مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الإتفاق بشأن قضية يو بي إس: “أقـل النجاحات الممكنة سُـــوءًا”

swissinfo.ch

تناول المعلقون في الصحف السويسرية الصادرة يوم الخميس 20 أغسطس الإتفاق المبرم بين سويسرا والولايات المتحدة بخصوص قضية مصرف يو بي أس بنوع من التشكيك. ومع اعترافهم بالجهد الذي بذلته الحكومة الفدرالية، طالبوا أكبر مصرف سويسري بالإلتزام مستقبلا بممارسة نشاطات قانونية.

صحيفة “دير بوند” الصادرة بالألمانية في برن، وجدت أن أداء الوفد المفاوض السويسري في الخلاف الضريبي مع الولايات المتحدة كان جيدا، إذ لم يتم المساس بالقوانين السويسرية في الإتفاق المبرم، وكل ما في الأمر أنه سيتم تقديم معلومات عن الأشخاص الذين لم يزوّروا وثائق. وبهذا، يبقى قانون السرية البنكية السويسري ساري المفعول بالنسبة للبقية.

وترى الصحيفة أن الطرف الأمريكي قبل الاتفاق لسبب واحد: وهو أن الاتفاق الجديد يرفع اللبس القائم بين عملية التهرب الضريبي والتحايل على دفع الضرائب. وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن هذا يعني أنها ستملك مستقبلا سلطة أقوى لمواجهة مرتكبي الجرائم في المجال الضريبي. وبكلمة أخرى، فإن سويسرا “لم تخرج من العملية سالمة بالمرة”، حسب رأي “دير بوند”.

“يو بي إس” هي الجاني وليست الضحية

وحسب تقدير صحيفة بازلر تسايتونغ، (تصدر بالألمانية في بازل)، أظهر الساهرون على تسيير الأزمة من الجانب السويسري والذين كثيرا ما تعرضوا للإنتقادات، أي هانس رودولف ميرتس (رئيس الكنفدرالية لعام 2009 ووزير المالية)، وميشلين كالمي – ري (وزيرة الخارجية)، وإيفلين فيدمر – شلومبف (وزيرة العدل والشرطة)، الكثير من اللباقة في المفاوضات مقارنة مع نظرائهم الأمريكيين.

وشدد كاتب التعليق المنشور على الموقع الالكتروني للصحيفة على أنه “من حق الحكومة الفدرالية أن تفخر لكون مصرف يو بي إس سوف لن يضطر لتقديم سوى معلومات عن 4450 من المودعين الأمريكيين من زبائن البنك بدل الـ 52000 الذين كانت تطالب بهم الإدارة” الأمريكية.

وترى الجريدة أنه لم يكن ممكنا بالنسبة لسويسرا التوصل إلى اتفاق معقول، لأن مصرف يو بي إس لم يكن ضحية، بل هو مرتكب الجريمة، إذ أن الساهرين على تسيير البنك قد انتهكوا القوانين الأمريكية عدة مرات.

صحيفة “تاغس انتسايغر” (تصدر بالألمانية في زيورخ) المعروفة بلهجتها النقدية، لم تتخلف عن الإشادة بأداء الوزراء الفدراليين الثلاثة، وخصت بالذكر الأخصائيين العاملين في وزاراتهم المختلفة، في حل الأزمة التي أثارها مدراء يو بي إس، إلا أنها استدركت محذرة من أنه “لا يجب المبالغة في هذه الإشادة لأن الحكومة السويسرية لم تتحرك إلا لما بلغت الضغوط الأمريكية حدّا لا يُطاق”. وجاء في افتتاحية نشرتها الصحيفة على صدر صفحتها الأولى أن “الشكوك في رغبة البنوك السويسرية في استمالة متهربين من دفع الضرائب ظهرت في وقت سابق”.

المظاهر قد تكون خادعة

صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الرصينة (تصدر بالألمانية في زيورخ)، اعتبرت أن الاتفاق المبرم لا يبدو إيجابيا إلا من النظرة الأولى.

وقالت بأن “ما تردد منذ الساعات الأولى عن أن الاتفاق إيجابي، سوف لن يسمح لسويسرا بالخروج من الأزمة بدون آثار سلبية. فمعايير تحديد الأشخاص “المشتبه في قيامهم بتهربات ضريبية” في ملفات يو بي إس، ستكون أكثر سخاء مما كان الحال عليه في قوانين التعاون القانوني المطبقة حتى الآن. كما أن تعمّد الإبقاء على جانب من تفاصيل الإتفاق سرية، يرمي لزيادة قلق عدد من زبائن يو بي إس ودفعهم للكشف طواعية عن أوضاعهم للسلطات الأمريكية. وكل هذه العوامل تبدو وكأنها تفاصيل لعبة، بدل أن تكون إجراءات لصيانة القانون السويسري. فهذا القانون السويسري قد تم إضعافه قبل أشهر لما قامت الهيئة المعنية بمراقبة البنوك “فينما” بإصدار أمر بتقديم معلومات عن بعض الزبائن.

وانتقدت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ “كون كل هذا له علاقة بالمصرف السويسري الكبير يو بي إس، الذي لم يستطع مسيروه التحكم في تصرفات المشرفين على فروعه في الولايات المتحدة لكي تبقى في حدود القانون. واختتمت بالقول “قد يكون مأساويا عندما يتضح أن الإتفاق الذي يبدو اليوم إيجابيا، سيكلف سويسرا نفقات باهظة بسبب تصرفات يو بي إس”.

“الجميع كان على عِـلم”

يبدو أن صحيفة دير بوند الصادرة في برن قد فقدت صبرها تجاه رئيس الكنفدرالية، هانس رودولف ميرتس، حيث كتبت تقول “إن التأكيد باستمرار على أن السرية المصرفية قد تم صونها، لم يعد مجديا لأن الجميع يعرف بأن ذلك غير صحيح”، وأضافت أن “الكل يعرف ذلك بما في ذلك ميرتس”.

وفيما طالبت الصحيفة بأن “تبتعد البنوك كلية عن النشاطات التي توظف أموالا قذرة”، اعتبرت أن “ما حدث هو خطوة كبرى بالنسبة للبنوك وللبلد ككل”، مشددة على أن “الوقت قد حان اليوم للقيام بذلك”.

فوز أمريكي

صحيفة لوتون الصادرة بالفرنسية في جنيف ترى أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع الولايات المتحدة يُعدّ سابقة قد تشكل خطرا على العديد من البنوك السويسرية الأخرى. فساعة الحقيقة تكون قد دقت ايضا بالنسبة للبنوك السويسرية الأخرى التي تكون قد سهلت لزبائنها عملية التهرب الضريبي. ومن هذا المنطلق، يمكن للأمريكيين ان يعتبروا أنهم هم الذين خرجوا منتصرين من هذه المواجهة.

صحيفة “24 ساعة” (الصادرة في لوزان بالفرنسية)، ذكّرت بأن السرية المصرفية قد تهاوت منذ السبعينات. واعتبرت أن هذا الانهيار سجل خطوة إضافية هذه المرة بعد تخلي الحكومة السويسرية عن التمييز القائم في قوانين الكنفدرالية بين التهرب الضريبي والتحايل الضريبي. وتساءلت: “أين هو الانتصار السويسري؟”.

من جانبها، رأت صحيفة “لاريجيون تيتشينو” الصادرة بالإيطالية في كانتون تيتشينو جنوب البلاد، أن الإتفاق الذي تم التوصل إليه بين الولايات المتحدة وسويسرا ليس سوى “هدنة وليس اتفاق سلام” نهائي.

تحمل المصاريف والإلتزام بالقانون

في سياق متصل، أجمعت كل من صحيفة “لوماتان” الصادرة في لوزان غرب البلاد، وصحيفة بازلر تسايتونغ الصادرة في مدينة بازل بالشمال، ونويه لوتسرنر تسايتونغ الصادرة في لوتسرن بالوسط الشرقي، على “مطالبة مصرف يو بي إس بإعادة الأربعين (40) مليون فرنك التي كلفها هذا الاتفاق لسويسرا”.

وبالإضافة إلى ذلك، طالبت صحيفة بازلر تسايتونع أكبر مصرف سويسري بالإلتزام كلية بالقانون مشددة على أن “التحايل الضريبي ليس نموذجا يُقتدى به لنشاطات مصرفية طموحة”.

إيفلين كولر – swissinfo.ch – مع الوكالات

(ترجمه من الألمانية وعالجه: محمد شريف)

في شهر مايو 2008 استطاعت السلطات الأمريكية العثور في شباكها على صيد لطالما ترقبته، إذ سمح تحقيق لإدارة الضرائب الأمريكية في نشاطات تاجر العقارات الروسي إيغور أولينيكوف بالعثور على إسم مدير قسم المعاملات البنكية الخاصة، برادلي بيركنفيلد، حيث تبين أن هذا المدير السابق لقسم المعاملات البنكية الخاصة كان قد أسس شركات وصناديق تمويهية في الخارج لإخفاء إيداعات زبائن من الأثرياء في حدود 150 مليون دولار.

وفي شهر فبراير 2009 رضخ مصرف يو بي إيس للضغوط وسلم بعد موافقة الهيئة الساهرة الى مراقبة البنوك “فينما” معلومات عن 250 من زبائنه تتهم الإدارة الأمريكية بالتحايل على الضرائب، كما دفع المصرف بالإضافة إلى ذلك، غرامة مالية تقدر بحوالي 841 مليون فرنك.

بعد ذلك، اقدمت السلطات الأمريكية على تفعيل شكوى قضائية مدنية كانت معلقة للمطالبة بتقديم معلومات عن مالكي حوالي 52 ألف حساب بنكي، تشكك السلطات في كونهم من المتهربين من الضرائب في الولايات المتحدة.

وقد تذرع مصرف يو بي إس بأن تقديم تلك المعلومات يتعارض مع القوانين السويسرية(السرية البنكية) وان هذه الشكوى لا يمكن قبولها من منطلق احترام قوانين وسيادة البلد.

وهذا الموقف التزمت به الحكومة السويسرية أيضا، حتى ولو أنها ليست طرفا في الشكوى.

في 13 يوليو، توصلت الأطراف الى اتفاق بتأجيل موعد البت في القضية حتى 3 أغسطس لتسهيل التوصل الى اتفاق.

في 31 يوليو، تقابلت وزيرة الخارجية السويسرية ميشلين كالمي – ري مع نظيرتها الأمريكية هيلاري كلينتون في واشنطن. وتم في اللقاء مناقشة الخلاف القضائي.

في 7 أغسطس، سمح القاضي الأمريكي آلان غولد بتأجيل ثانٍ لموعد البث في قضية الخلاف مع يو بي إس.

في 12 أغسطس، توصل مصرف يو بي إس مع إدارة الضرائب الأمريكية الى اتفاق بحل الخلاف خارج نطاق العدالة. ولم تعرف لحد الآن تفاصيل هذا الاتفاق.

19 اغسطس 2009، تم التوقيع في واشنطن على الاتفاق الذي تم خارج نطاق العدالة ودخل حيز التطبيق، وهو الاتفاق الذي ينص على تقديم الولايات المتحدة الأمريكية لطلب مساعدة قانونية للتحقيق في 4450 حساب بنكي، وهو الطلب الذي على سويسرا ان تبتّ فيه في غضون عام واحد.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية