صفّارات الإنذار التي ترتعش لها الآذان السويسرية
في أوّل يوم أربعاء من شهر فبراير من كلّ عام، ينطلق صوت 7،200 صفّارة إنذار في جميع أنحاء سويسرا فيملأ الأجواء، وينشر الذعر في قلوب كلّ من لا يدرك أنّه اختبار. ولكن هل تعرف ماذا تفعل إذا كان الإنذار حقيقيّا؟
عندما سمعت اختبار صفّارات الإنذار للمرّة الأولى، شعرت بالارتباك والقلق قليلًا، ونظرت بهدوء إلى من حولي في المكتب، ولم أدرك، ببطء، ما يجري إلا عندما رأيت أحد الزملاء ينظر إلى ساعته ويومئ برأسه.
ومن المحرج أنّني نسيت تذكير وسائل الإعلام بأنّ جميع صفّارات الإنذار في سويسرا ستنطلق في الساعة 1:30 بعد الظهر. وبعد مرور عشرين عامًا، لا زلت أشعر بالقلق الشديد في الثواني الأولى.
ولا يتطلّب الأمر اتخاذ أيّ احتياطات خاصّة. ويودّ مكتب الحماية المدنيّة الفدراليّ (OFPP)، الذي يتولّى تنظيم هذا الاختبار، أن يعبّر عن شكره للجمهور على تفهّمهم، كما ورد بلطف على موقعه الإلكترونيّ.
وفي كلّ بلد في العالم تقريبًا، تُستخدم صفّارات الإنذار لتحذير السكّان من خطر وشيك، سواء كان غزوًا، أو هجومًا صاروخيًا، أو حادثًا نوويًّا، أو كارثة طبيعيّة (تسونامي أو براكين أو أعاصير أو زلازل). وتشكّل صفّارات الإنذار في سويسرا، البالغ عددها 5،000 صافرة ثابتة و2،200 أخرى متحرّكة، إحدى أوسع شبكات صفّارات الإنذار الوطنيّة للحماية المدنيّة في العالم.
كما تحذّر لجنة الحماية المدنيّة الفدراليّة من أنّ “سويسرا، أو أجزاء معيّنة منها، يمكن أن تتعرّض لكوارث طبيعيّة أو تكنولوجية أو مجتمعية، أو حالات طوارئ في أيّ وقت”. وفي حالة ”وجود خطر وشيك على السكان، تُشغَّل صفّارات الإنذار“.
ويوجد في سويسرا نوعان من صفّارات الإنذار: إشارة الإنذار العامّ، في حالة وجود خطر محتمل على السكّان، وإنذار المياه للأشخاص الذين يعيشون على مقربة من السدود التي تمسك المياه. ومنذ عام 2018، ترسل الإنذارات أيضًا إلى الهواتف الذكيّة عبر موقع “إنذارات سويسريةرابط خارجي” (Alertswiss) الإلكتروني، الذي يحتوي أيضًا على معلومات الطوارئ.
ويوفّر تطبيق “إنذارات سويسرارابط خارجي” معلومات عن الكوارث الطبيعيّة مثل الفيضانات أو حرائق الغابات، ويحذّر من الأخطار مثل حوادث محطّات الطاقة الكيميائيّة، أو النوويّة، أو الهجمات الإرهابيّة المحتملة. ويمكن تنزيل التطبيق مجانًا على نظامي التشغيل iOSرابط خارجي و Androidرابط خارجي.
في الساعة 1:30 ظهرًا في أوّل يوم أربعاء من شهر فبراير، يُختبَر الإنذار العام على مستوى البلاد، ويتكوّن من صوت متذبذب منتظم يستمرّ مدة دقيقة واحدة، ويتكرّر مرة واحدة بعد فاصل زمنيّ مدّته دقيقتان. وإذا لزم الأمر، يمكن أن يستمرّ اختبار صفّارات الإنذار حتى الساعة الثانية بعد الظهر.
“Allgemeiner Alarm MP3”. Released: 2002.
وكذلك يُختبر الإنذار المائيّ في المناطق القريبة من السدود بين الساعة الثانية بعد الظهر والساعة 4:30 عصراً (على أقصى تقدير). ويتكوّن من 12 نَغْمَة منخفضة مستمرة تدوم 20 ثانية، تتكرّر على فترات زمنيّة مدتها عشر ثوانٍ.
“Wasser MP3”. Released: 2002.
وفي معظم الأعوام، تعمل 99% من صفّارات الإنذار، ضمن هامش الخطأ الطبيعيّ، وفقًا لمكتب حماية البيئة والموارد المائيّة.
وتُعدّ الشبكة السويسريّة فريدة من نوعها، إذ إنّها تغطّي المناطق الحضريّة، والريفيّة على حدّ سواء؛ ”على سبيل المثال، ليس لدينا صفارات إنذار ثابتة فحسب، بل لدينا أيضًا صفارات إنذار متنقّلة تُركّب على السيارات، وفي حالة حدوث إنذار، تسلك مسارًا محددًا في منطقة نائية لضمان إبقاء السكّان على دراية بما يحدث”، كما أوضح دينيس رييل، رئيس قسم المعلومات في شرطة مكافحة الحرائق، لـسويس إنفو (swissinfo.ch) في عام 2010.
حالات حقيقيّة في بعض الأحيان
ماذا يحدث إذا دوّت صفّارات الإنذار، ولم تكن الساعة 1:30 ظهرًا في أوّل أربعاء من شهر فبراير؟
إذا كان الأمر يتعلّق بإنذار عامّ، تقول بوّابة ch.ch للمعلومات التابعة للحكومة السويسريّة: “يعود السكان إلى تطبيق Alertswiss أو الموقع الإلكتروني ch.chرابط خارجي للحصول على معلومات، ويستمعون إلى الراديو، وتبثّ قنوات الإذاعة السويسريّة العامّة، والعديد من المحطات الإذاعية الخاصة، تعليمات من السلطات حول كيفيّة التصرّف في حالة وقوع كارثة أو حالة طوارئ، وتدعو السكّان إلى اتباع التعليمات.”
وفي حالة وجود إنذار بوجود خطر مائي، يطلب من المواطنين والمواطنات “مغادرة المنطقة المهدَّدة فورا، واتباع التعليمات التي تصدرها السلطات، والبقاء على اطلاع دائم عبر تطبيق Alertswiss“.
من ضمن الحالات الفعليّة التي استُخدم فيها الإنذار العامّ، حالة شهدتها منطقة برن في عام 2007، عندما وصل منسوب مياه نهر آر إلى مستويات مرتفعة بشكل خطير. فأُطلق الإنذار، وطُلب من الناس حماية ممتلكاتهم، والابتعاد عن النهر. وفي عام 2008، انطلقت صفّارات الإنذار في بلدة أدليسفيل الصغيرة بالقرب من زيورخ، وأُخبر السكان الذين شغلوا أجهزة الراديو بأنّ مياههم ملوّثة ويجب غليُها قبل الشرب.
ويدرك المكتب الفدراليّ لحماية السكّان أنّ بعض الأشخاص، مثل الصمّ، لا يمكن تحذيرهم مباشرة، وهناك أيضًا أشخاص لا يستطيعون التقاط المعلومات اللازمة، رغم أنّهم يسمعون صفّارات الإنذار، لأنّهم لا يتحدثون اللغة.
”ولهذا السبب، من المهم أن يُبقي الجيران بعضهم بعضًا على اطلاع دائم. (توصي السلطات أيضًا بالاحتفاظ بجهاز راديو ترانزستور، وبطاريّات احتياطيّة في المنزل).
نظام عفا عليه الزمن؟
ومع تطوّر التكنولوجيا، قد تتساءل عمّا إذا كانت صفّارات الإنذار قد عفا عليها الزمن، وليس في الوقت الحالي. ففي نوفمبر الماضي، قالت الحكومة الفدراليّة إنّها ترغب في تحديث نظام الإنذار بالكوارث عن طريق إرسال الإنذارات عبر شبكة الهاتف المحمول، والقنوات الرقميّة الأخرى.
فعلى سبيل المثال، يمكن لتكنولوجيا البثّ الخلويّ، إرسال رسائل لا تتجاوز 500 حرف تقريبًا، إلى جميع الهواتف المحمولة الواقعة في نطاق هوائيّ. ومع ذلك، قالت الحكومة إنّ النظام التقليديّ المتمثّل في صفّارات الإنذار سيظلّ قائما.
تحرير: سامويل جابيرغ
ترجمة: عبد الحفيظ العبدلي
التدقيق اللغوي: لمياء الواد
المزيد
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.