مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اليمين المتطرف واليسار الراديكالي مصدر قلق أمني

اعتبر التقرير أن ظاهرة العنف بين الشباب والمراهقين من المشكلات التي تهدد الأمن القومي السويسري Keystone Archive

حذر تقرير الأمن الداخلي لسويسرا من تزايد التطرف في تياري اليمين واليسار وانتشار العنف بين الشباب وتنامي أنشطة العصابات المنظمة، لاسيما ذات الانتماء العرقي في صفوف المقيمين في الكنفدرالية.

وأشار التقرير السنوي لعام 2004 الصادر في 26 مايو إلى أن سويسرا ليست في مرمى خطر “الإرهاب”، وأن الغالبية العظمى من مسلميها ينبذونه.

حرص خبراء الأمن السويسريين على التأكيد على أن الكنفدرالية لا تزال بعيدة عن مرمى خطر الإرهاب، ولا تشكل ساحتها المصرفية مركزا لتمويل العمليات والجماعات التي تميل إلى العنف، ولا يمكن تصنيفها ضمن الدول التي يتم استغلال إمكانياتها اللوجيستية لنفس الهدف، وذلك على الرغم من أن مشكلة “الإرهاب” ليست هي الأولى أو الوحيدة التي يعاني منها الأمن القومي السويسري، وفقا لتقرير عام 2004 الصادر في برن يوم 26 مايو.

وأشار جان لوك فيتس مدير المكتب الفدرالي للشرطة، إلى أن سويسرا بعيدة عن مواجهة أي خطر إرهابي مباشر، رغم أن وقوع تفجيرات مدريد في 11 مارس 2004 في قلب أوروبا أثبت بأن القارة ليست بمنأى عن خطر الإرهاب، حسبما أورد في افتتاحية التقرير.

الإفتتاحية تطرقت أيضا إلى ما وصفه جان لوك – فيتس بـ”الخطر الإسلامي” حيث رأى بأنه لا توجد أية أدلة على أن سويسرا مستهدفة من قبل الجماعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة، كما أنها لا تشكل مركزا محوريا في تمويل شبكات الإرهاب من خلال ساحتها المصرفية، كما أكد مدير المكتب الفدرالي للشرطة على أن السلطات تتخذ كافة التدابير الأمنية اللازمة لعدم دخول سويسرا في مرمي أية شبكة دولية إرهابية.

تحذيرات وتوصية

في مقابل ذلك، رأى الخبراء الأمنيون بأن هناك اتصالا بين بعض الأشخاص المقيمين في البلاد مع جماعات وصفها التقرير بالإرهابية، وأكدوا على أن تلك الاتصالات محل مراقبة ومتابعة متواصلة.

وأكد التقرير على أن الغالبية العظمى من المسلمين المقيمين في الكنفدرالية لا يؤيدون أهداف من وصفهم بـ”الإسلاميين” أو استخدام العنف من قبل المتطرفين والإرهابيين.

التقرير الذي يعتبر الحصيلة السنوية لتقييمات مختلف الأجهزة الأمنية (وخاصة الإستخبارات الداخلية) المكلفة بتقييم التهديدات المرتبطة بالإرهاب وبالتطرف العنيف وبالجريمة المنظمة التي تتعرض لها الكنفدرالية، تضمن تحذيرا موجها إلى صاحب القرار السياسي يتلخص في أنه “نظرا لأن سويسرا لا تتوفر بعد على تشريع لمكافحة الإرهاب ولأن الوسائل الوقائية والقمعية التي بيد الشرطة متواضعة فإن المتطرفين الإسلاميين قد يتجهون للإقامة في بلادنا”.

إلى جانب هذا التحذير، تضمن التقرير توصية مثيرة للإهتمام (نظرا لصدورها عن جهة أمنية) حيث حث مدير المكتب الفدرالي للشرطة جان لوك فيتس السلطات على “دعم الأغلبية المعتدلة والمنفتحة على الديمقراطية” في صفوف الجاليات المسلمة وإلى “إدماجها” وتحويلها إلى “شريك في الحفاظ على الأمن المشترك”، مثلما ورد في المقدمة.

العرب .. حركات ودول

وفي سياق تغطيته لأنشطة الحركات والأحزاب الإسلامية فوق أراضي الكنفدرالية، رصد التقرير لقاءا عقدته قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة في الجزائر قال بأنه تم في 10 و 11 يوليو من عام 2004 في مرتفعات جبال الألب في كانتون فو، ضم عناصر الجبهة من المقيمين في السويد وألمانيا وبريطانيا وهولندا مع مراد دهينة، المقيم في سويسرا.

وكانت السلطات الفدرالية قد حظرت في أكتوبر 2002 على السيد دهينة القيام بالدعاية لأية منظمة تعتمد الإرهاب أو تمارس العنف، كما أشار التقرير إلى أن دهينة قام في أكتوبر 2004 بإعلان حل المكتب التنفيذي لجبهة الإنقاذ الجزائرية من خلال بيان صحفي أصدره في سويسرا.

من جهة أخرى، نوه التقرير إلى أن المنتمين إلى حركة النهضة التونسية أو المتعاطفين معها من الحاصلين على حق اللجوء في سويسرا، قد عقدوا عدة لقاءات أثناء العام الماضي، شاركت فيها قيادات من المكتب التنفيذي من المقيمين في أوروبا، وجاء في التقرير أن “هناك من المؤشرات ما يدل على أن المكتب التنفيذي للحركة قد ينقل مقره إلى سويسرا”.

لكن الشيخ راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة نفى ذلك وقال في بيان توضيحي بعث به إلى سويس إنفو بأن التقرير “اعتمد فيما يبدو على معلومات غير دقيقة عبر عنها كاتب التقرير ذاته بما يفيد الشك ومن ذلك تفكير الحركة في نقل قيادتها إلى الأراضي السويسرية وهو ما لم يحدث إذ يقيم رئيس الحركة بلندن ويتوزع أعضاء قيادة الحركة على العديد من البلدان”.

من جهة أخرى ذكر التقرير أنه “ليس من الثابت أن حركة النهضة المحظورة في تونس من الجماعات الداعمة للإرهاب أو المنادية إلى العنف إلا أن قلة من المنتسبين إليها يشتبه في أن تكون لهم علاقة بجماعات دولية إرهابية”، وهو ما نفته حركة النهضة على لسان رئيسها الذي اعتبرت – في التوضيح الذي تلقت نسخة منه سويس إنفو – أن “الشكوك في ما قد يكون علاقة بين بعض الأفراد ومجموعات ذات مسلكية متطرفة فهي اتهامات لم تصمد أمام اختبار الواقع إذ لم يسجل على مدى 15 عاما أي علاقة من هذا النوع كما لم تتعلق بأي فرد من أفراد حركتنا الذين يتوزعون على أكثر من 50 بلدا أي تهمة تتعلق بالإرهاب أو ممارسة العنف”.

أما عن الدول العربية، قال التقرير بأن كلا من العراق وليبيا ليسا الآن مصدر خطر لعدم وجود أدلة على سعيهما لامتلاك أسلحة نووية إلا أنه أشار إلى انه “يجب الحيطة في التعاملات التجارية لكل منهما لاسيما في مجالات التصدير والاستيراد”.

“كالابريزي” مشاغبة و”كونغراجل” هادئة مخيفة

ركز التقرير أيضا على تيارات اليمين المتطرف وجماعات أقصى اليسار، ولم يتردد في اعتبارها “الخطر الحقيقي الذي يهدد البلاد”، لاسيما مع انتشار موجة العنف التي أسفرت في الفترة الماضية عن مواجهات عنيفة بين الجانبين.

ونوه إلى أعمال الشغب والعنف التي تشهدها الملاعب والمسابقات الرياضية والتي لا تخلو من مصادمات عنيفة دون مبرر واضح لها سوى الرغبة في ممارسة العنف.

كما أعرب التقرير عن قلقه من ارتفاع معدلات العنف بين الشباب، التي تمتد إلى حد ما إلى صفوف جماعات ذات انتماء عرقي أو مناطقي محدد مثل الوافدين من منطقة كالابريا جنوبي إيطاليا أو المنحدرين من أصول ألبانية أو من بلدان غرب إفريقيا أو شبكات ينتمي أعضاؤها إلى جمهورية الدومينيكان تنشط في مجال تجارة الكوكايين، وبصفة خاصة في منطقة زيورخ وما حولها.

في المقابل رأى التقرير بأن احتمالات قيام حركة “كونغراجل” الكردية (التي خلفت حزب العمال الكردستاني السابق PKK) بممارسة أعمال عنف لا تزال قائمة رغم عدم قيام الحركة بما يدل على عزمها ذلك، كما تعاني الحركة من القدرة على استقطاب مؤيدين لها أو حتى مشاهدين وزوار للفعاليات التي تقوم بها من حين إلى آخر.

ويعتقد التقرير أنه كلما اقتربت تركيا من الإلتحاق بالإتحاد الأوروبي كلما تراجعت رغبة الجماعات التركية على اختلاف توجهاتها في ممارسة أعمال عنف أو الترويج له.

الجرائم الإقتصادية .. أيضا

وإلى جانب تلك المخاطر، حذر التقرير التنبيه من خطورة الجرائم الاقتصادية وربطها بتوسيع الإتحاد الأوروبي وانضمام عشر دول جديدة من شرق ووسط القارة إليه، حيث يعتقد بأن ذلك من الممكن أن يؤدي إلى انتشار أوراق مالية مزورة أو إلى ارتفاع حالات التجسس على الشركات، إلى جانب محاولات غسيل الأموال الناجمة عن أعمال الجريمة المنظمة في أنشطة مثل الدعارة والتهريب والإتجار في المخدرات، ولكنه لم يورد حالات معينة تجسد هذا الخوف.

تهتم سويسرا – كغيرها من بلدان العالم – بالجانب الأمني بشكل كبير؛ إذ ترى فيه عاملا أساسيا لضمان الاستقرار الذي تحتاجه التنمية الاقتصادية وتدفق الإستثمارات، لكن تركيز التقرير السنوي الصادر عن الشرطة الفدرالية على بعض الجوانب وإغفال نواح أخرى عند الحديث عن وسائل العلاج، يجعل منه مجرد بداية ينطلق منها الخبراء والمتخصصون لبلورة حلول للمشاكل التي أوردها أو الظواهر التي حذر منها.

تامر أبوالعينين – سويس انفو

حذر تقرير الأمن القومي السويسري عن عام 2004 من انتشار العنف بين الشباب واقبال نسبة كبيرة منهم على الإنضمام إلى التيارات المتطرفة لدى اليمين واليسار.
رأى التقرير أن الجالية المسلمة في سويسرا تنبذ العنف والإرهاب إلا فئة قليلة للغاية تتعاطف مع من وصفهم بـ”الإسلاميين”، وعدد محدود جدا له اتصال بجماعات تؤيد العنف وتدافع عنه.

أكد التقرير على خلو سويسرا من المتطرفين الأجانب، ولكنه حذر من جماعات إجرامية ذات انتماء عرقي من غرب افريقيا والبلقان وإيطاليا.
من المحتمل أن يكون انصار اليمين المتطرف قد بلغوا 1000 شخص واليسار الراديكالي 2000 شخص.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية