مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الخارجية الامريكية تدين انتهاكات حقوق الانسان فى العالم ووزارة التجارة تقدم تراخيص لتصدير وسائل ارتكابها

فتاة تنظر إلى جثة ابيها الذى قتل فى مجزرة إرتكبتها جماعات مسلحة فى كولومبيا swissinfo.ch

تزامن إصدار وزارة الخارجية الأمريكية لتقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم مع تقرير آخر أصدرته منظمة العفو الدولية بعنوان"إيقاف صناعة التعذيب" انتقدت فيه الولايات المتحدة انتقادا شديدا لسماحها بتصدير أدوات وآلات التعذيب إلى دول معروفة بسجلها السيئ في مجال حقوق الإنسان.

لم تخرج الولايات المتحدة عن قاعدتها المعروفة في توجيه أصابع الاتهام إلى دول العالم بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان وغض الطرف في الآن ذاته عن الانتهاكات التي تحدث في عقر دارها. يوم الاثنين، وعملا بتقليد بدأته الولايات المتحدة عام 1977، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي حول أوضاع حقوق الإنسان في العالم.

التقرير الأمريكي جاء واضحا لا لبس فيه. عام ألفين شهد عددا من التطورات الإيجابية في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية والحريات الأساسية تمثلت، على سبيل المثال لا الحصر، في الخطوات التي اتخذتها الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية لدعم أوضاع حقوق الإنسان في دول العالم، وتزايد عدد الدول التي اختارت نهج الديمقراطية نظاما للحكم. في المقابل، لازال سجل معظم دول العالم حافلا بانتهاكات حقوق الإنسان.

لم تغب منطقة الشرق الأوسط عن حديث التقرير الأمريكي عن هذا السجل الدولي الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان. فخص العراق بالذكر واصفا النظام العراقي، على حد تعبيره، بأنه واحدا من أكثر ألا نظمه قمعا في العالم ترتكب فيه قوات الأمن بصورة رو تينه مختلف أشكال التعذيب والقتل والضرب والاغتصاب والترهيب. كما أدان المملكة العربية السعودية لما وصفه بسجلها الضعيف في مجال حقوق الإنسان ولمنعها الممارسة العلنية للشعائر الدينية لغير المسلمين ولتمييزها ضد الأقلية الشيعية في البلاد. وفى الوقت الذي أشار فيه التقرير إلى انخفاض حالات التعذيب والاعتقال التعسفي في الجزائر، لم يغفل، ما وصفه، بعمليات القتل التي ترتكبها قوات الأمن والجماعات الإرهابية والتي أزهقت المئات من الأرواح.

إسرائيل أيضا نالت قسطها من الانتقاد الأمريكي. فالدولة العبرية، يشير التقرير، استخدمت عنفا مبالغا فيه في مواجهة الانتفاضة الفلسطينية كما أن سجلها في معاملة مواطنيها من غير اليهود وبالتحديد من فلسطيني عام 48 أزداد سوءا. وعلى الجانب الفلسطيني، أنتقد التقرير الفلسطينيين بسبب إقدام قواتها الأمنية وأعضاء حركة فتح على قتل عددٍ من الجنود والمدنيين (المستوطنين اليهود)، على حد تعبيره.

المفارقة في كل ما ورد في التقرير الأمريكي، أن الولايات المتحدة تطرقت إلى مختلف أصناف الانتهاكات الحادثة في شتى بقاع العالم ونسيت أن تشير إلى الانتهاكات الحادثة لديها. فجاء تقرير منظمة العفو الدولية “إيقاف تجارة التعذيب” ليصحح من هذا الخلل. تقرير المنظمة الذي تزامن صدوره مع تقرير وزارة الخارجية الأمريكية أتهم الولايات المتحدة بإصدارها تراخيص لبيع وتصدير الآلات والأدوات التي تستخدم في ممارسة التعذيب وغضها الطرف عن التجارة المرتبطة بها. فهل كان توقيت إصدار تقرير منظمة العفو الدولية متعمدا؟

كلا. يجيب الأستاذ كمال السمارى المتحدث باسم منظمة العفو الدولية. فالتقرير صدر ضمن سلسلة من التقارير في إطار حملة تقوم بها منظمة العفو الدولية ضد التعذيب. “لكن المصادفة رغم ذلك”، يردف الأستاذ السمارى، “تظل حميدة” لاسيما وأن “تقرير وزارة الخارجية الأمريكية يتناول بالبحث جميع دول العالم باستثناء دولة واحدة هي الولايات المتحدة. وهذا التقرير يركز على الدور الذي تلعبه ولعبته الشركات الأمريكية في تصدير أجهزة متطورة للتعذيب.”

عن هذا الدور، يشير تقرير منظمة العفو الدولية إلى أن اكثر من ثمانين شركة أمريكية تقوم بصناعة وتوزيع وتصدير أنواع من الأسلحة والأدوات التي تستخدم في التعذيب، وان وزارة التجارة الأمريكية أصدرت منذ عام 1997 تراخيص بقيمة 97 مليون دولار أمريكي لبيع هذه الأدوات إلى عددٍ من الدول من بينها المملكة العربية السعودية وروسيا والتايوان والبرازيل وإسرائيل ومصر، وكلها دول، تقول منظمة العفو الدولية، تستخدم هذه التقنية في تعذيب معتقليها.

رغم ذلك، يقول الاستاذ كمال السمارى، فإن هذه التجارة تأخذ طابعا دوليا وتمارسها الكثير من البلدان منها فرنسا وألمانيا. كما تشير المعلومات التي حصلت عليها منظمة العفو الدولية إلى وجود نحو 150 شركة تمارس هذه التجارة. ولذا، ينفى الأستاذ كمال السمارى أن تكون منظمة العفو الدولية قد ركزت أو استهدفت الولايات المتحدة بالتحديد. لكن المؤكد هو ان هذه الصناعة نمت وتطورت في الولايات المتحدة وأن هناك حاجة لاتخاذ إجراءات قوية ونافذة لإيقاف تصدير أدوات التعذيب إلى الخارج.

الجدير بالذكر، أن القوانين الأمريكية تمنع بيع أو استخدام العديد من هذه الآلات في الولايات المتحدة نفسها لكنها تجيز تصديرها إلى الخارج منذ عام 1997 تحت تصنيف “أدوات لمكافحة الجريمة”.

إلهام مانع

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية