مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

القانون الإنساني وتحديات القرن الجديد

مشكلة احترام القانون الانساني الدولي في نقص الارادة السياسية لتطبيق النصوص Keystone Archive

تحتفل دوائر القانون الإنساني الدولي في جنيف بمرور 25 عاما على إصدار البروتوكولين الإضافيين الملحقين بمعاهدات جنيف.

تحول الاحتفال إلى محاولة للرد على الذين يشككون في قدرة معاهدات جنيف على مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، خاصة في مجال محاربة الإرهاب. في حين ان المعهادات تهدف، كما هو معروف عالميا، إلى تقنين كيفية إدارة الحروب، ومحاولة فرض لمسة إنسانية على ظروف حرب ودمار وقتل وعداوة.

لكن معاهدات جنيف التي تعود إلى عام 1949 سرعان ما اتضح أنها لا تشمل الصراعات التي اندلعت بعد حقبة محو الاستعمار، وهذا ما فرض تعديلات لتطوير القانون الإنساني الدولي، وأدى إلى إقرار البروتوكولين الإضافيين، الأول والثاني، واللذين دخلا حيز التطبيق في 8 يونيو عام 1977 ، وتحتفل هذه الايام المجموعة الدولية بمرور ربع قرن على توقيعهما.

يتعلق البروتوكول الأول بتوسيع مجال تطبيق حماية معاهدات جنيف في الصراعات المسلحة الدولية، لكي تشمل حروب التحرير الوطنية التي عادة ما تنشب بين قوى وطنية وقوة أجنبية محتلة، بينما ينص البروتوكول الثاني على الحروب الداخلية التي أصبحت أكثر انتشارا في العقود الأخيرة.

الحرب ضد الإرهاب تثير جدلا جديدا

ياتي الاحتفال بمرور 25 عاما والذي نظمته اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالاشتراك مع وزارة الخارجية السويسرية يومي 6 و7 يونيو في جنيف، في أعقاب الجدل الذي أثير بعد أحداث 11 سبتمبر، ولجوء البعض إلى التشكيك في إمكانية تطبيق القانون الإنساني الدولي ، بصيغته الحالية، فيما يسمى “بالحرب ضد الإرهاب”.

وقد كان هذا محور ندوة نظمتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر جمعت شخصيات هامة في القانون الإنساني والقانون الدولي والدبلوماسيين والصحفيين. وكما أوضح أستاذ القانون الإنساني بجامعة جنيف، لويجي كوندوريللي “أن كل مرحلة جديدة من القانون الإنساني الدولي تمت صياغتها بعد حرب واسعة النطاق، وبعد استخلاص الدروس من ويلاتها”. وهذا ما يدفعنا، بعد إلقاء نظرة على كيفية معاملة الولايات المتحدة الأمريكية لأسرى تنظيم القاعدة وطالبان في معسكر جوانتانامو، الى التساؤل هل القانون الإنساني الدولي بصيغته الحالية لم يعد قادرا على مسايرة تحديات القرن الحالي؟

يرى الباحث الفرنسي بول فيرليو في رده على هذا التساؤل “أن الحروب لا تأخذ في الاعتبار الا قواعد وقوانين تحددها موازين القوى السياسية”. لكنه يعتقد أن الحروب “أصبحت تخرج عن هذا الإطار وتفتح مجالا للمزايدة نحو التطرف”، وذلم على ضوء احداث سبتمبر.

هذا التطرف يحدده مدير القانون الدولي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر فرانسوا بونيون من جهة “بإصرار جماعات على مهاجمة المواطنين المدنيين في دولة ما بدون تمييز”، ومن جهة أخرى “بتبسيط الحديث عن استعمال السلاح النووي” مثلما هو الحال بين الهند وباكستان او كما تم أثناء حرب الولايات المتحدة الأمريكية ضد معاقل القاعدة في أفغانستان.

 نقص الإرادة السياسية لتطبيق القانون لا غير

توصل رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر جاكوب كيللنبيرغر، وبعد طرحه هذه التساؤلات عن مدى صلاحية تطبيق القانون الإنساني الدولي في الصراعات المسلحة الحالية، إلى خاتمة مفادها “أن أغلب الباحثين الذين اهتموا بتحليل طبيعة الصراعات السائدة حاليا، يجمعون على أن أسس القانون الإنساني الدولي من معاهدات جنيف الأربعة والبروتوكولين الإضافيين، تلبي متطلبات الأفراد والشعوب خلال الصراعات المسلحة اليوم”. ويعتقد رئيس اللجنة الدولية للصلب الأحمر أن هذه القوانين “صالحة أيضا لمسايرة صراعات الغد ما دامت القيم التي تدعو إلى مراعاتها قيم صالحة لكل زمان ومكان”.

وقد اعترف رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن أي قانون لا يمكن أن يكون مثاليا وأنه عرضة للتنقيح والتعديل، كما اقر بقدرة رجال القانون، اليوم مثلما كان الأمر بالأمس، على تنقيح وتعديل النصوص، الا ان السيد كيللينبرغر يرغب في التفريق بين “نقص في نص القانون وضعف في الإرادة السياسية لتطبيق هذا القانون”.

وفيما يتعلق بذريعة “أن القانون الإنساني الدولي يعرقل تطبيق العدالة” والتي أثارتها الولايات المتحدة الأمريكية لحرمان أسرى جوانتانامو من اعتبارهم أسرى حرب وفقا لمعاهدات جنيف، أوضح رئيس اللجنة الدولية “أن معاهدات جنيف والبروتوكولين الإضافيين لا تقف في وجه العدالة بقدر ما يتطلعون الى معاملة المتهمين وفقا للقانون”.

نسخة معاهدة جنيف لعام 1864 تعرض لأول مرة

من بين النشاطات التي ميزت الاحتفال بمرور 25 عاما على إصدار البروتوكولين الإضافيين، تسليم أول نسخة لمعاهدات جنيف لمتحف اللجنة الدولية للصليب الأحمر. فقد أشرف وزير الخارجية السويسري جوزيف دايس على حفل سلمت خلاله مصلحة الأرشيف الفدرالية الى متحف اللجنة الدولية للصليب الأحمر، النسخة الأصلية لمعاهدات جنيف، التي تعود إلى عام 1864، وهذه هي المرة الأولى التي يسمح فيها للجمهور في جنيف بالاطلاع على وثيقة تعد أساس وركيزة القانون الإنساني الدولي.

محمد شريف – جنيف

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية