مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.. هل هي العودة إلى نقطة الصفر؟

كبير المفاوضين الإيرانين في محادثات جنيف حول البرنامج النووي الإيراني سعيد جليلي في ندوته الصحفية في جنيف يوم 7 ديسمبر 2010 وأمامه صورة عالم الذرة الإيراني ماجد شهرياري الذي ذهب ضحية عملية اغتيال. Keystone

بعد يومين من المفاوضات في جنيف حول المخاوف من البرنامج النووي الإيراني، لم تتفق مجموعة 5+1 الغربية وإيران إلا على استئناف المحادثات في اسطنبول في شهر يناير المقبل من أجل تحديد إطار مقبول للتفاوض. وهو ما يعتبره المراقبون عودة الى نقطة الصفر في الملف النووي الإيراني بعد أكثر من ستة أعوام من الضغوط والمراوغة وربح الوقت.

بعد يومين من المفاوضات حول المخاوف الغربية من البرنامج النووي الإيراني في مقر البعثة السويسرية لدى الأمم المتحدة في جنيف، انتهت محادثات إيران مع مجموعة خمسة زائد واحد التي تضم كلا من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن زائد ألمانيا بدون نتيجة تذكر باستثناء الاتفاق حول عقد جولة جديدة من المحادثات في اسطنبول إما في شهر يناير او بداية فبراير من العام القادم.

وإذا كان ظهور مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاترين آشتون المقتضب وبدون السماح للصحافة الدولية بطرح أسئلة، يدل على شيء فإنما يدل عن عدم الرضا عما آلت إليه المفاوضات التي استؤنفت بعد 14 شهرا من التوقف وأكثر من ست سنوات من المراوغة.

مع ذلك، وجدت السيدة آشتون بعض العزاء في عبارة “لقد اتفقنا على عقد جولة جديدة من المفاوضات”، ولكنها رفضت الدخول في تفاصيل أخرى باستثناء “أننا نعترف لإيران بحقوقها ولكن نصر على ضرورة إيفائها بالالتزامات”.

وكما هو معلوم فإن الدول الغربية تشكك في مصداقية ما تردده إيران من أن أبحاث برنامجها النووي مدنية وسلمية وتهدف لإنتاج الطاقة لذلك ترغب في إخضاع تخصيبها لليورانيوم لمراقبة دولية.

لا نقاش حول حق إيران النووي

أما المفاوض الإيراني الدكتور سعيد جليلي فقد شدد طوال ندوته الصحفية التي استغرقت زهاء الساعتين على أن ما تم الاتفاق بشأنه ووافقت عليه الأطراف الغربية ” هو عقد جولة جديدة من المفاوضات في اسطنبول على أساس التعاون ومن أجل التوصل الى أرضية مشتركة”، منتقدا المسئولة الأوربية عن العلاقات الخارجية السيدة آشتون ” بتحريف ما تم الاتفاق بشأنه” وذلك بعد تصريحها ” بأن اجتماع إسطنبول سيسمح بالتعاون من أجل إيجاد الوسائل التي تسمح برفع التخوفات التي يثيرها الموضوع النووي”.

وكان المفاوض الإيراني قد أسهب في مقدمة ندوته الصحفية في سرد انشغالات المجموعة الدولية من المنظور الإيراني والتي يرى أنها مهددة بسباق التسلح وبتكاثر الدول المالكة لترسانة نووية بما في ذلك ” الكيان الصهيوني” على حد قوله. وفي هيمنة بعض الدول على الموارد الطبيعية وهيمنتها على المعرفة والعلم”. والمقصود بهذه المقدمة حول مخاوف المجموعة الدولية من المنظور الإيراني هو لإظهار بأنه إذا كانت هناك مخاوف غربية من البرنامج النووي الإيراني فلإيران وللمجموعة الدولية مخاوف أيضا من مواضيع أخرى تتعلق بدول أخرى وباقاليم جغرافية غير إيران.

وهذا المونولوج سواء من الطرف الإيراني او الغربي هو الذي ساد طوال يومي المفاوضات لينتهي باتفاق حول عقد محادثات جديدة في اسطنبول يصر الجانب الإيراني على أن تكون ” محادثات قائمة على أساس تعاون ومن أجل التوصل الى أرضية مشتركة”

وعما إذا كانت هذه “الأرضية المشتركة” تعني أيضا طرح موضوع تعليق التخصيب الإيراني لليورانيوم؟ رد المفاوض الإيراني ” لا نسمح لأنفسنا بطرح حقوق إيران ( التحرير: حول الحق في برنامج نووي) على مائدة المفاوضات في اسطنبول”. إذ تعتبر إيران أن من حقها حتى كبلد موقع على معاهدة منع الانتشار النووي بامتلاك تكنولوجيا الطاقة النووية ما دام ذلك لأغراض مدنية.

أما تشديد المفاوض الإيراني على عبارة “حوار على أساس التعاون” فشرحه السيد جليلي بقوله” أن الحوار يجب أن يكون على أساس التعاون وليس على أساس الضغوط”، في إشارة الى العقوبات التي فرضتها وتلوح بزيادة فرضها بعض الدول الغربية عبر مجلس الأمن الدولي، والتي طالب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد برفعها” كشرط لإنجاح محادثات اسطنبول ” المقبلة.

تراجع غربي و تشدد إيراني

عقد اللقاء القادم في اسطنبول وفقا للمطلب الإيراني بدل عقده كالعادة على أرضية جنيف المحايدة هل يعني تقديم تنازل من قبل الأطراف الغربية في هذا الخلاف الذي عرف عشرات الاجتماعات واستغرق أكثر من ستة أعوام، أم محاولة للاستفادة من وساطة تركية أكثر تدخلا من نظيرتها السويسرية؟

تساؤل يحق طرحه خصوصا وأن هناك أنباء عن كون مسئولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوربي والوسيطة الغربية في هذه المفاوضات السيدة كاترين آشتون كانت قد رفضت في وقت سابق عقد لقاء في اسطنبول.

أما الجانب الإيراني فقد استبق بداية محادثات جنيف بتحد يتمثل في الإعلان عن أن طهران “تمكنت من إنتاج أول كمية مركزة من اليورانيوم انطلاقا من مناجم استخرجت من جنوب البلاد”.

وقد ذكّر المفاوض الإيراني الدكتور سعيد جليلي في الندوة الصحفية بأن “إيران أوضحت في مفاوضات العام الماضي في جنيف بأنها إذا لم تحصل على اليورانيوم المخصب فستقوم بإنتاجه بنفسها، وهاهي الدول الغربية التي اعتبرت هذا التهديد آنذاك بمثابة دعاية كاذبة، تطالبنا اليوم بوقف التخصيب”.

من جهة أخرى، اعتبر جليلي أن “الدول الغربية تتخذ مواقف بناءا على معلومات خاطئة” مختتما بتوجيه نصيحة للدول الغربية تتلخص في “عدم ارتكاب نفس الخطإ مرة أخرى”.

الحديث عن ” حوار على أساس التعاون بدل الضغوط” و ” من أجل التوصل الى أرضية مشتركة” معناه بكل وضوح تحديد إطار جديد للحوار والتفاوض بين الدول الست الغربية وإيران. فهل يعني ذلك إعادة طرح ملف المخاوف الغربية من البرنامج النووي الإيراني من جديد وعلى اسس جديدة بعد مراوغات استمرت أكثر من ست سنوات؟

وهل الجو الذي يتم فيه البحث عن إطار جديد للتفاوض والمتميز بوقوع محاولتي اغتيال لعلماء الذرة في إيران سيشجع على تفادي اخطاء الماضي للسير بهذا الملف الشائك نحو الأمام؟

يبدو أننا اليوم أبعد بكثير عما كانت عليه أجواء محادثات العام الماضي خصوصا وأن إيران أثارت موضوع الاعتداءات على العلماء الإيرانيين في اجتماع جنيف هذه المرة بنوع من الإلحاح مشيرة بأصابع الاتهام لأجهزة مخابرات غربية وإسرائيلية.

يضاف الى ذلك أن تسريبات ويكيليكس أقحمت علانية بعضا من دول مجلس التعاون الخليجي في جدل الملف النووي الإيراني بتسريب ان بعضا من هذه الدول “طلب من الولايات المتحدة الأمريكية تحطيم المنشئات النووية الإيرانية”.

وحتى ولو عبر مجلس التعاون الخليجي في اجتماعه الأخير بدبلوماسية عن ” متابعة تطورات البرنامج النووي الإيراني بنوع من القلق” فإنه طالب في بيانه الختامي ” بضرورة حل الخلاف بطريقة سلمية وجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل”.

اما رئيس الوفد الإيراني لمفاوضات جنيف سعيد جليلي فعقب على تسريبات ويلكيليكس بهذا الخصوص بالقول “إنها تسريبات تقصد بها بعض القوى خلق مشاكل بين دول المنطقة “.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية