مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اختيار الأمريكيين لأوباما يثير حماسة الصحافة السويسرية

في الصحف السويسرية الصادرة يوم 6 نوفمبر: عناوين حماسية وإطراء واسع في الافتتاحيات والتعاليق، وتساؤلات عن المستقبل swissinfo.ch

بعد انتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة، اهتمّـت الصحافة السويسرية بالبُـعد التاريخي للحدث، لكنها حذّرت من المبالغة في الآمال المعلّـقة على أول رئيس أسود يصِـل إلى البيت الأبيض.

طغت الإنفعالات والمشاعر المُـلتهبة والحماسة الفائقة على العناوين التي تصدرت الصفحات الأولى! وصورة مؤثّـرة، اختارت صحيفة “لوماتان”، الصادرة بالفرنسية في لوزان، أن توشِّـح بها كامل صفحتها الأولى للقِـسّ جيسّـي جاكسون، أول مرشّـح أسود لانتخابات رئاسية أمريكية والدموع تنهمر من عينيه…

صحيفة لوتون Le Temps، التي تصدر بالفرنسية في جنيف، اعتبرت أن “الحُـلم الأمريكي التهب مجدّدا في الرابع من نوفمبر، في الوقت الذي كُـنّـا بأشدّ الحاجة إليه”، وأضاف جون جاك روت، رئيس تحرير الصحيفة في افتتاحيته “لقد تغيّـر وجه أمريكا منذ اليوم، حيث يُـعيد انتخاب باراك أوباما، وبطريقة مُـدهِـشة، مصداقيتها وإشعاعها”.

الخُـطوة الأولى

من جهتها، اعتبرت صحيفة 24 ساعة، تصدر بالفرنسية في لوزان، أن عهدا جديدا يُـفتتح، ومع إقرارها بأن المهمّـة التي تنتظر المنتخب الجديد، ضخمة، إلا أن العالم أجمع، الذي يرغب بشدّة في أن يُـحبّ أمريكا مجدّدا، يفضِّـل أن يعتقد بأن ذلك ممكن.

الصورة نفسُـها وردت في صحيفة لوكوتيديان جوراسيان، التي تصدر بالفرنسية في دوليمون، حيث كتب محرر الافتتاحية يقول: “إن أمريكا الرائعة، التي انتخبت أوباما، هي التي نحبُّـها”، ورأت الصحيفة في هذا الانتخاب “خُـطوة تاريخية إنسانية وتصالحية، قد تكون أهمّ من الخُـطوة التي قام بها أمريكي فوق سطح القمر، قبل حوالي 40 عاما”.

صحيفة لاتريبون دو جنيف، الصادرة بالفرنسية في جنيف، تحدّثت عن “أمريكا الجديدة”، واعتبرت أن “أمريكا عائدة” وأنها التقت مجددا بأصدقائها وشركائها والمعجبين بها، كما أن هذا الانتخاب لرجل مُـلوّن في البيت الأبيض، ذو طابع تاريخي أكيد، خصوصا وأن “الرئيس والدولة التي يقودها، يتقاسمان نفس البصمة الجينية، أي بصمة الخلاسي”(المُـلوّن).

تسامُــح

بالنسبة لصحيفة “لونوفيليست”، التي تصدر بالفرنسية في سيون، فإن الحاجز العِـرقي هو الذي تحطّـم في الولايات المتحدة إثر انتخاب خِـلاسي (مُـلوّن) للرئاسة، وكتب رئيس تحرير الصحيفة يقول: “في بقية أنحاء العالم، من المؤكّـد أن العائلات التي تعاني من فِـقدان الأمل، تشعُـر بشيء خاصٍّ في هذه الساعات، التي يُـصنع فيها التاريخ”.

صحيفة لاليبيرتي، الصادرة بالفرنسية في فريبورغ، ذهبت إلى حدّ القول بأن الحدث يُـمثّـل “علامة (فارقة) في المسيرة الطويلة للبشرية نحو التسامح”، واعتبر محرر الافتتاحية أن انتخاب باراك أوباما، يكتسي قيمة الرّمز، وهو رمزٌ يزداد قوّة بعد ثمانية أعوام من “الصّـلف البوشي” (نسبة إلى الرئيس بوش).

صحيفة 24 ساعة، الصادرة بالفرنسية في لوزان، أقرّت بأنه بعد ثمانية أعوام من سلطة أثارت الإنقسام في البلاد، ومع انتهاء دورة اقتصادية وتوفّـر رغبة “تكاد تكون غير محسوسة من أجل التغيير”، فإن انتخاب أوباما حدث تاريخي، لكنه غير مُـستغرب.

الصحيفة نفسها، اعتبرت أن أوباما يُـجسِّـد الحُـلم الدائم للولايات المتحدة، الذي يتلخّـص في التفاؤل والثقة في مستقبلها وكتبت تقول: “لقد اختارت أمريكا أفضل ممثل لها، الشخص الذي ترى فيه نفسها”.

تحدّيات قادمة

هذه الآمال العريضة، التي عبّـرت عنها الصحف السويسرية، مهدّدة بالعديد من خيبات الأمل التي تبدو لمعظم المعلّـقين مبرمجة في المستقبل، حيث حرِصت العديد من المقالات على تِـعداد وإبراز التحدّيات التي تنتظر الساكن المقبل للبيت الأبيض.

صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ، الصادرة بالألمانية في زيورخ، اعتبرت أن انتصار أوباما لا يعني تفويضا من الشعب لإنجاز “ثورة” ديمقراطية، بل رأت فيه نتيجة للميراث الجمهوري ولحصيلة سنوات بوش الثمانٍ، وحذرت الصحيفة “إذا أخطأ أوباما في قراءة (هذا التحليل)، فهو يخاطر، على غرار بوش، بالتعثّـر والسقوط، بل إن عودة الرقاص ستكون سريعة، وقد لا تتجاوز انتخابات الكونغرس الجزئية في غضون عامين”.

صحيفتا لاكسبريس ولامبارسيال، الصادرتان بالفرنسية في نوشاتيل، كتبتا محذِرتين: “الأكثر استعجالا بالنسبة له، سيتمثل في مواجهة أزمة ذات تداعيات اجتماعية كارثية وعجزٍ هائل في المالية العمومية، سيضغط بثقله على جميع الملفات الأخرى على مدى سنوات”.

في نفس السياق، اختارت صحيفة لوجورنال دو جورا، التي تصدر بالفرنسية في بيل/بيين، عنوانا يُـلخِّـص الموقف، جاء فيه “الأعمال الاثنى عشر لباراك”، لوصف “المهمّـة الجبّـارة”، التي تنتظره، وعلى رأسها إعادة الثقة في الأسواق المالية. وتوقّـعت الصحيفة أن هذا الرجل، “الحامل لانتظارات كبيرة لدى مواطنيه، سيكون مُـضطرا (أو مُـرغما) على تخييبها”.

مستقبل غير واضح

صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الصادرة في زيورخ بالألمانية، تحدّثت بدورها عن نتيجة تاريخية، ونوّهت إلى أن عددا كبيرا من البيض صوّتوا لفائدة باراك أوباما، لأن لون بشرته لم يكن مرادفا لبرنامجه السياسي، لكن الأمريكيين اختاروا – من خلال هذا الانتخاب – مستقبلا مشكوكا فيه، حسب رأي الصحيفة، التي ركّـزت اهتمامها على قلّـة الخِـبرة، التي يتمتّـع بها سيناتور ولاية إلينُـوي.

من جهتها، اعتبرت صحيفة بازلر تسايتونغ، الصادرة في بازل بالألمانية، أن الولايات المتحدة، من خلال اختيارها لأوباما، “أرادت أن تغامر بقفزة كُـبرى”، لكنها استطردت مذكّـرة بأن الانتظارات المرتبطة بالرئيس الجديد، “تكاد تكون فوق طاقة البشر”.

في المقابل، تكهّـنت صحيفة سودأوست شفايتس، الصادرة بالألمانية في خور، بأن أوباما سينجح في إدارة هذا الميراث وإعادة جمع القِـطع المكسّـرة التي خلّـفها بوش وراءه، بفضل “طاقته الإيجابية” وصورته التي تثير إعجاب العالم، على غرار جون كينيدي.

صحيفة تاغس انتسايغر، الصادرة في زيورخ، اختارت وضع هذا الانتخاب في سياق الجدل القائم حاليا بين ظاهرة افتقار الأسواق والنشاط الاقتصادي عموما للقواعد الصارمة والرقابة الدقيقة وبين قوة الأداء والقرار السياسي، ونوّهت إلى أن الديمقراطية الأمريكية “أقامت الدليل على قدرتها الشهيرة على تجديد نفسها ومنحت مجددا لنظامها السياسي أساسا جديدا”، مضيفة بأن “انتخاب أوباما أعاد للشعب سيادته. حيث استعاد سيطرته الديمقراطية من أيدي الاقتصاد”.

أخيرا، اعتبرت صحيفة نويه لوتسرنر تسايتونغ، أن “الرئيس الجديد قد لا ينجح في بلوغ أهدافه في نهاية فترته الأولى”، ومع التأكيد على أن “الأمريكيين انتخبوا أوباما، للتخلّـص مما ارتكبته إدارة بوش”، استخلصت أن “المؤكّـد، هو أن الولايات المتحدة تشهد حاليا تغييرا باتجاه سياسة أفضل، لن تقتصر نتائجها على هذا البلد، بل على العالم أجمع”.

سويس انفو مع الوكالات

الانتخابات الرئاسية، التي أجريت يوم الثلاثاء 4 نوفمبر، كانت السادسة والخمسين في تاريخ الولايات المتحدة وأصبح أوباما على إثرها الرئيس الأمريكي الرابع والأربعين.

أول رئيس في تاريخ الولايات المتحدة، كان جورج واشنطن (1789 – 1796) من الحزب الفدرالي. وابتداء من عام 1854، عندما انتُـخب فرانكلين بيرس، هيمنت تشكيلتان كبيرتان على المشهد السياسي الأمريكي، وهما الحزبان الجمهوري والديمقراطي.

باراك أوباما، هو الممثل الخامس عشر للحزب الديمقراطي، الذي يصل إلى البيت الأبيض، أما الرؤساء الجمهوريون، فقد بلغ تعدادهم 19.

اقترن فوز باراك أوباما بالبيت الأبيض بنجاحات مماثلة للحزب الذي ينتمي إليه في مجلسي النواب والشيوخ. فللمرة الأولى، منذ عام 1992، سيُـسيطر الديمقراطيون في وقت واحد على البيت الأبيض ومجلس النواب ومجلس الشيوخ.

في انتخابات 4 نوفمبر 2008، دُعي المواطنون الأمريكيون إلى تجديد ثلث أعضاء مجلس الشيوخ (35 مقعدا) وكامل أعضاء مجلس النواب (435 مقعدا).

في مجلس الشيوخ، تمكّـن الديمقراطيون، الذين كانوا يتوفّـرون على 51 نائبا، من اقتلاع خمسة مقاعد إضافية على الأقل من الجمهوريين، لكنهم لم يتمكّـنوا من تحقيق الانتصارات التسعة الضرورية، للوصول إلى “رقم 60″، أي الحصول على الأغلبية التي تتيح السيطرة المطلقة على القرار في مجلس الشيوخ.

swissinfo.ch

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية