مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ألفريد ديفاغو: “أوروبا لم تعد مركز اهتمام الولايات المتحدة”

يصف ألفريد ديفاغو العلاقات بين الولايات المتحدة وسويسرا بالجيدة جدا عموما Pixsil

بينما يختتم الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما زيارته الأولى إلى أوروبا بعد تنصيبه، سلـّط السفير السويسري السابق لدى واشنطن، ألفيرد ديفاغو، الضوء على ما وصفه بالعلاقات الهشة بين الجانبين.

ديفاغو، الذي سيُنشر له في شهر مايو القادم كتاب بعنوان “الولايات المتحدة، باراك أوباما والحلم الأمريكي”، تطرق أيضا في حديثه مع سويس انفو، إلى دور سويسرا في النظام العالمي الجديد.

في مجموعة من المقالات، يشرح ألفريد ديفاغو، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة ويسكونسن الأمريكية، فُرص أوباما والأخطار والتطلعات المحتملة التي يمكن أن تتطور في ظلها العلاقات الجديدة بين أمريكا والعالم – واحتمالات سوء التفاهم الجديدة أيضا.

وقد كان ديفاغو سفيرا لبرن لدى واشنطن في أواخر التسعينات عندما توترت العلاقات بين الجانبين بسبب قضية ودائع اليهود في المصارف السويسرية خلال الحقبة النازية.

سويس انفو: لــماذا ألـّفتم هذا الكتاب؟

ألفريد ديفاغو: لا زلت ألمس قدرا كبيرا من سوء الفهم “عبر الأطلنتي”. ومع قدوم أوباما، بدا الأوروبيون، فجأة، أكثر انفتاحا إزاء الولايات المتحدة – فهم يعتقدون أن أوباما بوسعه تغيير كل شيء تقريبا – ويُكـِنُّون له أحيانا إعجابا خال من أيّ نقد، كما يرسمون صورة لأمريكا مُفرطة في التفاؤل.

وبشكل مُتناقض، يُساورني الإنطباع أحيانا بأن الإعجاب الشديد بأوباما، الذي يقارب العبادة، هو الوجه الأخر للكراهية إزاء بوش وأمريكا الأخرى، لكن في كلتا الحالتين، يبقى الأوروبيين بعيدين كل البعد عن تكوين صورة واقعية ومتوازنة عن الولايات المتحدة.

سويس انفو: هل هنالك نية لترجمة مؤلفكم من الألمانية؟

ألفريد ديفاغو: لا، هذا كتاب يكتسي معنى فقط للجمهور الأوروبي. أما بالنسبة للأمريكيين، فقد ينبغي عليّ تأليف كتاب مختلف تماما أشرح فيه ما الذي يعتبره الأمريكيون مواقف غير ملائمة لبعض الأوروبيين بين الفينة والأخرى!

سويس انفو: لا تزال معدلات شعبية أوباما مرتفعة، لكنه عاش بضعة أسابيع صعبة في الآونة الأخيرة. ما هي أكبر تحدياته؟

ألفريد ديفاغو: من المؤكد أنها تتمثـّل في الوعود التي قطعها على نفسه خلال حملته الانتخابية – فهو كان مرشح الأمل والوعود. وولّـد الكثير من التوقعات الكبيرة، والآن، بالطبع، يواجه مشاكل لتحقيقها.

سنرى ما سيحدث. مازال هنالك أمل في كل مكان ويمكنك الشعور به طوال الوقت، لكن ذلك لا يمكن أن يستمر إلى الأبد. أعتقد أنه سيُمضي بعض الوقت الذي سيظـَل فيه الشعب مُتحليا بالصبر، لكن إذا لم يحدث شيء يُمكن أن يُنظـَر إليه على أنه تحوّل – ليس فقط من الناحية الاقتصادية، ولكن أيضا من الناحية الروحية والفكرية- بحلول أوائل الشتاء، فقد يصبح الوضع مشكلة حقيقية بالنسبة له، لأن الناس سيبحثون عن حلول أخرى. وستجري انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر 2010، وقد تكون بمثابة هزيمة “واترلو” بالنسبة للديمقراطيين.

سويس انفو: عرّف الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الحلم الأمريكي بـ ” الحياة والحرية والسعي وراء السعادة”. هل مازال هذا التعريف دقيقا؟

ألفريد ديفاغو: لا يزال كذلك، كما هو الشأن بالنسبة لكافة الأحلام، فهي غامضة، لكن هذا هو حلم الفرصة لكل من يريد تحقيق الإزدهار المادي. لكنه يمكن أن يعني أيضا السعي إلى بعض الأمور الروحية، وأعتقد أن غموض هذا المصطلح ربما يمثل ضعفه لكن قوته في نفس الوقت.

لقد كان [هذا المفهوم] دائما مثيرا للجدل في الولايات المتحدة لأن الحلم بعيد المنال بالنسبة لأناس كثيرين، وعدد كبير من المواطنين أصيبوا بخيبة أمل مرارا وتكرارا، لكنه مفهوم مازال على قيد الحياة، ووصول أوباما إلى منصب الرئيس ساعد بالتأكيد على تجديد الحلم الأمريكي.

سويس انفو: أنتم تناولتم في مؤلفكم السياسة الخارجية.إلى أي مدى يمكن تسمية الكتاب أيضا “الحلم العالمي”؟

ألفريد ديفاغو: أنا أركـِّز على العلاقات الأوروبية الأمريكية، وأشير إلى حقيقة أن الحلم الأمريكي هو، إلى حد ما، خصوصية تنفرد بها الولايات المتحدة. أما الأوروبيون فهم ربما تعرضوا لضربات التاريخ وبالتالي أصبحت لديهم مقاربة أكثر واقعية – حتى أنها تتسم أحيانا بالسخرية والتهكم – عندما يتعلق الأمر بالأحلام في المجال السياسي. واعتقد أنهم مفتونون بمجرى حياة أوباما لأن ذلك لم يكن ليحدث في معظم البلدان الأوروبية.

مازالت [الولايات المتحدة] أمة متفائلة أساسا: فالناس يعتقدون أنهم سيستطيعون بالفعل تحقيق التحوّل وأن الأمور ستصبح على ما يرام من جديد في غضون عامين أو ثلاثة.

سويس انفو: هل أنـتم متفائـــلون؟

ألفريد ديفاغو: أنا أشك قليلا في الخـُطط الاقتصادية لأوباما. فهو ربما يتبنى (نهجا) شاملا جدا في الجهود التي يبذلها من أجل حل المشاكل.

وعند النظر إلى الكيفية التي رد بها الأوروبيون الفعل على حزمة الحوافز الهائلة التي اقترحها، تلمسون من جديد التوترات القديمة. فعلى سبيل المثال، قال رئيس الوزراء التشيكي ميريك توبولانيك [يوم 26 مارس الماضي] إن العلاجات الأمريكية للركود الاقتصادي العالمي هي “الطريق إلى الجحيم”.

سويس انفو: وإذا ما تركنا جهنم جانبا، كيف تنظرون إلى العلاقات بين أوروبا والولايات المتحدة؟

ألفريد ديفاغو: لقد توقعتُ أن تُصبح أفضل، لكن بطبيعة الحال، ليس ذلك بالإنجاز الكبير بعد مغادرة بوش. ستتحسن العلاقات، لكن بعض النزاعات القديمة ستبقى، ومن بينها بالتأكيد حقيقة أن الأوروبيين باتوا يدركون أن أوروبا لم تعد مركز اهتمام الولايات المتحدة.

ولم يكن من قبيل المصادفة إجراء أوباما لأول اتصالاته بالبلدان الأجنبية في آسيا والشرق الأوسط. [فوزيرة الخارجية الأمريكية] هيلاري كلينتون زارت شرق آسيا في أول رحلة لها إلى الخارج. وقد زارت أوروبا أيضا، لكنه من الواضح أن أمريكا أقرب إلى وجهة نظر بلدان المحيط الهادئ فيما يتعلق القضايا العالمية. ولا يجب أن تُفاجأ أوروبا إذا ما وجدت أن دورها ثانوي في أحسن الأحوال.

سويس انفو: العلاقات بين سويسرا والولايات المتحدة متوترة نوعا ما في الوقت الراهن. هل فوجئتم بدرجة العدوانية التي هاجمت بها الحكومة الأمريكية السر المصرفي السويسري؟

ألفريد ديفاغو: لا، في حقيقة الأمر. لقد توقعتُ في يناير، قبل تولي أوباما مقاليد السلطة، أن الوضع سيصبح مُزعجا بالنسبة لسويسرا إذا ما نسـّقت الولايات المتحدة وأوروبا جهودهما لملاحقة السرية المصرفية السويسرية.

وهذا ما حدث – ليس لأن الأمريكيين ضغطوا بمفردهم في هذا الاتجاه، بل لأن سويسرا واجهت تحالفا شريرا جدا لبدان أرادت إلغاء السر المصرفي بوصفه عنصرا رئيسيا في العلاقات الاقتصادية الدولية لسويسرا.

سويس انفو: كيف يـــُنظر إلى سويسرا في الولايات المتحدة؟

ألفريد ديفاغو: العلاقات جيدة جدا عموما، لكن نظرة الأمريكيين للسياسة تقوم على تقسيم العلاقات: فيمكن أن يقولون “إن علاقاتنا توجد في عشرة صناديق، العلاقات ممتازة في ثمانية صناديق، وجيـّدة في الصندوق التاسع، لكن لدينا مشاكل حقيقية يجب حلها في الصندوق العاشر، حيث يوجد السر المصرفي”.

علينا، نحن السويسريون، أن نتعلم النظر إلى كل علاقة وكأنها حاوية من عدة صناديق، ومحاولة حلّ المشاكل في كل صندوق على حدة.

سويس انفو – توماس ستيفنس

تُعتبر الولايات المتحدة أبرز شريك تجاري لسويسرا خارج أوروبا.
في عام 2007، بلغت الصادرات السويسرية إلى الولايات المتحدة 18,32 مليار فرنك سويسري،بينما بلغ مجموع الواردات من الولايات المتحدة 9,43 مليار فرنك.
الولايات المتحدة هي الوجهة الرئيسية للاستثمارات المباشرة السويسرية.
أقام البلدان في عام 2006 المنتدى السويسري الأمريكي للتعاون في مجال التجارة والاستثمار.
في عام 2007، بلغ عدد المغتربين السويسريين في الولايات المتحدة 73,978 شخص.

وُلد في مدينة خور، عاصمة كانتون غراوبوندن شرقي سويسرا، عام 1942. وحصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ والأدب الألماني من جامعة برن. منذ عام 2001، يعمل كأستاذ للعلاقات الدولية في جامعة ويسكونسن الأمريكية.

كان سفير سويسرا لدى الولايات المتحدة في الفترة ما بين 1997 و2001 ، والقنصل العام لسويسرا في نيويورك ما بين 1994 و1997. وكان الأمين العام لوزارة الخارجية السويسرية في من 1993 إلى 1994.

شغل منصب مدير المكتب الفدرالي للثقافة من 1986-1993.

بدأ مشواره في القطاع العام عام 1971 عندما انضم إلى هيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية، المؤسسة الأم لـ “سويس انفو”. وكان رئيس تحرير الإذاعة الوطنية لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية من 1984 إلى 1986.

درَسَ أيضا في جامعة فيينا، والمعهد الألماني في روما، ومكتبة الفاتيكان، وقضى سنة راحة في بيركلي بولاية كاليفورنيا الأمريكية عام 1983.

آخر مؤلفاته كتاب بعنوان “الولايات المتحدة الأمريكية، باراك أوباما والحلم الاميركي” (The United States, Barack Obama and the American Dream). ويتساءل فيه: إلى أين تتجه الولايات المتحدة في عهد أوباما؟ وهل يمكن لأوباما إخراج بلاده من الأزمة الحالية؟ هل سيتمكن من تحقيق التوقعات الهائلة لشعبه؟ كيف ستؤثر سياسات أوباما على أوروبا؟

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية