مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

العاطفة غلبت المنطق.. والسويسريون ينحازون إلى الضحايا

التقاعد المرن والجرائم الجنسية المرتكبة ضد الأطفال استأثرا بتعليقات الصحف السويسرية الصادرة يوم 1 ديسمبر 2008 swissinfo.ch

تركّـز اهتمام الصحف السويسرية، الصادرة في اليوم الموالي للتصويت، على تأييد الناخبين للمبادرة الداعية إلى عدم إسقاط الجرائم الجنسية المرتكبة ضد الأطفال بالتقادم ورفضهم للتقاعد المرِن المقترح من طرف اليسار والنقابات.

وفيما تمحورت تعليقات الصحف الناطقة بالألمانية وعناوين صفحاتها الأولى حول هذين الملفين، أفردت الصحف الناطقة بالفرنسية مجالا واسعا لفوز المبادرة المتعلقة بالجرائم الجنسية ضد الأطفال، رغم قلّـة إمكانيات القائمين عليها، بل ذهبت صحيفة لوتون، الصادرة في جنيف، إلى اعتبار هذا النجاح “إنجازا”.

حديث العواطف

مصادقة الشعب على المبادرة المتعلقة بالجرائم الجنسية المرتكبة ضد الأطفال، دفعت العديد من الصحف إلى التعليق بأن “العواطف (المشاعر) تحدّثت”، في إشارة إلى أن القضايا البشعة التي شهدتها سويسرا وعدد من البلدان الغربية في السنوات الماضية، قد خلّـفت آثارا واضحة في قطاع عريض من الرأي العام.

في المقابل، تساءلت الصحف عن إمكانية إيجاد صيغة قانونية معقولة لنصّ المبادرة، التي وصفها البعض بـ “الافتقار إلى الدقّـة”.

كاتب افتتاحية صحيفة ليكسبريس، الصادرة في نوشاتيل، أشار إلى أنه “من الواضح أن قضايا القساوسة الذين ارتكبوا اعتداءات جنسية ضدّ أطفال، المثارة في الأشهر الماضية، قد لعِـبت دورا في هذا التصويت”، فيما نوّه محرر افتتاحية كوتيديان جورسيان، (تصدر في دوليمون)، أن الناخبين في مراوحة بين العقل والقلب، أنصتوا إلى منطق القلب.

في نفس السياق، ذكّـرت العديد من الصحف الصادرة بالفرنسية والألمانية، بموافقة الناخبين في عام 2004 على السجن مدى الحياة لمرتكبي الجرائم الجنسية وللمجرمين الخطرين جدا، واعتبرت صحيفة نويه تسورخر تسانتونغ، الصادرة في زيورخ، أن الشعب فضّـل مرة أخرى توفير حماية أكبر للضحايا، بعضّ النظر عن التحفظات القانونية.

إضافة إلى ذلك، تساءلت الصحف حول إمكانية ملاءمة ما جاء في المبادرة مع النصوص القانونية، ولفتت صحيفة ليكسبريس إلى أن المبادرين “لم يتفطّـنوا بدون رَيْب إلى مدى التعقيد الذي سيطرحه نصّـهم على القانونيين”، فيما اعتبرت صحيفة كوتيديان جوراسيان أن “النصّ الذي تمّ التصويت عليه، يفتقر إلى الدقّـة ومشكوك في تطبيقه، إلى حدٍّ يُـهدّد بإضافة المزيد من المشاكل إلى أولئك المكلّـفين بمعالجة هذا الصِّـنف من الملفات”.

عمل مُـضنٍ لملاءمة النصّ مع القانون

صحيفة لاليبرتي، الصادرة في فريبورغ، اعتبرت، على غِـرار العديد من الصحف الأخرى، أنه “على سُـلّـم قيّـمنا المضمّـنة في التشريعات، فإن المسّ من السلامة الجنسية لطفل، سيكون أخطر في المستقبل من المسّ بحياتهم، حيث أن الجريمة الأولى، لن تسقُـط بالتقادم أبدا”.

لوماتان، الصادرة في لوزان، ذكّـرت بأن النصّ الذي اقترحته جمعية “المسيرة البيضاء”، لا يطرح مشاكل في علاقة بالقانون الدولي، “لكنه سيحتاج، على المستوى الوطني، إلى عمل ضخمٍ (لملاءمته)، كي يُـصبِـح صالحا للتطبيق، إذ يجب أن يُـدرج عدم إسقاط الجريمة بالتقادم في القانون الجنائي، الذي ينُـصّ حاليا على أن جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية والأعمال الإرهابية، هي الوحيدة التي لا تسقط بالتقادم”.

قضية عسيرة.. سياسيا

وبعيدا عن الطابع العاطفي لهذا الملف، تساءلت العديد من الصحف عن السبب الكامن وراء هذه الموافقة الشعبية الواسعة. صحيفة لاتريبون دو جنيف، الصادرة في جنيف، نوّهت إلى أن “التصدّي للمبادرة، كان يعني أيضا المخاطرة بنفي معاناة الضحايا. لقد كانت القضية غير مقبولة سياسيا، بل لا يُـمكن الترويج لها أصلا”.

صحيفة لوتون، الصادرة في جنيف أيضا، كتبت في افتتاحيتها أن “المعارضين الكُـثر للمبادرة، وعلى رأسهم الحكومة الفدرالية والأحزاب الكبرى، لم يتمكّـنوا من إقامة الدليل (للناخبين) على أن المشروع المضاد (المعروض على البرلمان)، الأكثر معقولية، يتوفّـر على نفس القدر من الاهتمام بالضحايا، مقارنة بالمبادرة”.

وأضافت لوتون أن المعارضين “لم يعثروا على الوسائل – بل إن الحقيقة تفرض الاعتراف بأنهم لم يبحثوا عنها بما يكفي من الحماسة – الكفيلة بالإقناع بأن عدم إسقاط الجرائم الجنسية المرتكبة ضد الأطفال بالتقادم، سيُـغذّي آمالا وهمية”.

التقاعد المرن.. مؤجّـل

صحيفة دير بوند، الصادرة في برن، تحدّثت في هذا الصدد عن “هزيمة” لليسار، لكنها أقرّت بأن الرفض الشعبي الواضح (58،6%)، يُـشكِّـل مفاجأة بالفعل.

صحيفة بازلر تسايتونغ، الصادرة في بازل، ذهبت في نفس الاتجاه واعتبرت أن اليسار والنقابات قد ارتكبوا خطأً بالمطالبة بتقاعد مرِنٍ، لا يُـمكن تحمّـل أعبائه المالية الثقيلة، مضيفة بأن ظروف الأزمة الاقتصادية، التي تتأثر بها سويسرا أيضا، قد ساهمت بلا شك في رفض المبادرة.

صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ، تحدّثت بدورها عن العقد المالية في مبادرة اليسار، وهي عُـقدٌ تزداد تشابكا بالضرورة في فترات الأزمة. وكتبت في افتتاحيتها “في لحظة تتّـسم بالشكّ، لا يريد الشعب السويسري أي حديث عن تجريبات سياسية”، في حين أكّـدت صحيفة كورييري ديل تيتشينو، الصادرة في لوغانو، أن “مستقبل التأمين على الشيخوخة والعجز والباقين على قيد الحياة، لا يمكن أن يُـموّل دون الأخذ بعين الاعتبار تطوّر الأمل في الحياة وإبرام عِـقد جديد بين الأجيال”.

في المقابل، شدّدت الصحف الثلاث على ضرورة التوصّـل إلى حدّ فيما يتعلّـق بالتقاعد المرِن، خصوصا وأن المراجعة الحادية عشرة للتأمين على الشيخوخة والعجز والباقين على قيد الحياة، مُـقترنة بعدّة حلول للتقاعد المرِن، ستُـناقش على المستوى البرلماني واعتبرت صحيفة كورييري ديل تيتشينو أن الهدف يتمثل في “العثور على حلول عادلة للفئات غير المحظوظة ولأولئك الذين مارسوا أعمالا مُـضنية”.

سويس انفو مع الوكالات

من تقاليد سويسرا، أن تجري على المستوى الوطني، عمليات الاقتراع المتعلقة بإدخال تغييرات على الدستور أو اعتماد قوانين جديدة، أربع مرات في السنة، يشارك فيها المواطنون السويسريون المقيمون داخل الكنفدرالية أو خارجها.

يبلغ عدد الناخبين في سويسرا 4،9 مليون شخص، فيما يناهز عدد السويسريين المقيمين في الخارج والمسجلين في اللوائح الانتخابية، 120 ألف شخص.

يُـمكن التصويت أيضا عبر البريد، ومنذ عام 1992، أصبحت هذه الإمكانية متاحة للسويسريين المقيمين في الخارج أيضا.

في فبراير ويونيو 2008 على التوالي، قال السويسريون كلمة الفصل بخصوص مقترحات، تتعلّـق بتخفيض بعض الرسوم وبحظر مقترح على طلعات التدريب لسلاح الجو السويسري فوق المناطق السياحية، إضافة إلى خُـطط ترمي إلى تشديد شروط الهجرة وإصلاح لنظام التأمين الصحي وتقليص للإعلام الحكومي.

من المقرر أن يتوجّـه الناخبون في شهر فبراير 2009، للحسم فيما يتعلق باستمرار وتوسيع اتفاقية حيوية لتنقّـل الأشخاص بين سويسرا والاتحاد الأوروبي.

عدم إسقاط جرائم الاستغلال الجنسي للأطفال بالتقادم:
النسب: نعم: 51،9% – لا: 48،1%.

إلغاء تجريم استهلاك الحشيش:
النسب: نعم: 26،8% – لا: 63،2%

القانون الفدرالي حول المخدرات:
النسب: نعم: 68% – لا: 32%

التقاعد المرن:
النسب: نعم:41،4% – لا: 58،6%

الحدّ من حق الاعتراض للمنظمات المدافعة عن البيئة:
النسب: نعم: 36،8% – لا: 63،2%

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية