مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نجاح استراتيجية الأتراك والروس في سوريا تشجعهما على تكرارها في ليبيا

أفردت الصحف السويسرية الناطقة باللغتيْن الألمانية والفرنسية في الأيام الأخيرة اهتماما واسعا بتطوّرات الشأن الليبي في أسبوع شهدت بدايته إعلان وقف إطلاق بدعم من روسيا وتركيا، ومن المنتظر أن تشهد نهايته عقد مؤتمر دولي للسلام في هذا البلد تستضيفه برلين يوم الاحد 19 يناير الجاري، وتحضره العديد من البلدان المؤثرة في هذا النزاع.

روسيا وتركيا على خط الأزمة الليبية
جاءت المحادثات الروسية التركية التي عقدت في موسكو يوم 13 يناير 2019 بحضور وزيريْ الخارجية والدفاع في البلديْن في سياق الجهود المبذولة من طرف البلدين لإيقاف القتال في ليبيا. Copyright 2020 The Associated Press. All Rights Reserved.

حرب المصالح الدولية في ليبيا

نقلت صحيفة لا ليبرتي، يوم 17 يناير 2020رابط خارجي تحليلا تحت عنوان “نزاع ومصالح دولية”، نشرته صحيفة “ليبيراسيون” الفرنسية، من إعداد سيليان ماسيه، ولوك ماثيو، وهاله قضماني. التحليل انطلق باستعادة الأحداث التي شهدتها ليبيا منذ انفجار ثورة الليبيين ضد نظام معمّر القذافي في عام 2011، وكيف أدّى سقوطه إلى “ترك فراغ، وفتح مجال رحب للمليشيات، سواء كانت ثورية أو إسلامية أو رجعية أو قبلية أو حتى إجرامية”. ورغم مرور تسع سنوات، على سقوط نظام الجماهيرية، الذي حكم من خلاله القذافي هذا البلد الغني أزيد من أربعة عقود، يضيف المقال “لاتزال ليبيا غارقة في حرب أهلية لا يرى أحد لها نهاية قريبة”.

مؤتمر برلين يوم الأحد

أدت هاته السنوات التسع من النزاع المسلح إلى “تحوّل ليبيا إلى حلبة صراع بين القوى الدولية، ما يجعل أي تسوية للنزاع غير ممكنة من دون المرور عبر اتفاق دبلوماسي دولي واسع، يشكل مظلة لأي اتفاق بين الأطراف المتنازعة في الداخل”. 

في هذا السياق، يأتي تنظيم مؤتمر السلام في ليبيا الذي تستضيفه برلين يوم الاحد 19 يناير الجاري، والذي يحضره الفرقاء الليبيون بالإضافة إلى جميع الأطراف الدولية المؤثّرة في هذا الصراع: من جهة تركيا والجزائر، ومن جهة أخرى مصر والجامعة العربية، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي، بالإضافة إلى البلدان الأعضاء القارين في مجلس الامن التابع للأمم المتحدة.

من المنتظر بحسب هذا المقال أن يتوصّل المؤتمر إلى بيان ختامي يطالب الأطراف المتنازعة “الالتزام بوقف دائم لإطلاق النار، وفرض حصار على صادرات الأسلحة إلى ليبيا، والعودة إلى التفاوض من أجل التوصلّ إلى حل سياسي، وتوزيع عادل للمداخيل النفطية، وإصلاح الأجهزة الأمنية والعسكرية، واحترام حقوق الإنسان”. لكن السؤال الذي يطرحه كاتبو هذا التحليل، هو: كيف السبيل إلى تنفيذ اتفاق كهذا على الميدان، في ضوء تعدد أقطاب الصراع في هذا البلد مترامي الأطراف؟ أقطاب يعددها المقال في النقاط التالية: 

 الاسلام السياسي مقابل الإستبداد

“اعلان تركيا التدخل المباشر لدعم الحكومة الشرعية في طرابلس، التي تواجه منذ تسعة أشهر هجوما يشنه عليها المارشال خليفة حفتر المدعوم من كل من مصر ودولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وفرنسا، على حد قول هذا المقال، “أطلق إنذارا على الساحة الدولية، وأدى إلى تعزيز الزخم العسكري والدبلوماسي لحل هذا النزاع”. 

ووفق ما تضمنه هذا التحليل: “يفهم التدخّل التركي في ليبيا ضمن المواجهة الإقليمية الأكبر من جهة بين محور القاهرة والرياض وأبو ظبي، ومن جهة أخرى، تركيا وقطر، ونسبيا الجزائر، وهي مواجهة عنوانها الأبرز: الإسلام السياسي في مواجهة التسلط والاستبداد”.

روسيا تملأ الفراغ الذي تركته أمريكا

لكل طرف دولي مصالحه في الصراع الليبي، وله أيضا ماضيه الأليم: فموسكو، وفق هذا التحليل، “لم تغفر أبدا تدخّل الحلف الأطلسي في ليبيا في عام 2011، واسقاطه لنظام القذافي، بينما لا تزال مواقف واشنطن أسيرة الجروح التي خلفها اغتيال السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنس في 11 سبتمبر 2012 في بنغازي، على يد كوماندوس ينتمي إلى أنصار الشريعة، وهو الحادث الذي وظّفه دونالد ترامب إلى حد كبير في حملته الانتخابية ضد الثنائي أوباما- كلينتون، ومنذئذ بات الملف الليبي يؤرق الامريكان الذين يفضلون النأي بأنفسهم عنه”.

في المقابل، يرى هذا المقال أن “بوتين وجد الفرصة مناسبة للانتقام من الغرب بأقل تكلفة ممكنة. وبالنسبة للكرملين، حل الزعيم الاستبدادي في ليبيا لا يزعجه، ورغم ذلك فشل بوتين في فرض تأثيره على حفتر الذي حاول الكرملين ترويضه من خلال مطالبته بإمضاء اتفاق وقف إطلاق النار لكنه رفض فعل ذلك بداية هذا الأسبوع”.

 انقسام الإتحاد الأوروبي

رسميا، الاتحاد الأوروبي يدعم حكومة السراج المعترف بها دوليا. وأعلن الاتحاد في 8 يناير الماضي “تكثيف الجهود من أجل حل سلمي في ليبيا”، وقال وزير الخارجية الألمانية مؤخرا “نريد منع تحوّل ليبيا إلى مسرح للحروب بالوكالة”، وألا “تصبح ليبيا سوريا ثانية”. 

ولكن في الواقع، يتوقّف هذا المقال عند المصالح المتباينة للبلدان الأوروبية في ليبيا “إذا كانت المانيا محايدة، فإن فرنسا رغم اعترافها بالسراج، اختارت دعم حفتر منذ فترة طويلة، وموقف باريس، لا يختلف عن موقف القاهرة وأبو ظبي، ويستند إلى قناعة بحاجة ليبيا إلى رجل قوي قادر على تحقيق الاستقرار”.

أما بريطانيا “فهي غارقة في مشكلة خروجها من الاتحاد الأوروبي، وهي أقل اهتمام ومشاركة. أما الإيطاليون، القوة الاستعمارية السابقة، وهم أيضا موجودون في ليبيا، التي لاتزال شريكهم الرئيسي في مجال استخراج وتصدير النفط، وإن كان موقفهم بالنسبة للنزاع يشوبه التردد بحسب تغيّر المواقف على الساحة الدولية”. المقال يختم بطرح سؤال حول النتائج المتوقعة من مؤتمر برلين القادم. 

شبح المقاتلين الأجانب في مصراتة

نشرت صحيفة لوتون يوم الإثنيْن 13 يناير الجاري تقريرارابط خارجي مطوّلا بعث به مراسلها ماتيو غالتييه من ليبيا. افتتحه بالتأكيد على أنه “رغم إعلان وقف إطلاق النار المتواصل منذ أسبوع تقريبا، يخشى سكان مصراتة دخول رجال خليفة حفتر إلى مدينتهم. ويتوقّف مصيرهم قبل كل شيء على القوى المتحالفة مع الحكومة الشرعية في طرابلس والقوى الأجنبية المعادية الداعمة لحفتر”. 

تزامنت كتابة هذا التقرير مع الدعوة التركية الروسية إلى وقف إطلاق النار في ليبيا والتزام الطرفيْن المتنازعين بهذه الهدنة. لكن سريان هذه الهدنة، لم يمنع السكان في مصراتة وفق هذا التقرير من “تداول شائعات حول وصول مقاتلين سوريين لدعم الحكومة الشرعية”. ويأمل المواطنون في مصراتة “أن تفي تركيا بوعودها. ورغم ترددهم في دعم هذا التدخل التركي، لكنهم لا يرون أي حل آخر، فهم لا يطمئنون إلى جانب خليفة حفتر”. 

يشير المراسل السويسري من مصراتة إلى “انتشار الشائعات حول وصول قوات تركية إلى مطار المدينة، والبعض يتحدث عن 500 جندي تركي، لكن البعض الآخر يتحدث عن 1000 مقاتل سوري تابعين للجيش السوري الحر”. 

التقرير يضيف “أما على مستوى غرفة العمليات فالأمر يتجاوز مجرد الاشاعات: فالقادة العسكريون يعترفون رسميا بوجود خبراء أتراك يشغلون طائرات من دون طيار للاعتراض على طائرات هجومية تستخدمها قوات خليفة حفتر في مهاجمة قوات الحكومة الشرعية في طرابلس، وهي طائرات سلمتها مصر والإمارات إلى قوات حفتر”.

المراسل ينقل على لسان أحد سكان مصراتة ما يشعر به سكان هذه المدينة من خوف من سيطرة خليفة حفتر على مصراتة: “تصوّر رؤية منزلك قد دمّرته طائرة من دون طيار إماراتية، وتمرّ عبر نقاط تفتيش يسيطر عليها الروس، وتستمع إلى الرئيس الفرنسي وهو يرحب يسيطر حفتر على مصراتة لأنه سيكون الرجل القوي الذي يحقق الاستقرار في ليبيا”، ينقل الصحفي السويسري عن أحد سكان مصراتة. 

“الأتراك والروس يتعاونون على ظهر الأمم المتحدة”

تحت هذا العنوان، نشرت صحيفة لوتون يوم الإثنيْن 13 يناير تحليلارابط خارجي بقلم لويس ليما المتخصص في الشؤون الدولية. المقال بدأ بالتشديد على أن المناورة التي يقوم بها الاتراك والروس حاليا في ليبيا من خلال إعلانهما وقف إطلاق النار هناك سبقتها نفس المناورة من قبل في سوريا. ويتساءل الصحفي السويسري: إذا كان هذا التمرين قد نجح في سوريا، لماذا لا ينجح في ليبيا؟. ويتعزّز الموقف التركي والروسي في ليبيا، حسب الكاتب، في غياب تام للأوروبيين على المسرح الليبي، ويعود ذلك برأيه “لانقسام الدول الأوروبية”. 

تهميش الغربيين

بالعودة إلى الوضع في سوريا، والموقف الأوروبي هناك، يشير ليما إلى “تمكّن الأتراك والروس من خلق نوع من العملية الموازية لتلك التي كانت تهدف رسميا إلى السلام والانتقال السياسي في هذا البلد الذي مزقته حرب أهلية مدمّرة متواصلة منذ عدة سنوات”. المؤلّف يشير بذلك إلى “عملية أستانا، التي أطلقتها كل من تركيا وروسيا، وانضافت إليها إيران لاحقا، والتي أدت تدريجيا إلى تهميش القوى الغربية والأمم المتحدة”. والآن، يضيف ليما، جاء الدور على ليبيا، ونقل عن بوتين قوله خلال زيارته الأخيرة إلى تركيا “بإمكان كل من روسيا وتركيا حل بعض من أكثر المشكلات تعقيدا على الساحة الدولية”.

الأتراك على الخط

وعن الضعف الذي بات يميز الموقف الغربي من اهم النزاعات تعقيدا في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، يورد كاتب المقال تصريحا لأحد المراقبين والمتابعين لجهود الامم المتحدة والبلدان الغربية في النزاع الليبي: “لا يمكن للغربيين إلا أن يلوموا أنفسهم. فبسبب تراخي جهودهم، وتباين مواقفهم، أدوا إلى تهميش أنفسهم بأنفسهم.

 فهذه البلدان التي من المفترض أن تدعم جهود الأمم المتحدة وتساند حكومة طرابلس المعترف بها دوليا، اقتربت، خاصة إيطاليا وفرنسا، من خليفة حفتر، وبات يحظى بمساعدتها، بعد أن لاحظت تفوّقه العسكري والميداني”. فلا غرابة بعدئذ، يضيف الكاتب “أن يتجه السراج لطلب الدعم من تركيا التي لم تتأخّر في انتهاز الفرصة، ولم تتعب أنقرة نفسها بإرسال جنود أتراك بل اكتفت بإعادة نشر قوات الجيش السوري الحر في ليبيا مقابل مرتب شهري، يقال إنه 1500 دولار أمريكي”.

مرتزقة روس

على الجبهة المقابلة، يقدم المئات، بل الآلاف حسب البعض، من المرتزقة الروس الدعم إلى قوات المارشال خليفة حفتر، و”يعمل جميعهم تحت راية شركة فاغنر المتخصصة في الخدمات الأمنية، بالإضافة، إلى قوات مصرية وإماراتية وسودانية، هي التي تحكم الحصار على العاصمة الليبية طرابلس منذ عدة أشهر” على حد قول الصحفي السويسري. ليما يجد تشابها كبيرا جدا في الإستراتيجية التي يتبعها الأتراك والروس في كل من سوريا وليبيا. ويشدّد على أن “لعبة القط والفأر هذه التي تجري أطوارها في هذيْن البلديْن تجري بإحكام شديد بما يجنّب البلديْن أي تصادم محتمل”.  

“لقد فشل الأوربيون في ليبيا”

نشرت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ ليوم الخميس 16 ينايررابط خارجي، رأياً للباحث في النزاعات السياسية في معهد كلينغندايل، وهو مركز أبحاث هولندي مستقل، والمختص بالشأن الليبي جلال حرشاوي، يتحدث فيه عن المصالح التركية والروسية في ليبيا.

“200 ألف شخص هجروا من منازلهم في الشهور الأخيرة الماضية ويستمر سقوط الضحايا بين المدنيين، وينتشر الخوف والريبة بين السكان في العاصمة الليبية طرابلس”، هكذا يستهل حرشاوي حديثة عن الوضع في ليبيا، ثمّ يُرجِع الباحثُ الفضلَ في تقدم مقاتلي حفتر باتجاه العاصمة بعد أشهر من تواجدهم على مشارفها، إلى الإمارات العربية المتحدة، التي انتهكت حظر الأسلحة التي قررته الأمم المتحدة واستمرت في هجماتها الجوية.

أمّا زيادة حجم الدور الذي تلعبه كل من تركيا وروسيا في المنطقة اليوم، فيعيدها حرشاوي إلى “عدم المبالاة الأوروبية ورفض دولها مناقشة هذا التدخل الإماراتي”، أوروبا التي خسرت بذلك كل نفوذ لها في ليبيا، ما سيكون له، بحسب حرشاوي، “عواقب على مصالحها الاقتصادية وعلى ضبط حركة الهجرة من ليبيا”. وعلى وجه الخصوص، يحمّل الباحث في الشأن الليبي فرنسا الذنب في ذلك، فقد عطّلت اقتراحاً لألمانيا بعقد قمة من أجل الحد من التدخل الأجنبي في ليبيا، وعلى وجه الخصوص التدخل الإماراتي والتركي، حيث “أرادت عرض موضوعات أخرى، مثل تنظيم الانتخابات، ما أدى إلى تأجيل القمة لأسابيع”.

ولكن ما هي مصالح تركيا وروسيا في ليبيا؟، تسأل الصحيفة. بالنسبة لروسيا فهي تسعى، كما يقول حرشاوي “إلى توسيع نفوذها في إفريقيا”، وقد أرسلت ما يسمى بقوات مجموعة فاغنر لمساندة حفتر من دون التدخل المباشر في الصراع، ولكننا نجد اليوم “بين 1400 إلى 2000 مقاتل روسي على عين المكان، بينهم قناصون ومنسقون ومدربون، إلّا أنهم لا يتواجدون في طرابلس وإنما في شرق البلاد، حيث يقومون بحماية حقول النفط التي يسيطر عليها حفتر.”

كذلك تساند تركيا الحكومة الليبية في طرابلس لحماية مصالحها في المنطقة، التي تخشى خسارتها لصالح حفتر، الذي تعتبره عدواً والدول التي تسانده، بحسب حرشاوي، الذي يؤكد أن تركيا زودت الحكومة منذ البداية بطائرات من دون طيّار وبالأسلحة المختلفة. أمّا الآن فقد دعت تركيا وروسيا طرفي الصراع إلى وقف دائم لإطلاق النار، التطور الذي يفسره حرشاوي باستعداد روسيا للعمل مع تركيا نظراً لقناعة الأولى بأن احتمال الانتصار الكامل لحفتر غير محتمل، ورغبتها بالظهور بمظهر المنتصر “بغض النظر عمّا يحدث في ليبيا”.

لم تؤد تلك الجهود إلى نتيجة، وغادر حفتر طاولة الحوار الروسية بدون توقيع الاتفاق، الأمر الذي يصفه حرشاوي “بالضربة القاسية” التي تلقاها الروس. أمّا السبب في ذلك فيعود برأيه إلى “الطريقة العنيفة” التي تبعتها تركيا أثناء المحادثات “وشروط حكومة طرابلس غير الواقعية”، التي تمثلت بالطلب من حفتر العودة بجنوده إلى حيث كانوا قبل الثالث من أبريل، أي قبل بداية الهجوم، أمّا هو فأراد من المحادثات “الوصول إلى وقف لإطلاق النار يظهره بصورة المنتصر”، الأمر الذي كان قد يوفر له بعض الوقت ليستعيد قواه ويواصل هجومه فيما بعد.

أمّا القمة التي ستعقد يوم الأحد المقبل 19 يناير في برلين، فلا يرى حرشاوي أنّها ستثمر عن شيء، “ربما عن توقيع على خريطة طريق، ولكن ما زال الطرفان يحشدان القوى”. وعلى سؤال الصحيفة إذا ما كان الصراع هناك في ليبيا سينتهي أم لا، يعطي الباحث تحليلاً سريعاً يحدد فيه من يستطيع التأثير على هذا الصراع وحسمه، ويشدد في ذلك على قدرة الإمارات العربية المتحدة على القيام بذلك من خلال دعم حفتر بالجنود والأسلحة إلى أبعد الحدود للتغلب على خصومه، ” حيث يرون فيه الشخص الذي يستطيع تحرير طرابلس من الإخوان المسلمين”، وعلى الرغم من عدم اهتمام الولايات المتحدة الأمريكية بليبيا، “طالما يستمر ضخ النفط ولا وجود لمؤشرات على زيادة نفوذ تنظيم الدولة الإسلامية هناك”، إلّا أن حرشاوي يعتقد بأنها الوحيدة القادرة على الوصول إلى وقف للقتال هناك.

في نهاية تحليله لا يبدو  حرشاوي متفائلا، فهو يعتقد أن ترك الأمر في أيدي تركيا والأمارات العربية المتحدة وروسيا لن يثمر عن شيء، حتى دخول حفتر إلى طرابلس، “والذي قد يستغرق سنوات، ولا يعني نهاية الحرب”، بل سيزيد المعارضة، ويستشهد بما حدث في مدينة بنغازي، حيث “استغرق دخولها أربعين شهراً”. 

وكانت الصحيفة ذاتها قد نشرت يوم 14 يناير الجاري مقالة قصيرة حول الوضع في ليبيارابط خارجي، بقلم صحفيها المختص بالشأن الروسي والأوكراني ومنطقة القوقاز، ماركوس أكاريت تناول فيها الاتفاق التي خططت له كل من روسيا وتركيا، ويستهلها بالحديث عن حفتر الذي يقف حيال اتمامها. ويأتي الصحفي على ذكر الاهتمام الروسي والوساطة التي بدأتها، وعن سفر كل من رئيس الحكومة فايز السراج وخصمه الجنرال خليفة حفتر إلى موسكو يوم الإثنين 13 يناير، والتي لم تثمر عن شيء، على الرغم من حديث وزير الخارجية الروسي سيرجيه لافروف عن تحقيق تقدم في القضية. ويشدد أكاريت على أنه لم يكن من المتوقع تجاوب كل من سراج وحفتر وقبولهما الجلوس على طاولة الحوار في موسكو لم يكن متوقع حدوثه بهذه السرعة، مباشرة بعد أن تناول فلاديمير بوتين وأنغيلا مركل الشأن الليبي في عطلة نهاية الأسبوع الماضية، فقد كان الهدف من القمة المخطط لها يوم الأحد المقبل 19 يناير في برلين، هو بالضبط الوصول إلى اتفاق يدفع بالدرجة الأولى الطرفين إلى الجلوس إلى طاولة الحوار.

أمّا حول التدخل والوساطة الروسية التركية في النزاع الليبي، يرى الصحفي أن بوتين يبدو حريصاً على الظهور بمظهر الوسيط الحيادي، في هذا النزاع وغيره بشكل عام، “ولكنه في الواقع ليس كذلك”، حيث أنّ لروسيا فعلاً مصالح في ليبيا، منها اقتصادية تعود إلى عهد معمر القذافي وجيوسياسية في المنطقة “والتي تعد ذات أهمية أيضاً بالنسبة للاتحاد الأوروبي”. ومن ثم ينتقد أكاريت تشديد المعلقين الروس على القضية، ويصف تأكيدهم على أنّ من لديه مصالح هناك هي تركيا ودول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا، بالنفاق. وفي نهاية مقالته يقول الصحفي “على الرغم من غياب التواجد الروسي في ليبيا إلّا أن المقاتلين من مجموعة فاغنر يقفون في صف حفتر”، وهي “المجموعة ذات الصلة المباشرة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين”، بحسب الصحفي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية