مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أول مرشح عربي لمقعد في البرلمان الفدرالي

يخوض علي بنواري الحملة الانتخابية المحتدمة حاليا في سويسرا كأول عربي مسلم يترشح لشغل مقعد في البرلمان الفدرالي على قائمة الحزب الراديكالي في كانتون جنيف.

في حديث خص به سويس إنفو يتحدث السيد بنواري عن أهم الملفات التي يعتزم الدفاع عنها والتي تشغل بال كل المواطنين، مع التركيز على ملف الاندماج ولكي يكون صوت الجالية المسلمة والعربية ممثلا في دواليب البرلمان.

إذا كانت حملة الانتخابات الفدرالية التي ستنظم في 21 أكتوبر قد تمحورت حول الأجانب بسبب اللافتات المثيرة التي روج لها حزب الشعب اليميني المتشدد، فإن بعض أفراد هذه الجالية المتحصلين على الجنسية السويسرية لا يريدون أن يظلوا مجرد متفرجين.

فقد دخل عدد من المرشحين من ذوي الأصول الإفريقية السباق الإنتخابي ومرشح عربي مسلم واحد هو السيد علي بنواري الذي أجرينا معه حديثا تطرق فيه إلى أهم الملفات التي تشغل باله وبالأخص ملف الاندماج، وشرح فيه كيف سيعمل على إيصال صوت المسلمين والعرب داخل البرلمان، وموقفه من حملة اليمين المتطرف التي تستهدف الأجانب عموما والمسلمين خصوصا.

سويس إنفو: السيد علي بنواري أنتم المرشح العربي و لربما المسلم الوحيد والأول الذي يخوض مغامرة الانتخابات البرلمانية الفدرالية تحت راية الحزب الراديكالي في وقت نعرف فيه إحساسا معاديا للأجانب عموما وللمسلمين بالخصوص. ما هي الدوافع لهذا التجنيد؟

علي بنواري: الدوافع تتمثل في أننا نعيش في سويسرا ونشارك سكانها في القيم والمعايير ونمثل عددا لا يُستهان به، ومع ذلك لسنا ممثلين في البرلمان. وأقصد بذلك أن مشاكلنا الخاصة بنا ليست ممثلة وأعني بذلك المشاكل التي تمس الجالية الإسلامية مباشرة أو التي قد تمسها بشكل غير مباشر من خلال مظاهر الكره والتمييز الذي يستهدفها. ونفس الشيء ينطبق على الجالية العربية التي تمثل جزءا هاما من الجالية المسلمة والتي بها عدد من العرب غير المسلمين والذين أضمهم الى نفس الجالية التي أود تمثيلها.

فإنني أتعهد بتمثيل هذه الجالية وأن أكون صوتها في مجلس النواب وأسمح بالتعريف بمشاكلها واهتماماتها لأنها بقيت لحد الآن بدون صوت يتحدث فعلا باسمها وليس بالشكل الكاريكاتوري الذي نعرفه.

والدافع لترشيحي هو أننا بدأنا نضيق ذرعا بمن يتحدثون عنا بدون أن يُفسح المجال أمامنا لكي نتحدث نحن بأنفسنا عن واقعنا وعن مشاكلنا الخاصة. كما أن الهدف من هذا الترشيح هو أيضا لتصحيح النظرة التي توجد لدى بقية السويسريين عن هذه الجالية.

وما هو أهم في نظري من خلال هذا الترشيح، فهو التمتع بالحق المخول من قبل المواطنة التي حصلنا عليها أي حق الترشيح للإنتخابات، لأن الحق في المواطنة يفرض علينا واجبات نطبقها رغم أنفنا، ويخول لنا حقوقا أيضا علينا أن نستخدمها. وإننا ندرك جيدا بأن العملية ليست سهلة ولكن يجب القيام بخطوة أولى حتى يصبح ترشيح من يحملون اسم محمد أو علي أمرا مألوفا في هذا البلد.

ولكن ترشيحي لا يعني أن أهتم فقط بجالية من الجاليات بل بمشاكل كل المواطنين السويسريين.

سويس إنفو: ما هي الملفات الخاصة بهذه الجالية العربية والمسلمة التي تودون التركيز عليها؟

على بنواري: أود أن أقول في بداية الأمر إنه ليست لدينا مشاكل كجالية تختلف كثيرا عما يعيشه باقي المواطنين السويسريين. فمشاكل الصحة أو العمل أو حضانة الأطفال أو التقاعد هي نفسها لدى الطرفين.

فأنا سأدافع عن مصالح السويسريين عموما ومصالح سويسرا ومصالح جنيف نظرا لكوني مرشحا عن جنيف. ولكن ردا على سؤالكم أقول إن تواجدي في العاصمة الفدرالية برن سيكون بمثابة فرصة للدفاع عن جالية معرضة للتهميش وللتمييز. وهذا ليس قولي أنا بل هو ما توصلت إليه اللجنة الفدرالية للأجانب في عام 2006. ولذلك سأعمل – لو يتم انتخابي – على أن لا يظل محتوى وتوصيات هذا التقرير حبرا على ورق.

الملف الثاني والذي لا يهم الجالية العربية والمسلمة وحدها بل كل الجاليات والأقليات، ويهم حتى السويسريين ككل، هو مشروع قانون الاندماج الذي تقدم به الحزب الراديكالي، هذا المشروع الذي يهدف الى تحسين ظروف اندماج الجاليات الأجنبية والأشخاص الذي يعرفون متاعب عموما. وهو المشروع الذي سيناقشه مجلس النواب بعد مناقشته في مجلس الشيوخ. وسأعمل على تعزيز فهم هذا القانون والعمل على المصادقة عليه لأنه مشروع قانون يهم سويسرا ككل. فهو سيعمل على إضفاء إطار أحسن على سياسة الاندماج بحيث يحث الحكومة الفدرالية على التنسيق بين الكانتونات في مجال سياسة الاندماج كما يسمح بتحسين الميزانية المخصصة لعملية الاندماج على مستوى البلديات والكانتونات برفعها من 14 مليون حاليا الى حدود 50 مليون فرنك في المستقبل. وهو ما يسمح بجعل ملف الاندماج ملفا بارزا على المستوى الوطني خصوصا وانه مشروع يرتكز على مبدإ التشجيع من أجل المطالبة بشروط معينة من الراغبين في الاندماج مثل ضرورة تعلم اللغة وتسهيل الاندماج. وهذا يصبح ممكنا عندما تتوفر الوسائل المادية.

سويس إنفو: الجاليات الأجنبية والمسلمة كانت حاضرة بقوة في هذه الحملة الانتخابية عن طريق الملصقات الإشهارية لحزب الشعب السويسري. كيف تحكمون على هذا التوجه الجديد في الحملات الانتخابية و الذي لم تكن سويسرا متعودة عليه؟

علي بنواري: هي قضية معقدة لأننا اليوم نولي كل اهتمامنا لشخص بلوخر وليس لحزبه حزب الشعب السويسري. كما أننا نولي اهتمامنا للجاليتين المسلمة والإفريقية ولا نولي اهتماما كافيا لبرنامج حزب الشعب السويسري وللسياسة التي يمارسها هذا الحزب والتي لا تكتفي بمهاجمة الجاليتين المسلمة والافريقية بل استهدفت من قبل ذوي الشذوذ الجنسي والمعاقين وغيرهم من الطوائف التي تعرف مشاكل اندماج في المجتمع.

فهذا الحزب أي حزب الشعب في حقيقته حزب شعوبي يستخدم كل الوسائل من أجل كسب الأصوات. ويستخدم لذلك التهجم والافتراء ويبدو أن ذلك يجلب بعض الأصوات في الحملات الانتخابية. وهذا ما علينا إدانته لأن ذلك ليس من تقاليد سويسرا.

ولكن يجب ألا نسير في هذا الخط لأنه هو الخط الذي يرغب حزب الشعب أن يجرنا إليه في الحملة الانتخابية. فهو عندما يثير موضوع انعدام الأمن إنما يريد صدنا عن الاهتمام ببرنامجه. يضاف الى ذلك أن إثارة موضوع الأمن ليس من حق حزب الشعب طرحه لأن رئيس الأمن اليوم في هذا البلد هو زعيم هذا الحزب السيد بلوخر (الذي يتولى منصب وزير العدل والشرطة). فحصيلة توليه هذا المنصب بعد أربع سنوات هي حصيلة ضعيفة جدا بحيث أنه لم يتمكن من تطبيق حتى الربع مما هو مطالب به في المجال الأمني. وأما الذي يحق له طرح موضوع التقصير في المجال الأمني فهي الأحزاب الأخرى وليس حزب الشعب.

لقد كانت الوزيرة السابقة في نفس المنصب روت ميتسلر قد شرعت في إبرام اتفاقات مع الدول التي ينحدر منها طالبو اللجوء الذين ترفض طلباتهم. ولكن السيد بلوخر لم يرغب في مواصلة هذه السياسة ولم يضع قدميه ولو لمرة واحدة في القارة الإفريقية. فكيف ينوي طرد الأجانب الذين يرتكبون جرائم أو المهاجرين غير الشرعيين أو الذين رفضت طلبات لجوئهم، إذا لم تتخذ وزارته الإجراءات الضرورية؟

سويس إنفو: سياسة حزب الشعب اليميني المتطرف تعرفونها جيدا حيث أنكم قضيتم بعض الوقت في صفوف هذا الحزب وتوليتم حتى منصب نائب رئيس الحزب بالنيابة في عام 2001. فهل تلاحظون فعلا انزلاقا في سياسة هذا الحزب اليوم؟

علي بنواري: حزب الشعب السويسري الحالي ابتعد كثيرا عن الحزب الذي عرفته من قبل لأن الانزلاق الذي نلاحظه اليوم أخطر بكثير مما كان يحدث من حين لآخر قبل ست أو سبع سنوات. وقد غادرته عندما شعرت بأنهم بدأوا يبتعدون عن القيم الضرورية لاحترام الكرامة وللقيام بالعمل السياسي.

ولكن أود أن اقول أنه يوجد داخل هذا الحزب أشخاص ليسوا بالضرورة متشبعين بالآراء المتطرفة لهذا الحزب. وحتى ولو بدا ذلك غريبا فإن هناك العديد ممن وجدوا أنفسهم سجناء التوجه الجديد لأقلية متطرفة على رأسه مثل بلوخر. ولكنهم، على العكس مما قمت به، لم يجدوا الشجاعة لمغادرة الحزب.

سويس إنفو: كمؤسس لجمعية “مسلمي سويسرا من أجل العلمانية”، هل تعتقدون بأن حضوركم سيجلب شيئا ما لحملة الحزب الراديكالي ولتواجدكم في البرلمان في حال فوزكم؟

علي بنواري: أعتقد ذلك، لأن الحزب الذي أسس سويسرا المعاصرة على أساس علماني هو الحزب الراديكالي. وهذه العلمانية مدونة في الدستور وموجودة في دستور جنيف منذ العام 1876 ثم عام 1907. وهذه العلمانية هي التي سمحت بالحياد الديني وسمحت لكل الطوائف الدينية بالتعايش والتطور في جو سلمي. لذلك أنا فخور لانتمائي للحزب الراديكالي وفخور لكوني مؤسس هذه الجمعية لأن في المسارين تكاملا.

سويس إنفو: وهل سيكون لتواجدكم في البرلمان تأثير في إثارة موضوع المسلمين والعلمانية؟

علي بنواري: بدون شك لأن حتى تقرير اللجنة الفدرالية للأجانب الصادر في عام 2005 توصل الى خلاصة أن الغالبية الساحقة من 350 ألف مسلم المقيمين في سويسرا، ملتزمة بقيم الدولة السويسرية ومتمسكة بالمعايير العلمانية. ولكن هذا التمسك بالعلمانية غير واضح للعيان لذلك تهدف جمعيتنا إلى إظهار صوت هذه الغالبية المسلمة المتمسكة بالعلمانية والتي تُستهدف خطأ.

سويس إنفو: لاحظنا حرصكم على التأكيد بأنكم لستم مرشح الجالية العربية والمسلمة فقط، بل مرشح كل السويسريين. ما هي المواضيع التي تحظى بالأولوية لديكم والتي تهم كل السويسريين؟

علي بنواري: من المواضيع التي يولي لها الحزب الراديكالي أولوية اخترت الدفاع عن عدد منها مثل الصحة والعمل والتكوين المهني والاندماج والتجنس والسياسة المالية والضريبية. وهي المواضيع التي تشكل قاعدة حملتي الانتخابية مثلما يمكن الاطلاع على ذلك في الموقع المخصص. وأنا على استعداد للخوض في أي منها.

سويس إنفو: موضوع انضمام سويسرا الى الإتحاد الأوروبي الغائب عن الحملة هل لا زال موضوع الساعة بالنسبة لكم؟

علي بنواري: أعتقد أنه ما زال موضوع الساعة حتى ولو أنه غاب عن الحملة الانتخابية بسبب شبه إجماع على تفادي الخوض فيه. لكنني أعتقد أنه موضوع لا يمكن تجاهله طويلا حتى لو تفادينا الخوض فيه في هذه الحملة الانتخابية.

لكن نظرتي للإنضمام يجب ان تتم بشروط معينة مثل احتفاظ سويسرا بسريتها المصرفية وبخصوصيتها المالية وبنظامها الديمقراطي المباشر وبعملتها أي الفرنك السويسري. قد يبدو ذلك بمثابة شروط كثيرة ولكن لا أعتقد ذلك لأن بريطانيا احتفظت بعملتها ولم تنضم الى فضاء شيغن على العكس من سويسرا.

إذن فالمسار الأوروبي شهد تطورا كبيرا منذ رفض الشعب السويسري عملية الانضمام (إلى المجال الإقتصادي الأوروبي) في عام 1992، وهي تطورات تسمح اليوم لبلد مثل بلدنا بالانضمام خدمة لمصالحه الاقتصادية ولأمنه لأن رفاهية سويسرا وأمنها مرتبطان ارتباطا وثيقا بأوروبا.

سويس إنفو: ختاما لهذا الحديث، لو طلبنا منكم توجيه نداء لأبناء الجالية المسلمة ولغير أبناء الجالية المسلمة ماذا تقولون؟

علي بنواري: أبناء الجالية أود أن أقول لهم بأنه يجب مواجهة الأمور بطمأنينة وهدوء في مواجهة كل التهجمات التي يتعرضون لها، ولكن أيضا باستخدام الحقوق الدستورية المخولة للمواطن من اجل التعبير عن مطالبهم وعدم تبذير الحق في التصويت لأن استخدام الحقوق المخولة للمواطن يعتبر أحسن وسيلة للاندماج.

أما بالنسبة للسويسريين من غير أبناء الجالية، فأقول إنه يجب الدفاع عن القيم السويسرية وقيم الدولة القائمة على احترام العلمانية.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

بالغ من العمر 56 سنة ، متزوج وله ثلاثة أبناء
رئيس مؤسسة ” إيكو فاينانس” المالية الاستشارية في عمليات الشراكة المالية والصناعية.
رئيس مجلس مراقبة بنك صوسيتي جنرال( فرع الجزائر)، أول بنك خارجي يستقر في الجزائر
وزير الخزينة في الحكومة الجزائرية للفترة ما بين 1991 و 1992
ساهم في عدة مهام في مصارف مختلفة وشركات مالية وله عدة مهام في عدد من الشركات.
متحصل على إجازة في العلوم الاقتصادية وعلى شهادة ليسانس في العلوم السياسية من جامعة الجزائر.
المؤسس والناطق باسم جمعية مسلمي سويسرا من أجل العلمانية(2006)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية