مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نُـصب تذكاري لحقوق الإنسان يثير لغطا في جنيف

"الكرسي المكسّـر" للفنان السويسري دانيال بيرسي، لحظة إعادة وضعه في ساحة الأمم في جنيف يوم 26 فبراير 2007 Keystone

قد يُـلقي خلاف اندلع حول نُـصب تذكاري بسيط بظلاله على حفل التدشين الذي ينتظم يوم الخميس 29 مارس للساحة المواجهة للمقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف، بحضور رئيسة الكنفدرالية.

النُـصب التذكاري يحتفي بالدبلوماسي الفرنسي روني كاسان، باعتباره “مهندس” الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لكنه يتجاهل الدور الرائد، الذي لعبته إليانور روزفيلت، عقيلة الرئيس الأمريكي الراحل وآخرون.

أدى هذا التجاهل إلى ردود فعل غاضبة من طرف بعض نشطاء حقوق الإنسان، الذين عبّـروا عن غضبهم لهذا التعامل المستخفِّ بالدور الكبير الذي لعبته زوجة الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفيلت.

ففي الواقع، كانت السيد روزفيلت رئيسة لأول لجنة لحقوق الإنسان، تابعة للأمم المتحدة، تأسست في عام 1946، كما ترأست اللجنة التي أعدّت مسودة النص النهائي للإعلان العالمي عن حقوق الإنسان، الذي اعتمدته في نهاية المطاف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948.

جون زيغلر، النائب السويسري السابق ومقرر الأمم المتحدة الخاص للحق في الغذاء، كان من بين الذين أغضبهم قرار تخصيص لوحة على النصب التذكاري للفرنسي كاسان، دون سواه.

وقال زيغلر لسويس انفو “إن الخطوة كانت حمقاء ومخطئة، من الناحية التاريخية، وانتهاكا للمساواة بين الجنسين”، وأضاف زيغلر “هناك خياران أمام مجلس المدينة، إما أن يقتلع اللوحة المخصصة لكاسان أو أن يقيم نصبا آخر لإليانور روزفيلت”.

كما أوضح جون زيغلر أنه أثار المسألة مع ميشلين كالمي – ري، رئيسة الكنفدرالية للعام الجاري ووزير الخارجية، المعروفة بدفاعها المستميت عن حقوق الإنسان والتي ستُـلقي كلمة يوم 29 مارس لدى تدشين ساحة الأمم في جنيف بعد عمليات التجديد الشامل التي شهدتها.

جون فيليب جانرا، المتحدث باسم وزارة الخارجية رفض التعليق على هذا الجدل، لكنه قال إن كالمي – ري “ستعبِّـر عن وجهات نظرها” خلال حفل التدشين.

نسيان مؤلم

السيدة آن هيرت، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، هي التي حشدت المعارضين، ووصفت إغفال ذكر السيدة روزفيلت بـ “النسيان المؤلم”، كما قامت بمراسلة العديد من الأطراف، من بينها مجلس مدينة جنيف ورئيسة الكنفدرالية السويسرية ودبلوماسيين أمريكيين سابقين والمفوضة السامية لحقوق الإنسان.

وتقول السيدة هيرت، “إن اللوحة ستُـلغي من الوعي العام أي شخص آخر ساهم في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. إننا لا نريد التنقيص من قيمة روني كاسان، لكنه لم يكن المحرر الوحيد” للوثيقة المرجعية.

وأضافت السيدة آن هيرت “في الوقت الذي يضع فيه كثيرون كونية الإعلان موضع التساؤل، زاعمين أنه لا ينطبق عليهم أو على ثقافتهم، يكون من المؤسف جدا أن توجد لوحة تشيد برجل غربي، باعتباره المحرر (للإعلان)… قبالة بوابات الأمم المتحدة بالضبط. إن هذا يعزز التشكيك في الطابع الكوني للإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

هذا الرأي يشاطره جورج غوردن – لينوكس، الذي يمثل منظمة مراسلون بلا حدود لدى الأمم المتحدة في جنيف، ويقول “في الوقت الذي لا يوجد فيه شك في أن كاسان لعب دورا حيويا، إلا أن مساهمته لم تكن الوحيدة”.

ويضيف لينوكس “للأسف، فإن السياح الذين سيزورون ساحة الأمم، سيعتقدون أنه هو الشخص الوحيد الذي أعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. لقد كان رجلا عظيما، ليس هناك من يشكك في ذلك، لكن هناك حاجة للاعتراف بآخرين”.

لوحة لإليانور؟

في رسالة وجّـهها كريستيان فيرازينو، المسؤول عن التخطيط في مجلس مدينة جنيف، في بداية شهر مارس إلى السيدة هيرت، أوضح أن مؤسسة روني كاسان، التي يوجد مقرها في باريس، هي التي اتصلت بسلطات جنيف العام الماضي لتطلب منها إقامة لوحة تذكارية على شرف الدبلوماسي الفرنسي.

وشدد فيرازينو في مراسلته، على أن اللوحة كانت مجرد نُـصب تذكاري لكاسان، ولم تكن تهدف بأي شكل من الأشكال لتخليد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

وفيما اعترف كريستيان فيرازينو بنُـدرة الأمثلة النسائية في “مجتمعاتنا الأبوية”، أكّـد أن سلطات المدينة منفتحة على فكرة تخصيص لوحة تذكارية على شرف إليانور روزفيلت في ساحة الأمم أو في مكان آخر من جنيف وأضاف في الرسالة نفسها أنه سيتم التشديد على مساهمتها في حفل التدشين.

في اتصال مع سويس انفو، قال ماكسيم جوانفيل – إينّـيزات، رئيس مؤسسة روني كاسان، “إن المنتقدين قد أخطأوا الهدف”، وشدّد على أن كاسان كان مسؤولا عن المسودة الأولى ووصفه بـ “القوة الدافعة” وراء الإعلان.

وقال جوانفيل – إينّـيزات لسويس انفو “لقد كان هناك العديد من القادة في المشروع، لكن كاسان كان في الواجهة”، مضيفا بأنه “تمكّـن من إنجاز المستحيل، بحيث صوتت جميع الوفود لفائدة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

سويس انفو – آدم بومون – جنيف

(ترجمه من الإنكليزية وعالجه كمال الضيف)

طبقا لما تقوله الأمم المتحدة، قامت أمانتها العامة، بناء على نصائح جون همفري بتحرير المثال الذي تحول فيما بعد إلى وثيقة عمل للجنة التي كُـلفت بتحرير الإعلان العالمي لحقوق الإنسان برئاسة إليانور روزفيلت.

تشكلت لجنة التحرير من 8 شخصيات، من أستراليا والشيلي والصين وفرنسا ولبنان والاتحاد السوفييتي وبريطانيا والولايات المتحدة.

منذ اعتمادها في عام 1948، تُـرجم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان إلى أكثر من 300 لغة وسيشهد العام المقبل مرور 60 عاما على صدور هذه الوثيقة، التي توصف بـ “كارتا ماغنا لكل الإنسانية”.

حصل روني كاسان، وهو دبلوماسي فرنسي ورجل قانون على جائزة نوبل للسلام لعام 1968 للدور الذي لعبه في بلورة الوثيقة المعروفة باسم “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”.

في الخطاب الذي ألقاه عند تلقي الجائزة، أشار كاسان بوضوح إلى إشراف السيدة روزفيلت على متابعة التطورات التي شهدتها الوثيقة.

عمل كاسان مندوبا لفرنسا لدى عصبة الأمم في جنيف من عام 1924 إلى 1938 وتقلّـد منصب ممثل فرنسا لدى الأمم المتحدة من 1946 إلى 1968.

كانت زوجة فرانكلين روزفيلت واحدة من أنشط وأكثر السيدات الأولى تأثيرا في تاريخ البيت الأبيض.

إثر وفاة زوجها في عام 1945، عُـينت من طرف الرئيس ترومان في الوفد الأمريكي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو المنصب الذي تقلدته إلى عام 1953.

ترأست لجنة حقوق الإنسان، التابعة للأمم المتحدة، من 1946 إلى 1951.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية