مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أنابوليس.. بين شكوك الصحافة السويسرية وآمالها

Keystone

في أعقاب اختتام اجتماع أنابوليس، اعتبر كُـتاب الافتتاحيات والمعلقون في الصحافة السويسرية، أنه سيكون "من المتعذر جدا" التوصل إلى اتفاق سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين قبل موفى عام 2008.

وعلى الرغم من التصريحات المتفائلة للرئيس بوش، فإن التشاؤم طغى على تعليقات الصحافة السويسرية، التي لم تتوقف كثيرا عند الحدث.

بعد اختتام مؤتمر أنابوليس يوم الثلاثاء 27 نوفمبر، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي مع رئيس السلطة الفلسطينية يوم الأربعاء في البيت الأبيض، لإطلاق أول مفاوضات رسمية ومباشرة بين الجانبين منذ سبعة أعوام.

وكان الرئيس الأمريكي جورج بوش قد التقى على انفراد بمحمود عباس ثم بإيهود أولمرت، قبل أن يجمع بينهما لفترة وجيزة، ليُـعلن رسميا عن افتتاح المباحثات.

وكان عباس وأولمرت قد تعهّـدا بالعمل على التوصل إلى اتفاق سلام نهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قبل موفى عام 2008، في حين أكّـد الرئيس بوش لكل منهما بأن الولايات المتحدة ستنخرط بنشاط في هذه العملية.

على الرغم من هذه الخطابات المشجعة، اتّـسمت رؤية الصحافة السويسرية لنتائج اجتماع أنابوليس بمسحة من التشاؤم، كما أنها لم تولٍ كبير اهتمام للموضوع، حيث لم تُـنشر تعاليق حول الموضوع، إلا في عدد قليل منها.

قطعة من الورق

صحيفة دير بوند، الصادرة في برن، تساءلت: “هل هو منعرج أم استعراض”؟ واعتبرت أن أنابوليس يُـمثل أولا وقبل كل شيء “الكثير من الأسئلة ولا جواب”، وترى اليومية أن الإعلان المشترك، الذي وقّـع عليه عباس وأولمرت، “لا يزيد عن قطعة من الورق، تشتمل على إعلانات نوايا جميلة”.

لكن صحيفة دير بوند شدّدت على أن بوش “لم يقُـل كلمة واحدة حول المشاكل الحقيقية، المتمثلة في وضعية القدس واللاجئين والحدود والمستوطنات” وأضافت متهكِّـمة بأن هذا اللقاء، الذي اتخذ طابعا “استعراضيا” اتّـسم بحرِص منظميه على استدعاء سلوفينيا وتناسي “أحد الأطراف الأكثر أهمية”، وهي حركة حماس.

هامش مناورة محدود

إعلان أنابوليس يتحدّث عن اتفاق يُـفترض التوصل إليه بحلول موفى عام 2008 بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بما في ذلك حول القضايا الأساسية، هذا أمر جيِّـد جدا برأي صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ، الصادرة في زيورخ، التي تستدرك “لكن، مع الأسف لا يُـقال ما هي هذه المسائل الأساسية”.

فالمسائل التي تثير الغضب والإزعاج، معروفة بشكل جيد، كما أنه من المعلوم أيضا أن أيدي عباس وأولمرت ليست طليقة للتفاوض بشأنها.

وتلاحظ صحيفة تاغس أنسايغر، الصادرة في زيورخ، أن “سلطة الرئيس الفلسطيني لا تتجاوز ضواحي رام الله”، وتذكّـر بأن محمود عباس يواجه معارضة داخل حركة فتح نفسها، كما أنه مكروه من طرف أولئك الفلسطينيين “الذين لا يرون خلاصهم، إلا في حماس”.

أما إيهود أولمرت، “فهو يعرف أنه بالنظر إلى موازين القِـوى داخل حكومته، فإن أدنى تنازل يُـمكن أن يُـفقِده موقعه كرئيس للحكومة”، مثلما تُـذكر بذلك الصحيفة الصادرة في زيورخ.

في السياق نفسه، لا مفرّ لنسيان وزن أولئك الذين يرفضون أية مفاوضات، الذين تصفهم صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ بـ “المتطرفين الدينيين والأيديولوجيين، المعارضين لحلٍّ يؤدّي إلى قيام دولتين، والذين تتّـسم مواقفهم بتسابه مُـلفِـت، سواء تم التعبير عنها في القدس أو في غزة أو في طهران”.

رغم كل ذلك، تودّ صحيفة بازلر تسايتونغ، الصادرة في بازل، أن ترى أملا في نهاية النفق وتُـقِـر لمؤتمر أنابوليس بفضيلة “إدراج السلام (في الشرق الأوسط) مجددا على جدول الأعمال الدولي”.

مقابل ذلك، تؤكّـد الصحيفة، على أن “هناك حاجة الآن لأكثر من إعلانات النوايا، أي إلى أفعال”، وترى أن إسرائيل “باعتبارها قوة احتلال، تتحمّـل مسؤولية خاصة، ويجب عليها تقديم تنازلات”.

ظل إيران

من جهتها، اعتبرت صحيفة كورييري ديل تيتشينو، الصادرة في لوغانو، أن أنابوليس تمثل “المحاولة الأخيرة لإدارة بوش لترك ذكرى أقل سوءً (وإثارة للصدمة) عن أدائها في العالم العربي”.

في المقابل، ترى الصحيفة، الصادرة في كانتون تيتشينو، أن المؤتمر يُـمثل “منعرجا يُـمكن أن يكون تاريخيا”، حيث يُـمكن أن يشهد ولادة جبهة جديدة مناهضة لإيران وللشيعة.

هذه الجبهة قد تضم، بالإضافة إلى إسرائيل والولايات المتحدة، بعض البلدان الإسلامية، بدءً بتركيا، التي أصبحت ترى أن “العدو الذي كان يتوجّـب تدميره بالأمس، أي إسرائيل، أصبح أقل خطرا بكثير من العدو الذي يجب التصدّي اليوم، أي إيران”، حسب رأي الصحيفة.

أخيرا، أوردت صحيفة لوتون، الصادرة في جنيف، على لسان جيرالد شتيانبيرغ، الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية بيغن – السادات في تل أبيب، قوله بأن وعد إنجاز السلام من طرف أولمرت وعباس، “أمر مستحيل في ظل الظروف الحالية”، واعتبر أن مؤتمر أنابوليس ليس سوى “بداية انطلاقة استئناف عملية” للسلام، مشيرا إلى أن المتفاوضين سيذهبون “من جمود إلى آخر ومن أزمة إلى أخرى”، عندما يصلون إلى القضايا الملموسة، التي تتطلّـب تنازلات موجِـعة.

سويس انفو – مارك أندري ميزري

(ترجمه من الفرنسية وعالجه كمال الضيف)

واشنطن (رويترز) – أكد الرئيس الأمريكي جورج بوش للزعيمين الفلسطيني والإسرائيلي يوم الأربعاء 28 نوفمبر، أن الولايات المتحدة ستشارك بفاعلية في عملية صُـنع السلام على الرغم من الشكوك العميقة بشأن فُـرص التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء ولايته. فبعد 24 ساعة فقط من تعهّـده بمحاولة الوصول لاتفاق بحلول نهاية 2008، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت والرئيس الفلسطيني محمود عباس ببوش من أجل الإطلاق الرسمي لمحادثات السلام لأول مرة منذ سبعة أعوام. وجاء اجتماع البيت الأبيض تتويجا لثلاثة أيام من الجهود الدبلوماسية المكثفة في الشرق الأوسط، بما في ذلك مؤتمر شاركت فيه 44 دولة سعى بوش خلاله كي ينجز في عام ما عجزت عنه الحكومات الأمريكية المختلفة على مدى عقود.

وقال بوش، الذي كانت تساوره مخاوف في السابق من التعامل المباشر مع القضية، “لم أكن لأقِـف هنا لو لم أكُـن أعتقد أن السلام ممكن”، وأضاف بوش الذي كان يقف كتفا بكتف مع الزعيمين في حديقة الزهور بالبيت الأبيض، “ثمة أمر أكّـدته للسيدين، وهو أن الولايات المتحدة ستشارك بفعالية في العملية.. أننا سنستخدم قدرتنا لمساعدتكما وأنتما تتوصلان إلى القرارات الضرورية لإرساء الأساس لدولة فلسطينية تعيش جنبا إلى جنب في سلام مع إسرائيل”. وقال ستيفن هادلي، مستشار الأمن القومي الأمريكي، إن الرئيس بوش لن يفرض حلاّ على الإسرائيليين والفلسطينيين ولن يفرض خطّـة أمريكية للسلام، وأضاف هادلي في كلمة بشأن الشرق الأوسط في جامعة جونز هوبكنز “لن يفرض الرئيس تسوية للخلافات ولن يفرض خطة للسلام عليها اسمه”، وقال “ما سيفعله الرئيس، هو استخدام علاقاته مع الطرفين لمساعدتهما على بناء الثقة الضرورية للإقدام على خيارات صعبة من أجل السلام، وقد أوضح أنه حاضر من خلال الاتصالات الهاتفية”.

وفي محاولة لتعزيز جدية التزام الولايات المتحدة، أعلنت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس تعيين الجنرال جيمس جونز المتقاعد في البحرية، كي يكون مبعوثها الخاص للأمن في الشرق الأوسط. ولم تظهر أي مؤشرات على أن بوش يعتزم السير على نهج التدخل الشخصي المتواصل الذي نبذه بعد أن فشل سلفه بيل كلينتن في وساطته للتوصل إلى اتفاق سلام في عام 2000. وتفادى بوش سؤالا في مقابلة مع شبكة تلفزيون سي.إن.إن، هل هو مستعد للذهاب إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية من أجل السلام؟ وقال بوش “الذهاب إلى منطقة في حدّ ذاته لن يطلق المفاوضات. المهم، هو العمل مع الفاعلين الرئيسيين … رئيس الوزراء أولمرت والرئيس عباس. فهكذا تنجز الأمور. والآن، إذا تعيّـن علي أن أحادثهما معا فسوف أفعل”.
وبعد اجتماع البيت الأبيض، سيواصل الجانبان اجتماعهما في 12 من ديسمبر في القدس، ولكن تبقى هناك أسئلة جادّة بشأن ما إذا كانت الجهود الجديدة للسلام مُـجدية.

فالزعماء الثلاثة يعانون سياسيا في الداخل، الأمر الذي يثير شكوكا فيما إذا كان بإمكانهم الوفاء بتعهداتهم، كما أن الشعور بعدم الثقة بين إسرائيل والفلسطينيين سيجعل إحراز أي تقدّم صعبا. وفي مؤشر على وجود عقبات رفض إسلاميو حماس التوجه الجديد نحو السلام وتعهدوا بتقويضه. وتصاعدت أعمال العنف، فقال مسعفون إن صواريخ إسرائيلية قتلت اثنين من ضباط البحرية التابعين لحماس في الجزء الجنوبي من قطاع غزة. وفي بروكسل، قالت مديرة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة يوم الأربعاء، إن عملية سلام فلسطينية لا تشمل حماس، لن تكون قابلة للتطبيق. وقالت كارين أبو زيد، إن هناك حاجة لمزيد من الضغط السياسي لتسوية الخلاف بين حركة فتح التي تسيطر على الضفة الغربية وحماس التي تسيطر على قطاع غزة. وندّد كثير من المعلقين العرب بالمؤتمر لأنه حدث إعلامي، هدفه إصلاح صورة بوش التي تضررت جرّاء الحربين في العراق وأفغانستان.

وقال أولمرت إنه، على الرغم من أن الجانبين سيحاولان الوصول لاتفاق في العام المقبل، فإن ذلك ليس موعدا صارما. وقال للصحفيين “أريد تذكيركم بأننا قلنا أننا سنبذل كل جهد للوصول لاتفاق بحلول (نهاية) 2008، ولكننا لم نلتزم باستكمال الوصول لاتفاق بحلول (نهاية) 2008”.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 29 نوفمبر 2007)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية