مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأهلي يتمسّـك بحقه في استرجاع حارسه والحضري يدعو للتفهم

حارس المنتخب المصري عصام الحضري يُصافح كريستيان كوستنتان رئيس نادي أف سي سيون يوم 23 فبراير 2008 في مدينة مارتينيي AFP

في الأيام القليلة الماضية، دخل عصام الحضري، حارس مرمى فريق الفراعنة وأحد صانعي النصر المصري الأخير في كأس الأمم الإفريقية بغانا، في اشتباك ومصادمة مع النادي الأهلي، الذي رفض السماح له بالاحتراف في صفوف نادي إف سي سيون السويسري.

وكان الحضري، الذي اختير أخيرا كأحسن حارس مرمى بالقارة الإفريقية قد وصل إلى سويسرا يوم الخميس 21 فبراير الجاري، من دون عِـلم النادي الأهلي، الذي تمسك بحقه في عودة اللاعب إلى صفوفه، لأنه مرتبط بعقد مع النادي إلى موفى عام 2010.

يؤكِّـد اللاعب من جهته على أهمية وحيوية حفاظه على علاقته بالنادي الأهلي، ويقول الحضري في تصريحات خاصة لسويس انفو: “لقد قضيت أغلب فترات حياتي بين صفوف النادي الأهلي، وبالتالي، لا أستطيع إنكار فضل النادي عليّ”، لكنه يتمنى أيضا أن يتقبّـل الجميع احترافه بصدر رحـب وأن ينظروا بعدل لِـما قدّمه للفريق خلال سنوات طويلة وأن يتفهّـموا بأن هذه آخر فرصة له للعب في الخارج، بسبب تقدم السن.

ويقول الحضري مُـبررا الخطوة التي أقدم عليها، “أي لاعب في العالم من حقِّـه أن يحلم ويطمح، وبالنسبة لي، كان الاحتراف في نادٍ كبير، أقصى أحلامي وأمنِـياتي”.

وفي محاولة لتهدِئة الزوبعة التي أثارها خروجه من مصر من دون عِـلم المسؤولين في النادي، يؤكِّـد الحضري في أغلب التصريحات التي يُدلي بها هذه الأيام، على أنه سيبقى مُـخلصا للنادي الأهلي وأنه سيظل “عصام المصري، سواء كان في القاهرة أو في سويسرا، وقبل الاحتراف أو بعده”.

ردود أفعال غاضبة

لكن هذه الرّغبة التصالُـحية التي يُـبديها اللاعب، لا تجد أيّ تجاوب من إدارة النادي الأهلي ومن الجمهور المصري بصفة عامة.

وذكرت الصحف السويسرية الصادرة يوم الثلاثاء 26 فبراير، أن الموقع الإلكتروني لفريق إف سي سيون قد أغرِق بالرسائل الإلكترونية الغاضِـبة والمتضمّـنة لشتائم للفريق ولحارس مرمى الأهلي السابق ما أدى إلى توقفه عن العمل.

وتُـصر إدارة النادي الأهلي إلى حدّ الآن على الأقل، علنيا، على حقها في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضدّ عصام الحضري، بما يحفظ للنادي حقوقه المضمّـنة في العقد الذي تنتهي مدّته سنة 2010، لكن مسؤولي النادي منقسِـمون حول الإجراءات الواجب اتّـخاذها في اللحظة الراهنة والطريقة التي يجب أن يعالج بها الملف.

فالإتِّـجاه الأول يدعو إلى إرجاء اتخاذ أي قرار حتى لا يؤثر على سير القضية في الإتحاد الدولي لكرة القدم – الفيفا – وحتى لا يغلق الباب أمام إمكانية استعادة اللاعب إلى صفوف الفريق، خاصة وأن استحقاقات كبيرة تنتظر النادي الأهلي في هذا الموسم الكروي على المستويين، المحلي والإفريقي.

وأما الإتجاه الثاني، فيدعو إلى اتِّـخاذ قرارات حاسمة تُـجاه عصام الحضري، تمنعه من الالتحاق مستقبلا بصفوف الأهلي في حال صدور قرار من الإتحاد الدولي بأحقية النادي في استعادة حارسه.

الحلول الودِّية

ورغم تأكيد إدارة نادي الأهلي يوم الإثنين 25 فبراير الجاري اعتزامها رفع خطاب رسمي إلى إتحاد الكرة المصري بعدم إرسال البطاقة الدولية للحضري، ما يمنعه من المشاركة رسميا في مباريات النادي السويسري، وكذلك مخاطبة الإتحاد الدولي لكرة القدم – الفيفا – لحفظ حقوق النادي لدى إف سي سيون، فإن الإتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا، قد نفى في اتصال مع سويس انفو تلقيه أي رسالة أو اتصال ذات صلة بموضوع عصام الحضري من الإتحاد المصري لكرة القدم.

وفي سياق متصل، أكّـدت مصادر مطّـلعة على صِـلة بالملف لسويس انفو، أن العلاقة بين النادي الأهلي ونادي إف سي سيون لم تنقطع وأن النادي السويسري قد قدّم عرضا جديدا لتسوية الخلاف بصورة ودّية، تضمن زيادة في المبلغ المالي لشراء اللاعب وامتيازات أخرى، منها إقامة دورات تدريبية لفائدة النادي الأهلي في سويسرا، وينبغي التذكير هنا أن العرض السابق يبلغ 400.000 دولار أمريكي.

ولم يستبعد مصدر على صلة بنادي سيون السويسري أن يُـحل الخلاف خلال الساعات القادمة وأشار إلى ن هناك حظوظا كبيرة للوصول إلى حلّ مرضٍ لجميع الأطراف، من دون الحاجة إلى تدخّـل الفيفا.

وفي انتظار ما ستُـسفر عليه الساعات القادمة، باشر عصام الحضري تدريباته في صفوف نادي سيون السويسري، ويعقد غدا (الأربعاء 27 فبراير) مساء ندوة صحفية في عاصمة كانتون فالي، من المُـنتظر أن يكشف فيها عما ينوي اتخاذه من خطوات لاحقا.

سيون – عبد الحفيظ العبدلي

تخرّج عصام الحضري من فريق دُمياط، الذي لعب به كناشئ ثم انتقل لصفوف الأهلي في نهاية التسعينات، وخلف أحمد شوبير بحراسة عرين الأهلي 1997، ومنذ ذلك الوقت والحضري هو الحارس الأول لنادي الأهلي.

تحصّـل عصام الحضري على لقب أفضل حارس مرمي بأمم إفريقيا لعام 2006 وقاد الأهلي لعدّة بطولات مهمة، أبرزها بطولة كأس أمم افريقيا 2001 و2005 و2006 واستطاع أن يتحصّـل خلال البطولات الثلاث على لقب أفضل حارس مرمي بإفريقيا.

عصام الحضري يتميّـز بخفّـة الحركة تحت الخشبات الثلاث ويجيد التصدّي لضربات الجزاء بحرفية ملفته للنظر .. فقد تصدّى لديدي دروجبا بنهائيات كأس أمم إفريقيا 2006، مما مكـّن مصر من الإحراز على اللقب الخامس في تاريخها.

لكن ما يعيبه دائماً، خروجه غير الموفق من مرماه أثناء أي كرة عرضية. فقد كان المتسب في إحراز السنغال على هدف الفوز الوحيد في كأس أمم إفريقيا 2002 بمالي، عندما أبعد الكرة بقبضة يديه على حافة منطقة الجزاء ليردّها لأمين دياتا بمرماه الخاوي تماماً!

مع هذا، يبقي الحضري من أفضل منْ أنجبته الملاعب المصرية كحارس مرمى خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة، ويلقِّـبه المُعجبون به “بالسدّ العالي”، في إشارة إلى سد أسوان الشامخ.

وفي خِـضم الفرحة العارمة التي عمّت الشارع المصري بعد فوز منتخب بلاده في دورة غانا لكاس أمم إفريقيا قبل أسبوعين فقط، فوجئ الجميع بالتحاق حارس المرمى بنادي سيون من دون علم أو موافقة مُـسبقة من النادي الأهلي.

وأجمعت الصحف المصرية على أن عصام الحضري لم يقدّر جيدا عواقب الخطوة التي أقدم عليها، فهو يغامر بمستقبله بين صفوف المنتخب المصري ويفتح الباب لآخرين حتى يحذوا حذوه، خاصة وأن البعض لم يُـخف رغبة في خوض غِـمار تجربة الاحتراف، كالمهاجم عماد منعم وغيره، مما يسبب متاعب للأندية المحلية.

وتختلف تفسيرات الخطوة التي أقدم عليها الحضري، من معلق إلى آخر، فالبعض اعتبرها “خدعة وخيانة وأنه خطط لذلك مُـسبقا واتّـخذ قراره بعد حسابات دقيقة، وأنه سفه أحلام المصريين وكل الإعجاب الذي أحاطوه به، والتسلل خفية كما يفعل المحتالون، هي خيانة مكشوفة”.

في حين فسّـر البعض الآخر ما أقدم عليه اللاعب بالجشع وحبّ المال، ويقول مُـعز محمود من الجمهور المتابع للكرة المصرية: “لقد فضل الحضري البالغ من العمر 35 عاما التضحية بسمعته الدولية من أجل الالتحاق لبعض السنوات بصفوف أندية أوروبية”.

ويواصل هذا الهاوي معلقا: “لا يحاول أحد إقناعنا أنه رحل إلى سيون للعب في صفوف ذلك النادي الصغير، بل من أجل أن يعرض نفسه للبيع إلى أحد النوادي الأوروبية الكبرى وأن يستأثر لنفسه بالمبالغ التي سيحصل عليها ويقطع الطريق بذلك على النادي الاهلي”.

ولا يبدو هذا التفسير بعيدا عن الصّواب، فقد فسر عصام الحضري في تصريح لسويس انفو أن “وجوده في نادي إف سي سيون، ليس سوي مرحلة مؤقتة سينتقل بعدها إلى أندية أوروبية عريقة سبق أن أعربت عن رغبتها في ضمّه إليها”، مثل تشيسلي أو أرسنال.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية