مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

التشكك والميول المحافظة غلبت على نتائج التصويت

اعتبرت نتائج تصويت الأحد انتصارا للمستهلكين بالنسبة للكثير من الصحف السويسرية الصادرة يوم الإثنين 28 نوفمبر 2005 swissinfo.ch

أصدر الناخبون قرارهم الفصل في استفتاء يوم أمس الشعبي، والنتيجة جاءت مؤيدة لفتح المتاجر أيام الأحد في محطات القطارات والمطارات، ولتعليق استخدام المواد المعدلة وراثياً.

هذه النتيجة أظهرت غلبة التشكك والميول المحافظة لدى عموم الناخبين في مواجهة غموض المستقبل، كما تقول معظم الصحف السويسرية الصادرة يوم الإثنين.

أظهرت النتائج النهائية لاستفتاء يوم الأحد 27 نوفمبر الشعبي أن 55.7% من الناخبين أيدوا المبادرة التي طرحتها مجموعات بيئية ومدافعة عن حقوق المستهلكين تدعو إلى فرض حظر مؤقت لمدة خمس سنوات على استخدام المواد المعدلة وراثياً في الزراعة. وبلغت نسبة مشاركة الناخبين 42% من إجمالي الذين يحق لهم التصويت.

كل كانتونات سويسرا الـ 26 صوتت لصالح هذا الحظر المؤقت (الذي كان يقتضي تمريره تصويت الأغلبية العددية للناخبين لفائدتها إضافة إلى موافقة الأغلبية في أكثر من نصف الكانتونات).

لذلك يمكن القول إن تمرير مبادرة شعبية بهذا الإجماع يعد حدثاً نادراً على الساحة السياسية السويسرية حيث لم يحدث إلا مرة واحدة في تاريخ الكنفدرالية (أي منذ عام 1847).

المستهلكون والبحث العلمي

الداعمون لفرض التعليق المؤقت على استخدام المواد المعدلة وراثياً، وهم ينتمون في أغلبيتهم إلى تيارات وسط – اليسار، قالوا إن انتصار مقترحهم أظهر قوة التحالف الذي نشأ في الفترة الأخيرة بين الجماعات المدافعة عن البيئة ومنظمات المستهلكين والمزارعين.

وكان هذا التحالف قد شدد في حملته الانتخابية على أن المواد المعدلة جينياً ليست في صالح المستهلكين ولا الفلاحين السويسريين، وأن فرض حظر مؤقت عليها يمثل فرصة للفلاحين كي يطوروا من تسويقهم للمنتجات العضوية.

في المقابل، وقفت الحكومة إضافة إلى قطاع المال والأعمال وأحزاب وسط – اليمين واليمينية ضد هذا التعليق. ويتلخص موقف هذه الجبهة في التأكيد على أن القانون الحالي يشتمل على ضمانات كافية للاستخدام الآمن لهذه المواد، كما أن الحظر المقترح قد يلحق الضرر بقطاع البحث العلمي للتقنية الجينية في البلاد.

وقد رد المؤيدون للحظر بالقول إنهم ليسوا معارضين للبحث العلمي لكنهم يرغبون في الحصول على وقت أكثر للتعرف على المخاطر المحتملة للمواد المعدلة وراثياً.

يشار إلى أن المبادرة الشعبية جاءت بعد أن أقر البرلمان قانوناً جديداً في عام 2003 يسمح باستخدام المحاصيل المعدلة وراثياً في سويسرا تحت شروط محددة.

وقد علق وزير الإقتصاد جوزيف دايس نيابة عن الحكومة السويسرية على نتائج التصويت بالقول إنه يتقبل نتائج التصويت وقرار الشعب السويسري، وأكد على أن الحظر المؤقت لمدة خمسة سنوات سيدخل حيز التنفيذ ابتداء من اليوم الاثنين 28 نوفمبر.

مراكز حضرية

وفي مبادرة مستقلة، مرر الناخبون السويسريون يوم أمس بأغلبية ضئيلة تعديلاً لقانون العمل يهدف إلى تخفيف القيود على التجارة والعمل يوم الأحد في محطات سويسرا للقطارات ومطاراتها.

وقد أظهرت النتائج النهائية أن 50.6% من الناخبين – أغلبيتهم يقطنون في سبعة أقاليم حضرية – أيدوا تعديل القانون، في مقابل 49.4% صوتوا بالرفض.

وقد رحب السيد دايس بنتيجة التصويت لكنه حذر في الوقت ذاته من خطوات متسرعة تجاه المزيد من الانفتاح تجاه العمل التجاري يوم الأحد.

وكانت النقابات العمالية، يدعمها الحزب الاشتراكي الديمقراطي والكنائس السويسرية الرئيسية، قد شنت مبادرة مضادة تهدف إلى إيقاف التعديل، وذلك خشية من أن تؤدي التشريعات المتساهلة إلى أسبوع عمل مكون من سبعة أيام.

على الجبهة المقابلة، أيدت أحزاب الوسط – اليمين واليمينية إضافة إلى قطاع رؤوس الأعمال تعديل القانون، ودفعت بأن هناك طلب استهلاكي متزايد لفتح المحال التجارية يوم الأحد.

يشار إلى أن المحلات التجارية في سويسرا تظل مغلقة يوم الأحد وفي الأعياد الرسمية، لكن عدداً من الاستثناءات لهذا الحظر قد تم تقديمها، وبالتحديد في المناطق السياحية، ومحطات القطارات والمطارات والخدمات.

“نزعة عملية”

الصحف السويسرية الصادرة اليوم استقبلت نتائج التصويت الشعبي بالقول إنها ترسل إشارة واضحة إلى القوى السياسية.

صحيفة دير بوند (Der Bund)الناطقة باللغة الألمانية لخصت هذه النتائج بالقول إن المبادرتين معاً تركزا الانتباه على “القيم المحافظة للسويسريين الذين أرسلوا رسالة واضحة إلى السلطات”.

بنفس النسق، تضيف صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ NZZ الرصينة الصادرة في زيورخ إن الكثير من السويسريين كانوا متشكيين من التطورات والأفكار الجديدة. وتقول الصحيفة إن نتائج التصويت تمثل تحذيراً إلى السياسيين، الذين يتوقع أن يناقشوا إمكانية تقديم سياسات أكثر ليبرالية في المستقبل.

صحيفة لوماتان (Le Matin) الشعبية الصادرة في لوزان اعتبرت أن هذا التحذير الموجه إلى الحكومة وإلى التيار اليميني جاء من مواطنين هم أساساً مستهلكون. مستهلكون يرغبون في التسوق يوم الأحد، لكنهم “لايريدون أن يأكلوا جزراً عملاقا”، مثلما قالت.

“لن نستطيع إيقاف التطور … ولكن”

صحيفة النويه لوتسرنر تسايتونغ (Neue Luzerner Zeitung) الصادرة في لوتسرن قالت: “إن نجاح من يرغبون في تقديم أي تغيير أو ابتكارات يتطلب منهم إقناع المستهلكين بوجود ميزات فعلية لهم فيها”، وأضافت أن المبادرتين أظهرتا أن التحالف بين تيارات ومنظمات متعددة يمكن أن يلعب دوراً مركزياً، ليحل محل دور الأحزاب السياسية السويسرية.

بالنسبة لصحيفة لاليبرتيه (La Liberté) الصادرة في فريبورغ، فإن الناخبين وضعوا كوابح وفرامل على التغيير، مفضلين البقاء محتاطين ضد “ما يسمى بالتغيير”.

في المقابل، هاجمت صحيفة لوتون (Le Temps) الصادرة في جنيف الناخبين، واتهمتهم بالمبالغة في الحيطة. وقالت إن “الكوابح تم وضعها بسبب الحيطة، التي تحولت إلى معيار مجتمعنا المتقدم في السن (العجوز) كلما كان القرار متعلقاً بمستقبلنا”.

صحيفة تاغس أنتسايغر (Tages Anzeiger ) الصادرة في زيورخ اعتبرت أن الحظر المؤقت على استخدام المواد المعدلة وراثياً فرصة لإجراء المزيد من البحوث – لا للتقليل منها – من أجل التعرف على مخاطر التقنية الجينية. وقالت: “إن الحظر يعطينا الوقت الكافي لكي نتعلم أكثير ونزيل قدراً من التوتر من الجدال الدائر”.

لكن صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ NZZ عارضت هذا الرأي واصفة هذه النتيجة بالخبر السيئ، وقالت “إنها تضر بالطبيعة الديناميكية للبحث العلمي السويسري وباقتصادنا”، وحذرت من أن العلماء والمستثمرين “قد يغادرون البلاد”.

فيما يتعلق بالمبادرة الداعية إلى فتح المحال التجارية يوم الأحد قالت صحيفة بليك (Blick ) الشعبية الصادرة في زيورخ إن القرار يؤكد أن “المحطة هي مركز النشاط العام” يوم الأحد.

لكن صحيفة تريبون دو جنيف (Tribune de Genéve) الصادرة في جنيف حذرت من أن المعارضين للتجارة يوم الأحد ربما يكونوا قد حققوا هدفهم الحقيقي، وهو إيقاف أي تحرير إضافي لقوانين العمل السويسرية.

وبالنسبة للكثير من الصحف السويسرية، فإن نتيجة التصويت المتقاربة أظهرت أن السويسريين ليسوا مستعدين للتنازل عن يوم الأحد كيوم راحة، حتى لو كانوا يعترفون بأن التغيير حتمي.

“نحن قد لا نستطيع إيقاف هذا التطور”، تقول صحيفة لاكسبريس وليمبارسيال L’Express) L’Impartial ) الصادرتان في نوشاتيل، “لكن يمكننا توقع معارضة قوية للعمل التجاري العام يوم الأحد”.

سويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية