الخليل في قلب النزاع الفلسطيني الاسرائيلي
قتل سبعة فلسطينيين، من اصل تسعة في الخليل، بالرصاص الاسرائيلي خلال الايام الماضية قرب الحرم الابراهيمي الذي يتضمن بعدا رمزيا قوميا ودينيا في النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.
فالمقام الذي يضم معبدا يهوديا ومسجدا يتولى الجيش الاسرائيلي تفتيش المصلين الداخلين اليه، هو تجسيد صارخ للاحتلال بالنسبة لسكان الخليل ويخشى الفلسطينيون ان يصبح نموذجا لتقسيم الحرم القدسي.
شكلت الخليل كبرى مدن الضفة الغربية القلب التجاري للاراضي الفلسطينية المحتلة لفترة طويلة لكن دخول المستوطنين واحتلالهم وسط المدينة غير وجه المدينة التي يعتبرها التقليد موطن النبي ابراهيم الذي عاش ودفن فيها.
ويعيش اكثر من 500 مستوطن وراء ابراج المراقبة والحواجز تحت حماية الجيش وخلف منطقة عازلة حلت محل شارع الشهداء الذي كان يعج بالمتسوقين لكن الاحتلال اجبر اصحاب المتاجر على اغلاقها.
وحول هؤلاء المستوطنين يعيش نحو 200 الف فلسطيني.
ومنذ بداية شهر تشرين الاول/اكتوبر مع اندلاع موجة جديدة من العنف، وبعد ان باتت المدينة تشهد هجمات ومواجهات بشكل يومي ارتفع خمس مرات عدد من يلجأون منهم الى عيادات “اطباء بلا حدود”.
تؤكد المنظمة غير الحكومية ان الاطفال يتبولون لا إرادياً خلال الليل ويخافون مغادرة المنزل، أما الكبار فكثير منهم “فقدوا شهيتهم للأكل ويعانون من الأرق. انهم يبكون من الخوف والاحباط”.
ولا يشعر سكان الخليل بأي أمل في تحسن الوضع. فعلى مدى عشرات السنين اتسع الاستيطان وتم تقسيم الحرم الابراهيمي الى قسمين بعد المجزرة التي ارتكبها متطرف يهودي في 1994 وقتل خلالها 29 مسلما، وباتت هجمات واعتداءات المستوطنين يومية اما الوسائل التي تملكها السلطة الفلسطينية أو الفريق الدولي من المراقبين في المدينة فلا تؤخر ولا تقدم.
يقول عيسى عمرو “الخليل هي المدينة الوحيدة التي يعيش المستوطنون في داخلها”. ويضيف الناشط في مواجهة الاستيطان في المدينة ان الهجمات وعمليات الطعن ليست سوى “رد على محاولات تهويد وسط المدينة القديم وعلى عمليات الاعدام الميدانية اليومية وعلى حماية الجيش للمستوطنين وتجاوزاتهم”.
ردا على سؤال لفرانس برس قال الجيش الاسرائيلي ان الجنود الذين قتلوا الفلسطينيين في الخليل تصرفوا “بدافع الدفاع المشروع عن النفس”. وقال مسؤول عسكري “تم الالتزام بتعليمات اطلاق النار” مؤكدا ان الخليل هي “بؤرة توتر دائم بسبب العامل الديني” وانها في الوقت نفسه “معقلا نشطا” لحركة حماس في الضفة الغربية.
في 17 تشرين الاول/اكتوبر، قتل ثلاثة شبان بينهم فتاة في السادسة عشرة قرب الحرم الابراهيمي واكد الجيش انهم حاولوا طعن جنود.
احداث القتل هذه وحالة الاحتقان العامة دفعت على الارجح عدي المسالمة وعمره 24 عاما الى طعن جندي في 20 تشرين الاول/اكتوبر وادت الى مقتله قرب الخليل.
تقول والدته “كان يشعر بالقهر. عندما منعه الاسرائيليون من دخول الحرم القدسي قرر ان يستشهد”. وتضيف زوجته “على مدى اسبوع راح يشحذ سكينه”.
بعد خمسة ايام، قتلت دانية ارشيد امام الحرم الابراهيمي. قالت السلطات الاسرائيلية انها حاولت طعن جندي لكن الشهود اكدوا انها فتحت حقيبتها لتفتيشها امام الجنود الذين اردوها بعدة رصاصات اثناء سقوطها وذراعاها مرفوعان.
خلف مقتل دانية شعورا بالغضب. فبعد ذلك بقليل وضع الطالب رائد جرادات البالغ من العمر 22 عاما صورتها على فيسبوك وحجابها الابيض مغطى بالدم وكتب “تخيل لو كانت اختك”. وفي اليوم التالي قتل وهو يحاول طعن جندي على حاجز.
وفي اليوم نفسه قتل سعد الاطرش وعمره 20 عاما امام الحرم الابراهيمي دون ان يشكل اي تهديد وفق ما اكدت منظمة العفو الدولية التي ادانت رد الفعل الاسرائيلي “غير المبرر”، والخميس، قتل فلسطينيان اخران.
وفي الاجمال قتل تسعة فلسطينيين، سبعة مهم قرب الحرم الابراهيمي.
ويشكل ابناء الخليل ثلثي الفلسطينيين الذين يقول الجيش انهم نفذوا او حاولوا تنفيذ عمليات طعن. وبعد كل هجوم، تحتفظ اسرائيل بالجثة وتهدد بهدم اوتهدم منزل العائلة.
هذه “العقوبات الجماعية” هي التي “ستلهب مشاعر الفلسطينيين” كما يؤكد اهالي القتلى الذين يطالبون باستعادة جثامين ابنائهم التي تحتجزها اسرائيل ليتمكنوا من دفنهم بكرامة.