مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إسرائيل تجنح نحو اليمين.. والحرب؟

لم تسمح الإنتخابات الإسرائيلية الأخيرة بتوضيح الصورة المستقبلية للوضع السياسي في البلاد Keystone

ثلاثة أسئلة كُـبرى أثارَها الصّعود اليميني المتطرّف الجديد، الذي أسفرت عنه الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة:

الأول، من سيكون الحاكِـم سعيداً في حكومة الدولة العبرية، بعد أن تفوّق كاديما بفارِق مقعد واحد (28 مقعداً) على الليكود (27 مقعداً)؟

الثاني، أيّ مضاعفات لهذا الصعود على العلاقات الإسرائيلية – الأمريكية، خاصة في ضوء تمسّـك إدارة أوباما بخيار الدّولتين الإسرائيلية والفلسطينية؟

والثالث، لماذا يُـواصل المجتمع الإسرائيلي المَـيل نحو التطرف والعنف، على رغم الحروب المتّـصلة التي خاضها ولا يزال منذ 60 عاماً؟ فلنبدأ مع التساؤل الأول.

يمين.. ويمين

أظرف نُـكتة، هي أن يُـقال الآن بأن فوز حزب كاديما الطّفيف، يعني أن الإسرائيليين انحازوا إلى الوسط أو يمين الوسط، بعيداً عن اليمين المتطرّف.

لماذا هي نكتة؟ لسببين: الأول، لأن كاديما، كما يجب التذكير به، هو حزب الصّقر الشهير أرييل شارون، الذي انشقّ عن الحزب الأمّ الليكود لأغراض شخصية – انتخابية بحتـة، لا لأسباب إيديولوجية أو فكرية. والثاني، أن الفائِـز الحقيقي، عدَدياً، هي الأحزاب اليمينية الدِّينية والقومية المتطرِّفة، التي ستُـسيطر في الكنيست الجديد على ما بين 63 إلى 65 مقعداً.

وإذا لم تتمكّـن تسيبي ليفني من إقناع بنيامين نتنياهو بتداول رئاسة الحكومة بينها وبينه، في إطار تحالُـف ثلاثي يضُـم الليكود وكاديما والعمل، سيكون نتنياهو قادراً بـ “مشيئة الله”، كما قال، على تشكيل حكومة يمينية صافِـية بدعم من الحركة العُـنصرية الفاشية “إسرائيل بيتنا”.

لكن، وكيفما جرَت الأمور بعد الانتخابات، ثمّـة أمر واحد مؤكّـد: إسرائيل ستضع مشروع السلام مع الفلسطينيين (ومعه حلّ الدولتين) على الرفّ، حتى لو بدا أنها تتفاوض معهم بفعل الضغط “الأوبامي” المتوقّـع عليها. الشلل هنا، سيكون سيِّـد الموقف، وهو شللٌ سيتغذّى إلى حدٍّ كبير من الشّـرخ الكبير، الذي قصَـم ظهر الحركة الوطنية الفلسطينية، فقسم السلطة الفلسطينية إلى سلطتين وإيديولوجيتين، في غزّة والضفة الغربية.

هذه نقطة. وثمة نقطة ثانية لا تقل أهميّـة: أمريكا والغرب عموماً، سيطل على نتائج الانتخابات بصفتِـها شأناً داخلياً إسرائيلياً قرّرته الديمقراطية الإسرائيلية وستقبل به كما هو، كما ستُـقر بمضاعفاته كما هي، وهي مضاعفات لا تقل عن كونِـها توجّهاً نحو التطهير العِـرقي لنحو مليون ونصف المليون فلسطيني في أراضي 48، كما يطالب حزب ليبرمان “إسرائيل بيتُـنا”، أو نسف ما تبقى من فُـرص إقامة دولة فلسطينية وسلام، عربي – إسرائيلي، كما يجاهر حزب نتانياهو اللِّـيكودي أو استيطان كلّ أراضي إسرائيل الكُـبرى الممتدّة من النِّـيل إلى الفُـرات، كما لا تزال تدعو الأحزاب الدِّينية والقومية المتطرِّفة المتحالِـفة مع اللِّـيكود.

وبالطبع، لو أن مِـثل هذه المطالب والدّعوات جاءت خلال انتخابات ديمقراطية عربية (كما حدث في غزّة مع حماس، وقبلها في مصر مع الإخوان المسلمين، وقبل مصر في الجزائر مع جبهة الإنقاذ الإسلامية) لأعتُـبِـر ذلك في واشنطن وبروكسل اعتداءً على الديمقراطية من جانب مُـجتمعات عربية، لا ليبرالية ومحبّـذه للتطرف والعُـنف.

لكن هذه إسرائيل، ليست أي دولة عربية، ويبدو أن ما يحق لديمقراطية الدّولة العِـبرية لا يحِـق لغيرها. فلا أحد في الغرب يُـمكن أن يجرُؤ، مثلاً، على مطالبة نتانياهو بالاعتراف أوّلاً بوجود الشعب الفلسطيني وكِـيانه الوطني، ونبذ العنف قبل التّـفاوض معه، كما يفعل الغرب الآن مع حماس، ولا أحد في هذا الغرب يُـمكن أن يعتبِـر فوز “إسرائيل بيتنا” وبقية السّـرب اليهودي المتطرّف، وصمة عار في جبين الديمقراطية، فيدعو إلى إلغاء الانتخابات، بل وِساماً يُـعلّق على صدرِها.

هذه الازدواجية لا تفسير لها سوى ذلك المستند إلى النّـكتة. فحين يتحوّل كاديما “الشاروني” المنفِّـذ لخُـطط الجدار العازل وتهويد القدس واستيطان ما تبقّـى من الضفة الغربية وتدمير غزّة، إلى حزب وسطي ومعتدِل، لا يبقى أمامَ المراقبين سوى وصف طالبان المُـلا عمر وقاعدة بن لادن والظواهري، بأنهم ذِروة الوسطية والاعتِـدال في العالميْـن، العربي والإسلامي.

من قال إن النّـكتة ليست هي الحاكم الحقيقي و”السعيد” في هذا الشرق الأوسط التّـعيس؟

وداعاً للتّـسوية الفلسطينية

نأتي الآن إلى السؤال الثاني لنقول إن العودة المجلّـلة “للجابوتنسكية” (أي التيار العُـنفي اليميني المتطرّف، الذي أسسه زئيف جابوتنسكي في أوائل القرن العشرين)، إلى قُـمرة القيادة الإسرائيلية – الصهيونية، ستعني أمراً فورياً واحداً: وضع التسوية الفلسطينية في الثلاجة من الآن وحتى إشعار آخر، سواء تحالف الليكود وكاديما والعمل أو تمّ تشكيل حكومة يمينية نقية.

ففي كلا الحالتين، سيكون اللِّـيكود قادراً على وقف أي تقدّم في اتِّـجاه حلّ الدّولتين، حتى ولو اقتصر الأمر على “التّـفاوض من أجل التفاوض”، وهذا لسبب مهِـمّ: الليكود لا يؤمِـن بحلِّ الدّولتين، وهو يطرح حلاّ يدعو إلى “تثقيف وتعليم وتحضير (من حضارة) الفلسطينيين لمدّة 25 عاماً، في مجالات السياسة والإدارة والاقتصاد، قبل بدء التَّـفاوض معهم، ليس حول الدّولة الفلسطينية، بل حول حُـكم ذاتي محدود.

كتب يشييل لايتر، المساعد الأيمن لنتنياهو في اللِّـيكود: “كل مفهوم أوسلو فُـرِض علينا من فوق، في حين أن السلام يجِـب أن يأتي من تحت، يجب أن نعطي الفلسطينيين حكُـماً ذاتياً محدوداً، وبعد 25 سنة، سنرى إلى أين ستسير الأمور. يجب أن “نبني” جِـيلاً جديداً من الفلسطينيين، في الوقت نفسه الذي نضُـم فيه ثلاثة مناطق في الضفة: منطقة الكُـتل الاستيطانية والمناطق الأمنية ومناطق المياه”.

وِفق هذه الخطّـة، سيتم ضمّ 50% من أراضي الضفّـة الغربية إلى إسرائيل، على أن يُعطَـى الباقي، أي نحو 1000 ميل مربّـع من الأراضي الجرداء والعطشى للمياه، إلى الفلسطينيين “الذين سيتِـم تثقيفهم وإعادة تشكيلهم” على مدى رُبع قرن!

هذا الانسداد الكامل لأفق أي تسوية فلسطينية في إطار خِـيار الدّولتين، شكّـل صدمة للرئيس الأمريكي الجديد أوباما، الذي سارع يوم الأربعاء 11 فبراير، وفَـور صُـدور نتائج الانتخابات الإسرائيلية، إلى الاتِّـصال بشمعون بيريس لـ “حثِّـه على مواصلة الالتزام بخِـيار الدّولتين”.

بيد أن هذا سيكون من الآن فصاعدا، مجرّد تفكيرِ رغائبي، إذ حتى في ظلِّ حكومة كاديما – العمل، كان خيار الدّولتين يتبدّد هَـباء منثوراً، بفعل وتائر الاستيطان اليهودي العالية في الضفّة والقدس، من جِـهة، وأيضاً بسبب انشِـطار السلطة الفلسطينية إلى سُـلطتين، في غزّة والضفة.

هل هذا يعني أن أي حكومة جديدة قد يشكِّـلها اللِّـيكود ستسير في خطّ صِـدامي مع إدارة أوباما؟ ليس بالضرورة. فما يفرّقه السلام، قد تجمعه الحرب أو على الأقل استراتيجيا الحرب.

بكلمات أوضح: أوباما ونتانياهو قد يختلِـفان على مسألة السّلام في فلسطين، لكنهما قد يتّـفقان على قضية المُـجابهة مع إيران لمنعها من حِـيازة الأسلحة النووية ومن مواصلة إقامة إمبراطوريتها الإقليمية الجديدة في الشرق العربي.

لقد أعلن نتانياهو مِـراراً وتِـكراراً قبل الانتخابات وخلالها أن “أولويته الأولى ومهمّـته الأولى، ستكون منع إيران من التحوّل إلى قوّة نووية”، وهذا رأي يُـقرّه أوباما وسيعمل من أجله عبر ما أسماه “الدبلوماسية الصّـارمة” المُـعتمدة على كلٍّ من العصا والجزرة في آن.

وفي الأسبوع الماضي، أبلغ نتانياهو “جيروزاليم بوست”، أنه كرّس كل محادثاته مع أوباما، خلال زيارة هذا الأخير لإسرائيل عشية الانتخابات الأمريكية لبحث الملف الإيراني، وأنه حثّه على وضع قُـيود زمنِـية على حِـواره مع إيران، يتِـم بعدها بحث الخِـيار العسكري، في حال فشلت المفاوضات الدبلوماسية.

بيد أن هذا الاتِّـفاق على الاستراتيجيات قد لا يكون كافياً لتلبية الحاجات التكتيكية للولايات المتحدة، التي تحتاج إلى “إنجاز ما” تُـقنع به العالميْـن، العربي والإسلامي، بأن شيئاً ما تغيّـر في البيت الأبيض إزاء الشرق الأوسط، بعد رحيل بوش.

هنا يطرَح المحلِّـلون الغربيون (الغارديان، واشنطن بوست – 12 فبراير 2009)، احتمال أن يلجأ نتانياهو إلى استئناف المفاوضات حول معاهدة سلام مع سوريا (رغم رفضه خلال الحملة الانتخابية الانسحاب من الجولان)، كوسيلة لتخفيف الضّـغط الأمريكي عليه من ناحية، وللتمكّـن من مواصلة قَـضم الضفة الغربية من ناحية ثانية، ولمواصلة عزل إيران من ناحية ثالثة.

ويُـعيد المراقبون إلى الأذهان أن نتايناهو حين كان رئيساً للحكومة قبل عشر سنوات، اتّـصل بسوريا عبر موفد لبحث فُـرص السلام وأنه قد يسعى إلى تحيِـيد هذه الأخيرة الآن، في حال قرّرت حكومته اليمينية استئناف الحرب على غزّة ولبنان.

هذا الخِـيار الأخير، أي استئناف الحربيْـن، توقّـعهما بقوّة آرون ميلر، المفاوض الأمريكي السابق في محادثات السلام الشرق أوسطية، حيث قال الأسبوع الماضي: “إن نتائج الانتخابات الإسرائيلية أشبَـه بلافتات المُـنتجعات التي يُـكتب عليها “مُـغلق بسبب انتهاء الموسم”.

والآن، وحتى لو تشكّـلت حكومة وِحدة وطنية عامّـة في إسرائيل، فإنها ستكون قادِرة على تحقيق إجماع سريع حول القِـيام بعمليات عسكرية ضدّ حماس أو حزب الله، كما حدث خلال الغزْو الأخير لغزّة، رغم تبايُـن مواقِـف أعضائها حول السلام”، وأضاف ميلر: “ستتشكّـل في إسرائيل حكومة تكون جيِّـدة لصُـنع الحرب لا لصُـنع السلام”.

جذور التطرّف

هذا الاستنتاج الأخير، يقودنا إلى سؤالنا الموالي: لماذا هذا التطرّف المتواصل في المجتمع الإسرائيلي؟ لندع مفكِّـراً إسرائيلياً، هو ماكسيم غيلان، الكاتب والصحفي والشاعر الإسرائيلي المعروف، يردّ على هذا السؤال. فقد أورد غيلان في مقابلة مؤخّـراً مع دورية “إيكزيكيوتيف إنتليجنس ريفيو”، النقاط الرئيسية الآتية:

في إسرائيل، هناك مجتمع يتحكّـم الجيش (خاصة هيئة الأركان) بمصائره السياسية والاقتصادية والدِّينية. في هذا الجيش، تُـوجد أخطر عصبة من الرّجال على وجه الأرض. ليس هناك على وجه البسيطة قادة وجنرالات متطوّرون للغاية ويمتلِـكون كميّـات هائلة من أسلحة الدّمار الشامل، كما في إسرائيل. إنهم متطرِّفون للغاية وقوميون متعصِّـبون للغاية.

ثمة أنظمة مجنونة أخرى في العالم، لكن ليس كما في النظام الإسرائيلي. فهذا الأخير يعتبِـر “العالم كله ضدّنا” ويعلّم أطفاله أغنِـية تقول هذا الشيء بالذّات. ليس ثمّـة دولة أخرى كإسرائيل، تهدّد بتدمير العالم من خلال حرب نووية أو من خلال ارتكاب انتحار جماعي (عُـقدة الماسادا). نعم، الإسرائيليون يستطيعون تدمير العالم أو إشعال حرب عالمية تدمِّـره. والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية تمتلك الوسائل الضرورية لذلك.

كيف وصل جنرالات إسرائيل إلى هذا الجنون والتعصّـب؟ ليس فقط بسبب مرض العظَـمة – الاضطِـهاد، بل لأنه منذ 50 عاماً تمّ خلْـق وضع عاشَ فيه المُـجتمع الإسرائيلي على المساعدات الخارجية.

في البدء، كان يهود العالم هم الذين يساعدون إسرائيل على تعزيز مواقِـعها، لكن خلال الأربعين سنة الماضية، كانت المساعدات تأتي، أساساً ورسمياً، من الولايات المتحدة في شكل مساعدات عسكرية، يقال أن قيمتها 3،1 مليار دولار سنوياً، لكن الرقم الحقيقي يتراوح بين 16 إلى 17 مليار دولار سنوياً، وهذا خلق علاقة عُـضوية تقوم إسرائيل بمُـوجبها باستلام الأموال لشِـراء الطائرات الدفاعية – الهجومية والتكنولوجيا والمعلومات الاستخباراتية، ثمّ تستخدِم هذه الأموال لتمويل الشركات الأمريكية الكُـبرى، عبر وسطاء في وزارة الدّفاع أصبحوا من أصحاب الملايين والمليارات.

هذه العلاقة تستند في بقائِـها على ضرورة وجود حربٍ دائمة. الأسلحة والتكنولوجيا العسكرية المتطوّرة، تستدعي الحرب، وهي تُـفيد الجانبين، الإسرائيلي والأمريكي. والحال، أن هيئة الأركان الإسرائيلية وقيادة الطّـيران، لها مصلحة خاصة في استمرار حال الحرب في الشرق الأوسط، لأن سُـلطتها وأرباحها ستتبخّـر في حال السِّـلم”… انتهى الإقتباس من مقابلة المفكر الإسرائيلي ماكسيم غيلان مع الدورية الأمريكية.

أي سلام؟ منطق مقنع؟

أجل، وكثيراً أيضاً، خاصة حين نُـضيف إليه العوامل الإيديولوجية القومية والدِّينية المتعصِّـبة والمستنِـدة إلى كلٍّ من تعاليم التَّـلمود وتعليمات الحركِـية الصهيونية، اللّـذين يقسِّـم كِـلاهما العالم إلى شطرين: اليهود وغير اليهود (الغوييم)، شعب الله المختار وعبيد الله غير المختارين، هذا ما يتعلّـمه تلاميذ إسرائيل في المدارس، وهذا ما يشبـّون عليه في جيش الدِّفاع الإسرائيلي (كل الإسرائيليين جنود احتياط في القوات المسلحة)، وبالطبع، حين تكون الصورة على هذا النحو، يصعُـب للغاية تصوّر قيام سلامٍ في الشرق الأوسط، لا الآن ولا بعد 60 سنة أخرى!

سعد محيو – بيروت

القدس (رويترز) – تعتزم اسرائيل ان تعلن يوم الخميس 12 فبراير، النتائج النهائية لانتخاباتها البرلمانية غير الحاسمة، بعد فرز أصوات الجنود التي قد ترجّـح كفّـة طرف في المعركة الدائرة على زعامة البلاد. وما زال في الميزان أكثر من 150 الف صوت انتخابي، أدلى غالبية اصحابها بأصواتهم في مراكز اقتراع في معسكرات الجيش، بالاضافة الى السجون والبعثات الدبلوماسية بعد الانتخابات البرلمانية التي جرت يوم الثلاثاء 10 فبراير، وجعلت فرص التوصل الى سلام بين اسرائيل والفلسطينيين أبعد ما تكون.

ولاحظ محللون سياسيون تحولا الى اليمين من جانب الجنود الاسرائيليين في انتخابات سابقة، ويقولون ان هذا قد يساعد بنيامين نتانياهو، الزعيم المتشدد لحزب الليكود اليميني، الذي ينازع تسيبي ليفني، وزيرة الخارجية الاسرائيلية وزعيمة حزب كديما الوسطي على الفوز في الانتخابات ومنصب رئيس الوزراء القادم. واتجهت اسرائيل صوب طريق سياسي مسدود يوم الاربعاء، بعد أن أعلن كل من ليفني ومنافسها نتانياهو الفوز بانتخابات البرلمان الاسرائيلي (الكنيست). وأظهرت نتائج الفرز في مراكز الاقتراع المدنية، فوز حزب كديما بـ 28 مقعدا مقابل 27 مقعدا لحزب الليكود في الكنيست، المؤلف من 120 مقعدا، وهو هامش ضئيل قد يتغيّـر بعد إضافة نتائج أصوات الجنود الاسرائيليين الى المعادلة الصعبة.

ويقول نتانياهو، انه سيقود “المعسكر القومي” في البرلمان، بعد ان حصلت الاحزاب اليمينية معا على 64 مقعدا، وقال ان انتخاب هذه الكتلة اليمينية القوية، يعني انه يجب ان يصبح رئيس وزراء اسرائيل القادم. ومن جانبها قالت ليفني، ان من حقها ان تصبح رئيسة للوزراء، لأن حزب كديما الذي تتزعمه، يشغل أكبر عدد من المقاعد في الكنيست. وسيكون على الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريس، بعد التشاور مع زعماء الاحزاب، ان يختار من سيشكل الحكومة الائتلافية القادمة، هل هو نتنياهو (59 عاما) وهو رئيس وزراء أسبق ام ليفني (50 عاما)، التي قادت مفاوضات السلام مع الفلسطينيين؟

ويقول معلِّـقون سياسيون انه إذا لحق نتانياهو بليفني بعد فرز باقي الاصوات، لن يكون أمام بيريس على الارجح، سوى ان يكلف زعيم الليكود بتشكيل الحكومة الاسرائيلية القادمة. وأعلن متحدث باسم اللجنة الانتخابية الاسرائيلية ان النتائج النهائية ستعلن في مؤتمر صحفي يوم الخميس. وستصبح نتيجة الانتخابات رسمية يوم 18 فبراير بعد نشرها في صحيفة الحكومة. وسيكون أمام بيريس حينها أسبوع لتكليف أي من نتنياهو او ليفني بتشكيل الحكومة، وسيكون أمام من يكلّـف بتشكيل الحكومة، مهلة 42 يوما لانجاز المهمة الصعبة.

وفيما بدأت الاحزاب السياسية يوم الاربعاء التفاوض بشأن اتفاقات محتملة، ذكرت وسائل اعلام اسرائيلية أن بيريس لن يجد خيارا أمامه سوى توجيه الدعوة الى نتانياهو، اذا ساندته كل الاحزاب اليمينية، لكن هذه ستكون المرة الاولى خلال 60 عاما هي تاريخ اسرائيل، لا يحصل فيها الحزب الفائز في الانتخابات على فرصة لتشكيل الحكومة. وظهر أفيغدور ليبرمان، الذي تقدم حزبه اسرائيل بيتنا اليميني المتطرف المناهض للعرب، للمركز الثالث كطرف قادر على التأثير على ميزان القوى. وقال ليبرمان يوم الأربعاء “نريد حكومة قومية. نريد حكومة يمينية… ولا نخفي ذلك… من الواضح أننا بحاجة لتشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن. اسرائيل أصيبت بالشلل لنصف عام… قد لا يدرك كثير من الناس ذلك، ولكننا ما زلنا دون ميزانية… وسط أزمة مالية عالمية”. واجتمع ليبرمان مع ليفني ونتنياهو يوم الاربعاء، ويبدو مفضلا للاخير وان أرجأ اتخاذ اي قرار. اما حزب شاس المحافظ وهو طرف اخر يمسك بميزان القوى فقد أجرى محادثات مع الليكود. ويوم الخميس قال داني ايالون، وهو من بين 15 مرشحا لحزب اسرائيل بيتنا انتخب للبرلمان، “في الوقت الراهن كل شيء متاح”.

وظل نتانياهو متقدِّما في استطلاعات الرأي الى ان شنّـت حكومة ايهود اولمرت هجوما عسكريا على قطاع غزة لمنع نشطي حركة المقاومة الاسلامية (حماس)، التي تسيطر على القطاع والفصائل الاخرى من اطلاق الصواريخ على بلدات اسرائيل الجنوبية.

وسقط في الهجوم الذي استمر 22 يوما 1300 قتيل فلسطيني كما قتل 13 اسرائيليا، لكن الحملة حظيت بتأييد شعبي كبير. واستؤنفت الحملة الانتخابية، بعد اعلان وقف اطلاق النار في 18 يناير، حيث واصلت اسرائيل محادثات غير مباشرة مع حماس بوساطة مصرية بشأن وقف اطول امدا لاطلاق النار. وقادت ليفني العام الماضي محادثات سلام مع السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وستحاول احياءها، اما نتانياهو فهو أقل حماسا تجاه فكرة التخلي عن أراض محتلة للفلسطينيين والحد من الاستيطان اليهودي. ومن المرجح أن يضع ليبرمان والاحزاب الدينية في أي ائتلاف، شروطا مستحيلة فعليا للتوصل الى اتفاق سلام. وقالت السلطة الفلسطينية، التي تحكم الضفة الغربية المحتلة، ان من سيتولى المسؤولية في اسرائيل في نهاية المطاف، ايا كان، ملزم بمواصلة المحادثات وبالوفاء بالالتزامات الدولية.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 12 فبراير 2009)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية