مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصحف السويسرية: “دوامة القمع الدموي” في تونس تؤشر إلى “منعرج حقيقي”

اهتمت معظم وسائل الإعلام السويسرية والصحف الصادرة يوم 11 يناير 2011 بتطورات الأحداث الأليمة الجارية في تونس swissinfo.ch

استحوذت الأحداث الجارية في تونس على حيز هام من اهتمام الصحف السويسرية الصادرة يوم الثلاثاء 11 يناير التي تطرقت جميعها رغم اختلاف لغاتها وميولاتها السياسية إلى تحليل الأسباب التي أدت إلى اندلاع أعمال العنف في بلد وصفته إحدى اليوميات بـ "جنة السياحة".

في الأنحاء الغربية من سويسرا المتحدثة بالفرنسية، تطرقت صحيفة لا ليبرتي الصادرة في فريبورغ لهذه الأحداث تحت عنوان “من القلاقل الإجتماعية الى الإنتفاضة”. وكتب كريستوف عياد يقول “لقد تحولت الإضطرابات الاجتماعية  التي هزت تونس منذ 17 ديسمبر  2010 في غضون عطلة نهاية أسبوع إلى عملية قمع لشعب يطالب بالكرامة والحرية وليس فقط بمناصب الشغل كما حاول فهم ذلك الرئيس زين العابدين بن علي والذي تدخل مرة أخرى عبر التلفزيون أمس (الإثنين 10 يناير) للتنديد بـ “الصعاليك الملثمين” الذين ارتكبوا “أعمالا إرهابية لا تغتفر”.

وبعد أن أشارت الصحيفة إلى صمت وسائل الإعلام الرسمية، أوردت أن “أهم الأخبار يتم تناقلها عبر وسائط الشبكات الإجتماعية والهاتف ومن الفم للأذن، وهكذا حصلنا على حصيلة نهاية أسبوع مأساوية أدت الى مقتل ما بين 20 و 50 شخصا حسب المصادر”، (14 حسب المصادر الرسمية).    

  

وتحت عنوان جانبي “بن علي يصبح هدفا” أشارت الجريدة إلى أن “مُحرما (تابوها) آخر تم كسره في عطلة نهاية الأسبوع وهو أن المتظاهرين هاجموا بدون خوف شخصية الرئيس بتمزيق وحرق الصور المتواجدة في كل مكان للرئيس بن علي”.

من جهته، اعتبر أندري لالمان اعتبر في مقال نشرته صحيفة “لا تريبون دي جنيف” تحت عنوان بالبنط الكبير أن “تونس في منعرج” وتحدث عن إعداد المعارضة التونسية لعقد مؤتمر وطني جامع من المنتظر أن يلتئم في مدينة جنيف يومي 22 و 23 يناير الجاري.

وفي حوار مع أنور الغربي، العضو في لجنة مساندة المتظاهرين في تونس نقلت “لاتريبون دو جنيف” عنه بعض الشهادات من بينها قوله “بعض الدبلوماسيين التونسيين يتصلون بنا للتعبير عن تخوفهم على مستقبلهم”، أو نقله عن متظاهرين تم اعتقالهم من قبل قوات الأمن أن “بعض أعوان الشرطة كانوا يعتذرون عن كونهم مضطرين لتطبيق الأوامر”.

ونقلت الصحيفة الصادرة في جنيف عن حسني عبيدي، مدير مركز بحوث العالم العربي والمتوسط التابع لجامعة جنيف قوله بأن “كل قتيل إضافي يعمل على إذكاء تطرف الحركة الاحتجاجية الإجتماعية”. وفي  معرض تحليله للعوامل التي أدت إلى “اندلاع أعمال احتجاج في بلد كنا نعتقد بأنه محكم الإقفال”، يقول عبيدي “إن انتحار محمد بوعزيزي في سيدي بوزيد كان بمثابة رمز قوي. هذا المتخرج الجامعي البالغ من العمر 26 سنة والذي لم يكن قادرا على إعالة أهله فتحول الى بائع متنقل للفواكه والخضر، تعرض لمصادرة الشرطة لبضاعته، لأنه لم يقدم الرشوة للموظفين الرسميين، وبحجة أنه غير حاصل على ترخيص لذلك. وقد تحول انتحاره بحرق نفسه الى صدمة هزت تونس وتحول إلى شعار هذا الغضب الإجتماعي”.

وتحت عنوان جانبي نهاية “الأسطورة” تطرقت صحيفة “24 ساعة” الصادرة في لوزان في حوار مع الخبير حسني عبيدي إلى ما أسمته “نهاية ما كان يسمى بالمعجزة الإقتصادية التونسية… لأن السنوات الأخيرة عرفت تفشي الرشوة والإضطرار للمرور عبر عائلة الرئيس أو عائلة زوجته وهذا ما وصفه دبلوماسيون أمريكيون وفقا لتسريبات ويكيليكس بـ “نظام مافيا”.

وعود الرئيس.. وتحذيراته

الصحف السويسرية الناطقة بالألمانية خصصت بدورها حيزا وافرا من صفحاتها لمتابعة وتحليل الأحداث الجارية في تونس. فقد كتب فيكتور كوخر في صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الصادرة في زيورخ تحت عنوان “بن علي يحاول التهدئة”، أن الرئيس التونسي بتدخله عبر التلفزيون بعد سقوط 14 قتيل “إنما هو اعتراف من رئيس أحد الأنظمة الأكثر غطرسة في المنطقة بأنه أصبح يشعر بالجرح وأنه لجأ – من أجل إنقاذ نظامه – إلى تقديم التنازلات”.   

ويرى كاتب المقال أن “الرئيس بن علي ومثلما فعل في خطاب 28 ديسمبر، وصف المتظاهرين بزمرة من المهمشين الذين ليس بإمكانهم تعتيم التقدم الواسع الذي أحرزته تونس”، وأشار إلى أنه واصل محذرا بأن “من يواصل المساس بسمعة البلاد عبر شهادات ملفقة وعبر القنوات الفضائية عليه أن يواجه متابعة قانونية”. ويذهب محرر نويه تسورخر تسايتونغ إلى أن البلاد “ستواصل تطبيق الإستراتيجية التي حددها لقطاع التعليم والتربية. وكون أن متخرجي الجامعات يتم تكوينهم بتوجيه خاطئ مما يحول دون حصولهم على مواطن شغل، فهذا ما لم يشر إليه الرئيس”.

وتساءل كوخر، مراسل الصحيفة في جنيف عما إذا كانت وعود الرئيس (في إشارة الى عشرات الآلاف من مواطن الشغل التي وعد بتوفيرها خلال العامين القادمين) قادرة على تهدئة الأوضاع إلا أنه استدرك ليجيب مشككا في إمكانية حدوث ذلك.

 صحيفة سانت غالن تاغبلات الصادرة في سانت غالن (شرق سويسرا) تطرقت بقلم رالف شولتسي  للموضوع تحت عنوان “في جنة السياحة الشباب يثور”، مًوردة بعض الشعارات التي رددها المتظاهرون مثل ” كفى اضطهادا” او “وزعوا خيرات البلاد في داخلها”، وهو ما “ردت عليه شرطة الرئيس بن علي الذي يحكم البلاد بقبضة من حديد، بالرصاص المطاطي وحتى الطلقات الحية مما أدى  حتى الآن الى مقتل ما بين 20 و50 متظاهرا حسب مصادر المعارضة”.

وفي مقال جانبي تحت عنوان “الدولة البوليسية”، اعتبرت الجريدة أن “الواجهة الجميلة لجنة السياحة أصيبت على حين غفلة وبسبب أعمال العنف بتصدعات عميقة”، لكنها أشارت إلى أن “الإتحاد الأوروبي الذي يمثل الشريك الإقتصادي والحليف السياسي الأهم (لتونس) يلتزم الصمت لحد الآن في مواجهة الرد العنيف على عمليات الإحتجاج”.

وتحت عنوان “تونس لم تعد قادرة على العودة الى الإستقرار”، تطرقت صحيفة بازلر تسايتونغ (تصدر في بازل شمال سويسرا) للموضوع في مقال بقلم راينر فاندلر استعرض فيه مجريات الأحداث في كل من القصرين وتالة والرقاب معتمدا في ذلك على ما أوردته بعض المواقع المعارضة وبعض المدونات على شبكة الإنترنت.

في عام 2009، بلغ الحجم الإجمالي للمبادلات التجارية مع تونس مستوى 246،4 مليون فرنك سويسري (بزيادة 36% مقارنة بعام 2008) وهو ما يجعل من تونس سابع شريك تجاري لسويسرا على مستوى القارة الإفريقية.
 
تقليديا، تسجل المبادلات بين تونس وبرن فائضا في الميزان التجاري لفائدة سويسرا. وفي عام 2009، بلغ هذا الفائض 171،6 مليون فرنك (بزيادة 62،2% عن عام 2008).
 
تتشكل الصادرات السويسرية من المنتجات المصدرة تقليديا وهي الآلات (36،6%) والمنتجات الصيدلية (24،6%) إضافة إلى المنسوجات (8،5%) والمواد الزراعية (5،7%) والأحجار الكريمة (5،3%).
 
في المقابل، تتركز الواردات السويسرية على قطاعات الأحجار الكريمة (28،2%) والآلات (18،3%) والمنتجات الفلاحية (16%).   
 
 (المصدر: كتابة الدولة السويسرية للشؤون الإقتصادية بتاريخ 18 يونيو 2010)

في نهاية عام 2008، بلغ إجمالي الإستثمارات السويسرية المباشرة في تونس 24،6 مليون فرنك (مقابل 20،8 مليون موفى 2007)
 
إذا ما أخذ بعين الإعتبار البلدان الرئيسية الشريكة التي تقدم منها الشركات المصدرة كليا أو جزئيا في البلاد، احتلت سويسرا في عام 2007 المرتبة السادسة ضمن المستثمرين الأجانب في تونس وراء كل من فرنسا (1180 مؤسسة) وإيطاليا (653) وألمانيا (256) وبلجيكا (207) والمملكة المتحدة (82).
 
(المصدر: كتابة الدولة السويسرية للشؤون الإقتصادية بتاريخ 18 يونيو 2010)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية