزب الشعب “قد انغلقت حول يقينياتها، وأبدت غيرة مفرطة على امتيازاتها، وتمسكت بالحنين إلى أيام لم يعد لها وجودا إلا في لوحات أنكار”.

كما تخلّت صحيفة “لوتون” الصادرة بجنيف عن واجب التحفظ حيث أشارت في افتتاحيتها إلى أن “الكانتونات الألمانية تنظر إلى الإتحاد الأوروبي كعدو وكتبت بإنها “لا تستثنى من ذلك الدوائر الإقتصادية التي تبدي كراهية تجاه أوروبا”. وتضيف في افتتاحيتها بأن “اقتراع الاحد قد سمح لكانتون التيتشينو، الواقع على الحدود الإيطالية والمعرّض للهجرة المكثفة بالتعبير عن “الإحباط الذي يشعر به سكانه”.

من بين التأثيرات الأولية لإقرار مبادرة “أوقفوا الهجرة المكثّفة” تعليق العديد من الملفات المفتوحة بين سويسرا والاتحاد الأوروبي. ومن بين الملفات الهامة نجد الاتفاق الإطاري بين برن وبروكسل لتسوية القضايا المؤسساتية بين الطرفين.

إذ في الوقت الذي أقدم فيه المجلس الفدرالي في شهر نوفمبر الماضي على تحديد المهمة التفاوضية لإدخال إصلاحات على المسار الثنائي، لم يتمكن اعضاء الاتحاد الأوربي من التوصل الى اتفاق فيما بينهم بهذا الخصوص. وكان ممثلو البلدان الثمانية والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قد حددوا من قبل موعدا للاجتماع يوم الاربعاء. ولكن المراقبين يتوقعون تجميدا فوريا لكل هذه المفاوضات الى أن تتضح الرؤيا بخصوص مستقبل العلاقات بين سويسرا والاتحاد الأوروبي.

وهناك مشاكل أخرى قد تظهر بخصوص توسيع مجال تطبيق حرية تنقل الافراد لكي تشمل كرواتيا. فقد تم التفاوض بشأن ذلك، وتوقيع الاتفاق الخاص به. ولكن بقبول مبادرة حزب الشعب يكون هذا الاتفاق قد فقد أي معنى له لكي تتم مواصلة معالجته سياسيا في سويسرا.  فقد أشار نص أصحاب المبادرة الى “عدم إبرام أي اتفاق دولي يكون مخالفا لروح المبادرة إذا ما تم قبولها”. وتبقى معرفة ما إذا كان ذلك ينطبق ايضا على البروتوكول الاضافي الخاص بكرواتيا.

وبناء على ذلك وبمجرد ادخال سويسرا لنظام الحصص الذي ينتهك اتفاقية حرية تنقل الافراد، فإن الاتحاد الأوروبي سيجد نفسه، بموجب اجراءات القانون الدولي، في وضعية تسمح له باتخاذ إجراءات مضادة. وهذا قد يشمل برنامج ” ايراسموس” الذي يشجع تبادل الطلبة، على مستوى المؤسسات الجامعية ومراكز البحث، وأيضا تلاميذ التكوين المهني والأستاذة. كما قد  يتضرر منه أيضا برنامج “ميديا” المتعلق بدعم العمل السينمائي.

وبالإمكان أيضا التشويش على المفاوضات الجارية بخصوص ملف الضرائب المفروضة على الإدخار. وهذا ملف يهم الجانب الأوروبي بالدرجة الأولى. إذ تطالب بروكسل بتشديد بنود الاتفاق بإضافة أدوات مالية لم تكن مشمولة من قبل في الاتفاق، مثل التأمين على الحياة. وهناك ملف المفاوضات المتعلقة بسوق الكهرباء والتي توجد في مرحلتها الأخيرة. ولكن الاتحاد الأوروبي كرر  منذ بداية المفاوضات بإلحاح بأنه لا يمكن التوصل الى اتفاق في هذا القطاع بدون التوصل الى تسوية في القضايا المؤسساتية.       

 محاولة فهم نتيجة الإقتراع

ترجع يومية “لوتون”  نتيجة الإقتراع  في جزء منها لكون “المناطق القروية السويسرية باتت تشعر بانخرام الامن”، وأصبحت تلك المناطق ” لا ترى إلا التأثيرات السلبية للهجرة في فترة شهد فيها الاقتصاد نموا كبيرا”.

من جهتها، ترى “لاتريبون دي جنيف” في اقرار مبادرة حزب الشعب (يمين شعبوي) “صفعة موجهة إلى الحكومة الفدرالية لأنها لم تنشغل إلا باقتصاد المدن، الذي يحتاج لكي ينمو إلى نسبة عالية من الأجانب، مثل قطاع المصارف (35% من الموظفين من الأجانب)، أو المنظمات الدولية.

أما صحيفة “24 ساعة” الصادرة بلوزان فاختارت عنوانا لافتتاحيتها “اليوم الذي اختارت فيه دولة مزدهرة اختراع أزمة كبيرة”. وواصلت مذكرة بمسار تاريخي طويل في علاقة سويسرا بمحيطها الأوروبي: “بعد واحد وعشرين عاما وشهريْن بالتمام من رفض المجال الإقتصادي الاوروبي في استفتاء عام سنة 1992 بنسبة مماثلة، اختار الشعب السويسري، المنقسم على نفسه أكثر من أي وقت مضى، هذه المرة وضع حد لحرية تنقل الأشخاص”.

ورغم اختلاف السياق التاريخي لإقتراع 1992، فإن صحيفة “24 ساعة” تذّكر “بالسنوات الصعبة التي مرّت بها سويسرا عقب ذلك الإقتراع، والتي تميّزت بالركود الإقتصادي، وارتفاع معدّلات البطالة، والعجز في الميزانيات العامة”. والمستقبل يبدو غامضا بحسب الصحيفة “لأن سويسرا ذات الإقتصاد المندمج أوروبيا، ستكون معزولة على المستوى السياسي”.

المزيد

المزيد

حزب الشعب يُقنع غالبية الناخبين بالمخاوف من الهجرة

تم نشر هذا المحتوى على انتزعت مبادرة حزب الشعب (يمين شعبوي) الداعية إلى تحديد سقف لعدد المهاجرين الوافدين من الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي، الأغلبية المزدوجة، بحيث حظيت بموافقة غالبية الكانتونات، وتأييد أغلبية أصوات الناخبين. كما صوت السويسريون هذا الأحد بأغلبية مريحة ضد مبادرة “تمويل الإجهاض مسألة خاصة”، ولصالح مبادرة “تمويل وتهيئة البنى التحتية للسكك الحديدية”. أُعلن عن النتائج النهائية في الكانتونات السويسرية الستة والعشرين بخصوص مبادرة “أوقفوا الهجرة المكثفة”، التي حظيت بموافقة 17 كانتونا مقابل على رفض 9 كانتونات. أما على مستوى أصوات الناخبين، فقد حصلت على تأييد أغلبية ضئيلة جدا بلغت 50,34%. ويحتسب الفارق بين معسكري المؤيدين والمعارضين بـ 19526 صوتا فقط. ونجد في معسكر الرافضين جميع الكانتونات الروماندية (المتحدثة بالفرنسية)، فضلا عن الكانتونات المتحدثة بالألمانية تسوغ، وبازل-المدينة، وزيورخ. وجدير بالذكر أن نسبة المشاركة في اقتراعات هذا الأحد مرتفعة بشكل ملفت بحيث ناهزت 56%، وهي أعلى نسبة مشاركة منذ خمسة أعوام، والأعلى أيضا منذ التصويت على منح النساء حق التصويت على المستوى الفدرالي عام 1971. وتدعو مبادرة “أوقفوا الهجرة المُكثفة” إلى تحديد سقف لعدد المُهاجرين الجُدد، واعتماد نظام حصص سنوية. ويطالب نص المبادرة بأن تكون الحصص مرهونة بمصالح سويسرا الإقتصادية، وأن تشمل العمال الحدوديين. كما يأمل حزب الشعب أن تُـمنح الأفضلية للمقيمين في سويسرا لدى التشغيل. استيــاء وفقا لإحصائيات الكنفدرالية، يتوافد على سويسرا سنويا ما يناهز 80000 أجنبي، يقدم ثلاثة أرباعهم من بلدان الإتحاد الأوروبي. ويعتبر اتفاق حرية تنقل الأشخاص الذي أبرمته برن مع بروكسل عام 2002، عاملا هاما سهّل هذا التدفق الذي أدى إلى تجاوز ساكنة سويسرا حاجز 8 ملايين نسمة قبل بضعة أشهر. وقد أثار هذا التطور بعض الاستياء لدى فئة من المجتمع، إذ تدين بعض الأطراف ما تعتبره انعكاسات سلبية لهذا النمو الديمغرافي، والذي يؤدي حسبها إلى ارتفاع الضغط على البنية التحتية في مجال النقل والإسكان، لاسيما الزيادات التي سُجلت على مستوى الإيجار. مع ذلك، غالبا ما تتصدر قائمة الإنتقادات ظاهرةُ الإغراق في الأجور، إذ يتردد في أحيان كثيرة أن أرباب العمل يستغلون توافد هذه العمالة الأجنبية – سواء تعلق الأمر بأشخاص أتوا للإستقرار في الكنفدرالية أو بعُمال بعثتهم شركاتهم الأوروبية للعمل في سويسرا – لخفض الأجور. ولمحاربة هذه الظاهرة، اعتمدت السلطات “تدابير مُصاحبة ” لاتفاق حرية تنقل الأشخاص، لضمان توافق شروط الأجور مع المعايير الجاري بها العمل في مختلف قطاعات التشغيل في سويسرا. لكن هذه الإجراءات لا تحول دون ارتكاب مخالفات تسجلها السلطات بشكل منتظم. وأخيرا، يعتقد بعض السويسريين أن الأجانب يمارسون ضغطا كبيرا على نظام الرعاية الإجتماعية في بلادهم، وخاصة فيما يتعلق بالتأمين على البطالة والضمان الإجتماعي. ويمكن لمس هذا الشعور بالإستياء بصورة أوضح في بعض المناطق الحدودية التي تشهد يوميا تدفق الآلاف من عمال الحدود، حتى أن بعض الأحزاب السياسية في كانتوني تيتشينو (الجنوبي المتحدث بالإيطالية) وجنيف (غرب سويسرا المتحدث بالفرنسية)، حققت مؤخرا نجاحات انتخابية من خلال “العزف” على هذا الوتر الحساس. فرصة لسويسرا لكن الصورة لا تبدو قاتمة للجميع، إذ يصر أنصار حرية تنقل الأشخاص على أن اليد العاملة الأجنبية ورقة رابحة وثمينة بالنسبة للإقتصاد السويسري، فمن دونها، قد تفتقر العديد من القطاعات، مثل الفندقة والمطاعم، للعمالة الضرورية. كما يعتقدون أن توافد الأجانب يتيح تعويض النقص في “الأدمغة”، بما أن سويسرا لا تُكوّن ما يكفي من المهندسين أو الممرضات لتغطية جميع احتياجاتها. وعلى مستوى التأمينات الاجتماعية أيضا، يعتبر الأنصار أن تدفق الأجانب عنصرا مفيدا للبلاد، لأن العمال الشباب يساهمون في نظام التأمينات الإجتماعية السويسري، ويسدون بذلك الثغرة الناجمة عن آثار شيخوخة السكان. باختصار، يرى مؤيدو حرية تنقل الأشخاص أن هذا الإتفاق هو الصيغة التي أثبتت جدارتها وضمنت الإزدهار الإقتصادي لسويسرا. ماذا عن رد فعل بروكسل؟ ومن بين كبريات الأحزاب في سويسرا، يُعتبر حزب الشعب الجهة الوحيدة التي تدعم علنا مبادرة “أوقفوا الهجرة المكثفة”، بينما تدعو باقي أحزاب اليمين واليسار، إلى جانب أهم المنظمات الإقتصادية والنقابات، إلى رفض المبادرة. ولكن، ماذا سيكون رد فعل الإتحاد الأوروبي إن وافق الناخبون على مبادرة حزب الشعب؟ خطاب بروكسل اتسم دائما بالوضوح: أي تشكيك في حرية تنقل الأشخاص سيطعن في صحة مجمل الحزمة الأولى من الإتفاقيات القطاعية السبع المبرمة بين سويسرا والإتحاد الأوروبي. غير أن الآراء تختلف أيضا بهذا الشأن. أنصار المبادرة يعتقدون أنه بمقدور بروكسل إبداء قدر من التفهم، بما أنه من مصلحتها أيضا الحفاظ على علاقات اقتصادية جيدة مع سويسرا، وأن بعض الدول الأعضاء في الإتحاد – الممكلة المتحدة تحديدا – يواجهون أيضا مشكلة تدفق أعداد هائلة من العمال الأجانب. في المقابل، يرى المعارضون أنه لن يمكن الإفلات من رد فعل قاس، بما أن حرية تنقل الأِشخاص تعتبر واحدة من ركائز الإتحاد الأوروبي. تمويل الإجهاض يوم الأحد 9 فبراير 2014، صوت الناخبون أيضا بنسبة 70% ضد المبادرة الشعبية: “تمويل الإجهاض مسألة خاصة”. وطالبت هذه المبادرة التي أطلقتها لجنة مشتركة من عدة أحزاب، تتشكّل أساسا من مسيحيين محافظين، بأن تتوقف الرعاية الصحية الأساسية (الإجبارية) عن تحمل تكاليف إيقاف الحمل الإرادي. واقترحت المبادرة أن يظل الإجهاض مُمكنا من الناحية القانونية، لكن أن تقع تكلفة العملية على عاتق المرأة نفسها. ودعا أصحاب المبادرة إلى إدراج مادة جديدة في الدستور الفدرالي هذا نصها: “باستثناء حالات نادرة تخص الأم، لا تدخل عمليات إسقاط الحمل أو إزالة الجنين ضمن غطاء التأمين الصحي الإجباري”. وعلى غرار كل تغيير دستوري، تطلّب إقرار هذه المبادرة الحصول على مُوافقة أغلبية الأصوات على مستوى الناخبين وعلى الأغلبية على مستوى الكانتونات. وقبل التصويت، لم يحظ كان هذا الإقتراح بالقبول داخل البرلمان الفدرالي إلاّ من طرف بعض نواب الحزب الديمقراطي المسيحي، وأغلبية صغيرة من الديمقراطيين (وسط)، ومن قبل الحزب الإنجيلي. وبالتالي، فإن فرص نجاح المبادرة كانت ضئيلة للغاية. ويذكر أنه منذ عام 2002، تقرّر في سويسرا أن تُغطى تكلفة عمليات الإجهاض من قبل التأمين الصحي الإجباري، وتم اعتماد هذه السياسة كجزء من تصويت شعبي أضفى القانونية على عمليات الإجهاض التي تتم في الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. واليوم، يقول المعارضون إن الأشخاص الذين ينبذون الإجهاض لأسباب أخلاقية لا يجب أن يُجبروا على تمويل هذه العمليات من خلال أقساط التأمين الصّحي التي يسدّدونها شهريا. تطوير السكك الحديدية أخيرا، وافق الناخبون على مشروع “تمويل وتهيئة البنى التحتية للسكك الحديدية” بنسبة 62% مثلما توقع معهد gfs.bern في بداية ظهيرة الأحد. ويهدف المشروع إلى إنشاء صندوق بقيمة 6,4 مليار فرنك تخصص لصيانة وتطوير شبكة السكة الحديدية. ومن بين كبريات الأحزاب، حزب الشعب هو الوحيد الذي يعارض المشروع. بشكل عملي، نصّ المشروع على النّهوض بالبنية التحتية للسِّكك الحديدية من خلال تأسيس صندوق دعم مالي جديد وإرساء برنامج تطوير استراتيجي، ومن المفروض أن يتِم استخدام الصندوق في تمويل خدمات تشغيل البِنية التحتية القائمة وصِيانتها وتوسيع انتشارها، وأن يستمِر قائما من غيْر تقيّد بفترة زمنية محدّدة، بعكْس صندوق مشاريع البنية التحتية للنقل العام، الذي قُصِد منه تمويل المشاريع الإستثنائية الكبرى مثل “شبكة حديد 2000” والخط الحديدي الجديد العابِر لجبال الألب، الذي ستنتهي صلاحيته عمّا قريب. في الأثناء، ستكون مصادر تمويل الصندوق الجديد (حوالي 4 مليارات من الفرنكات) هي ذاتها مصادر تمويل صندوق مشاريع البنية التحتية للنقل العام، وهي عبارة عن أموال فدرالية خالية من الإلتزامات، متمثلة في الضريبة على النقل الثقيل والرسوم المتأتية من الزيوت المعدنية (تنتهي في نهاية عام 2030) والضريبة على القيمة المضافة. كما يتيح المشروع إمكانية الاستفادة من مصادر تمويل إضافية لتأمين نحو مليار فرنك أخرى، عن طريق الحدّ من تخفيضات الضرائب الفدرالية على تكاليف النقل وبفضل مساهمات جديدة من الكانتونات (مقابل حصولها على مزيد من الإمتيازات) ، وزيادة ضريبة القيمة المضافة بـواحد في الألف بين عاميْ 2018 و2030، ورفع قيمة التذاكر والإشتراكات. تصويت ضد ارتداء الحجاب في سانت غالن في بلدية أوهيربروغ Au-Heerbrugg بكانتون سانت غالن، صوت الناخبون يوم الأحد 9 فبراير 2014 بـ 990 صوتا مقابل 506، لفائدة استفتاء طرحه حزب الشعب (يمين شعبوي) يدعو إلى منع فتاتين صوماليتين من ارتداء الحجاب إن أرادتا استئناف دراستهما في المدرسة الإبتدائية للبلدة. وبلغت نسبة المشاركة في التصويت 37,4%. وكانت التلميذتان (10 و12 سنة) قد أمرتا من قبل مدير المدرسة الإبتداية بالعودة إلى منزلهما بسبب ارتدائهما للحجاب. لكن اللجنة المدرسية قررت بعد ذلك عودة التلميذتين للفصل. لكن القرار لم يرق لفرع حزب الشعب في البلدة الذي سارع إلى طرح استفتاء. وفي تصريح لوكالة الأنباء السويسرية، قال فالتر بورتمان، رئيس اللجنة المدرسية: “سيتم إبلاغ الأسرة المعنية الأسبوع القادم”. ولازال يمكن الطعن في منع ارتدائهما للحجاب، وفي هذه الحالة، سيتم إرجاء تطبيق الحظر إلى حين إتمام الإجراءات القضائية. ورغم موافقة السكان يوم الأحد على بادرة حزب الشعب، فإن الوضع يظل مُبهما. ويذكر أن المحكمة الفدرالية كانت قد ألغت في شهر يوليو 2013 قرارا لبلدية بورغلن في تورغاو،التي منعت، استنادا إلى قرار إداري، طالبتيْـن مسلمتيْـن من مقدونيا، تبلُـغان من العمر حاليا 17 سنة، من ارتداء الحجاب في المدرسة الثانوية. ويحظر نفس القرار ارتداء اللِّـباس القصير أو الطرابيش أو النظارات الشمسية.

طالع المزيدحزب الشعب يُقنع غالبية الناخبين بالمخاوف من الهجرة

بعد الفوز…حان وقت التساؤلات

على الرغم من كون سويسرا الناطقة بالألمانية هي التي رجحت كفة الناخبين المناصرين لمبادرة حزب الشعب المطالبة بمراجعة الاتفاقيات الثنائية مع الاتحاد الأوروبي بخصوص حرية تنقل الاشخاص، فإن الصحف الناطقة بالألمانية خصصت في معظمها حيزا وافرا في افتتاحياتها وتعليقاتها للتساؤل حول مستقبل العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، وكيفية تصرف الحكومة الفدرالية في هذا الملف.

فصحيفة “دير بوند” الصادرة في العاصمة الفدرالية تساءلت أشارت إلى أن “لا أحد يرغب في تأزيم الوضع أكثر، ولا أحد يحبّذ الحديث بصراحة لأن الوضع السياسي خطير للغاية. لذلك أتت التصريحات مهدئة لتجنب إثارة وتحريض الرأي العام والخصم السياسي. ولكن زعماء الاقتصاد الذين تحدثت لهم الصحيفة بالأمس يرون بوضوح: بأن  الشعب بقبوله مبادرة حزب الشعب، إنما عمل على إلحاق الضرر بنفسه اقتصاديا”.

صحيفة “تاغس انتسايغر” الناطق بالألمانية والصادرة في زيورخ بدورها تطرقت للموضوع تحت عنوان “هذا ما سيشغل بالنا لعدة سنوات” مستعرضة التأثيرات المحتملة لهذا التصويت على سمعة سويسرا. إذ أوردت “بالإضافة الى عدم وضوح كيفية تطوّر العلاقة مع الاتحاد الأوروبي بعد  قبول هذه المبادرة، هناك أيضا الاشارة السلبية التي وجهتها سويسرا لبقية العالم من خلال نتيجة هذا الإقتراع، والتي تشير إلى كرهها للأجانب”، قبل أن تضيف الصحيفة نفسها “أكيد أن الضغط على إيجار المنازل، وعلى الأجور، والتاثير السلبي على البيئة، وتاثيرات الهجرة عموما  هي مشاكل كثيرة وواقعية  قد تثير شعور العديد من المواطنين، لكنها مشاكل لا يمكن أن تجد حلا فقط بتعزيز حراسة الحدود مثلما يطرح البعض من خلال أسطورة الحالة السويسرية الخاصة والفريدة من نوعها”.

مستقبل غامض

أما صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ، الصادرة بدورها في زيورخ ففتحت فضائها لفالنتين فوغت، وهو أحد المعارضين للمبادرة ومن الأوساط الصناعية والذي يقول “إن الموضوع لا يتعلق بكون المبادرة خلقت انقساما في سويسرا بين مناصر ومعارض فقط بل إن المشكلة تكمن اليوم في كيفية تطبيق قرار الشعب بشكل لا يحرم القطاع الصناعي والاقتصادي من اليد العاملة الضرورية… لأن الخطر يكمن في كون اليد العاملة المتخصصة قد ترفض القدوم الى بلد يحدد لها حصصا ويرفض قبول لم الشمل العائلي”.

وتتساءل صحيفة “دير لاند بوتي” الصادرة بفينترتور “ما العمل لو رفض الاتحاد الأوربي إعادة التفاوض من جديد بخصوص الاتفاقيات الثنائية؟ فهل يتوجب على سويسرا الغاء اتفاقية حرية تنقل الأفراد؟” وذكّر كاتب المقال بالمسؤولية القانونية التي يفرضها ابرام اتفاق دولي بعدم اتخاذ إجراءات تناقضه وإلا فإن ذلك يعني الرغبة في إلغائه، وهذا ما لا ينطبق على سويسرا في هذه الحالة بالمرة لأن ذلك يعني تطبيق بند المقصلة أي الغاء كافة الاتفاقيات الأخرى وليس فقط اتفاقية حرية تنقل الأفراد”.

وتلخّص صحيفة “نويه تسوخر تسايتونغ” الناطقة بالألمانية حالة الحيرة والقلق التي تتقاسمها جميع افتتاحيات الصحف السويسرية تقريبا من خلال اعتبارها أن ما أسفر عنه اقتراع الأحد 9 فبراير يمثّل “صفعة وجهت للحكومة الفدرالية، تشبه الى حد كبير الصفعة التي تلقتها في عام 1992 لما رفض الناخبون مشروع الانضمام الى المجال الاقتصادي الأوروبي”. وترى بأن “مستقبل العلاقات مع الاتحاد الأوربي يبقى مفتوحا على كل الإحتمالات، ولكن ما قد تؤول إليه الأوضاع قد لا يكون في صالح الاقتصاد السويسري ورفاهية الشعب”.

(مع الوكالات)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية