مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

اولى رحلات الباصات من غرب حلب الى شرقها تقل مدنيين لتفقد منازلهم

حافلة تنقل نازحين سوريين من مناطق غرب حلب الى احيائها الشرقية التي استعادها الجيش السوري مؤخرا، لتفقد منازلهم، في 3 ك1/ديسمبر 2016 afp_tickers

بعدما كانت رحلة التنقل بين شطري مدينة حلب تستغرق خلال السنوات الاربع الماضية نحو عشر ساعات عدا عن المخاطر المحيطة بها، انطلقت اولى الباصات من الاحياء الغربية الى تلك الشرقية التي استعادها الجيش السوري مؤخرا.

وتوجه المئات من الاهالي السبت الى موقف الرازي لباصات النقل الداخلي الحكومي في حي الجميلية في غرب المدينة، بعد اعادة تسيير الباصات في رحلة لا تتخطى النصف ساعة الى مساكن هنانو، اول حي سيطر الجيش عليه قبل اسبوع بعد طرد الفصائل المسلحة منه.

وتقول هلا حسن فارس لوكالة فرانس برس اثناء توجهها مع زوجها وابنها على متن احدى الحافلات الى شرق حلب “لم ار منزلي” منذ سنوات، قبل ان تضيف “منزلنا محروق لكنني ذاهبة لرؤية والدي البالغ من العمر ثمانين عاما ويقيم مع اشقائي واقاربنا في حي الحيدرية”.

وتوضح السيدة التي انتقلت مع عائلتها للاقامة في غرب حلب منذ اندلاع النزاع “دفعت 75 ليرة سورية (0,15 دولار) ثمن تذكرة الباص” متابعة “صحيح ان الحفر كثيرة في الطريق ومعدتي تؤلمني جراء ذلك لكنني اشعر كما لو انني اسير على ريش النعام” من شدة حماسها.

واستأنفت الباصات التي رفعت على عدد منها صور الرئيس السوري بشار الاسد الى جانب العلمين السوري والروسي، عملها بعد ايام من سيطرة الجيش على اكثر من ستين في المئة من الاحياء الشرقية التي كانت تحت سيطرة الفصائل المقاتلة منذ العام 2012.

وتكتظ الباصات الخضراء اللون التي كان قد انطلق عشرة منها خلال ثلاث ساعات صباحا، بالركاب الذين لم يجد بعضهم كرسيا يجلس عليه واضطروا الى الوقوف خلال الرحلة.

– حفر ودمار –

على طول الطريق المملوءة بالحفر، كان الركاب يلصقون وجوههم بزجاج النوافذ في محاولة لاستطلاع حال الابنية المتهدمة على جانبي الطريق في شرق حلب.

ويشير بعضهم بين الحين والاخر الى منزل صديق هنا وقريب هناك ويتحسرون على حجم الدمار. وكان يمكن رؤية ابنية شبه مدمرة واخرى تصدعت واجهاتها عدا عن السواتر الترابية وبعض الحافلات المحروقة والمقلوبة والكثير من الركام.

ومنذ صيف العام 2012، شكلت حلب، ثاني اكبر مدن سوريا، مسرحا لمعارك مستمرة بين الجيش الذي يسيطر على الاحياء الغربية والفصائل المسلحة التي تمكنت حينها من السيطرة على كامل الاحياءالشرقية.

واثر انقسام المدينة، بقي التنقل متاحا بين شطري المدينة عبر حي بستان القصر الذي تسيطر عليه الفصائل والمتاخم لمناطق سيطرة الجيش، على رغم توقف الباصات الحكومية عن العمل.

الا ان الوضع تبدل في العام 2014 مع اغلاق هذه الطريق جراء كثرة تعرضها لرصاص القنص. وبات التنقل بين شطري المدينة محصورا بطريق تمتد على مسافة 400 كيلومتر، تمر في ريف حماة (وسط) ثم في مدينة الباب التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية في ريف حلب الشرقي وصولا الى شرق حلب، والعكس صحيح نحو غرب المدينة.

وكانت الرحلة تستغرق عشر ساعات وتتطلب المرور في مناطق تحت سيطرة الجيش والجهاديين والفصائل المسلحة.

ويعرب عبد الله العلي وهو سائق حكومي منذ عشر سنوات، عن سعادته للتوجه في اول باص الى شرق حلب منذ اربع سنوات.

ويقول اثناء قيادته في الطريق الى مساكن هنانو “سعيد لجميع اهالينا الذين يعودون الى مناطقهم. شعرت بفرحة كل شخص منهم”. ويضيف “هم متشوقون للصعود الى الباص، سواء جلسوا ام وقفوا، وللعودة بهدف رؤية منازلهم”.

وخلال الطريق، تمر الحافلة على نقاط امنية عدة، ويخضع الركاب عند المرور على اول حاجز وكذلك عند الحاجز الاخير قبل مساكن هنانو لتفتيش من قبل الجيش وتدقيق في الهويات للتأكد من الوضع القانوني للركاب.

وفي مساكن هنانو، يمكن سماع دوي القصف في الاحياء القريبة مع مواصلة الجيش هجومه لاستعادة السيطرة على كامل مدينة حلب.

– “علبة سردين مكبوسة”-

يوضح المدير العام للشركة العامة للنقل الداخلي في حلب حسين سليمان ردا على اسئلة للصحافيين، ان الباصات التي خرجت من مدينة حلب الى حي مساكن هنانو، ستنطلق يوميا من الساعة 07,00 الى الساعة 17,00 ويتسع كل منها لمئة راكب جلوسا ووقوفا.

وتروي ام يحيى (55 عاما) انها اضطرت الى الوقوف خلال الرحلة من موقف الباصات الى مساكن هنانو. وتقول “الزحمة كبيرة داخل الباص، الواقفون اكتر من الجالسين” قبل ان يقاطعها احدهم قائلا “جلسنا فوق بعضنا كما لو اننا علبة سردين مكبوسة”.

وفيما كانت ام يحيى تنتظر برفقة زوجها وشقيقها وصول الباص لمغادرة مساكن هنانو بعد تفقدهم منزلهم، كانت تحمل معها كيسا وضعت فيه بعض الحاجيات التي تمكنت من احضارها.

وتوضح “جلبت معي صورة ابنة اخي لانها غالية واحضرت المصحف الذي وجدته في المنزل وبعض الاغراض الاخرى”.

وتضيف بحسرة “بيتنا تعرض للضرب (…) فيه بعض الاغراض الاخرى لكن يجب رميها”.

قراءة معمّقة

الأكثر مناقشة

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية