مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

العراق بين احتمالي المعافاة والاحتضار!

مُـعظم العراقيين عاشوا في السنوات الماضية على وقْـع القتْـل والتفجير والاغتيال والخطف Keystone

ما بين الصِّـراع المُـتفجِّـر حول الانتخابات البرلمانية العامة والاستعداد لانسحاب أمريكي يصِـفه البعض بإعادة نشر لـ "الاحتلال"، يمُـر عراق ما بعد نظام صدّام حسين بمرحلة احتضار من العيار الثقيل، إما أن ينهَـض منها مُـعافى ويتخطّـى عتبةَ الموِت، أو أنه سيدخُـل بالفعل في "الموت السريري"، بانتظار جوابٍ نِـهائي يقصُـر أو يطول: الموت أو الحياة.

كان العراقيون يأملون كثيرا بحصول تغيير حقيقي في حياتهم السياسية والاجتماعية بعد تبدل “كلّ” نظام الحُـكم من الديكتاتورية الفَـردية إلى “ديمقراطية” وعْـد الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش أن تُصبح مثالا يُحتذى به في الشرق الأوسط.

ورغم أن العملية السياسية انطَـوت منذ البداية على عوامِـل “التفجير المجتمعي” حين قامت على أساس طائِـفي وعِـرقي مَـقيت، ونجحت إلى حدٍّ ما في سلْـب الكثير من العراقيين إحساسهم بوطنِـيتهم، ودفعتهم إلى أن يبحثوا عن تحقيق مصالِـح للطائفة والعِـرق والجماعة، إلا أن مُـعظم العراقيين عاشوا في السنوات الماضية على وقْـع القتْـل والتفجير والاغتيال والخطف، وهُـم يُـغنِّـون لبزوغ فجْـر جديد في عراق حلَـموا أن يكون للجميع، ولو بعدَ حين.

هذا الحدّ الأقل من “الحُـلم العراقي” الجميل، لم يتحقّـق ويوشِـك أن يتهاوى، لأن المُـقاولين السياسيين – ولن يستثني العراقيون منهم أحدا في عراق ما بعد صدّام – كشفوا في الأيام الأخيرة الماضية عن حقيقة نواياهُـم “الشخصية” في الكمّ الهائل من تبادُل التّـصريحات العدائِـية والتهديد بحرْق العراق كلّـه، من أقصاه إلى أقصاه، ولو بلغ ما بلغ، إن لم يشاركوا في العملية السياسية.

مَـلهاةٌ وطنية

ولقد كشفَـت مسألة إقصاء عدد من المرشحين لخوْض الانتخابات البرلمانية عن طبيعة الصِّـراع، وأن أطراف العملية السياسية ضالِـعون بشكل أو بآخر في كل ما شهِـده العراق في السنوات الماضية من قتْـل ودمار وتغْـييب للهُـويّـة الوطنية..

وبدا واضحا تماماً أن الحديث عن “مشروع وطني” نادى به البعض في مقابل المتّـهمين من قِـبل خصومهم بـ “الطائفية السياسية”، لم يكن إلا ذرا للرّماد في العيون وما وصفه بعض “كُتاب أعمدة الرأي” بكذبة كبرى للخديعة ومُـواصلة السيْـر في نهج الإثراء المالي والسياسي على حساب العراقيين ودِمائهم “الرخيصة” في بازار العراق الجديد.

وليس هذا وحسب، فان الكثير من الأسماء التي “لمَـعت” في الفضائيات” وهي تتحدّث باسم الحلّ الوطني ونبْـذ الاحتلال واتِّـهام خصومهم السياسيين بأبْـشع التُّـهم، كشف “كُتاب أعمِـدة الرأي” العراقيون أنهم حصَـلوا على مُـقاولات من الأمريكيين لتنفيذ مشاريع اقتصادية بمئات ملايين الدولارات، لمجرّد المُـوافقة على دخول العملية السياسية، وأن هؤلاء استلَـموا المال وباعوا المشاريع وقبضوا ثمنها أضعافا مُـضاعفة، وأن أحدهم لديه “باسم نجله” منظمة عسكرية لها اسم ورسم وتقوم بتنفيذ عمليات تفجير واغتيال باسم “المقاومة”، ولكنها تسير على خُـطى “القاعدة”.

أحد المقاولين السياسيين كان لا يُخفي انتماءه إلى “المقاومة البعثية” وظل يتحدّث باسمها طويلا إلى أن دخل العملية السياسية وهو يقول، إنه سيدمِّـرها “سياسيا” على قاعِـدة ودَاوِني بالتي كانت هي الدّاء..

نُـفوذ إقليمي

والمُـؤلم في كل ذلك، أن هؤلاء حينما يواجَـهون بوثائق تثبت تَـورّطهم بأعمال عُـنف وقتل والتحريض عليها، بل وكما أوضحت “مكالمات هاتفية” ضُـبِـطت بين زعيم تنظيم دولة العراق وبين بعض هؤلاء السياسيين، فإن العديد من اغتيالات العراق جَـرت بالتنسيق بين ساسة في النظام الجديد والمنفِّـذين.

وإذْ فشل المشروع الوطني لمثل هؤلاء، فإنهم أزاحوا القِـناع، وذلك بعد إعلان علي اللامي، المدير التنفيذي لهيئة المساءلة والعدالة (اجتثاث البعث سابقا) حِرمان زعيم الجبهة العراقية للحوار صالح المطلك ومعه ما يقرب من 500 مِـن خوْض الانتخابات البرلمانية القادمة.

لقد غضب المطلك أيّـما غضب لهذا الإبعاد، وبدلا من أن يلجأ إلى القضاء، كما هو المفروض لكل من يقول إنه مؤمن بالعملية السياسية ولم يعلن أن ترويجه لحزب البعث المنحلّ جهاراً، فضلاً عن اتهامه بالثراء على حساب المال العام كذب ويطالب بدلا من ذلك بالتحقيق القضائي، فإنه هدد بـ “تثورير” سنّـة العراق، وروج وكأنه ممثل أهل السُـنة في العراق والمرجَـع المتحدِّث باسمهم، إلى أن إقصاءه يعني “تهميشا للسُـنة”.

وبعيدا عن تقويم هذه القرارات وما إذا كان لها صلة مباشرة بما يُـقال عن تأثير إيراني مباشر فيها، خصوصا وأن هناك من يتحدّث علنا عن صِـراع نفوذ إقليمي كبير يجري هذه الأيام بشكل سافِـر جدا وواضح جدا وواسع جدا من خلال زيارات هامة قام بها مسؤولون إيرانيون وممثلون من الجامعة العربية مثلا إلى العراق، وأيضا بالواسطة عبْـر دعْـم كيانات وشخصيات انتخابية.

محذورات طائفية!

في الضفّـة الأخرى، تأتي دعوة رئيس الوزراء نوري المالكي “كتائب حزب الله” و”عصائب أهل الحق” اللّـتين خطفتا بريطانيين وتستهدف الأمريكيين، وِفق صفقة مع لندن، للانضمام إلى العملية السياسية، وهو يقود كما يرى البعض حملة إقصاء خصومه ومنافسيه، مع العِـلم مُـسبقا أن مَـن يقِـف خلف “هيئة المساءلة والعدالة”، ليس إلا أحمد الجلبي، وهو المتّـهم من قِـبل بعض الأمريكيين بأن علاقاته مع الإيرانيين تتجاوز حدود التّـعاون السياسي، إلى الأمني.

لقد عمل المطلك على استثارة محذور التأويل الطائفي رغم أنه عِـلماني التوجّه، مُـستغَـلا هذه المرّة بطريقة المُـقاول والتاجر، هُـويّته السُنّية، حاله حال عِـلمانية أحمد الجلبي، المنتمي للائتلاف الشيعي، الذي حاول الظهور بأنه يقفِـز فوق هذه المذهبية بضمّ أسماء شيعية بارِزة في الائتلاف وفي الحكومة، ومنها بالطبع وزير الدفاع الحالي عبد القادر العبيدي.

وربما نسي الجلبي ومَـن يؤيِّـده أو يشاطره “عملية الإقصاء الواسعة هذه”، أن العراق لم يتخلّـص بعدُ من إثنينية “الوطن والطائفة”، التي جاء بها الاحتلام ونظام المحاصصة، الذي كان الجلبي أحد أبرز واضعي قواعِـدها في مرحلة ما بعد نظام صدّام.

وحتى إذا لم يكن يقصِـدها، وأن الجلبي يخطِّـط فقط لتصفية العراق من البعثيين “الاقصائيين” ومن أن يعود حِـزب البعث “الإقصائي”، ولو بواجهات شخصية وكِـيانات أخرى، إلا أن ما حصل يمنح المطلك – بشكل خاص – فرصة التَّـمتْـرس بقوّة خلفَ الطائفية السُـنية، ليُـصرِّح عَـلناً أن إقصاءه ليس سوى استهداف مُمَـنهَج للمكوّن السُـنّي.

إبعاد الانتخابات كشف المستور في الحديث عن محاولة انقلاب وتحريك قطاعات عسكرية في بغداد وبالقرب من المنطقة الخضراء، والمُـهم في كل ذلك أن الأمريكيين هُـم مَـن يكشِـف عن “محاولات الانقلاب” وهُـم أيضا من يتّـصل بالمتّـهمين فيها.

تمزيق المصالحة

ما يُـؤخذ على قرار إقصاء المرشّـحين لخوْض الانتخابات، أنه جاء بشكل مفاجِـئ، وكأن القائمين عليه صحَـوا ليجِـدوا بعثيِّـين يُـشاركونهم “الكعكة”، وبعضهم لم يكُـن شريكا فقط، وإنما طُـرح كحليف إستراتيجي، مثل وزير الدفاع الحالي.

وبعد الحديث عن “تهميش السُـنة”، ينظر معترضون على قرار “هيئة العدالة والمساءلة” على أنه يشكِّـل تمزيقا للمصالحة الوطنية، فيما يرى آخرون أن المسألة ليست استِـهدافا للعرب السُـنة، وإنما تتعلق بالصِّـراع السياسي بين الأقطاب الموجودة، التي تريد التحكّـم بزِمامِ الأمور، ممّـا يهدِّد الاستقرار الهشّ.

ومن هنا، فإن الأمريكيين ليسوا بعيدين عن كل ما يجري، وإنْ كانوا يُـحاولون الظهور بالمُـمسِـك بالعصا من الوسط، فقد سرّبت أوساط عراقية أن الأمريكيين اقترحوا إلغاء أن تكون عملية الاجتثاث بعد الانتخابات، بزعْـم الحفاظ على استقلالية المفوضية العُـليا المستقلة للانتخابات وهيئة المساءلة والعدالة.

وفي هذا الواقع، أعلن الرئيس جلال طالباني أنه سيعود في القريب العاجل إلى بغداد لمواصلة ما وصفه بـ “دوره المصيري”، وأنه “سيبذُل قُـصارى جُـهده لحلّ القضايا التي تهُـمّ الشعب العراقي وِفق مواد وبنود الدستور”.

لكن، ومع ما يُـقال عن دور الأمريكيين، وأنهم يتحدّثون مع العراقيين بثلاثة وجوه: واحد معتدل مع الأكراد يدفع باتِّـجاه تعزيز دورهم في المعادلة، والثاني، مع الشيعة يؤيِّـد خطواتهم “القانونية”. والثالث، مع السُـنة يُـشعِـرهم أن واشنطن لا تثِـق في الهيئة التي قامت بالاجتثاث، ومقترحا أن تكون عملية الاجتثاث بعد الانتخابات لا قبلها على أن يتقدم المرشَّـحون بتعهُّـدات بالبراءة من حزب البعث وإدانة جرائِـمه السابقة كافة، فإن على العراقيين، الحاكمين منهم والمحكومين، أن يكونوا على حذر شديد هذه الأيام تحديدا، ولا يعملوا أو يتورّطوا مع من يُـريد موت العراق، وهو لا يزال يلع جراح الحرب المذهبية التي ضربت البلد عاميْ 2006 و2007، لأنها هذه المرّة، إن وقعت بحجّـة انتخابية أو بغيرها، لن تبقي ولن تذر.

بغداد (رويترز) – قال سياسيون يوم الاربعاء 20 يناير 2010 ان عددا من الشيعة أكبر من عدد السُنة استبعد من المشاركة في الانتخابات العراقية بسبب صلاته مع حزب البعث وهو ما من شأنه أن نزع فتيل نزاع كان يهدد باعادة فتح جراح طائفية.

وأثار قرار اتخذه مجلس باستبعاد 511 مرشحا وفقا لقانون يحظر حزب البعث غضب العديد من المسلمين السنة الذين سيطروا على العراق لاكثر من عقدين في ظل الرئيس العراقي السابق صدام حسين وأثار المخاوف بشأن احتمال تقويض شرعية الانتخابات التي تجرى في السابع من مارس اذار.

وتمثل الانتخابات البرلمانية العراقية اختبارا للاستقرار المتزايد الذي يشهده العراق في الوقت الذي تتراجع فيه معدلات العنف وتستعد القوات الامريكية لانهاء عملياتها القتالية في أغسطس اب وللانسحاب في نهاية عام 2011.

لكن نسخة من قائمة سلمتها لجنة المساءلة والعدالة البرلمانية الى السلطات الانتخابية وحصلت عليها رويترز تشير الى أن ثلثي المستبعدين من الشيعة. وبدت القائمة وكأنها تحمل على التحالفات العلمانية أكثر من السنة.

ووصف هاشم الحبوبي عضو تحالف الوحدة الذي يتزعمه وزير الداخلية جواد البولاني والذي يضم قيادات قبلية سنية بارزة الاستبعاد بأنه مذبحة عامة للديمقراطية.

وقال ان هذه القوائم عشوائية وليست طائفية ولا علمانية ولا اسلامية ولكنها مجرد رسالة الى البعثيين بأن الوقت لم يحن بعد لعودتهم. وقال ان التوتر خف بعد أن رأي الجميع هذه القوائم.

وحزب البعث محظور وفقا للدستور العراقي. وحل المجلس الذي أصدر قوائم المستبعدين من الانتخابات التشريعية محل لجنة تصفية حزب البعث التى نصبها الحكام الامريكيون من أجل التخلص من أنصار صدام وأصحاب الولاء له بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة على العراق عام 2003.

لكن اثنين من أبرز الأعضاء في المجلس هما أيضا مرشحان في الانتخابات عن التحالف الوطني العراقي وهو تحالف يسيطر عليه المجلس الاعلى الاسلامي العراقي وهو حزب ديني شيعي تأسس في ايران.

وأدى ذلك الى إثارة الشكوك في أن المجلس استغلته أجنحة في حكومة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بغرض تهميش السنة قبل الانتخابات.

بينما يعتقد البعض بأن الاستبعاد استهدف الخصوم العلمانيين الذين كان من المتوقع أن يؤدوا معركة انتخابية جيدة ضد الاحزاب الاسلامية التي تسيطر على العراق منذ الغزو.

وضمت قائمة المستبعدين ما يقرب من 30 مرشحا من تحالف دولة القانون الذي يتزعمه المالكي وما يقرب من 20 من مرشحي التحالف الوطني العراقي تحت قيادة المجلس الأعلى الاسلامي العراقي.
وتكبدت التحالفات العلمانية الخسارة الاكبر. فقد استبعد 72 مرشحا من تحالف الوحدة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق اياد علاوي بينما استبعد 67 مرشحا من مرشحي تحالف بولاني.

ومن حق المستبعدين الطعن في قرار استبعادهم أمام مجلس خاص يضم سبعة قضاة.

)المصدر وكالة رويترز بتاريخ 20 يناير 2010)

الموصل (رويترز) – اعلنت الشرطة العراقية ان مهاجما انتحاريا فجر سيارة في مقر للجيش العراقي في مدينة الموصل بشمال العراق يوم الاربعاء 20 يناير 2010، مما ادى الى اصابة 45 شخصا.
واضافت الشرطة ان الانفجار القوى الحق اضرارا جسيمة بموقع الجيش الواقع قرب مركز للشرطة وبعشرة منازل قريبة على الاقل في شرق الموصل التي تبعد 390 كيلومترا شمالي بغداد.

وقالت الشرطة ان 18 جنديا وخمسة رجال شرطة و22 مدنيا اصيبوا بجروح في الهجوم.
وعلى الرغم من تراجع اعمال العنف عامة بشكل كبير في العراق بعد سنوات من الحرب الطائفية التي قتلت عشرات الالاف من الاشخاص فما زالت تفجيرات واغتيالات تحدث بصفة يومية.

وقال مسؤولون امريكيون وعراقيون انهم يتوقعون ارتفاع الهجمات قبل الانتخابات البرلمانية المقرر اجراؤها في السابع من مارس اذار.

وشهدت الموصل هجمات متكررة في الاشهر الاخيرة من بينها اطلاق نار من سيارة وانفجار ما لايقل عن ثلاث قنابل على جوانب طرق مستهدفة دوريات للجيش والشرطة ومدنيين خلال الاسبوعين الماضيين.

وقالت الشرطة ان متمردين قتلا في الموصل اثناء محاولتهما اطلاق قذيفة مورتر قبل عشرة ايام وقالت القوات الامريكية ان اربعة رجال قتلوا بعد مهاجمة دورية ضبطتهم بطريق الصدفة وهم يحفرون حفرة لتفجير قنبلة على جانب طريق في الثامن من يناير كانون الثاني.

واستهدفت عدة هجمات في الموصل اواخر العام الماضي كنائس.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 20 أبريل 2010)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية