مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

استفتاء 25 سبتمبر سيكون .. حـاسـمـا!

سيقوم 150 من مفتشي الكانتونات بالتحقق من تلقي العمال لأجور تحترم الحد الأدنى الذي ينص عليه قانون الشغل Keystone

يـُحدث الإستفتاء القادم حول توسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص نحو الدول العشر الجدد في الاتحاد الأوروبي انقسامات حزبية في سويسرا.

فبينما يعدد المؤيدون بقيادة الراديكاليين والاشتراكيين والديمقراطيين المسيحيين مزايا فتح البلاد أمام دول أوروبا الشرقية، يثير حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد خطر تدفق المهاجرين والإغراق الاجتماعي.

أطلق ثلاثة وزراء سويسريين يوم الإثنين 4 يونيو في العاصمة الفدرالية برن حملة التأيـيد لتوسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص ليشمل الدول العشر الجدد في الاتحاد الأوروبي، أي استونيا، ليتوانيا، لاتفيا، بولندا، سلوفاكيا، سلوفينيا، الجمهورية التشيكية، هنغاريا، قبرص ومالطا.

ويدل تحرك ثلاثة أعضاء في الحكومة السويسرية (وزيرة الخارجية ميشلين كالمي راي، ووزير الاقتصاد جوزيف دايس ووزير العدل والشرطة كريستوف بلوخر) من أجل إقناع الرأي العام بموقف برن على الأهمية القصوى التي يكتسيها استفتاء 25 سبتمبر القادم في الكنفدرالية.

عمود الاقتصاد السويسري

فإذا ما رفضت أغلبية الناخبين وجهة النظر الحكومية، يـُتوقع أن تكون الانعكاسات السياسية والاقتصادية ثقيلة بالنسبة لسويسرا، لأن الاتفاقيات الثنائية الأولى والثانية المبرمة بين برن وبروكسل قد تتهاوى الواحدة تلو الأخرى كقصر من ورق تطلب بناءه سنوات طويلة…

وتجدر الإشارة على سبيل المثال إلى أن رزمة الاتفاقيات القطاعية الأولى التي وُقعت عام 1999 سمحت لصناعة الصادرات السويسرية بالوقوف على قدم المساواة مع نظيراتها الأوروبية. واستفادت سويسرا جيدا من هذا الامتياز بما أن الاتحاد الأوروبي هو حاليا أهم شريك تجاري لها وبما أن قطاع الصادرات تحول إلى العمود الرئيسي للاقتصاد السويسري بصفة عامة.

وقد تفسر هذه النقطة بمفردها التعبئة العامة التي شهدتها العاصمة الفدرالية برن يوم الإثنين لإطلاق حملة التأييد لتوسيع اتفاق تنقل الأشخاص، إذ تعتقد الحكومة والبرلمان أن التصويت بـ”نعم” يوم 25 سبتمبر سيعزز الاقتصاد السويسري مع ضمان مواقع العمل.

اتفاق يقتضي المعاملة بالمثل

ويعني توسيع الاتفاق أيضا ضمان حرية تنقل الأشخاص وحقوقهم. بعبارة أخرى، يمنح الاتفاق لنساء ورجال الدول العشر الذين انضموا إلى الاتحاد الأوروبي في 1 مايو 2004 (في حال تصويت السويسريين بـ”نعم”) حق العمل والدراسة في سويسرا مثلما هو الشأن بالنسبة لمواطني دول الاتحاد الأوروبي الخمسة عشر الذين استفادوا من اتفاق حرية تنقل الأشخاص ضمن حزمة الاتفاقيات القطاعية الأولى بين برن وبروكسيل التي دخلت حيز التطبيق في يونيو 2002.

ويفرض الاتفاق المتبادل مع الأعضاء العشر الجدد في الاتحاد الأوروبي بطبيعة الحال مبدأ المعاملة بالمثل، إذ سيتمكن السويسريون، أشخاصا وشركات، من العمل والدراسة في تلك الدول إذا ما رغبوا في ذلك.

مخاوف حقيقية

ويحظى مقترح توسيع الاتفاق بدعم قوي من الحكومة السويسرية وثلاثة أحزاب حكومية (الراديكاليون والاشتراكيون والديمقراطيون المسيحيون)، بالإضافة إلى أرباب العمل والنقابات.

ويُذكِّر رئيس الاتحاد السويسري لأرباب العمل رودولف شتامبفلي أن موطن عمل من بين ثلاثة يعتمد بصفة مباشرة أو غير مباشرة على الاتحاد الأوروبي.

أما رئيس اتحاد النقابات السويسرية بول ريشتاينر فأعرب عن اعتقاده أنه لا يمكن تصور سويسرا في المستقبل “البلد الوحيد في العالم الذي يفرق بصفة دائمة بين أوروبيين من درجة أولى وآخرين من درجة ثانية”.

ولئن كان خطر الإغراق الاجتماعي لسوق العمل – وما يصاحبه من خفض محتمل أو أكيد للأجور – حقيقيا وقائما بالفعل، فإن السيد ريشتاينر على قناعة بإمكانية محاربة تلك الضغوط بفعالية.

أما في معسكر الرافضين لتوسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص، فنجد حزب الشعب السويسري اليميني المتشدد ومنظمة العمل من أجل سويسرا مستقلة ومحايدة (الموالية لحزب الشعب). ويعارض الطرفان بحدة – وشراسة أحيانا- الانفتاح المحتمل لسوق العمل السويسرية أمام دول شرقي أوروبا بسبب خشيتهما من تعرض سويسرا لموجة هجرة عارمة، فضلا عن المخاوف من ارتفاع العمل غير القانوني المعروف بـ”العمل الأسود”، ومن تدني مستوى الأجور وارتفاع نسبة البطالة.

احتياط مزدوج

ولا يتجاهل معسكر أنصار توسيع الاتفاق شكوك ومخاوف معسكر المعارضين، بل يأخذونها على محمل الجد. وقد حرص المفاوضون السويسريون قبل توقيع الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي على تضمين الاتفاق قانونا انتقاليا خاصا -في شكل بروتوكول إضافي- بهدف ضمان انفتاح تدريجي لسوق العمل السويسرية إزاء الأعضاء الجدد في الاتحاد.

وينص القانون الانتقالي الذي سيـُطبق إلى غاية عام 2011 على اعتماد نظام الحصص إزاء عمال الدول العشر الأوروبية الذين يرغبون في العمل في سويسرا. وتحتفظ الحكومة السويسرية، بموجب البروتوكول الإضافي، بحق تمديد ذلك الأجل إلى عام 2014 في حال تدفق كبير للعمال.

لكن التجارب الأوروبية أظهرت أن تدفق سيل هائل من العمال بعد تطبيق حرية تنقل الأشخاص ليس أمرا محتوما. فعلى سبيل المثال، لم تنجم عن التحاق اليونان وإسبانيا والبرتغال بالاتحاد الأوروبي في الثمانينات موجات هجرة كبيرة نحو الدول الغنية في الاتحاد.

الإغراق الاجتماعي

أما فيما يخص المخاوف من خطر الإغراق الإجتماعي لسوق العمل، فقد حدد البرلمان السويسري جملة من الإجراءات المرافقة لتطبيق توسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص. فبعد ضغط من النقابات، تقرر أن يخضع عمال دول أوروبا الشرقية بوضوح للقوانين السارية المفعول في سويسرا.

وبموجب ذلك، سيقوم 150 من مفتشي الكانتونات بالتحقق من تلقي العمال لأجور تحترم الحد الأدنى الذي ينص عليه قانون الشغل، ومن عدم تجاوزهم للحد الأقصى لساعات العمل الأسبوعية. وسيركز عمل المفتشين بالتحديد على قطاعات الزراعة والفنادق والبناء.

ولن يتردد المفتشون في فرض عقوبات عند ضبط المخالفات. ففي حال استنتاج حالات متكررة من الإغراق الاجتماعي لسوق العمل مثلا في قطاع ما أو منطقة ما، قد يتم فرض اتفاق عمل جماعي لمحاربة الظاهرة.

أما الموظفون أو العاملون الأجانب الذين يخالفون أدنى الشروط والقوانين، فسيُمنعون ببساطة من دخول عمل السوق السويسري لمدة قد تصل إلى خمسة أعوام.

رينات كونزي – سويس انفو

(ترجمته وعالجته: إصلاح بخات)

يصوت الناخبون السويسريون يوم 25 سبتمبر 2005 في استفتاء شعبي على توسيع اتفاق حرية تنقل الأشخاص للدول العشر الجديدة في الاتحاد الأوروبي وهي:
استونيا وليتوانيا ولاتفيا وبولندا وسلوفاكيا وسلوفينيا والجمهورية التشيكية وهنغاريا وقبرص ومالطا.
صادق البرلمان السويسري بعد على توسيع الاتفاق.
لدى انضمام الدول الجديدة إلى الاتحاد الأوروبي (في 1 مايو 2004)، تم بصفة تلقائية توسيع الاتفاقيات الثنائية المبرمة بين سويسرا والاتحاد الأوروبي للأعضاء الجدد، باستثناء اتفاق حرية تنقل الأشخاص.
تمت صياغة قانون انتقالي خاص (في شكل بروتوكول إضافي لاتفاق حرية تنقل الأشخاص) إزاء الأعضاء الجدد بهدف ضمان انفتاح تدريجي لسوق العمل السويسرية
قد تحتفظ سويسرا بجملة من الإجراءات التضييقية (منح الأسبقية للعمال السويسريين، مراقبة ظروف العمل والأجور، فرض نظام الحصص…) إلى 30 أبريل 2011.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية