مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الوضعُ العراقى محور محادثات عربية تستبق القمة العربية المقبلة

ألرئيسان التونسى والمصرى خلال مباحثاتهما فى تونس Keystone

دعا الرئيسان المصرى والتونسى فى أعقاب محادثاتٍ جمعت بينهما فى تونس إلى رفع الحظر المفروض على طرابلس. لكن الملفَ الليبى لم يكن الشاغل الوحيد للرئيس المصرى الذى يواصلُ جولةً عربية حملته فى الايام القليلة الماضية إلى كلٍ من الرياض ومسقط والكويت، إذ يبدو ان محاولاتٍِ ُتبذل من أجل إعدادٍ جيدٍ للقمةِ العربية القادمة فى عّمان يتيحُ الخروجَ بحلٍ معقول للوضع العراقى.

خابت آمال وتوقعات المراقبين في حدوث تطور في “الحالة العراقية ـ الكويتية” كما أصبحت توصف منذ مؤتمر القمة الإسلامية الأخير، وطاشت كل التكهنات المتفائلة على صخرة تصريحات مسؤولين من الطرفين، زارا الدوحة في وقت متزامن، مما نشط الخيال الصحفي إلى حين.. قبل أن يفتح الجميع عيونهم على واقع أن “الحالة” مازالت في المربع الأول، بدليل تصريحات متشددة أطلقها في الدوحة نزار حمدون، وكيل وزارة الخارجية العراقية، تلتها أخرى صارمة من طرف خالد الجار الله وكيل الخارجية الكويتية.. فيما كان الزمن الفاصل بين مغادرة الأول لقطر ووصول الثاني إليها أقل من أربع وعشرين ساعة.

غير أن الساعات التي قضاها المسؤولان العراقي والكويتي في الدوحة، أعطت بعدا حقيقيا لـُعسر مهمة قطر في ترطيب الأجواء بين الطرفين على حد وصف بعض المصادر.. فقد وضع نزار حمدون شرطا مستحدثا للتطبيع، وقال إنه “لا حديث عن تطبيع والطائرات الأميركية ما زالت تقلع من الأراضي الكويتية لضرب العراق”.

وفي المقابل رفض خالد الجار الله دون أدنى تردد، أن تكون لزيارته قطر أية علاقة بمرور حمدون منها قبل ساعات، مستطردا أن النظام العراقي لا يفعل شيئا أكثر من العودة إلى إعلان نواياه العدوانية في اتجاه معاكس لكل مساعي التهدئة.

وفيما نفى المبعوث العراقي أن يكون قد عرض إلى “العلاقة المستقبلية بين بغداد والكويت” أثناء لقاءاته في قطر، محاولا الإيحاء بأنها لا تعدو أن تكون سوى ” زيارة تنسيق وتشاور”. لم يخف الجار الله، بأن “الحالة العراقية ـ الكويتية” تأتي في صلب المناقشات مع المسؤولين القطريين، لكن لإطلاعهم على موقف الكويت من عودة العراق إلى إطلاق نواياه وتصريحاته العدوانية، وليس لبحث موضوع المصالحة، الذي تصدرته قطر منذ فترة، ثم زاد في التصاقها به قرار مؤتمر القمة الإسلامية الأخير الذي فوض للشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير قطر بذل مساعيه الحميدة لإزالة الخلاف، بوصفه الرئيس الحالي لمنظمة المؤتمر الإسلامي.

وإذا كان المسؤول الكويتي لم يعرب عن أي طلب محدد من قطر أو من الدول الخليجية التي مسحها خلال الأسبوع بطائرة خاصة، قائلا أنها زيارات “إطلاع وتنسيق عشية القمة العربية الدورية الأولى”، فإنه بدا شديد الأسف، وهو يتحدث عن غياب أي مصداقية للنظام العراقي لدى الكويتيين، بل انه اتهم بغداد بالعودة إلى التصعيد كلما نشطت المساعي العربية لإبعاد المنطقة عن التوترات، ووصف ذلك بالإصرار على إبقاء المنطقة في حالة عدم استقرار مستمر. محاولا في نفس الوقت الإيحاء بالفهم الكويتي للوساطة القطرية قائلا أن الكويتيين يفهمون ما تقوم به الدوحة كرئيسة للمنظمة الإسلامية ضمن جهودها لإجبار العراق على الخضوع لقرارات مجلس الزمن.

وعلى الناحية المقابلة يعتقد نزار حمدون أن موقف قطر شهم وعربي أصيل ومع ترحيبه بالتحركات العربية عامة في اتجاه تطبيع العلاقات العربية فانه لا يوحي إطلاقا بان هناك تقدما في أفق العلاقة العراقية الكويتية، بل يزيد الى شروط التطبيع توقف الكويت عن دعوة المعارضين العراقيين ومساندتهم ماديا ومعنويا كما يرى أن الوقت ما زال سابقا لأوانه للحديث عن حلحلة “الملف العراقي” في الأمم المتحدة داعيا إلى انتظار الأيام الأخيرة من الشهر الجاري لمعرفة ما ستحمله جولة لقاءات مرتقبة بين المسؤولين العراقيين وامين عام الأمم المتحدة بشأن صيغ عودة المفتشين الدوليين إلى العراق من عدمها.

وفي المحصلة لا شيء جديداً تحت شمس التوقعات المتفائلة بل عودة إلى المربع الاول في رأي البعض.. وطحن للماء في رأي البعض الآخر..لكن آخرين ما زالوا يرون أن زحمة التحركات العربية الأخيرة مثل الزيارات المكوكية للرئيس المصري حسني مبارك و لامير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الى العواصم ذات الصلة بالموضوع لا تأتى من فراغ و ان قمة عمان المقبلة قد تنبىء بخطوة جديدة في اسخن و احرج الملفات العربية بعد صراع السلام في الشرق الاوسط.

لكن مع ذلك يبدو واضحا أن المواقف السياسية ما تزال متباعدة بين العراق والكويت ..إضافة إلى كل ما يعتري المشهد العام من تقاطعات دولية هامة أولها الإشارات الصادرة من السكان الجدد للبيت الأبيض والتي لا يرى فيها نزار حمدون أي مؤشر إيجابي إلى حد الآن. ومع ذلك ما يزال هناك إصرار من الأطراف الوسيطة و أولها قطر على أن الملف غير ميؤوس منه..و على أن الأمر يجب أن يأخذ مداه الزمني الطبيعي للعثور على نقطة بداية موفقة ما أن يجد الجميع في البحث عنها حتى تداهمهم الانتكاسة.


فيصل بعطوط / الدوحة

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية