مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المخدرات في ثكنات الجيش!

يواجه قادة الجيش السويسري معضلة عسكرية واخلاقية بسبب انتشار استهلاك المخدرات لدى بعض فئات القوات المسحلة Keystone Archive

تم توقيف ستة من تلاميذ مدرسة الضباط بتهمة تعاطي الكوكايين، واعترف أحدهم بأنه باع عشرين غراما من المادة المخدرة إلى زملائه.

وصرح جاك دوسي قائد الفيلق العسكري والمسؤول عن تعليم الضباط بأنها المرة الأولى التي يشهد فيها الجيش السويسري مثل هذه الفضيحة واعتبرها بعدا جديدا في سلوك الجنود وضباط المستقبل.

تم الكشف عن هذه السابقة الخطيرة أثناء قيام الجنود بأداء تدريب السير لمسافة مائة كيلومتر قبل أسبوع من الاحتفال بتخرجهم وتسليمهم رتب الضباط يوم الأربعاء الخامس عشر من مايو، وقد أمر قائد الفيلق بإجراء تحقيق موسع بواسطة الشرطة العسكرية كما أمر بفتح باب التحقيق في القضية من الناحية المدنية.

وقد أعلن المتحدث باسم الجيش السويسري ماركو اوسفالد أن المعلومات الأولية أفادت بأن أحد ضباط الصف قام بالاتجار في الكوكايين، كما اعترف ثلاثة من المتهمين بأنهم حصلوا على أولى جرعات الكوكايين في المدرسة، وحفاظا على سرية التحقيق فقد امتنع المتحدث باسم الجيش عن الادلاء بأية تفاصيل إضافية.

عقوبات في انتظار التحقيق

إلى جانب الشق المدني من القضية فإن المتهمين الستة لن يتمكنوا مستقبلا من الحصول على أية رتبة عسكرية في الجيش السويسري أو وظائف تتعلق بالأمن بشكل عام، وقد يصدر الحكم بعزلهم تماما من الخدمة العسكرية.

وقد صرح جاك دوسي المسؤول عن الدائرة التعليمية في الجيش السويسري بأن هذه القضية تأخذ بعدا جديدا نظرا لأن الأمر يتعلق بما وصفه بتعاطي المخدرات الثقيلة وبحجم كبير، وهو أمر غير مقبول بالمرة ولا يمكن التساهل معه، لا سيما وأن المتهمين من المفترض أنهم سيكونون جيل ضباط الغد ويتحتم عليهم القيام بمهام قيادية مستقبلا. لذا من المفترض فيهم التمتع بحسن السمعة وأن يكونوا قدوة لجنودهم.

تشديد الفحوص بدل الغائها؟

يرى بعض الخبراء أن هذه القضية ستشكل حجر عثرة في طريق اقتراح المجموعة الطبية في الجيش التي كانت تسعى إلى إلغاء إجراء فحوص طبية على الجنود لمعرفة ما إذا كانوا مصابين بفيروس مرض نقص المناعة المكتسب – ايدز – أو ممن تعرضوا لتعاطي المخدرات، حيث طرحت المجموعة الطبية هذا الاقتراح في مشروع تطوير الجيش السويسري المعروفة باسم “جيش القرن الحادي والعشرين”.

مشكلة المخدرات في الجيش السويسري شغلت الرأي العام أكثر من مرة ولكن ليس بحجم المشكلة الأخيرة، حيث كانت الهواجس تحوم حول المشروبات الكحولية وتعاطي الحشيش وسعى المسؤولون في الجيش إلى مواجهة المشكلة بأسلوب تربوي وعلمي، إلى جانب عقاب المتسيبين أو الخارجين عن القواعد المعمول بها داخل الثكنات العسكرية، إلا أن برامج العلاج هذه تتعارض في كثير من الاحيان مع الحرية التي يتيحها المجتمع فيما يتعلق بشرب الكحوليات وتعاطي المخدرات، لا سيما بعد السماح رسميا بتدخين الحشيش وعدم اعتباره جريمة يعاقب عليها القانون.

وكانت دراسة أجراها الجيش السويسري عام ثمانية وتسعين أظهرت أن تعاطي المشروبات الكحولية أثناء الخدمة العسكرية وفترات التدريب أمر شائع ولكنه يختلف من منطقة إلى أخرى وحسب طبيعة التدريب أو المهمة الموكلة إلى الفرقة العسكرية. حيث أوضحت الدراسة أن اثنين وثمانين في المائة من الجنود يتناولون الكحول أثناء فترة التدريبات بشكل أكثر من العادي.

ما من شك في أن مسألة الادمان، سواء على المخدرات أو المشروبات الكحولية تطرح اشكاليات قاونونية واجتماعية بعضها متناقض. فالمجندون يقفون بين الحرية التي يكفلها لهم المجتمع وبين ما يعتبره البعض “تناقضا” ويراه البعض الآخر “قيودا” على الحرية الفردية داخل الثكنات. أما الجيش، فموقفه واضح. وإذا كان تساهل في تناول المشروبات الكحولية، على اعتبار أن ذلك يتم في أوقات الراحة، فإنه من الصعب أن يغض الطرف عن تعاطي المخدرات، خفيفها وثقيلها.

سويس انفو

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية