مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إطلاق حملة جديدة في سويسرا لمكافحة “ختان الإنـاث”

Reuters

"ختان البنات من منظور مؤسسات حقوق الإنسان ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسيف ومنظمة الهجرة العالمية": هذا هو موضوع الندوة التي نظمت يوم 6 فبراير الجاري في جنيف بمناسبة اليوم العالمي لعدم التسامح تجاه هذه الممارسة.

الملفت أن عملية ختان البنات لم تعد ظاهرة مقتصرة على عدد محدود من البلدان بل إن بلدا مثل سويسرا أصبح يتخذ إجراءات في هذا المجال بسبب تزايد أعداد المهاجرين الوافدين إليه من بلدان مثل الصومال وإثيوبيا وأريتريا.

“اليوم العالمي لعدم التسامح فيما يتعلق بختان البنات” هذا العنوان الطموح جدا قد لا يتناسب مع واقع لم يساعد التمسك بالتقاليد والأعراف في عدة بلدان من العالم من التخفيف من حدته. إذ تشير الإحصايات الأممية الى أن ما بين 100 و 140 مليون سيدة في 28 بلدا يوجد أغلبها في إفريقيا، وفي العديد من بلدان الهجرة، تعرضن لعملية ختان.

وهذه الظاهرة لا تنجو منها حتى دول بعيدة كل البعد عن هذه التقاليد مثل سويسرا التي أشارت دراسة أجراها صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة في عام 2004 الى أنه يقيم بها ما بين 10 و 12 الف إمرأة منحدرة من بلدان تمارس فيها هذه العادات. وأن ما بين 6 و 7 آلاف سيدة تعرضن أو هن عرضة لمثل هذه الممارسات خصوصا في الأنحاء الغربية المتحدثة بالفرنسية من البلاد.

وفي محاولة جديدة للتحسيس بهذه المشكلة عالميا وفي داخل سويسرا، نظمت بمناسبة اليوم العالمي للتصدي لهذه الممارسة مائدة مستديرة بمشاركة المنظمة العالمية للهجرة واتحاد البرلمانات الدولي واليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية وممثلين عن الحكومة المحلية لكانتون جنيف.

كما أطلق الفرع السويسري لمنظمة اليونيسيف حملة وطنية تحمل شعار “أوقفوا الختان” تستمر إلى يوم 8 مارس القادم، الذي يُصادف اليوم العالم للمرأة. وسيتم في إطارها عرض تجارب أجريت في افريقيا وأوروبا لوضع حد لهذه الممارسة يومي 21 و22 فبراير في العاصمة برن. أما في بداية شهر مارس، فستقوم الكاتبة الصومالية فاطمة كورن (التي مُورس عليها الختان) بجولة في بعض المدارس السويسرية لعرض تجربتها.

تعددت الطرق..

ورد في تعريف ختان البنات على موقع صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة أنه تعبير يقصد به “كل العمليات التي تهدف لإزالة جزء أو كل الأقسام التناسلية الخارجية للفتاة”. وتمس هذه الظاهرة ما بين 100 و 140 مليون سيدة في العالم وتذهب ضحيتها سنويا مليونا فتاة على الأقل.

وفي ظل تعدد التسميات والممارسات، فإن الهدف من وراء هذه الممارسة يتمثل – برأي معنيين بهذا الملف – إما في التحكم في الرغبة الجنسية الأنثوية لدى البعض، أو كعامل اندماج اجتماعي مثلما هو ممارس في بعض القبائل. وفيما يرى بعضهم أن العملية تمثل تطهيار لنجاسة، يعتقد آخرون أن عملية الختان تمثل عامل تدعيم للإخصاب وتساعد على تجنب وفيات المواليد.

وبخصوص من يرى في الختان عملية دينية، فإن الآراء حول هذا الموضوع لدى المسلمين على الأقل ما زالت متضاربة بحيث أن واقع الأمور يشير إلى أن ممارستها لا تجري إلا في البلدان ذات السكان من أصول إفريقية فحسب.

انتهاك للحقوق…

ومهما تعددت الأهداف التي تمارس عملية ختان الفتيات من أجلها، فإنها تبقى في نظر المحافل الدولية المعنية بحقوق الإنسان عملية عنف تمارس ضد الفتيات، وتصرفا تمييزيا. لذلك ورد شجبها وتحريمها في عدد من المعاهدات مثل المعاهدة المتعلقة بكل أنواع التمييز ضد المرأة التي تحث في مادتها الثانية الدول الأعضاء على “إدانة كل عمليات التمييز ضد المرأة”، وتذهب في مادتها الخامسة الى حد حث الدول الأعضاء على “إدخال تغييرات على التصرفات الاجتماعية والتقاليد بهدف وضع حد للتصرفات المروجة لتفوق وعلو أحد الجنسين على الآخر”.

وفي معاهدة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، تحث المادة 19.1 الدول الأعضاء على اتخاذ كل التدابير لحماية الطفل من كل أنواع العنف حتى وهو تحت رعاية أبويه أو وليه.

كما تحث معاهدة حقوق الطفل في مادتها 24.3 الدول الأعضاء على اتخاذ التدابير الفعالة والملائمة لإلغاء الممارسات التقليدية المضرة بصحة الطفل. وتنص في المادة 37 أيضا على عدم إخضاع الطفل للتعذيب أو للمعاملات المخلة أو غير الإنسانية.

… ومساس بالصحة

كما يُنظر إلى ختان البنات من طرف المنظمات الأممية المختصة وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، على اعتبار أنها ممارسات “تخلف أضرارا كبرى بصحة الفتاة”.

وفي ندوة جنيف التي انعقدت يوم 6 فبراير 2008، شددت السيدة ليلي باتهيجا من منظمة الصحة العالمية على أن لعملية الختان “أضرارا آنية وأخرى على المدى البعيد”، ومن من الأضرار الآنية ما تعانيه الفتاة أثناء العملية وما قد ينجم عنها من نزيف وصدمة وانتفاخ وتعفن قد يمس باقي الأنسجة المجاورة.

وترى الخبيرة الأممية أن 50% من حالات الختان تتطلب عملية إضافية نظرا لعدم التمكن من علاج الأعراض الجانبية. وعلى الرغم من ندرة الدراسات المتوفرة في هذا المجال إلا أن من الأعراض المترتبة عن عملية الختان “حدوث تعفن في بعض الأقسام الجنسية، وتخوف من العملية الجنسية عموما”، حسب خبيرة منظمة الصحة العالمية.

ومع إقرار الخبيرة باللجوء المتزايد إلى المراكز الطبية في بعض البلدان لممارسة عملية ختان البنات، مراعاة للظروف الصحية، إلا أنها أوضحت أن المنظمات الأممية “تدين هذا اللجوء للمراكز الصحية لأن ذلك يعمل على استمرار تقاليد الختان”.

وإذا كان هذا الموضوع محط اهتمام من قبل المنظمات الدولية وبالأخص في بعض البلدان الغربية، فإن الأمم المتحدة تعتزم تنظيم ملتقى دولي إقليمي في أفريقيا في موفى شهر أبريل القادم للاطلاع على التقدم المسجل عالميا في هذا الإطار.

محمد شريف – سويس إنفو – جنيف

طِـبقا لإحصائيات صادرة عن منظمة الصحة العالمية، تعرض ما بين 100 و140 مليون امرأة وفتاة لعمليات تشويه للأعضاء التناسلية.

وتقول منظمة اليونيسف، إن 3 ملايين من الفتيات الصغيرات اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 4 و12 سنة، يتم ختانهن في كل عام.

كما تشير تقديرات اليونيسف إلى أن حوالي 7000 امرأة أو فتاة تعرّضن للختان، تقيم حاليا في سويسرا، ونيقدم معظمهن من الصومات وإثيوبيا وإيريتريا.

نتيجة لحركة الهجرة، أصبح خنات الإناث يمارس اليوم في القارة الأوروبية أيضا، وهي محظورة قانونا بالخصوص في النمسا وبلجيكا وفرنسا والدنمارك وبريطانيا والنرويج وإسبانيا والسويد.

أظهرت دراسة أنجزها صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (يونيسيف) في عام 2004 أنه يوجد في سويسرا ما بين 10 و 12 ألف سيدة وفتاة منحدرة من بلدان تمارس بها تقاليد ختان الإناث. وتضيف الدراسة بان ما بين 6 و 7 ألاف بنت تعرضت أو هي عرضة لكي تمارس عليها عملية ختان الإناث.

ويقع تركيز الفتيات اللواتي يعتبرن عرضة لختان البنات في منطقة سويسرا الناطقة بالفرنسية نظرا للتركيز الموجود للاجئين القادمين من الصومال وإثيوبيا وأريتريا والذين شهدت المنطقة توافدهم منذ الستينات.

ومع تعاظم الوعي لدى الدول الغربية المستقبلة لهذه الهجرة ومن ضمنها سويسرا، بخطورة ما يترتب عن تلك العملية من أضرار صحية، أصبحت مشكلة ختان الفتيات تعد من مشاكل الصحة العمومية. وهو ما دفع الى تكاثر ممارستها سريا او عند العودة أثناء العطل الى البلد الأصلي.

ونظرا لوعي السلطات بهذه الظاهرة، حضر اجتماع جنيف رئيس الحكومة المحلية لكانتون جنيف لاوران موتينو. كما قدمت جنيف ضمن فعاليات اليوم العالمي ورقة تحدثت فيها ممثلة الكانتون فابيان بينوين عن المشروع المشترك الذي تنجزه جنيف بالاشتراك مع المنظمة العالمية للهجرة منذ ثلاث سنوات. وهو المشروع الذي يهدف لتعزيز التوعية بالنسبة للضحايا، والعمل على تجنب تعرض المزيد من الفتيات لهذه الممارسات وذلك بتعزيز التكوين بالنسبة للأطباء المختصين، والممرضات المدرسيات.

ويقوم المشروع بتعزيز التوعية التي تستهدف الجاليات المعنية بهذه الظاهرة وذلك عن طريق وسيطات اجتماعيات تلقين تدريبا خاصا.

وأخيرا تقديم الدعم لمنظمات المجتمع المدني العاملة في بلدان تعرف ممارسة ختان البنات ومساعدة مشاريع تسعى لإدماج ضحايا هذه الممارسة مجددا في المجتمع.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية