مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

أوكرانيا وسوريا تلقيان بظلالهما على أشغال مجلس حقوق الإنسان

هذه المرة، سيكون ريتشارد فولك، المقرر الخاص المعني بأوضاع حقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية المحتلة في آخر مهمة له في هذا المنصب. (صورة من الأرشيف) Keystone

يستعد مجلس حقوق الإنسان لعقد الدورة الأكثر ازدحاما منذ تأسيسه من حيث المواضيع المطروحة أو الشخصيات الحاضرة. ففي دورته الخامسة والعشرين، سيتم الإستماع لأكثر من مائة شخصية رفيعة المستوى، وستُعالج بعض الملفات الساخنة مثل سوريا، وليبيا، وإفريقيا الوسطى وكوريا الشمالية، وقد يتم التطرق إلى الأوضاع في أوكرانيا ومصر. وفي كل الحالات، سيكون للعالم العربي حضور مكثف من ناحية الحضور أو المواضيع المطروحة للنقاش.

تعتبر الدورة الحالية التي تنطلق أشغالها يوم الإثنين 3 مارس وتختتم في الثامن والعشرين منه، “الأكثر نشاطا من حيث عدد المواضيع المطروحة للنقاش أو الشخصيات التي ستردد على الإجتماع الرفيع المستوى، وهذا منذ تأسيس المجلس في عام 2006″، مثلما يقول رونالدو غوميز، الناطق باسم المجلس.

  

ومن المنتظر أن يتوافد على جنيف في الدورة الخامسة والعشرين للمجلس أكثر من 100 شخصية رفيعة المستوى، في مقدمتها الرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي، ونائب رئيس كولومبيا  انجليو غارسون، بالإضافة الى الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة بان كي مون وجون آش، رئيس الجمعية العامة للمنتظم الأممي.

ومع أن هذا الشق من اجتماعات مجلس حقوق الإنسان، الذي يُعرف بـ “الإجتماع الرفيع المستوى”، عادة ما يُنظر له على أنه فرصة لتعزيز العلاقات العامة لا غير، فإن حضور وزير الخارجية الروسي سيرغاي لافروف، وسامانتا باور، العضو في مكتب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قد يُوحي بإمكانية حصول لقاءات ثنائية هامشية حول قضايا الساعة الساخنة (الأزمة السورية أو الأوكرانية…)، أو لمحاولة الضغط من أجل تجنب التطرق لها في الجدول الرسمي لأشغال المجلس، خصوصا وأن الإنقسامات “بدت واضحة بين الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي” أثناء الاجتماعات التحضيرية بخصوص الملف الأوكراني، حسبما أفادت به مصادر دبلوماسية غربية.

كوريا وسوريا

من بين التقارير التي يُتوقع أن تجلب الإنتباه إليها في هذه الدورة، التقرير السابع للجنة التحقيق الخاصة بالتحقيق في الإنتهاكات المرتكبة في الصراع السوري برئاسة الأرجنتيني باولو بينهايرو والتي تضم أيضا النائبة العامة السويسرية السابقة كارلا ديل بونتي.  وفي غياب تأكيد موعد جديد لاستئناف الجولة الثالثة من مفاوضات السلام بين الأطراف السورية برعاية الوسيط العربي الدولي السيد الأخضر الإبراهيمي، ستكون مناقشات مجلس حقوق الإنسان فرصة لتسليط الأضواء من جديد على الإنتهاكات المرتكبة في سوريا من قبل كل الأطراف المتنازعة.

من جهة أخرى، سيكون التقرير غير العادي الذي قدمته لجنة التحقيق الأممية برئاسة ميخائيل كيربي حول الأوضاع السائدة في كوريا الشمالية والذي طالب بمحاكمة مرتكبي ما وصفها بـ “جرائم ضد الإنسانية” في حق شعب ذلك البلد الآسيوي، فرصة إضافية لاندلاع جدل إيديولوجي عنيف بين ممثلي بيونغ يونغ ومناصريهم، وبين المعسكر الغربي ومؤيّديه.

تنعقد الدورة 25 لمجلس حقوق الإنسان من 3  الى 24 مارس 2014 بقصر الأمم في جنيف.

تحضر الدورة أكثر من 100 شخصية في مقدمتها رئيس تونس الدكتور المنصف المرزوقي الى جانب الأمين العام بان كي مون.

يرأس مجلس حقوق الإنسان منذ 1 يناير 2014 سفير الغابون لدى الأمم المتحدة السيد بودلير ندونغ إيلا.

يتكون المجلس من 47 دولة عضو يتم انتخابها من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة ضمن ترشيحات تقدم داخل كتل إقليمية محددة.

الدول العربية المشاركة في الدورة 25 كبوصفها أعضاء في المجلس: الجزائر و السعودية والإمارات والكويت والمغرب.

من بين الدول العظمى المشاركة في الدورة كأعضاء في المجلس هناك الصين وروسيا وفرنسا وبريطانيا إضافة الى المانيا.

اختبار لمصداقية المجلس

في سياق متّصل، يُعتبر انعقاد الدورة الرئيسية لمجلس حقوق الإنسان لعام 2014، فرصة لاستعراض تقارير عدد من المقررين الخاصين، يتطلب بعضها تدخلا من الدول الأعضاء وهذا ما سيتم في الفترة الفاصلة ما بين 10 و 14 مارس. إذ سيتم الإستماع الى التقارير التي أعدها 13 مقررا أمميا خاصا، من بينهم المقرر الخاص المعني بمناهضة التعذيب، وحرية الدين والمعتقد، ومحاربة الإرهاب. وفي هذا الصدد، قد تثير رغبة باكستان في فتح نقاش عام حول مسألة استخدام الطائرات بدون طيّار في أجوائها وضد مواطنيها قلق الولايات المتحدة.

ومع أن هذه التقارير نجمت عن تفاهم مُسبق تم التوصل إليه بين الدول الأعضاء في المجلس قبل فترة، يرى مراقبون أن الإختبار الحقيقي لمصداقية مجلس حقوق الإنسان يكمُن في مدى قدرته على تعيين مقررين خاصين للتعامل مع الحالات الطارئة وعدم الإقتصار على الملفات أو الحالات التي يحصل إجماع بشأنها. وفي هذا الإطار لا مفر من الإنتظار لمعرفة الكيفية التي ستتطرق بها المفوضة السامية لحقوق الإنسان، والأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة، ومندوبو الدول الأعضاء إلى حالات مصر وليبيا وأوكرانيا والعراق وفنزويلا … وغيرها.

تجديد ولايات خاصة يثير جدلا

من الفقرات المهمة في الدورة الحالية لمجلس حقوق الإنسان، عملية استبدال 18 من أصحاب الولايات الخاصة، وفي مقدمتهم المقرر الخاص المكلف بأوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة. إذ سيُقدم الأمريكي ريتشارد فولك آخر تقرير له في هذه الدورة واضعا بذلك حدا لعملية “شد وجذب” تمت بينه وبين السلطات الإسرائيلية المدعومة من قبل الإدارة الأمريكية. ومن خلال المعلومات المتوفرة، يبدو أن عملية التصفية الأولية بين مختلف المرشحين لشغل هذا المنصب لم تكن بالهيّنة، وقد شهدت – حسبما يبدو – مُساومات وراء الكواليس.

الدورة الخامسة والعشرون ستشهد أيضا تخصيص بعض الجلسات لاعتماد تقارير عدد من الدول التي قدّمت تقاريرها ما بين 21 اكتوبر وأول نوفمبر 2013، أمام آلية الإستعراض الدوري الشامل (كان من بينها الأردن والعربية السعودية إضافة إلى إسرائيل).

ومع أن القرارات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان تبقى مجرد حبر على ورق في أغلب الحالات، إلا أنها تعكس من خلال ما تتوصل إليه، حقيقة التوازنات الآنية القائمة على مستوى العلاقات الدولية، ليس فقط بما تُصدره من قرارات، بل أيضا بما تتجنب التطرق إليه أو تتجاهله من أزمات وانتهاكات، وهو ما سيتضح كالعادة في الأسبوع الأخير من أشغال الدورة.      

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية