مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

انسحاب محدود وخطة سلام جديدة

هل تفلح المساعي الاوروبية فيما اخفقت فيه الولايات المتحدة؟ Keystone

تزامن انسحاب القوات الإسرائيلية من قرية بيت ريما صباح الخميس مع بدء جولة أوربية جديدة سعيا وراء تفعيل عملية السلام، حيث وصل المنطقة خافيير سولانا ووزير الخارجية الألمانية يوشكا فيشر، ومن قبيل المصادفة أن تتوافق الزيارتان مع انفراد صحيفة معاريف الاسرائيلية يوم الخميس بنشر الخطوط العريضة لخطة جديدة للسلام أعدها هذه المرة الامين العام للأمم المتحدة كوفي عنان.

على ما يبدو فإن العمليات الإسرائيلية الأخيرة دفعت مرة أخرى بالدبلوماسية الأوربية إلى المنطقة، فيزورها حاليا خافيير سولانا منسق العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوربي حيث سلم الرئيس عرفات رسالة من الطرف الإسرائيلي تبلغه فيها بأنها ستتوقف عن اقتحام المناطق الفلسطينية عندما يبذل عرفات جهودا حقيقية لوقف العنف، وأكد سولانا أنه في ظل صعوبة الوضع الراهن يصعب التكهن بما ستسفر عنه جولته الحالية‏ لكن الاتحاد الأوروبي سيواصل بذل قصاري جهده‏.‏

وأضاف إنه لمس اتجاها بناء في مباحثاته مع الجانب الإسرائيلي ووصف الموقف الفلسطيني خلال لقائه مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بأنه بناء أيضا‏.‏ بينما صرح متحدث باسم سولانا إنه يجب العودة علي الأقل إلي الوضع الذي كان سائدا قبل اغتيال وزير السياحة الإسرائيلي‏.‏

كما وصل المنطقة وزير الخارجية الألماني يوشكا فيشر في محاولة جديدة لتهدئة الموقف مشيرا قبل بدء مباحثاته مع الطرفين على أنه لا يجب توقع الكثير من النتائج اثر هذه الزيارة، وهو ما قد يفسر طول الفترة الزمنية التي استغرقها اجتماعه مع رئيس الوزراء الاسرائيلي وعدد من وزرائه محاولا التوصل إلى انهاء سياسة الحصار الاسرائيلي في الضفة الغربية، و يذكر أن فيشر دخل في زمرة الساعين إلى إنقاذ عملية السلام منذ يونيو حزيران الماضي أثناء زيارة رسمية له إلى المنطقة وقعت خلالها عملية انتحارية فلسطينية أسفرت عن مصرع العديد من الضحايا الإسرائيليين.

خطة سلام جديدة؟

وتتزامن هذه الزيارات المتتالية مع ما أعلنته صحيفة معاريف الإسرائيلية الصادرة يوم الخميس عن خطة سلام أعدها الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان مكونة من عدة مراحل، تحث أولها الفلسطينيين على وقف جميع أعمال العنف بما في ذلك الهجوم على المستوطنات الإسرائيلية، وعودة التعاون الأمني بين الجانبين على أن تتولى متابعة هذه الخطة مجموعة من المراقبين الدوليين من الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوربي والأمم المتحدة، في المقابل تشير الخطة إلى ضرورة أن تسدد إسرائيل نصف المستحقات المالية الواجب سدادها إلى السلطة الفلسطينية من رسوم الجمارك والضرائب كخطوة أولى، على أن تسدد النصف الثاني بعد استمرار فترة شهر واحد من الهدوء، ومن غير المعروف مدى قبول الطرفين لهذه الخطة التي لم تتحدد معالمها تماما، إلا أنه من المتوقع أن يوافق عليها الفلسطينيون لتأكيد موقفهم من التمسك بمواصلة عملية السلام.

أما في مصر، التي تعد المستشار الرئيسي للمفاوضين الفلسطينيين، فقد أعلن رئيسها حسني مبارك في حديث نشرته مجلة “الأهرام ويكلي” يوم الخميس بأنه أوضح للرئيس الأمريكي جورج بوش أن الهجوم الأمريكي على أفغانستان يستلزم حلا للقضية الفلسطينية أسرع من أي وقت مضى، وذلك لأن الإدارة الأمريكية يمكنها بذلك أن تثبت أنها تتعامل في سياستها الخارجية من منطلق المساواة والعدل، وأشار الرئيس مبارك إلى أن الإعلام الأمريكي يهاجمه بسبب هذه الآراء التي ينظر إليها – أي الإعلام الامريكي – على أنها شروط مصرية، بينما يعتبرها الرئيس المصري رأيا صائبا، ونوه الرئيس المصري إلى انه يأمل أن ينفذ الرئيس الأمريكي ما أعلنه بشأن الدولة الفلسطينية.

تحركات جماعات الضغط متواصلة

إلا أن إسرائيل ترى في هجومها على الفلسطينيين حربا على الإرهاب، مثل الذي تقوم به واشنطن في هجومها على أفغانستان، وهو ما ترفضه واشنطن حسب ما صرح به المتحدث باسم البيت الأبيض الأمريكي آري فلايشر “بان الحالتين لا يمكن مقارنتهما” ولذا كان من الصعب أن تتقبل إسرائيل نقدا أمريكيا لما تقوم به.

في الوقت نفسه تتحرك جماعات الضغط اليهودية في الولايات المتحدة فقد أرسل ابرهام فوكسمان مدير الرابطة المناهضة للتشهير Anti-defamation League بخطاب إلى وزير الخارجية الأمريكي كولين باول أعرب له فيه عن “القلق البالغ” من مطالبة واشنطن لإسرائيل بالانسحاب من المناطق التي احتلتها مؤخرا، وأعتبر المطلب الأمريكي مخالفا لسياسة واشنطن المتعارف عليها تجاه تل أبيب، مؤكدا في خطابه على أن إسرائيل تملك الحق في الدفاع عن نفسها.

وذلك على الرغم من أن كولين باول أعلن في جلسة استماع في الكونغرس الأمريكي بأن إسرائيل كدولة مستقلة لها الحق في الدفاع عن نفسها ” كما تريد وبما تراه مناسبا”، كما أن لهجة الحديث الأمريكية إلى الرئيس عرفات كانت أكثر حدة من تلك التي وجهت إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون.

كما أن واشنطن لم تعترض حتى الآن على استعمال إسرائيل للأسلحة الأمريكية ضد الفلسطينيين، والتي لا يجب أن تستعمل إلا في حالات الدفاع عن النفس المشروع أو حماية الأمن القومي الداخلي طبقا لقانون مراقبة الأسلحة الذي قد يؤدي في حال مخالفته إلى وقف المعونات العسكرية إلى الدولة المخالفة.

الجديد في التحركات الأخيرة أن إسرائيل لم ترفض الوساطة الأوروبية الأخيرة، أو لم تعلن على الأقل موقفا سلبيا منها، ولكن الملفت للنظر أن التحركات الأوربية تأتي فرادى، فهي تارة من المبعوث الأوربي للشرق الأوسط مييال موراتينوس، وتارة أخرى من خافيير سولانا، ثم أخيرا من وزير خارجية ألمانيا التي بدأت فجأة في الخروج عن تحفظها الشديد بشأن التوسط في الصراع العربي الإسرائيلي، فتلك التحركات الفردية تشتت جهود وساطة أوروبية جادة ويدفع بالشك في جدواها والنظر إليها على أنها مجرد سعي غربي لاحتواء الأزمة بشكل ما ومحاولة لإمتصاص غضب الرأي العام العربي.

تامر أبو العينين

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية