مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الإضراب عن الطعام.. سلاح الفلسطينيين لكسر قانون الإعتقال الإداري

نساء فلسطينيات يرفعن صور الأسيرة هناء شلبي خلال مظاهرة نظمت يوم 8 مارس 2012 في بلدة برقين قرب جنين بالضفة الغربية دعما لها في إضراب الجوع الذي تخوضه منذ أكثر من 22 يوما احتجاجا على تعرضها للإعتقال الإداري من طرف السلطات الإسرائيلية. Keystone

في الثامن من شهر مارس الجاري نقل الفلسطينيون احتفالهم السنوي بيوم المرأة العالمي لهذا العام إلى قرية برقين في شمال الضفة الغربية لسبب واحد وحيد، للتضامن مع الأسيرة هناء الشلبي القابعة في معتقل اسرائيلي تحت طائلة ما يسمى بالإعتقال الإداري.

والشلبي ( 30 عاما) التي ولدت وشبت في ظل الإحتلال الاسرائيلي، مُضربة عن الطعام منذ نحو عشرين يوما رفضا لهذا القانون الذي يعود إلى نحو مائة عام أي منذ الإنتداب البريطاني لفلسطين عام 1917 ويمنح القوة المحتلة الحق في اعتقال أي شخص دون محاكمة ودون أي لائحة اتهام مع تجديد تلقائي لفترة الإعتقال.

وكان الأسير خضر عدنان (23 عاما) من بلدة عرابة في شمال الضفة الغربية خاض قبل أكثر من شهرين إضرابا مفتوحا لمدة 66 يوما رفضا للإعتقال الإداري، حتى وافقت سلطات الإحتلال الاسرائيلي على التعهد بالإفراج عنه في السابع عشر من شهر أبريل المقبل.

وهذا التاريخ (أي 17 أبريل) هو يوم الأسير الفلسطيني حيث يقضي نحو خمسة آلاف فلسطيني أحكام سجن مختلفة في معتقلات اسرائيل، بينهم  أكثر من 300 شخص يوجدون رهن الإعتقال الإداري، كما هو حال الأسيرين خضر عدنان وهناء الشلبي.

نتاتنل

وبفعل هذا القانون، جرى اعتقال الأسير عدنان نحو عشر مرات من العام 1999 وحتى العام الحالي لفترات بلغت في مجموعها نحو ست سنوات، واضطرته للتخلي عن دراساته العليا في الإقتصاد في جامعة بيرزيت والتحول الى العمل الخاص في بلدته عرابة.

وثمة عشرات آلاف الفلسطينيين من الضفة الغربية وقطاع غزة الذين خضعوا للإعتقال الإداري لفترات مختلفة، من بين نحو 700 الف اعتقلوا منذ الإحتلال الاسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967.

ويقول قدورة فارس، رئيس “نادي الأسير الفلسطيني” الذي تقود جمعيته حاليا حملة محلية وإقليمية ودولية مناهضة للإعتقال الإداري في حديث إلى swissinfo.ch: “إن أسوأ ما في الإعتقال الاداري هو قدرة سطات الإحتلال على استخدامه وقتما تشاء وحتى ضد معتقلين سبق وأن قضوا مدة سجن محددة بعد محاكمة”.

وخلال أعوام الإحتلال الماضية، أصدرت اسرائيل مئات آلاف أوامر الإعتقال الإدارية بحق فلسطينيين أوقفوا وأودعوا السجون والمعتقلات أكثر من مرة باستخدام قانون الإعتقال الإداري.

وتكاد حالة الأسير عايد دودين من بلدة دورا في جنوب الضفة الغربية تكون مثالا صارخا على الإعتقال الإداري، حيث قصى فترة حبس لمدة 8 سنوات، وعند انتهاء مدة محكوميته أصدرت سلطات الاحتلال أمر اعتقال إداري فوري ابقاه في المعتقل لفترة ثلاث سنوات إضافية. وبعد الإفراج عنه لفترة 24 يوما، صدر أمر اعتقال إداري جديد بحقه وهو لا زال حتى اليوم رهن الإعتقال.

محاولات جديدة

وعلى مدار العقود الماضية نظم أسرى فلسطينيون احتجاجات مختلفة، لاسيما الإضراب عن الطعام، في محاولة لكسر قانون الإعتقال الإداري، دون أن تستجيب سلطات الإحتلال الإسرائيلي. لكن الإضراب غير المسبوق الذي خاضه خضر عدنان والإضراب الذي تخوضه حاليا هناء الشلبي فتح الباب أمام احتمالات جديدة لإمكانية الضغط على إسرائيل، وهكذا بدأ معتقلون جدد بمقاطعة المحاكم الإسرائيلية في هذ الصدد.

وقال نادي الاسير، إن المعتقل الإداري احمد قطامش ومعتقلين آخرين في سجن “عوفر” القريب من مدينة رام الله بالضفة الغربية أبلغوا المحاكم الإسرائيلية أنهم لا يعترفون بها ولا بقراراتها.

وفي غضون ذلك نظمت وزارة شؤون الأسرى التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية بالتعاون مع جمعية “نادي الأسير الفلسطيني” سلسة من الفعاليات المحلية والعربية والدولية بهدف الضغط على اسرائيل للتوقف عن استخدام قانون الإعتقال الإداري.

وفي مؤتمر صحافي عقد بمناسبة إطلاق الحملة، قال عيسى قراقع، وزير شؤون الأسرى في الحكومة الفلسطينية: “إضافة الى احتجاجات الأسرى التي ستتصاعد خلال الأيام المقبلة، فإنه من الأفصل أن يكون هناك برنامج وطني جماعي يشمل جموع الأسرى بغية تحقيق مطالبهم المختلفة”.

وتشمل الحملة دعوة سفراء وممثلي البعثات والمنظمات الدولية لإطلاعهم على القضية وطلب مساعدتهم ومساعدة بلادهم في الضغط على إسرائيل، والمشاركة كذلك في جلسات الدورة 19 للجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة التي تلتئم في جنيف من 27 فبراير إلى 23 مارس 2012. 

وقال نادي الأسير إنه يعمل بالتعاون مع رابطة أصدقائه في أوروبا لتنظيم حملة لتوعية الرأي العام الأوروبي بمخاطر قانون الإعتقال الإداري والمعاناة التي يتكبدها المعتقلون الفلسطينيون جراء ذلك، كما سينظم النادي بالتعاون مع جميعة مغربية معرضا مشتركا لفنانين فلسطينيين ومغربين في تطوان في ذكرى يوم الأرض في الثلاثين من شهر مارس الجاري.

أخيرا، قال فارس: “تواجه إسرائيل أزمة أخلاقية وقانونية جراء تواصل سياساتها التعسفية بحق المعتقيلن، خاصة الإعتقال الإداري، وقد فتحت الحملة التي أطلقها خضر عدنان وهناء الشلبي أعين المجتمع الدولي على ما يجري في سجون إسرائيل من انتهاكات”.

في السنة الماضية، طرأ ارتفاع بارز على عدد المعتقلين الإداريين الذين تحتجزهم إسرائيل: في يناير 2011 كان هناك 219 فلسطينيا محتجزا في الإعتقال الإداري، وفي ديسمبر 2011 وصل العدد إلى 307، وذلك طبقا للمعطيات التي حصلت عليها منظمة “بتسيلم” الحقوقية من مصلحة السجون الإسرائيلية.

طبقا لهذه المعطيات، ولغاية نهاية شهر ديسمبر 2011، كان حوالي 29% من المعتقلين الإداريين محكومين بين نصف سنة إلى سنة، وحوالي 24% آخرين- بين سنة إلى سنتين. وقد تم احتجاز 17 معتقلا بين سنتين إلى أربع سنوات ونصف بصورة متواصلة فيما جرى احتجاز معتقل واحد أكثر من خمس سنوات.

حتى موفى عام 2011، كانت إسرائيل تحتجز قاصرا فلسطينيا واحدا في الإعتقال الإداري.

2011 هو العام الأول منذ 2008 الذي طرأت فيه زيادة على عدد المعتقلين الإداريين. ففي شهر يناير 2008 كان هناك 813 معتقلا إداريا بينما انخفض العدد في عام 2010 إلى 204.

هو اعتقال بدون محاكمة يهدف صراحة إلى “منع الشخص من ارتكاب فعل قد يشكل خطرا على أمن الجمهور”. وعلى عكس الإجراء الجنائي، فإن الاعتقال الإداري لا يهدف إلى معاقبة الشخص جراء المخالفة التي اقترفها، بل إلى منع المخالفة مستقبلا، ولهذا فهو ينضوي بطبيعة الحال على المسّ بالحق في الإجراء العادل. 

 لا يتم إبلاغ المعتقلين الإداريين عن سبب الإعتقال وهم لا يعلمون ما هي الشبهات ضدهم. ومع أنه يتم جلب المعتقل أمام قاض من المقرر له المصادقة على أمر الإعتقال، غير أن معظم المواد التي تقدمها النيابة سرية. وبهذه الطريقة لا يعرف المعتقلون ما هي الأدلة القائمة ضدهم، ولهذا لا يستطيعون دحضها.

علاوة على ذلك، لا يعرف المعتقلون الإداريون متى سيتم إطلاق سراحهم فعلى الرغم من أن كل أمر اعتقال محدد لمدة سنة ونصف فلا يوجد تقييد على عدد المرات التي يمكن فيها تمديد الإعتقال.

تم تمديد اعتقال حوالي 60% من بين 307 فلسطينيا كانوا رهن الإعتقال الإداري في شهر ديسمبر 2011 من قبل القائد العسكري الإسرائيلي على الأقل مرة واحدة. 

على مدار السنين اعتقلت إسرائيل آلاف الفلسطينيين إداريا لفترات تتراوح ما بين عدة أشهر وعدد من السنوات. وقد اعتقل الجيش بعض المدنيين الإسرائيليين، ومن بينهم المستوطنين، لفترات قصيرة لبضعة أشهر.

في فترات معينة خلال الإنتفاضة الثانية قامت إسرائيل باحتجاز أكثر من ألف معتقل إداري.

(المصدر: نقلا عن منظمة “بتسيلم” غير الحكومية الإسرائيلية)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية