مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الشؤون العربية في الصحف السويسرية في أسبوع

الصفحات الأولى لعدد من أهم الصحف السويسرية
"سوريا الأسد والذكرى السابعة لإحراق محمد البوعزيزي نفسه واندلاع حركة الإحتجاجات في المنطقة وقرار ترامب بشأن القدس مغازلة لليهود الأرثوذكس والمسيحيين الانجليين".. هذه أبزر عناوين الصحف السويسرية في الأيام القليلة الماضية. swissinfo.ch

مستقبل سوريا الأسد بعد استعادة النظام السوري سيطرته على أجزاء كبيرة من البلاد، وأحوال تونس بعد مرور سبع سنوات على اندلاع الثورة التي أطاحت بالرئيس الأسبق والإعلان المفاجئ للأمير زيد رعد الحُسين عن قراره عدم الإستمرار لدورة ثانية على رأس المفوضية السامية لحقوق الإنسان في جنيف ودلالات قرار ترامب بشأن القدس بالنسبة للداخل الأمريكي.. هذه أهم المواضيع التي تناولتها الصحف السويسرية في تغطيتها للعالم العربي خلال هذا الأسبوع الذي يسبق عطل الأعياد.

تقرير خاص من داخل سوريا 

في تقرير خاص من سوريا، تناول باول كروغر مراسل صحيفة تاغس أنتسايغر الأوضاع المعيشية في سوريا بعد مرور حوالي 7 سنوات على اندلاع حركة الاحتجاجات هناك. وأشار مراسل الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ في عددها بتاريخ 20 ديسمبر 2017 أنه “رغم كل ما حدث، فالعديد من السوريين ممن تحدث إليهم يشعرون بالإرتياح مع سيطرة النظام السوري على الكثير من المناطق، التي كانت خاضعة لهيمنة الجماعات المسلحة والمعارضة”.

كروغر لفت إلى أن “وزارة الإعلام السورية أرسلت معه مُرافقا، كان بمثابة ظله في كل خطوة، لذا لا عجب في حديث المواطنين السوريين طوال الوقت عن أزمة وتحسّن الأوضاع بعد انسحاب الجماعات المسلحة و تجنبهم كلمة حرب”. وأوضح المراسل أن “السفر إلى سوريا الأسد، تطلب الإنتظار لسنوات للحصول على تأشيرة، حيث تقدم بستة طلبات منذ عام 2014، حتى حصل على الموافقة، لكنه كان أيضا بحاجة إلى تصريح لزيارة كل مدينة وفي النهاية تم السماح له بالتوقف في هذه المحطات: دمشق، العاصمة حيث يحتفل الشباب السوريون في الحانات والنوادي. حلب، رمز الحصار والحرب. حمص، المعقل المٌدمّر للمسلحين، الذي سيصبح نموذجا لإعادة الإعمار. اللاذقية، المدينة الشاطئية على البحر الأبيض المتوسط، التي نجت من الحرب وتحولت إلى مكان الإحتفالات والإسترخاء في وقت الحرب، والتي يبلغ سعر كيلو الروبيان فيها ما يعادل راتب جندي سوري”.

في تقريره، نقل مراسل الصحيفة السويسرية عن منظمات غير حكومية دولية أنه “لا يُسمح للكثيرين بالعودة إلى منازلهم بعد سيطرة النظام السوري وذلك لأسباب سياسية. كما أن المناطق التي انتفض سكانها ضد الأسد لن تكون لها الأولوية في برنامج إعادة الإعمار أو أنها سُتبنى بطريقة لا مكان فيها للسكان السابقين، وكثير منهم من السنة. ويتعيّن على المنظمات الدولية أن تتبع خطة الحكومة المركزية في دمشق. هذه السياسات ستكون بمثابة العقوبة الثانية بعد تعرضهم للقصف وهي محاولة لتغيير التركيبة السكانية”.

من جهة أخرى، نقل باول كروغر عن قطاع الإقتصاد والأعمال “تفاؤله بقرب نهاية الحرب مع سيطرة الجيش السوري على المزيد من المناطق، وهناك توقعات بحدوث انتعاش اقتصادي، حيث بدأ مستثمرون من الصين وماليزيا في زيارة البلاد رغم العقوبات الإقتصادية المفروضة”. كما أشار إلى أن روسيا “تحاول حث الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي على المشاركة في إعادة الإعمار الذي تقدر قيمته بـما بين 100 و 350 مليار دولار، وقد يتجاوز المبلغ الفعلي هذه الأرقام بكثير”.

“تونس من أكبر البيروقراطيات في العالم”

أسبوعية سنترال شفايتس أم سونتاغ التي تصدر يوم الأحد بالألمانية في لوتسرن اهتمت بما وصفته بـ “اليوم المشؤوم للعالم العربي”، أي 17 ديسمبر 2010، عندما قام البائع المتجول التونسي محمد البوعزيزي بصب البنزين على نفسه وأشعل النار في جسده وربما حتى في منطقة الشرق الأوسط بأكملها. وكتب مارتن غيلينس، مراسل الصحيفة في تونس: “بعد مرور سبع سنوات، كانت تونس الدولة الوحيدة في بلدان الربيع العربي التي لم تنزلق إلى نظام ديكتاتوري جديد أو حتى حرب أهلية. ومع ذلك، فإن الأوضاع في البلاد مقلقة للغاية، فتونس ما تزال معتمدة على أموال الجهات الدولية المانحة، في حين لا يبدو أن الطبقة السياسية ولا المواطن التونسي لديهم الدافع لبذل كل ما يلزم للعمل للخروج من حالة البؤس السياسي والإقتصادي الحالي”.

المراسل السويسري أضاف أن “وتيرة الإصلاح تكاد تكون صفرا. فالإنتخابات المحلية، التي هي في الواقع قلب مشاركة المواطنين، تؤجّل مرارا وتكرارا (تقرر إجراؤها أخيرا يوم 6 مايو 2018 – التحرير). حالة اللامبالاة السخط والإحباط هي سمة الحياة اليومية. ووفقا للدراسات الأخيرة، فإن 78 في المائة من السكان البالغ عددهم 11 مليون نسمة يرون أن تونس في تسير الطريق الخطأ. وبطبيعة الحال، فإن التغيرات الأساسية في مجتمع ما تحتاج إلى وقت لكي تؤتي ثمارها. لكن في تونس، لا تكاد تكون هناك جهود تبذل لإحداث تغيير. العاطلون عن العمل يصرخون على المقاهي دون أن يفعلوا الكثير لتغيير أوضاعهم. وعلاوة على ذلك، فإن تونس هي واحدة من أكبر البيروقراطيات على وجه الكرة الأرضية. والتسيب في القطاع العام ينافس على نفس المستويات في دول الخليج النفطية، إلا أن الفارق أن اقتصاد تونس لا يسمح بالتبذير، فأرضها لا تنتج نفطا، ولكن فقط التمر والبرتقال والزيتون”.

الأمير زيد رعد الحسين.. “بدون وجل ولا حسابات سياسية”

في عددها بتاريخ 22 ديسمبر 2017، أعربت صحيفة “لوتون” الصادرة بالفرنسية في لوزان عن أسفها للقرار الذي أعلن عنه زيد رعد الحسين، بداية الأسبوع بالإكتفاء بدورة واحدة على رأس المفوضية السامية لحقوق الإنسان التي تتخذ من جنيف مقرا لها ومغادرة منصبه في خريف العام المقبل. ومن خلال شهادات عدد من العاملين معه ونشطاء حقوقيين ودبلوماسيين مرموقين، رسم ستيفان بُوسّار صورة استثنائية لهذا الرجل (53 عاما) المولود لأمير أردني وأم سويدية الذي تابع دراساته في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والذي تخلى عن لقب الأمير لممارسة مهامه بشكل أفضل.

بُوسّار اعتبر أن المفارقة التي تكمُن في مسيرة المسؤول الأردني الأصل القصيرة على رأس المفوضية تتلخص في أنه “في الوقت الذي تعمل فيه القوى الكبرى على إفراغ حقوق الإنسان من مضامينها، قام برفع الصوت. دون أي وجل ومن غير حسابات سياسية. وبما أنه شخص حر، فلم يُوفّـر أحدا”. فهو لم يتردد في إدانة موقف روسيا بوتين في سوريا، كما أنه لم يُجامل الإدارة الأمريكية بخصوص مرسوم ترامب بحق منع مواطني عدد من الدول الإسلامية من الدخول إلى الولايات المتحدة أو بشأن التظاهرات العنصرية في شارلوتسفيل. أما الأوروبيون، فقد فوجئوا بانتقاداته الشديدة لهم بخصوص أزمة اللجوء التي نجمت عن النزاع في سوريا، كما أدان دخول اليمين المتطرف في الحكومة النمساوية واعتبره “تطورا خطيرا”.

لوتون أشارت أيضا إلى أنه لم يُوفّر طغاة الشرق الأوسط، المنطقة التي يقدم منها، حيث اعتبرت أن “الدليل الأبرز على استقلاليته تمثل في انتقاده الشديد للأردن في شهر مارس الماضي بسبب استقباله للرئيس السوداني عمر البشير فوق أراضيه في الوقت الذي هو محل تفتيش من طرف المحكمة الجنائية الدولية”، فقد صرح حينها أن الأردن “يخون المحكمة الجنائية الدولية – من خلال تصرفه بتلك الطريقة – كما يُضعف الكفاح العالمي ضد الإفلات من العقاب”. 

أخيرا نقلت الصحيفة على لسان جون فيشر، مدير مكتب منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية في جنيف أن زيد رعد الحسين – الذي لعب دورا مهما في نهاية التسعينات في روما من أجل الحفاظ على المقاييس الواردة في اتفاقيات جنيف في المواثيق المؤسسة للمحكمة الجنائية الدولية والصمود بوجه الضغوط الأمريكية – قد “دفع أيضا – بوصفه المفوض السامي لحقوق الإنسان – من أجل إنشاء ثلاث آليات أممية للتحقيق في ميانمار (أوضاع الروهينغا) وفي منطقة كازاي (في جمهورية الكونغو الديمقراطية) وفي اليمن”. 

من ناحيته، لفت ستيفن راب، وهو سفير أمريكي سابق عيّنه الرئيس باراك أوباما لمتابعة الملفات المتعلقة بجرائم الحرب إلى أن المسؤول الأممي “أيّد أيضا بشدة إنشاء آلية دولية نزيهة ومستقلة للنظر في أبشع الجرائم التي ارتكبت في سوريا، في دليل آخر على تمسّكه بالعدالة الجنائية (الدولية)”. 

ترامب صديق المسيحيين واليهود المتشددين

على صعيد آخر، واصلت الصحف السويسرية اهتمامها بتداعيات قرار ترامب الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. ففي مقال لمراسلها بيتر فينكلر من واشنطن، سلطت صحيفه نويه تسورخر تسايتونغ الصادرة بتاريخ 21 ديسمبر 2017 الضوء على تبعات القرار على الداخل الأمريكي مشيرة إلى أن ترامب “صديق مشترك لليهود المتشددين والمسيحيين الإنجيليين، وإن كان الرئيس الأمريكي ليس لديه حاجة للبحث عن الأسباب السياسية لاتخاذ هذا القرار، فالدوافع العائلية تكفي، فابنته المفضلة إيفانكا تحولت إلى العقيدة اليهودية الأرثوذكسية للزواج من جاريد كوشنر، والزوجان يربيان أطفالهما على اليهودية”.

بيتر فينكلر أضاف “من جهة أخرى يشكل المسيحيون الإنجيليون شريحة ناخبين ثابتة ومهمة للحزب الجمهوري، وهي لا تتميز فقط بالمواقف الإجتماعية والسياسية المحافظة، بل تُظهر أيضا حماسة لافتة للدولة اليهودية التي تنسجم مصالحها مع مصالح اليهود الأرثوذكس. فالقدس ركن أساسي في نبوءات كتاب الإنجيل حول عودة المسيح والمخلص. ويعتبر الإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل معلما بارزا على هذا الطريق، يعتقد الإنجيليون أن هذا يجب أن يحدث أولا، قبل أن يتمكن المسيح من القيامة. وهم يعتقدون أيضا أن اليهود سيعترفون به كمسيح، وبالتالي سيُصبحون مسيحيين. هذا قد يبدو غريبا للبعض، ولكنه أمر في غاية المنطق لمن يفسر كتاب الإنجيل بشكل حرفي. في النهاية، جاء القرار ليؤكد توقعات سابقة بأن المسيحيين المتشددين سيكونوا أكثر تأثيرا من اليهود أنفسهم على نتائج الإنتخابات الرئاسية الأمريكية”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية