مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأزمة مع ليبيا: تفاؤل حذر في الصحافة.. وتساؤلات عن مصير الرهينة الثاني

في وقت متأخر من مساء الإثنين 22 فبراير 2010، غادر رشيد حمداني طرابلس متوجها إلى تونس التي وصلها في الساعات الأولى من يوم الثلاثاء Keystone

خصصت الصحف السويسرية الصادرة يوم الثلاثاء 23 فبراير حيزا وافرا من صفحاتها الأولى لتغطية وتحليل آخر التطورات التي عرفتها قضية المواطنين السويسريين ماكس غولدي ورشيد حمداني المحتجزين في ليبيا منذ أكثر من عام ونصف والمترتبة عن تداعيات اعتقال نجل الزعيم الليبي معمر القذافي في جنيف في 15 يوليو 2008 بسبب سوء معاملة اثنين من خدمه العرب.

أغلب الصحف وعلى اختلاف انتماءاتها واللغات التي تصدر بها الموضوع تناولت الموضوع أولا من باب سرد التقلبات “الدراماتيكية” التي شهدها يوم الإثنين ما بين أخبار سارة عن الإفراج عن رشيد حمداني، وأخرى مقلقة عن اقتياد ماكس غولدي إلى سجن بالقرب من طرابلس لقضاء عقوبة السجن لمدة أربعة اشهر التي أكدها القضاء الليبي في حكم استئناف بتهمة “انتهاك قوانين الإقامة ومزاولة نشاطات تجارية بدون ترخيص.

صحيفة لوماتان (تصدر بالفرنسية في لوزان) تساءلت تحت عنوان “ما بين تهديد وأخبار سارة” عن مصير رشيد حمداني بعد حصوله على تاشيرة الخروج من ليبيا. واعتبرت أن زميله ماكس غولدي عاد إلى خانة الصفر بعد نقله الى سجن عين زارة الذي “يحتوي على جناحين، الجناح الأتعس مخصص للسجناء السياسيين المعارضين للنظام”، لكنها استدركت لتطمئن القراء، وتؤكد أن “غولدي اقتيد الى الجناح الآخر حيت سيكون بإمكانه استقبال الزيارات”، بالإعتماد على أقوال المحامي.

وتحت عنوان “تأشيرة لرشيد حمداني، وأغلال لماكس غولدي”، تطرقت صحيفة “24 ساعة” (تصدر بالفرنسية في لوزان) إلى تطورات نهار أمس من منظور أفراد عائلتي الرهينتين الذين “كانوا منقسمين بين الأمل والغموض والحزن”.

وعن وضع الأغلال في يدي ماكس غولدي تقول الصحيفة “إن تعمد وضع القيد في أيدي ماكس غولدي بطريقة ملفتة للنظر، كان بمثابة رد على الإهانة التي شعر بها هانيبال القذافي لدى توقيفه في جنيف” في 15 يوليو 2008.

ما الفرق بين رشيد وماكس؟

وفي محاولة للإجابة عن سؤال “ما الذي يختلف لدى ماكس غولدي عن رشيد حمداني”، كتبت صحيفة “زود أوست شفايتس” (تصدر بالألمانية في مدينة خور) بالبنط العريض “لأن حمداني يملك الى جانب الجواز السويسري الجنسية التونسية أيضا، وهذا ما لا يتم استبعاده على الأقل في الأوساط السياسية في برن”. لكنها عادت الى سرد ما تردد عن علاقة رشيد حمداني بالوزير الأول الليبي ومن أنه كان “يشاطره مأدبة الغذاء ولعبة التنس في الوقت الذي كان ماكس غولدي متقوقعا في السفارة السويسرية”. وعلى الرغم من إشارة الصحيفة إلى “إمكانية قضائه بعض الجولات الاستجمامية في تونس”، فإنها ترى أن ذلك “لم يحمه من الإختطاف والاقتياد بصحبة ماكس غولدي لمدة شهرين إلى مكان مجهول” في سبتمبر 2009.

صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ (تصدر بالألمانية في زيورخ) أوردت من ناحيتها أن “الزعيم الليبي معمر القذافي عمل على نسف جهود التوصل الى حل في برلين بالتهديد باقتحام السفارة السويسرية”، وترى الصحيفة الأكثر نفوذا في سويسرا أن “الحكومة الليبية قد برهنت رسميا لأول مرة بتصرفها هذا عن وجود علاقة بين احتجاز الرهينتين وبين اعتقال نجل القذافي هانيبال في جنيف قبل عام ونصف”.

وقد أسهبت “نويه تسورخر تسايتونغ” في سرد بعض التفاصيل عما يمكن أن يكون قد تم إعداده عبر الوساطات الأوروبية المختلفة من ألمانية وإسبانية و إيطالية وهي جهود يبدو أنها توصلت إلى بلورة “شبه اتفاق سري” أو ” إعلان نوايا” يقضي أولا “بتمهيد الطريق أمام الرهينتين المحتجزين في ليبيا: سفر حمداني من ليبيا، ونقل غولدي إلى سجن يمكنه فيه استقبال زيارات خارجية. يتم بعد أسبوعين الإفراج عنه والسماح له بمغادرة ليبيا”. أما الخطوة الثانية، فتتمثل – حسب صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ دائما – في “قيام سويسرا بمراجعة “القائمة السوداء” المتعلقة بمنح تأشيرات الدخول الى فضاء شنغن” أو “إلغائها نهائيا”.

وتحت عنوان “غولدي كان الضحية حتى من قبل”، تساءلت صحيفة آرغاور تسايتونغ (تصدر بالألمانية في أرغاو) عن سبب التمييز في المعاملة بين ماكس غولدي ورشيد حمداني؟ ومع أنها رددت ما تقوله الأوساط السياسية في برن من أن جنسيته التونسية تكون قد لعبت دورا في ذلك، لكنها نقلت عن دبلوماسي متابع للملف قوله “بالنسبة لنا لم نكسب شيئا بالافراج عن رشيد حمداني”. إذ يرى هذا الدبلوماسي أن “ليبيا هي التي برهنت للعالم بأنها مستعدة لتقديم التنازلات وقد يدفع ذلك بعض الوزراء الإيطاليين إلى الإعتقاد بأن ليبيا أصبحت لديها عدالة تطبق بشكل جيد”.

وفي تعليق بقلم فلوريان ريزن، ترى صحيفة “زيورخ زيي تسايتونغ” أن نقل “دافع الثمن ماكس غولدي” إلى السجن يجعل منه “الورقة الرابحة التي بقيت بين يدي الديكتاتور الليبي معمر القذافي” وتذهب إلى أن العقيد “لا يرغب في التخلي عن آخر ورقة رابحة في خلافه مع سويسرا” كما ترى أنه “من أجل الافراج عن ماكس غولدي يجب على سويسرا أن تُبقي مناقشة الخلاف على المستوى الدولي”.

لعبة “بوكر” بحاجة إلى مواقف “صلبة”

في سياق متصل، وتحت عنوان “الإتحاد الأوروبي يسجل نقاطا”، تطرقت صحيفة سانت غاللر تاغبلات” (تصدر بالألمانية في سانت غالن) للوساطة الأوربية في قضية الرهائن حيث رأى دانيال زميللي في تعليق له أن “سويسرا قد يصعب عليها في المستقبل التنصل فيما يخص التضامن مع الاتحاد الأوروبي… وهذا ما ذكّـر به العديد من الأوروبيين أمس أي أنهم سيطلبون المزيد من الدعم من سويسرا في المستقبل وليس فقط في مجال التهرب الضريبي”.

من جهتها اعتبرت صحيفة نويه لوتسرنر تسايتونغ (تصدر بالألمانية في لوتسرن) وتحت عنوان بالبنط العريض “الآن نحن في حاجة الى أعصاب قوية”، كتبت تقول “إن مجرد التفكير في ما عاشته عائلات الضحيتين خلال الساعات والأيام الماضية يظهر حجم البشاعة.. ولكن ذلك يظهر جليا حجم احتقار الكرامة الإنسانية الممكن في أي وقت تحت حكم معمر القذافي”. وانتهت الصحيفة الى أنه ” يجب الآن على سويسرا أن لا تكتفي بالإشمئزاز، بل أن تحافظ على صلابة الموقف في لعبة البوكر التفاوضية”.

وعن هذا التضامن الأوروبي مع سويسرا، كتب إيفان شتيلدر في صحيفة “تاغس أنتسايغر” (تصدر بالألمانية في زيورخ) تحت عنوان ” الصداقة الأوربية” مذكرا بالخلافات التي عرفتها سويسرا مع جيرانها بسبب التواطؤ في التهرب الضريبي وتعرضها لعملية سرقة المعطيات والقوائم البنكية. ومع أنه استشهد بالمثل الشهير القائل بأن “الأصدقاء الحقيقيين نعرفهم في أوقات الشدة”، إلا أنه اعتبر أن ما قامت به الدول الأوروبية من تضامن هو في صالحها أيضا… لأنها تعرف جيدا أنها عرضة لكي تصبح في نفس الوضعية في أي وقت لأنها ليست هذه هي المرة الأولى التي يحتجز فيها القذافي رهائن”. واختتمت الصحيفة تعليقها بالتأكيد مجددا على أن “الشيء الوحيد الذي يمكن معرفته مسبقا عنه هو أنه لا يمكن توقع تصرفاته بالمرة”..

محمد شريف – swissinfo.ch- جنيف

4 نوفمبر 2009: الحكومة السويسرية تقرر تعليق العمل باتفاق 20 أغسطس وتعلن عن مزيد من التشدد في منح تأشيرات الدخول إلى المواطنين الليبيين.

7 فبراير 2010: القضاء الليبي يبرئ رشيد حمداني من تهمة “ممارسة نشاطات اقتصادية غير مرخص بها” بعد أن برأه في محاكمة سابقة من تهمة “انتهاك قوانين الهجرة والإقامة” في ليبيا.

11 فبراير 2010: خفضت محكمة استئناف ليبية الحكم الصادر على ماكس غولدي بتهمة “ممارسة نشاطات اقتصادية غير مرخص بها” من 16 إلى 4 أشهر سجنا، بعد ان حكم عليه سابقا بغرامة تبلغ قيمتها 800 دولار في تهمة “انتهاك قوانين الإقامة والهجرة”.

14 فبراير 2010: ليبيا تباشر تنفيذ قرارها بمنع دخول رعايا الدول الأوروبية الأعضاء في فضاء شنغن، باستثناء بريطانيا.

18 فبراير 2010: وزيرة خارجية سويسرا تلتقي نظيرها الليبي بحضور وزير خارجية إسبانيا في مدريد الذي يُشير إلى تحقيق “بعض التقدّم” في المفاوضات بين البلدين.

19، 20، 21 فبراير 2010: تكتم شديد يحيط بمحادثات تحتضنها ألمانيا في برلين بين وفدين من المفاوضين الليبيين والسويسريين.

22 فبراير 2010: رشيد حمداني يتحصل على تأشيرة خروج ويغادر الأراضي الليبية عبر الحدود البرية مع تونس وماكس غولدي يسلم نفسه للشرطة القضائية ويُودع في سجن قريب من طرابلس.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية