مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الرادون يقتل أكثر من السيدا في سويسرا!

خارطة انتشار غاز الرادون في سويسرا. المناطق الحمراء هي أكثر تعرضا لهذا الغاز الطبيعي المشع BAG / OFS

يودي سرطان الرئة الناجم عن استنشاق غاز الرادون حاليا بحياة ما بين 200 و300 شخص سنويا في سويسرا.

وقد بدأت عمليات القياس الأولى لتركيز هذا الغاز الطبيعي المُشع في البيوت السويسرية في بداية الثمانينات.

أطلقت منظمة الصحة العالمية يوم 21 يونيو الماضي في جنيف مشروعا دوليا لمكافحة أخطار الرادون أو غاز الراديوم. ويهدف هذا التحرك الذي سيتواصل ثلاث سنوات إلى مساعدة الدول المعنية على تقليص الأخطار الصحية المترتبة عن الرادون.

وينتج الرادون، وهو غاز خامل مشع ذو منشأ طبيعي، من تفكك عنصر الراديوم الذي يعود إلى سلسلة اليورانيوم المتواجدة في القشرة الأرضية. لا رائحة ولا لون ولا ذوق له. يتواجد في العالم بأسره بنسب تختلف حسب كمية اليورانيوم المتواجدة في التربة.

وتقول منظمة الصحة العالمية إن الرادون هو ثاني مسببات الإصابة بسرطان الرئة بعد التبغ، إذ أنه مسؤول عن 6 إلى 15% من الحالات. ولدى المُدخنين، يضاعف التعرض إلى هذا الإشعاع الأيوني مخاطر الإصابة بهذا النوع من السرطان بـ25 مرة.

240 وفاة سنويا على الأقل..

أما في سويسرا فيتسبب الرادون في 8,4% من حالات الإصابة بسرطان الرئة. ويشدد الفيزيائي جورج بيلر، المسؤول عن قسم الرادون في المكتب الفدرالي للصحة العمومية، على أن “قرابة 240 من الوفيات في عام 2004 نجمت عن الإصابة بسرطان الرئة جراء استنشاق الرادون. وهو عدد يفوق الوفيات المنسوبة للسيدا”.

وينتشر الرادون في مختلف أنحاء سويسرا تقريبا لكن بنسب متفاوتة. وقد سُجل أقوى تركيز له في كانتونات جورا ونوشاتيل وتيتشينو وغراوبوندن. ويتواجد هذا الغاز أساسا في الصخور الأكثر شفافية مثل صخور التضاريس الصلصالية، لأن مساميتها تسمح لها بالصعود بسهولة إلى الواجهة.

وفي الهواء الطلق، تلتصق جُزئيات ألْفَا (نواة ذرة الهليوم)– وهو الإشعاع الأيوني المنبعث من الرادون- بالغبار والجزيئات الموجودة في الجو. وعندما يتنفسها الإنسان، تلتصق بخلايا النسيج الرئوي وتـُشعُّه. ويـُمكن أن تمضي عقود قبل ظهور أعراض سرطان الرئة على مُستنشق الرادون.

وتظل نسبة تركيز الغاز ضعيفة في الأماكن المفتوحة، لكن يمكن أن ترتفع فجأة في بعض الأماكن المغلقة مثل المناجم والمغارات وفي منازل المناطق الأكثر تعرضا لهذا الغاز المُشع.

ويتسرب الرادون -عبر الحواجز غير العازلة مثل شقوق الجدران والأرضيات والقنوات- إلى السراديب ويمكن أن يصعد بعد ذلك إلى الطوابق العليا. ويستقر المعدل العادي للرادون حسب وحدة قياس (Becquerel) في 400 Bq بالمتر المكعب. وحسب المقاييس الأوروبية، يرتفع خطر الإصابة بسرطان الرئة بشكل كبير ابتداء من معدل يفوق 1000 Bq/ متر مكعب.

إمكانيات محدودة

وقد أظهرت دراسة تم إنجازها مؤخرا في مرتفعات نوشاتيل أن ثلث بلديات هذا الكانتون تقع على أرضية تحتوي على الرادون. ويفوق معدل هذا الغاز المشع في حوالي 80 من المباني الـ1500 التي خضعت للقياس 1000 Bq/m3.

وقال الفيزيائي جورج بيلر في هذا السياق: “سنقوم بإطلاق حملتين جديدتين لقياس معدل الرادون في كانتونات نوشاتيل وتيتشينو ابتداء من الشتاء القادم. ويُفترض أن تتواصل الحملتان مدة عشر سنوات، إذ ستخضع الكثير من البلديات المعرضة للخطر للدراسة”.

وماذا عن كانتوني جورا وغراوبوندن؟ يجيب الخبير بيلر: “نحن لا نتوفر مع الأسف على الإمكانيات المالية لشن تحركات على نطاق واسع مثل تلك التي تُنفذ ضد التدخين أو السيدا”.

ورغم إبلاغه بأخطار الرادون منذ عام 1994 -تاريخ دخول القانون حول الحماية من الإشعاع حيز التطبيق- مازال الرأي العام السويسري لا يُدرك تماما أنه معني بهذه المشكلة، حيث أوضح الفيزيائي بيلر أن نسبة قليلة من الناس فقط على علم بأخطار الرادون. وأضاف بهذا الشأن:

“خلافا لمصادر أخرى متسببة في الإصابة بالسرطان، مثل هوائيات الهواتف النقالة، يظل الرادون مشكلا طبيعيا. ليس هنالك طرف مخطئ، وبالتالي يختلف الإحساس بالخطر وهو أمر يُضر بكفاحنا”.

الوقاية تنطلق من الأساس

لكن الحد من التعرض لغاز الرادون في المباني السكنية مازال معركة يمكن الإنتصار فيها إذ تُتخذ بعدُ العديد من الإجراءات الوقائية والتطهيرية. وتشير منظمة الصحة العالمية إلى أن رفع مستوى التهوية تحت الأرضيات وإغلاق شقوق وثقوب الجدران وسائل بسيطة غالبا ما تكون كافية لحماية المباني. ويـُذكر أن القانون الفدرالي حول الحماية من المواد المُشعة ينُص على تكفل المالك للمبنى بعمليات التطهير فور تجاوز معدل الرادون لـ1000 Bq/m3.

ومن الحلول الأخرى الحرص على اعتماد إجراءات وقائية أثناء عمليات البناء (مثل تعزيز السراديب ببلاط من الإسمنت وضمان مرور الهواء تحت المنازل ووضع نظام تهوية تحت الأسس). وعن هذه الإجراءات، يقول الفيزيائي بيلر: “نظرا لتعذر إمكانية توعية الجمهور، نحرص على إثارة انتباه أوساط البناء إلى مختلف الأساليب التي يمكن استخدامها لمحاربة الرادون”.

رافاييل دونزل – سويس انفو/ ترجمة وتوضيب إصلاح بخات

يتجاوز سكان سويسرا 7 مليون نسمة.
قرابة 70 ألف منهم يتوفون سنويا من بينهم 17 ألف إثر الإصابة بالسرطان.
يتسبب سرطان الرئة في وفاة حوالي 2700 شخص كل عام.
تنسب 200 إلى 300 حالة إلى التعرض للرادون “غاز الراديوم”.

يمكن قياس تركيز الرادون (غاز الراديوم) بطريقة بسيطة واقتصادية باستخدام أجهزة مقياس الإشعاع يمكن اقتناءها بسعر 60 فرنك لدى مكاتب القياس المعتمدة في سويسرا.
بالنسبة لبيت عائلي، يوصي الخبراء بوضع اثنين إلى ثلاث أجهزة مقياس الإشعاع في غرف مختلفة من المنزل. ويجب تفادي وضعها في الأماكن المعرض للتيار الهوائي.
يُفضل قياس الرادون في الطوابق السفلى من المنزل لأن تركيز هذا الغاز يتقلص تدريجيا
لدى الصعود إلى الطوابق العليا.
يفضل أيضا اتخاذ الإجراءات الوقائية أثناء فصل الشتاء. فأثناء الموسم البارد، ترتفع نسبة استنشاق الغاز في السراديب بسبب استعمال أجهزة التسخين.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية