مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نحو تحرير أوقات فتح المحلات التجارية في محطات البنزين؟

توجد في سويسرا حوالي 1330 محطة لبيع البنزين، لكن 30 محطة منها فقط معنية بالتعديل القانوني المعروض على التصويت يوم 22 سبتمبر 2013. Gonzalo Garcia/EQ Images

تعتبر سويسرا من بين الدول الأوروبية الأكثر تشددا فيما يتعلق بالقوانين المنظمة لأوقات فتح المحلات التجارية. لهذا السبب سيصوت المواطنون يوم 22 سبتمبر 2013 على مشروع قانون يقترح السماح للمحلات التجارية في محطات البنزين المتواجدة على الطرقات السريعة بالعمل على مدار الساعة وأيام الآحاد.

ينص القانون المعمول به حاليا، على حظر تشغيل عمال محطات توزيع البنزين في بيع بعض المنتجات ما بين الساعة الواحدة والخامسة صباحا وكذلك أيام الآحاد. وخلال هذه الفترات الزمنية، يتعين على هذا الصنف من المحطات إغلاق جانب من محلاتها التجارية في الوقت الذي يواصل فيه عمالها تشغيل محطة البنزين والمقاهي والأكشاك التابعة لها.

في المقابل، يرمي مشروع القانون المعدل إلى فتح المجال بوجه بيع كافة المنتجات وفي أي وقت، تلبية لرغبة الأشخاص المسافرين بالدرجة الأولى. وفي هذا الإطار، تنص مبادرة البرلمان الفدرالي على أن يقتصر الإجراء على محطات البنزين المتواجدة في استراحات الطرق السريعة، والمقاطع المرورية ذات الكثافة العالية.

في الوقت الحاضر، تتوفر سويسرا على أكثر من 1330 محطة لبيع بنزين تتوزع عبر أراضيها، لكن حوالي 30 منها فقط معنية بهذا التعديل التشريعي المقترح الذي تدعمه أحزاب اليمين، والحكومة الفدرالية، وقطاع من أرباب العمل.

في هذا السياق، يشير مارتان بويملي من حزب الخضر الليبراليين إلى أن “القانون الحالي يفرض تحديدا غير منطقي، بحيث يسمح ببيع منتجات، ويمنع بيع منتجات أخرى”. ويشدد مناصرون آخرون لهذا التعديل، على أن العديد من العراقيل البيروقراطية لا زالت تقف عائقا بوجه تجارة التجزئة في البلاد.

بدوره، يُخفّف كريستيان لوشر، من الحزب الراديكالي الليبرالي (وسط اليمين) الذي يُعدّ الداعم الرئيسي للتعديل القانوني، من حجم المخاوف التي أثارتها تيارات اليسار، التي حذرت من أن التعديل القانوني قد يقضي على معايير العمل المعمول بها حاليا، ويقول: “هذا التصويت لا يهدف لا لتحرير أوقات فتح المحلات – التي هي من صلاحيات الكانتونات – ولا لتغيير ظروف عمل العمال، بل يتعلق بتحديد قائمة المواد المشمولة بتطبيق هذا القانون الجديد فحسب”.

يوم الأحد 22 سبتمبر 2013، سيُدعى الناخبون السويسريون للتصويت على المسائل التالية:

مبادرة شعبية تدعو لإلغاء الخدمة العسكرية الإجبارية

مراجعة القانون الفدرالي الخاص بانتشار الأوبئة (أو الجوائح)

استفتاء شعبي حول فتح المحلات التجارية والأكشاك في محطات البنزين

بموازاة ذلك، هناك مواضيع أخرى معروضة على التصويت على المستوى المحلي في معظم الكانتونات الست والعشرين التي تتشكل منها الكنفدرالية.

حصان طروادة

على صعيد آخر، يُعتبر رفض تحرير أوقات فتح المحلات التجارية في محطات البنزين بشكل غير محدود، موقفا مبدئيا بالنسبة لمجموعة واسعة من النقابات، والأحزاب السياسية اليسارية، والمجموعات الدينية التي ترى فيما تقوم به نوعا من الدفاع عن حقوق العمال.

في هذا الصدد، تقول فانيا آليفا من اتحاد النقابات السويسرية UNIA: “إن هذا التعديل سيفتح الباب على مصراعيه لكامل قطاع البيع بالتجزئة. فإذا ما تم السماح لمحطات البنزين ببيع كامل المنتجات المعروضة على مدار الساعة وكامل أيام الأسبوع، فإن ذلك سيتحول إلى قاعدة طبيعية يجب اتباعها في كامل قطاع البيع بالتجزئة”، حسب رأيها.

من جهته، حذّر كورت ريغوتس من نقابة “سينا” من أنه سيتعيّن على العمال تحمل تبعيات هذا التحرير المقترح لأوقات فتح المحلات، وقال: “إن العديد من بائعي المحلات التجارية يُعانون من ظروف عمل صعبة، مصحوبة بأجور متدنية، دون أن ننسى ضرورة استجابتهم لأوقات عمل حسب حاجة رب العمل”. كما شكّك النقابي بشكل كبير في مدى نجاعة هذا التحرير لفتح المحلات ليلا، مشيرا إلى أنه “أمر غير ضروري بالمرة، شأنه في ذلك شأن اللجوء الى إضاءة جبل (سيرفين) Cervin ليلا”.

وفي إشارة الى اقتراحات أخرى مطروحة تهدف بدورها إلى تحرير ساعات فتح المحلات التجارية بما في ذلك أيام الأحد، يُبدي المعارضون خشيتهم من أن يصبح تعديل القانون هذا – إن حصل – بمثابة حصان طروادة في قطاع التوزيع، وهو ما من شأنه أن يدفع الأعراف إلى فرض مطالب إضافية، ولوضع المكاسب الإقتصادية فوق الإعتبارات المتعلقة بظروف عمل الموظفين.

وبحكم أنه من أكبر المنتقدين للإستهلاك المفرط، اعتبر النائب البرلماني دانيال فيشر (من حزب الخضر) أن تحرير أوقات فتح المحلات التجارية سيؤدي إلى زيادة كثافة حركة المرور وبالأخص أثناء الليل.

نقاش مطول

لا مفر من التذكير بأن المحاولات الرامية إلى التخفيف من القيود المفروضة على مواعيد فتح المحلات التجارية في محطات البنزين، تُعتبر من مواضيع التصويت التي كثيرا ما يتم الإلتجاء إليها بشكل متكرر على المستوى الوطني أو المحلي (الكانتون أو البلدية) على حد السواء.

وإلى حد الآن، لم تنجح في اجتياز عقبة التصويت الشعبي إلا بعض الإقتراحات التي كانت تهدف إلى تخفيف بعض القوانين محليا ووطنيا. وهو ما سمح مثلا بفتح المحلات التجارية في محطات البنزين أربع مرات في السنة خلال أيام الأحد، وبتمديد فترة تشغيل المحلات التجارية في محطات القطارات والمطارات.

وفي عام 2010، أكدت المحكمة الفدرالية (أعلى سلطة قضائية في سويسرا) من جهتها قرارا سابقا يقضي بحظر فتح المحلات التجارية في محطات البنزين بشكل متواصل لمدة أربع وعشرين ساعة.

وفي الوقت الحاضر، لا زالت هناك أربع اقتراحات مختلفة مطروحة أمام البرلمان الفدرالي وتشمل “إلتماس لومباردي” الذي يهدف الى إيجاد توافق في ساعات فتح المحلات التجارية في كامل البلاد، و”إلتماس آبات” الذي يسعى للسماح بفتح المحلات التجارية في المناطق السياحية التقليدية أيام الأحد. وهناك أيضا “التماس بريتشي” الذي يرمي للسماح للمحلات التجارية التي لا تتجاوز مساحتها 120 مترا مربعا بالبقاء مفتوحة أثناء الليل وأيام الأحد.

أخيرا، تعتبر النقابات العمالية أن عطلة يوم الأحد، التي تم إقرارها في قوانين العمل السويسرية منذ عام 1877، من المكاسب الكبرى للطبقة الشغيلة، لذلك فهي تحذر منذ سنوات من أن أيّ تراجع ولو طفيف عن ذلك قد يشكل انزلاقا تدريجيا نحو فترة عمل تمتد لكامل أيام الأسبوع السبعة.

(نقله إلى العربية وعالجه: محمد شريف)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية