مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أي دور للغة الانجليزية؟

وجدت اللغة الإنجليزية طريقها حتى إلى جواز السفر السويسري swissinfo.ch

تحتل اللغة الإنجليزية دورا متزايد الأهمية في المناهج الدراسية السويسرية، وغالبا على حساب اللغات الوطنية.

وتشدد الأكاديمية السويسرية للعلوم الاجتماعية على ضرورة الحفاظ على تنوع البلاد اللغوي.. وتُطمئن القلقين في الوقت ذاته!

هل يأت يوم يتحدث فيه السويسريون مع بعضهم البعض باللغة الإنجليزية؟ هكذا يبدو السيناريو الأكثر تشاؤما، والذي روج له تزايد إقبال المدارس السويسرية على تعليم الإنجليزية حتى قبل البدء في تعليم لغة وطنية ثانية.

كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، أو على الأقل، التي أثارت سخط المدافعين عن أولوية تعليم اللغات الوطنية، إعلان ثمانية كانتونات ناطقة باللغة الألمانية الأسبوع الماضي، عزمها على تعليم اللغة الأطفال الإنجليزية قبل عامين من بدئها تدريس اللغة الفرنسية.

رغم ذلك، تبدو الأكاديمية السويسرية للعلوم الاجتماعية مطمئنة. فقد أبلغ الخبير الاقتصادي فرانسوا جرين المشاركين في مؤتمر نظمته الأكاديمية في مدينة بيل (قرب برن)، أن البدء في تعليم الأطفال اللغة الإنجليزية بصورة مبكرة لن يشكل خطرا حقيقيا، طالما واصلت سويسرا سياستها في دعم اللغات الوطنية.

ولا يستطيع السيد جرين أن يحدد التكاليف الفعلية التي يتوجب استثمارها لدعم نظام تعليمي يقوم على تدريس أكثر من لغة، (إذ لم يتم إجراء دراسة لهذا الغرض حتى الآن). لكنه مقتنع بأنها تظل ضئيلة عند مقارنتها بالفوائد الناجمة عن مثل هذا النظام، إذ يقول إنه “يجب التعامل مع قيمة التعدد اللغوي من نفس المنظور الذي نستخدمه عند الحديث عن قيمة الجودة البيئية”.

ويكمل قائلا: “في وقت سابق لم يقدر الكثيرون أهمية البيئة.. لكننا تعلمنا اليوم أن نكون أكثر حذرا، وأن نولي أهمية كبرى للنتائج البيئية التي ستنجم عن قراراتنا”.

ويعتقد السيد جرين أن تقاليد سويسرا اللغوية هي جزء لا يتجزأ من هويتها الوطنية، ويؤكد على أن الإدراك بقيمة التعدد اللغوي سيتزايد فيها. فالسويسريون، في رأيه، يعرفون أنفسهم من خلال تنوعهم، ولذلك “لن تكون هناك مشكلة من تمييز اللغة الإنجليزية كلغة ثانية في مدارسنا، مادام الناس مدركين لأهمية تعلم لغة وطنية واحدة على الأقل”.

سنحمي لغاتنا… ولو بالقانون!

على مدى السنوات الماضية، جرت نقاشات مطولة لوضع مشروع قانون جديد يدعم تعليم اللغات الوطنية السويسرية الأربع وهي الألمانية، والفرنسية، والإيطالية، والرومانشية.

ويهدف القانون، كما يوضح السيد رولاند ريس رئيس الأكاديمية، إلى تقرير حقوق الجماعات اللغوية المختلفة، خاصة في الكانتونات المزدوجة اللغة، وتحديد المناطق اللغوية(أي لغة في أي منطقة جغرافية) بصورة رسمية.

لكن السيد ريس يقر في الوقت ذاته بأن المشروع المقترح فشل في التعامل مع السؤال “أين وكيف يجب تعليم واستخدام اللغة الإنجليزية؟” أما سبب ذلك فجوابه بسيط:”حساسية الموضوع تمنع من إدراجه ضمن أي مشروع قانون”.

وتقف سويسرا الروماندية، أي الناطقة بالفرنسية على الأخص، موقفا معارضا لتعزيز أهمية اللغة الإنجليزية في مدارسها على حساب اللغة الألمانية، وهو الموقف الذي لا تشاطرها فيه المناطق الناطقة باللغة الألمانية.

ربما لذلك يدعو السيد ريس تلك المناطق إلى تعزيز موقع الفرنسية كلغة أجنبية ثانية، بدلا من الانجليزية، وهي دعوة لم تجد على ما يبدو أي استجابة، كما تدل القرارات التعليمية الاخيرة في بعض المناطق الناطقة بالالمانية.

صراع قوة عالمي!

وفي الوقت الذي يرى فيه البعض تعليم اللغة الإنجليزية خطرا على الوحدة السويسرية الوطنية، يعتقد السيد جرين في المقابل أن الخطر الحقيقي لا يكمن على المستوى الوطني، بل على المستوى الدولي.

فالمتحدثون باللغة الإنجليزية (باعتبارها لغتهم الأم)، عادة ما يترأسون المنظمات والشركات الدولية. وفي هذا الصدد يقول السيد جرين، “تتمثل المشكلة، عندما نميز لغة ما باعتبارها وسيلة الاتصال الدولية بين أشخاص يتحدثون لغات مختلفة، في عملية نقل القوة التي توحي بها… والمسألة لا تتعلق فقط بنقل القوة، بل أيضا النفوذ والمال، في اتجاه المتحدثين بتلك اللغة”.

في كل الأحوال، يعبر السيد جرين عن ثقته بأن سويسرا ستحافظ على تقاليدها كدولة متعددة اللغات، رغم النفوذ المتصاعد للغة الإنجليزية: “لقد تمكنت الكنفدرالية من اجتياز اختبار الزمن. صحيح أن هناك حاجة لسياسة أكثر تناسقا، لكني أعتقد أن الأشياء تأتي في أوقاتها المقررة. كما آمل أن الناس سيمتلكون المقدرة على إدراك أن هناك بعض الأشياء التي يجب الحفاظ عليها ودعمها – وأحدها هو التعدد اللغوي”. وكما هو واضح من إجابته، فإن ثقة السيد جرين تبدو كما لو كانت تدخل في نطاق الأمنيات لا الواقع.

إلهام مانع – سويس إنفو

نحو 64% من السويسريين يتحدثون الألمانية، في مقابل 19.5% يتحدثون الفرنسية، و6.6% الإيطالية، وأقل من 0.5% ممن يتحدثون الرومانشية
أكثر من 9% من السويسريين سجلوا لغة أخرى كلغتهم الأم، وذلك مقارنة بنسبة 0.5 % عام 1950
يهدف مشروع قانون جديد إلى تعزيز وحماية لغات سويسرا الأربع
تعتزم ثمانية كانتونات، ناطقة باللغة الألمانية، تدريس اللغة الإنجليزية قبل البدء في تعليم الفرنسية

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية