مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“إصلاحات إجتماعية بلا انفتاح سياسي في السعودية”.. “المساعدة السويسرية في سوريا مثار تساؤلات”

الصفحات الأولى لعدد من الصحف السويسرية
هذا الأسبوع، اهتمت بعض الصحف السويسرية بما آلت إليه الأوضاع الإنسانية في الغوطة الشرقية وفي أرجاء سوريا عموما وبالإنتقادات الموجهة إلى الدور الذي تلعبه سويسرا في هذا المجال، كما سلطت أخرى الأضواء على دلالات وانعكاسات الإقالات الأخيرة التي قررها الملك سلمان على مستوى قيادات الجيش السعودي. swissinfo.ch

هذا الأسبوع، اهتمت بعض الصحف السويسرية بما آلت إليه الأوضاع الإنسانية في الغوطة الشرقية وفي أرجاء سوريا عموما وبالإنتقادات الموجهة إلى الدور الذي تلعبه سويسرا في هذا المجال، كما سلطت أخرى الأضواء على دلالات وانعكاسات الإقالات الأخيرة التي قررها الملك سلمان على مستوى قيادات الجيش السعودي.

تساؤلات بشأن المساعدة السويسرية في سوريا

في عددها بتاريخ 28 فبراير 2018، تطرقت صحيفة “لوتون” إلى الإشكاليات التي تُواجهها المساعدة الإنسانية السويسرية في سوريا. فعلى إثر القرار الذي اتخذته روسيا من جانب واحد بداية الأسبوع بخصوص إقرار “هدنة يومية” من الساعة التاسعة صباحا إلى الثانية بعد الظهر في الغوطة الشرقية، حاول “الفاعلون الإنسانيون التعامل حرفيا مع هذه “الهدنة” بأسرع وقت ممكن”، إلا أن المشكلة الرئيسية تظل اللهاث من أجل الحصول على “رسائل التسهيل” من الإدارة السورية، بحكم أنها الأداة “الوحيدة التي تسمح بتسليم المساعدة الإنسانية”، كما تقول الصحيفة.

وفيما كانت الآمال معلقة على “فتح كوة صغيرة” يوم الخميس أو الجمعة (1 و2 مارس الجاري) من أجل تحريك قافلة أولى مشتركة بين الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري على طرقات الغوطة التي لا تبعد سوى بضع كيلومترات عن وسط العاصمة دمشق، إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث بسبب استئناف المعارك في المنطقة.

“لوتون” التي تصدر بالفرنسية في لوزان ذكّرت بأن “دمشق وموسكو رفضتا طيلة الأشهر الثلاثة الماضية – مع استثناء وحيد – بشكل منهجي أي إمكانية لإيصال مساعدات باتجاه الغوطة أو مناطق أخرى محاصرة يُحرم فيها من 400 ألف مواطن سوري على الأقل من الغذاء والدواء”، وبعد أن تساءل لويس ليما كاتب المقال: “هل تُستخدم المساعدات الإنسانية كسلاح حرب من طرف النظام السوري وحليفه الروسي؟”، لفت إلى أن الجدل حول هذه المسألة “يندلع مجددا بقوة بشكل دوري”.

في الآونة الأخيرة، دخل “فاعل جديد” في هذا الجدل كما تقول الصحيفة، حيث تتوفر سويسرا منذ شهر نوفمبر الماضي في دمشق على مكتب اتصال إنساني، ومع أنه “ليست لديه بعدُ مكاتب بما في الكلمة من معنى”، إلا أنه “مفتوح وعملي” منذ نهاية عام 2017، حسب وزارة الخارجية السويسرية التي أوضحت في بيان رسمي صدر سابقا أن الهدف منه يتمثل في “الإنخراط من أجل إيصال المساعدات الإنسانية بدون تأخير ومن غير حواجز”، مع التشديد على أن أنشطة المكتب تتم في إطار “الحوار الإنساني” الذي تُجريه سويسرا “بشكل منتظم مع السلطات السورية”.

وفيما سبق لسويسرا أن أغلقت سفارتها في دمشق – على غرار العديد من الدول الأوروبية الأخرى – أثار قرار افتتاح هذا المكتب، الذي اتخذ بعد ثلاث سنوات من اللقاءات السرية مع مسؤولين سوريين وإيرانيين، ضجة في صفوف المعارضة السورية وداخل أروقة الخارجية السويسرية أيضا، كما اقترن هذا الإعلان بنشر العديد من المقالات “الظافرة” في الصحافية الحكومية السورية.

بعد ثلاثة أشهر وفي ظل احتدام الجدل مجددا بشأن الإستخدام السياسي للمساعدات من طرف دمشق، لا يحظى التمشي السويسري بقدر أكبر من التفهم، حيث نقلت “لوتون” عن دبلوماسي غربي “تنخرط بلاده بقوة في مجال المساعدات الإنسانية” ولم تكشف عن هويته قوله: “لقد فوجئنا بهذه المبادرة التي يبدو انها تلعب لفائدة النظام السوري”، أما سلام الكواكبي، رئيس المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية في باريس، فكان أكثر صراحة حيث اعتبر أن “الدبلوماسيين السويسريين جعلوا من أنفسهم شركاء لسياسة النظام. إنهم يعرفون أنهم سيكونون غير قادرين على إقناع عشيرة الأسد على مساعدة أولئك الذين يُعتبرون كأعداء. هذه المساعدة لن تُفيد إلا أولئك الذين يعيشون في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام. فهي ذات أبعاد سياسية عالية، ولا علاقة لها بالشواغل الإنسانية”.

في الرد الذي بعث به وزارة الخارجية على هذه الإنتقادات، نقلت الصحيفة عنها تمسك الدبلوماسية السويسرية بـ “مبادئ الإنسانية والنزاهة والإستقلالية والحياد”، وتأكيدها على أن المساعدة الإنسانية “تُوزع على كافة الأراضي السورية”، وذلك “بغض النظر عن الإنتماء العرقي أو الديني أو السياسي” للمستفيدين. في مقابل ذلك، صرح فابريس بوليه، الناطق الرسمي باسم منظمة “كاريتاس” الإنسانية السويسرية – التي كانت من بين المنظات التي دافعت بشدة عن قرار افتتاح مكتب إنساني في دمشق – للصحيفة: “نحن مُدركون بأننا لن نتمكّن من العمل إلا طالما هيّأ النظام الظروف التي تسمح بذلك”. وفيما رفض بوليه الحديث عن أي “تحيّز”، اعترف مع ذلك بوجود “عدم مساواة” حينما يتعلق الأمر بوصول السوريين إلى المساعدات. 

“حملة التطهير في السعودية متواصلة”

اهتمت بعض الصحف السويسرية الناطقة بالألمانية بدلالات وانعكاسات الإقالات الأخيرة في قيادات الجيش السعودي وتناولتها بالنقد والتحليل. فقد رأت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الصادرة بتاريخ 28 فبراير 2018 أن حركة الإقالات أو ما يوصف “بإصلاح الجيش” جزء من خطة لم تتضح ملامحها بعد يتم إعدادها منذ شهور لإجراء إصلاح شامل في الجيش السعودي، الذي يجب أن يكون أكثر حداثة وقوة واستقلالية، فعلى الرغم من ارتفاع مستويات الإنفاق العسكري السعودي، فإن الجيش يعتبر حتى الآن غير فعال”.

مونيكا بوليغر، مراسلة الصحيفة لشؤون الشرق الأوسط أضافت أن “المملكة العربية السعودية تعتمد في سياستها الأمنية على تحالفها مع الولايات المتحدة. وفي الآونة الأخيرة أصبحت الرياض قلقة بشأن مصداقية واشنطن مع حلفائها، ما دفعها إلى البحث عن المزيد من الإستقلال الذاتي”، كما ذهبت إلى أن “التغييرات التي يجريها الأمير الشاب تسير كلها باتجاه تحقيق هدف واحد ألا وهو تركيز السلطة في يده وإن كان محمد بن سلمان يحاول إعطاء سياساته لمسة إصلاحات ليبرالية، حيث يرافق حملة التغيير السياسي تحجيم سلطات هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتمكين المرأة من قيادة السيارة والإعلان عن مهرجانات موسيقية وفتح دور عرض سينمائية، لكن هذا التحرر الثقافي لا يُخفي حقيقة أن المناخ السياسي في المملكة أصبح استبداديا. ورغم الحديث عن إعطاء المرأة السعودية مزيدا من الحقوق، لكن تبقى حقيقة أن النساء السعوديات ما زلن يخضعن لقانون الوصاية، الذي يفرض سلطة الرجل عليهن في جميع مجالات الحياة”.

“انفتاح اجتماعي وقمع سياسي”

بدورها، تناولت صحيفة تاغس أنتسايغر الصادرة بتاريخ 28 فبراير 2018 إقالة العاهل السعودي لرئيس هيئة الأركان العامة للجيش وقادة الدفاع الجوي والقوتين الجوية والبرية فيما وُصف بأنه “تطوير لوزارة الدفاع”. وقال باول انتون كروغر، مراسل الصحيفة للشرق الأوسط، إن “ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يقف وراء هذه الخطوة وأنه يسعى إلى تغيير المجتمع السعودي، حيث تتزامن حركة الإقالات الأخيرة مع فتح باب التجنيد للنساء في الجيش السعودي، لكن هذا الإنفتاح يرافقه قمع لأي معارضة داخلية”.

المراسل أضاف أن “فتح باب التسجيل في الجيش السعودي جزء من تحول كبير في مجتمع يهيمن عليه الذكور وجزء من (رؤية 2030) الطموحة لولي العهد. وحسب استراتيجية التنمية، هناك خطة لزيادة نسبة النساء العاملات من 22 % إلى 30 في المائة. ومن أجل هذا الهدف تم تعيين تماضر بنت يوسف الرماح نائبة لوزير العمل والتنمية الإجتماعية”.وبالمناسبة، ذكّرت الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ بأن “المملكة تحتل المركز 141 من بين 144 بلدا مسجلا في تقرير المساواة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الإقتصادي العالمي”.

باول أنتون كروغر أشار إلى أن “البعض يرى أن هذه التغييرات ترتبط بخطة لإجراء إصلاحات في مجال التسليح العسكري، فيما يربطها أخرون بمحاولة الأمير الشاب محمد بن سلمان تجديد الدماء وجلب وجوه شابة إلى دوائر القيادة والهيئات الحكومية، التي يقودها رجال تجاوزوا السبعين من العمر، حيث يسعى الأمير إلى تجديد المجتمع عبر الإستعانة بجيل الشباب المتعلم في الخارج وتنفيذ إصلاحاته. ولا عجب في ذلك، فثلثا السعوديين يقل عمرهم عن 30 عاما”.

كروغر تابع: “من جهة أخرى يتهم المنتقدون الأمير الشاب بأن هذه التغييرات دافعها تعزيز سلطته عبر ضمان ولاءات القيادات الجديدة. وهنا يجدر التنويه إلى أن الإصلاحات الإجتماعية لا يُصاحبها انفتاح سياسي، فالنظام السعودي أصبح أقل تسامحا مع أي معارضة أو انتقاد مقارنة بالماضي”، حسبما جاء في الصحيفة.،

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية