مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التجربة الإيطالية تثير بعض الإهتمام في سويسرا

لا يزال حلم السويسريين في الخارج في التمثيل تحت قبة البرلمان الفدرالي أملا بعيد المنال، لذلك يركزون على الأحزاب التي ترعى اهتماماتهم وتسهر على حل مشكلاتهم. Keystone

بعد أن حسمت أصوات الإيطاليين في الخارج نتيجة الانتخابات العامة الأخيرة، تذهب منظمة السويسريين في الخارج إلى أن هذه الظاهرة يمكن أن تعطي نبضا جديدا لفكرة قديمة، نبذتها بعض الأطراف السياسية الداخلية.

لكن المنظمة تتعامل مع الحياة السياسية السويسرية بشكل واقعي عسى أن يتحول هذا الحلم يوما ما إلى حقيقة ملموسة.

انتخبت إيطاليا يومي 9 و10 أبريل، وكان المرشح الأكثر حظا فيها هو رومانو برودي، الذي تفوق على منافسه سيلفيو بيرلسكوني بفارق 25 الف صوت فقط، وكان للإيطاليين في الخارج الذي شاركوا للمرة الأولى في الانتخابات البرلمانية لبلادهم بقوائم خاصة، دور هام في إحراز تلك النتيجة، ففي مجلس الشيوخ الإيطالي أدى فوز 4 مرشحين جدد من الإيطاليين في الخارج في أن تميل الكفة لصالح تحالف يسار الوسط الذي يقوده برودي.

منظمة السويسريين في الخارج تفاعلت بشكل إيجابي مع الحدث الإنتخابي في البلد المجاور، وقال رئيسها رودلف فيدر في تعليقه إلى سويس انفو، بأن “الانتخابات الإيطالية خطوة متطورة لأنها منحت للمقيمين في الخارج فرصة للتمثيل في غرفتي البرلمان”، مؤكدا على أن منظمة السويسريين في الخارج “ستتابع باهتمام كبير هذه التجربة الجديدة”.

وتأمل المنظمة المعنية بشؤون أكثر من 630 ألف سويسري مقيمين في الخارج في أن يؤدي المثال الإيطالي إلى إعادة طرح النقاش في سويسرا حول تمثيل ما يعرف بـ “الكانتون السابع والعشرين” في غرفتي البرلمان الفدرالي، أو ما يعبر عنه أيضا بـ “سويسرا الخامسة”، مثلما جرى العرف على تسمية مجمل السويسريين المقيمين في الخارج، استكمالا لسويسرا الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانشية.

ويقول فيدر، إن منظمة السويسريين في الخارج تتابع العمل السياسي الداخلي من خلال قناتين متوازيتين، الأولى تعمل على توسيع دائرة الاتصال مع البرلمان، ونجحت في تشكيل لجنة برلمانية تمثل اهتمامات السويسريين في الخارج تضم 85 نائبا، أي حوالي ثلث أعضاء البرلمان.

مسألة وقت

في المقابل، سعى السويسريون في الخارج منذ فترة إلى استقطاب اهتمام الأحزاب السياسية لهم على اعتبار أنهم صوت انتخابي مؤثر، وتم تسجيل الراغبين في المشاركة في الانتخابات في جداول خاصة بهم، وصل عددهم الآن إلى أكثر من 105 آلاف شخص.

وفيما وصف بيات كازر، نائب رئيس قسم السويسريين في الخارج في وزارة الخارجية، مشاركة الإيطاليين في الخارج في الانتخابات الأخيرة بأنها “هامة”،اعتبر بيتر سوتر، المكلف برئاسة ملف خدمات السويسريين في الخارج في نفس الوزارة، بأنها “ليست سوى مسألة وقت، حتى يتمكن السويسريون في الخارج من الوصول إلى التأثير في العملية الانتخابية في سويسرا”، وكان سوتر قد توقع ذلك في اجتماع عقده مجلس السويسريين في الخارج، في العاصمة برن قبل أسبوعين.

ويقول كازر بأن الاهتمام بالسويسريين في الخارج واضح وملحوظ من خلال المناقشات البرلمانية، فممثلو الأحزاب في البرلمان يدركون جيدا معنى وجود 105000 صوت في الخارج يشاركون في العملية الانتخابية، وقد استوعبت الأحزاب السياسية بشكل عملي “مدى تأثير السويسريين في الخارج على نتائج الانتخابات”، حسب قوله.

ووصف بيات كازر النتيجة التي أسفرت عنها الانتخابات البرلمانية الإيطالية، بأنها “تطور مهم”، نظرا لأن “الأحزاب السياسية تعرفت بشكل عملي على الدور الذي يمكن لأصوات الناخبين في الخارج أن تلعبه”، على حد تعبيره.

نظرة واقعية وإستفادة عملية

ومع أن الانتخابات البرلمانية المقبلة (في خريف 2007) لن تشمل مرشحين عن “سويسرا الخامسة” فهي ستشكل فرصة لحضور السويسريين المقيمين في الخارج بأكثر مما يتمتع به المهاجرون من أية دولة أخرى، حسب رأي رودلف فيدر رئيس جمعية السويسريين في الخارج.

فمن خلال المقارنة، يتضح أن مشاركة السويسريين في الخارج في الحياة السويسرية الداخلية أكبر من مداخلات مواطني البلدان الأوروبية الأخرى المقيمين خارج بلدانهم في الحياة السياسية لدولهم الأصلية، فالسويسريون في الخارج لا يشاركون فقط في الانتخابات البرلمانية كل 4 سنوات بل أيضا في الاستفتاءات التي يتم التصويت فيها أكثر من مرة في كل عام.

يبقى أن منظمة السويسريين في الخارج تأمل في أن تنظر الأحزاب السياسية إلى مسألة ترشيح عدد من المقيمين في الخارج لمجلس الشيوخ أو النواب بعين الاعتبار وتأمل أن تضعها الأحزاب في مرتبة تتناسب مع عدد السويسريين المقيمين في الخارج وحجم اهتمامهم بشؤون بلادهم.

ومع هذا ينظر فيدر بواقعية إلى هذا الحلم ويستذكر فشل جميع المحالات السابقة لإقناع الأحزاب السياسية السويسرية بدخول المقيمين في الخارج إلى البرلمان ضمن قوائم تلك الأحزاب، ويقول لسويس انفو: “إن قوتنا تظهر في العملية الإنتخابية وليست في الحصول على مقعد برلماني، فمرشح مقيم في الخارج وغير معروف حتى بين السويسريين في الخارج، ليست لديه حظوظ كبيرة للفوز، ولا تكفيه أصوات السويسريين في الخارج وحدها، وإذا فاز فسيكون عضوا برلمانيا أشبه برائد فضاء حط على سطح كوكب آخر، وربما في هذه الحالة تكون فرصة كلود نيكولليه (أول رائد فضاء سويسري) هي الأفضل للتعامل مع هذا الموقف”.

سويس انفو – رينات كونتسي

(ترجمه من الألمانية وعالجه: تامر أبوالعينين)

ينظر السويسريون في الخارج بإهتمام بالغ إلى تجربة إيطاليا بمنح مواطنيها المهاجرين مقاعد في مجلسي الشيوخ والنواب، وكيف أثرت هذه التجربة في المعادلة السياسية الإيطالية.
يمارس السويسريون في الخارج حق التصويت منذ عام 1995، ولم يتمكن أي منهم من الوصول إلى عضوية البرلمان، لكن الأحزاب السياسية بدأت تهتم بمشكلاتهم بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

يقدر عدد السويسريين المقيمين في الخارج بـ 634216 شخصا، طبقا لإحصائيات عام 2005.
قرابة ثلاثة أرباعهم يحملون جنسية مزدوجة ويعيش ثلثاهم في أوروبا.
حصل 105000 شخص منهم على حق المشاركة في التصويت على الإنتخابات البرلمانية والإستفتاءات الشعبية.
جرى العرف على تسمية السويسريين في الخارج بسويسرا الخامسة، وهم يسعون لأن يكون كيانهم السياسي الخاص بهم تحت شعار الكانتون السابع والعشرين (حيث أن عدد كانتونات الكنفدرالية 26).

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية