“لا نشعر بالأمان هنا”: سويسرية تصف الوضع في لبنان
يتواصل القتال بين إسرائيل وحزب الله، مخلّفا توتّرا كبيرا في الشرق الأوسط. فكيف تعيش سيدة سويسرية في لبنان النزاع؟
تواصل إسرائيل هجماتها على ضواحي العاصمة اللبنانية بيروت وجنوب البلاد، رغم الانتقادات الحادة من الولايات المتحدة. في المقابل، أطلقت ميليشيا حزب الله اللبناني، العديد من الصواريخ على شمال إسرائيل.
وأفادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، خضوع حوالي ربع لبنان لأوامر الإخلاء الإسرائيلية، ونزوح خمسة ملايين نسمة، أي قرابة خمس سكان البلاد.
حاورت سويس إنفو (SWI swissinfo.ch) مها فيبر، السيدة السويسريّة المتقاعدة تقاعدا مبكّرا، التي تعيش قرب العاصمة بيروت في لبنان منذ ست سنوات.
سويس إنفو: سيدة فيبر، كيف هي الأوضاع في القرية التي تعيشين فيها؟
مها فيبر: أعيش في مكان يبعد حوالي 20 كيلومترًا شمال بيروت، لحسن الحظّ. فأسمع الطائرات الحربية الإسرائيلية تدوّي كل يوم. فقد حلّقت يوم الثلاثاء 15 أكتوبر طائرات دون طيار فوق منطقتي لساعات.
وأستطيع رؤية بيروت، فأرى أحيانا القصف على العاصمة من النافذة في المساء، فأتساءل: بم يشعر سكان المدينة والعائلات تحت هذه القنابل؟
كيف تشعرين حيال الأمر؟
شعور سيء، لا يوصف. إن الشعور بالعجز والظلم والتعسف لا يطاق.
ولا أهدأ أحيانا، إلا بدعم الأفواج النازحة في المدارس القريبة، والاتصال بالعائلة والأصدقاء والمعارف في لبنان وسويسرا.
هل تُفرض قيود حيث تعيشين منذ بدء الهجمات الإسرائيلية؟
لا، ولكن اتخذت الإجراءات الأمنية. فلا أتنقّل إلّا قليلاً، ولا أتوجّه نحو الشمال إطلاقا، فلم أعد أذهب إلى بيروت، رغم صداقاتي الكثيرة هناك.
ماذا يروي أصدقاؤك وصديقاتك عن الأزمة وكيفيّة التعامل معها؟
يخشى سكّان لبنان الأسوأ، بعد عام من متابعة ما فعله الجيش الإسرائيلي في غزة. فيتوتّر البعض كثيرا، فيصاب أحيانا بنوبات الغضب أو القلق، ويتحفّظ الآخر جدا، فلا يتحدث عن ذلك إطلاقا. وتقف الأغلبيّة عاجزة، ويتساءل الكثير: ماذا نفعل؟ ماذا سيحل بلبنان؟ فلا أمان هنا على الإطلاق.
هل تعرفين أشخاصًا من إسرائيل أيضا؟
لا، على الإطلاق.
هل تعرفين أشخاصًا من سويسرا في لبنان؟ وهل تتواصلين معهم؟
أعرف بعض الأشخاص، لكن انقطع أي اتصال بيننا مؤخرًا.
هل اتصل بك المسؤول السويسري المحلي؟
نعم، اتّصل عدة مرات بالبريد الإلكتروني، مع التوصية بمغادرة لبنان بوسائلي الخاصة، وعلى مسؤوليتي الخاصة، وعلى نفقتي الخاصة.
كيف تتابعين الوضع؟ ومن أين تحصلين على معلومات صحيحة؟
أحصل عليها من وسائل الإعلام العالمية والمحلية، ومن وسائل التواصل الاجتماعي كذلك. فأتابع الأخبار عن الوضع عشر مرات في اليوم على الأقل.
كتبت وزارة الخارجية الفدرالية (EDA)، على صفحة موقعها الإلكترونيرابط خارجي: “خطر التصعيد مستمر، وتطورات الوضع غير واضحة، وقد يتدهور الوضع الأمني أكثر، في جميع أنحاء البلاد في أي وقت”.
وتوجّهت إلى رعاياها هناك قائلة: “توصي وزارة الخارجية الفيدرالية رعايا سويسرا، بمغادرة البلاد عبر الوسائل الخاصة. فقرار المغادرة طوعي، ويتحمّل فيه الفرد مسؤوليّته، ويقع على نفقته الخاصّة، فعليه اللجوء إلى وسائل النقل التجارية المتاحة. ولا تنوي سويسرا التخطيط للإجلاء”.
وقد لجأ 400 فرد لبناني، مقيم في سويسرا إلى الحكومة الفدرالية، لمطالبتها بأداء دورها كمحكم دولي في لبنان، لضمان الامتثال للقانون الإنساني الدولي.
ما الذي تتوقعينه من سويسرا؟
لا أعرف ما الذي يجري خلف الكواليس الدبلوماسية، لكنني أعتقد أنّ حضور سويسرا، الدولة الموقعة على اتفاقيات جنيف في هذا الصراع في الشرق الأوسط، يجب أن يتجاوز مجرّد التصريحات.
تحارب إسرائيل حزب الله في لبنان، كيف يُنظر إلى دور هذه الميليشيا في البلاد؟
تختلف المواقف في لبنان من قضية حزب الله. ولكن نلاحظ تضامنا كبيرا مع موجات النزوح المدني، التي اضطرّت إلى مغادرة المنازل على عجل، بل حتّى بملابس النوم أحيانا، نظراً لحجم التفجيرات وعدد الضحايا، والبلدات التي دمرتها إسرائيل. لقد وقعت كارثة إنسانية، واضطر عدد كبير من السكان إلى الفرار.
ويُعدّ لبنان بلدا فقيرا، يعتمد على المساعدة الدولية. لكن تُثمّن فيه كثرةُ المبادرات الخاصة، إلى حدّ الآن على الأقلّ.
قلت إنّ الوضع الاقتصادي والسياسي في لبنان متوتر جدا. هل ترين مستقبلا لنفسك في هذا البلد؟
أشعر بألم كبير؛ فما يثير حيرتي بالتأكيد، اقتصار إسرائيل في قصفها على الأماكن التي يعيش فيها الشيعة. فهل تحاول بذلك تهيئة أرضيّة مناسبة للصراع الطائفي؟
فيعاني الكلّ في لبنان من عواقب الأزمة الماليّة والاقتصاديّة الحادّة، سواء من أجبر على الفرار من بيته، أو من استضافه، نتيجة الفساد وسوء إدارة النخبة السياسية، ما أدى إلى إفقار السكان. فتوجد بوادر مشاكل مستقبلية محتملة.
ولم تتأكّد خططي بعد، فلا أتمسّك حاليا إلّا بخطتي للسفر إلى موطني الآخر سويسرا، الشهر المقبل. فأشعر هناك بالأمان بين عائلتي وأصدقائي.
ولكن، بينما أتطلّع إلى موعد المغادرة، ينتابني قلق من احتمال قصف إسرائيل مطار بيروت.
ترجمة: ماجدة بوعزة
مراجعة: مي المهدي/أم
التدقيق اللغوي: لمياء الواد
متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة
المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"
يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!
إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.