مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بدائل مصر الحائرة: “مطالِـب التحرير” أم “تأييد العباسية”؟

مصريون يصطفون للادلاء بأصواتهم خارج مركز اقتراع في القاهرة يوم الاثنين 28 نوفمبر 2011. Reuters

ميدان التحرير الأشهَـر في قلب القاهرة، يزأر مرّة أخرى. غير أن ميدان العباسية دخل الحلَـبة ليخصم من الرصيد المعنوي والإعلامي لمتظاهري التحرير، الذين احتكروا الحديث باسم الثورة.

لقد نزلت الأغلبية الصامتة لترفع عَـلم البلاد، دون أي شيء آخر، وتُـرسِـل رسالة قوية لكلِّ مَـن يعنيه الأمر، بأن أغلبية الناس لها أيضا كلِـمتها وعلى الجميع أن يحترمها ويضعها في الاعتبار.

وبينما كانت صيْـحات الشباب والفتيات الغاضبة في التحرير تُـدين المجلس العسكري وتطالب برحيله فورا وتسليم البلاد إلى مجلس رئاسي غيْـر مُـنتخَـب من ثلاث شخصيات، تكون له كل الصلاحيات التنفيذية والرقابية والتشريعية، دون رقابة من أحد أو دون استشارة من أحد، كان ميدان العباسية مليء بمواطنين من كلّ فئات المجتمع وطبقاته ومن كل أجياله، دون استثناء.

ووفقا لما استطعت رصْـده ميدانيا ظهيرة الجمعة 25 نوفمبر الجاري، كانت اللاّفتات جميعها مؤيِّـدة لبقاء المجلس العسكري، ليتِـم مهمّـته حسب الجدول المُـعلن من انتخابات ودستور وانتخابات رئاسية، حتى نهاية يونيو المقبل، ومؤيِّـدة للدكتور كمال الجنزوري، كرئيس لحكومة إنقاذ وطني، وفي الآن نفسه، رافضة في عبارات قاسِـية أحيانا لشخصيات بعينها، يُـصر عليها متظاهرو ميدان التحرير كمنقذين للوطن.

وكانت الصيحات تعلو لتقول “يا مشير يا مشير .. مصر أكبر من التحرير”، ورافضة في الآن نفسه، أداء القنوات الفضائية المصرية الخاصة والعربية ومُـعدّي برامج بعيْـنها، باعتبارهم “مضلّـلين وكاذبين وسببا رئيسيا في تخريب الوطن”، حسب ما كان مرفوعا من شعارات.

الأسبوع العصيب

كانت مظاهرات الجمعة الرافضة في التحرير والمؤيِّـدة في العباسية، بمثابة ختام مُـثير لأسبوع عصيب، جرت فيه أحداث جِـسام وصور الإعلام مكتوبا ومرئيا، مُـجريات الأحداث باعتبارها لحظة فارقة تنزلق فيها مصر إلى انهيار كامل، وأنها بحاجة إلى مُـنقذ يُـطيح حُـكم العسكر، وينطلق تحديدا من ميدان التحرير ويفرض ظلاله على الجميع، دون محاسبة أو حتى عبْـر تفويض انتخابي شعبي، حسب القواعد الديمقراطية.

وعلى وقْـع صيْـحات الشباب الغاضب في ميدان التحرير في قلب القاهرة منذ مطلع الأسبوع، كانت هناك محاولات متكرِّرة يُـشارك فيها تلاميذ المدارس الإعدادية وأعضاء روابط مشجعي أندية رياضية شهيرة، للهجوم على مبنى وزارة الداخلية القريب من الميدان، وتصاحبها طلقات الغاز المسيل للدّموع التي أطلقها الجنود وهُـم يدافعون عن مبنى وزارتهم.

وبينما تساقَـط عدد من الشهداء وكثير من المصابين، مدنيين وعسكريين، جاءت التّـغطيات الإعلامية والصحفية مُـلتهِـبة تصُـب جام غضبها على المجلس العسكري إجمالا وقائده تحديدا، فضلا عن تصريحات لرموز سياسية، بأن هناك طرفا ثالثا أطلق الرّصاص في اتجاه كلٍّ من الجنود والمتظاهرين.

في الآن نفسه، كانت هناك هجمات مُـتزامنة على مدار عدة أيام من متظاهرين، البعض منهم حمل قنابل مولوتوف وقِـطَـع من الحديد وبنادق خرطوش على 15 مديرية للأمن في عدد من المحافظات المصرية، ممّـا دفع الجيش إلى نشْـر قوات لحماية أقسام الشرطة والفصل بين المتظاهرين ومباني الأقسام والمديريات الأمنية المُـستهدَفة. بينما ذكر موقع “اليوم السابع” الإخباري، أن هناك قيادات في وزارة الداخلية محسوبة على الوزير العادلي الأسبق ومتورِّطة في تنظيم بعض الهجمات على أقسام البوليس، بهدف تأزيم الأوضاع الأمنية.

ويشير سامح عاشور، نقيب المحامين المُـنتخب قبل أيام قليلة، إلى أن الأوضاع في الداخلية غيْـر مفهومة، في إشارة إلى صِـراعات داخلية وتصفِـيات حسابات، ربّـما تفسِّـر بعض الهجمات على أقسام البوليس في أكثر من محافظة ومدينة، إلا  أن الأمر يظلّ في عداد التحليلات، وليست الحقائق الثابتة.

من يُـسيْـطر.. ومَـن يفقِـد سيْـطرته

بدت الأمور لِـوهْـلة وكأن المجلس العسكري غيْـر قادر على السيطرة على مجريات الأحداث، وأن فراغا في السلطة قد فرض نفسه، لا سبيل لملئِـه إلا عبْـر الاستجابة الكاملة ،دون مناقشة لأطروحات الائتلافات الشبابية.

كما بدا الأمر لدى آخرين، وكأن البلاد تواجِـه خطة مدروسة لمنْـع الانتخابات عبْـر الهجمات المتكرِّرة والمُـتزامنة على أقسام للشرطة ومديريات الأمن ومقارّ المحافظات في أكثر من مدينة ومركز كبير، ومن ثَـمّ منْـع وصول قِـوى سياسية بعيْـنها إلى السلطة عبْـر الانتخابات.

وإجمالا، شعر المصريون بخطورة الموقِـف وأن بلدهم تتعرّض لمِـحنة كبيرة، خاصة وأن البورصة المصرية كانت تخسِـر يوميا ما يقرب من 9 مليارات جنيه مصري، فضلا عن الخسارة الكاملة للموسم السياحي الشتوي، الذى بدأ قبل الأحداث واعدا، وبعدها انتهى أمره، ولو إلى حين.

كان الأمر مَـزيجاً من المتناقِـضات، ولكنه شكل ما يُـمكن وصفه بالإنقلاب المدروس على الإستفتاء الذي أيده 77% من المصريين في 19 مارس الماضي، والذى تضمَّـن خطّـة نقل السلطة التي التزم بها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وما زال ملتزما بها.

رغم كل شيء.. الشعب ما زال مؤيِّـدا للجيش

وفي ظل هذه التطوّرات والمطالبات في ميدان التحرير بالخروج الفوري للمجلس العسكري من المشهد السياسي، كانت المفارقة الكُـبرى أن استطلاعات الرأي تقول غيْـر ذلك. فهناك رصيد من الثقة لدى جموع المصريين في جيشهم وفي قيادة هذا الجيش،  إذ خرج موْقِـعان إخباريان بنتائج استطلاع رأي حُـر للقرّاء بتاريخ 24 نوفمبر الجاري حول الموقف من الرحيل الفوري للمجلس العسكري، فنسبة 61% من قرّاء موقع “مصر الإخباري” من إجمالي خمسة آلاف قارئ شاركوا في الاستطلاع، قالوا (لا) للرحيل الفوري للمجلس ومع بقائه، وقال 19% إنهم مع المجلس لاستكمال المرحلة الانتقالية، وقال 20% فقط، إنهم مع رحيل المجلس.

وفي الاستطلاع الثاني قال 70.3% من قرّاء موقع “اليوم السابع” (لا) للرحيل الفوري للمجلس وإنهم مع استكمال إدارته لما تبقّـى من المرحلة الانتقالية وإجراء الانتخابات في مواعيدها المعلنة.

وتبقى الدّلالة الأهَـم هنا، حين نعرف أن موقِـع “اليوم السابع الإخباري”، هو أكثر المواقع الإخبارية الإليكترونية نقْـدا للمجلس العسكري والأكثر تحريضا عبْـر المقالات المنشورة والأخبار المُصاغَـة بطريقة معيَّـنة ضدّ المجلس العسكري، ومع ذلك، قال 70% من قرّائِـه (نعم) لبقاء المجلس. فيما كشفت النتيجة بحقّ مدى انفصال القرّاء عن حالة التحريض الإعلامي المنهجي، الذي برع فيه بعض الإعلاميين المصريين من أجْـل رفع رصيد الإعلانات في برامجهم ومطبوعاتهم، وليذهب الوطن إلى الجحيم.

لقاء الخروج من الأزمة

وفي ظل هذه التطوّرات السريعة والمتلاحقة، جاء تأكيد المجلس العسكري بعد لقاء مع ممثلي عدد من القِـوى السياسية، من بينهم الإخوان والوفد والحزب الديمقراطي والاجتماعي وشخصيات مرشّـحة للانتخابات الرئاسية، على إجراء الانتخابات البرلمانية الأولى في موعدها المقرّر، ليضيف لدى متظاهري التحرير سببا آخر للسّـخط على المجلس العسكري، بينما رأتها أحزاب كبيرة المَـخرج الوحيد الآمن من الأزمة التي تمُـر بها مصر الآن.

شمل الاتِّـفاق أيضا، تشكيل حكومة جديدة وإنهاء مظاهِـر العنف من قِـبل الشرطة وتعويض أسَـر الشهداء والمصابين والإفراج عن الشباب، الذين تمّ القبض عليهم في المظاهرات، والانتهاء من الانتخابات الرئاسية بحدٍّ أقصى نهاية يونيو 2012.

 الاتفاق بهذا المعنى، تضمّـن كثيرا من مطالب الميدان التي كانت مرفوعة حتى حينه، لكن متظاهري التحرير فضَّـلوا البقاء حتى يتِـم فرض أسماء بعينها ويرحل المجلس العسكري فورا من المشهد السياسي. أما القوى الحِـزبية الكبيرة المؤيِّـدة لإجراء الانتخابات في موعدها، فقد وجدت بنود الاتفاق مبشِّـرة وخُـطوة كبرى للخروج من المأزق.

وفي كلمة المشير التي لخَّـصت الأمر في اليوم التالي وأكدت على الانتخابات في موعدها ووجود رئيس مُـنتخب قبل نهاية يونيو 2012، تلفت النظر ثلاثة عناصر: أولها، التأكيد المتكرّر على أن الجيش غيْـر طامع في السلطة وأنه مُصِـر على العوْدة إلى ثكناته بعد أن يُـسلِّـم السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة، وِفقا للجدول الزمني الجديد والذي يختصِـر أكثر من ستة أشهر من الجدول السابق. والثاني، الإشارة إلى قسوة النقد الذي يوجهه الإعلام المصري إلى المجلس العسكري وعدم مراعاته الحقائق والظروف التي يعمل بها المجلس، لاسيما قيامه باستشارة كلّ القوى قبْـل الإقدام على أي خطوة أو إصدار أي قرار. والثالث، أن المجلس العسكري على استعداد للرحيل الفوري من المشهد السياسي، إذا أراد الشعب ذلك، ولكن عبْـر استفتاء.

والعنصر الثالث تحديدا، فتح الباب للجدل حول البديل الجاهز لاستلام السلطة، دون انتخابات أو تفويض شعبي، ومن هنا، شعرت الطبقات الشعبية بالقلق الشديد من احتمال كهذا، ومن ثم قرّرت أن تُـدلي بكلمتها عبْـر ميدان العباسية.

الحكومة.. جديدة أم للإنقاذ الوطني

وكما كان الانقسام حول أهمية الانتخابات في هذه اللحظة الزمنية الساخنة، تَـولَّـد انقسام آخر حول طبيعة الحكومة التي ستخلف حكومة الدكتور عصام شرف، التي قدّمت استقالتها عقِـب المواجهات مع متظاهري التحرير، كنوع من الشعور بالمسؤولية المعنوية الجماعية تُـجاه أرواح الشهداء ومساهمة منها في تخفيف أسباب التظاهر وإعطاء فُـسحة للقوى السياسية أن تتباحث في شخص مقبول جماهيريا، يدير ما تبقّـى من المرحلة الانتقالية بالتعاون مع المجلس العسكري.

غير أن استجابات متظاهري التحرير الأولية، رفضت اختيار المجلس العسكري للدكتور كمال الجنزوري، رئيس الوزراء الأسبق، بحجّـة أنه من رجال النظام المباركي، وأن تقدّمه في السن يحُـول دون أن يكون ملائما لمتطلّـبات حكومة إنقاذ وطني. في حين بدأت أولى تصريحات التأييد القوي لهذا الاختيار من قبل د. سليم العوا، وهو القانوني المخضرم وأحد المرشّحين المُـحتمَـلين للانتخابات الرئاسية، والذى يُعَـد محسوبا على التيار الإسلامي وأحد رموزه البارزين.

التقارير الصحفية بدورها كشفت عن شروط د. محمد البرادعي إذا قبل منصب رئيس حكومة الانقاذ، حيث طالب بصلاحيات مفتوحة في كل شيء، دون مراجعة من أحد وأن يختفي المجلس العسكري في لمحة بصر. بينما اعتذر آخرون مفضِّـلين انتظار فرصة أخرى.

المطالب المتغيرة

يذكر هنا أن القِـوى الموجودة في ميدان التحرير، تعكِـس تنوّعا شديدا من الأفكار والمطالب والأيديولوجيات والأجيال. والغالِـب عليها، الائتلافات الشبابية وحركات تعتبر نفسها أنها قادت ثورة يناير وأسقطت نظام مبارك وتستحِـق أن تقود البلاد بدون انتخابات أو تفويض من أحد، حتى ولو كان الشعب نفسه. وتشاركها قِـوى إسلامية سلفية موزَّعة على عدد من الأحزاب ورموز مدنية متنوّعة ولديهم أفكار أخرى، بعيدة الصِّـلة عما تطرحه الائتلافات الشبابية كل لحظة.

هذا التنوع في ميدان التحرير بيْـن ذوي المرجعية الإسلامية وذوي القناعات المدنية، عكس نفسه في قائمة عريضة من المطالب، التي يُصِـر عليها المتظاهرون، بعضها لا خِـلاف عليه، مثل محاسبة قيادات الشرطة التي تسبَّـبت في قتل المتظاهرين وتعاملت معهم بأساليب قاسية، لا تَـمُـتّ للثورة بصلة، خاصة في يومي السبت والأحد الماضيين، اللذين شهدا مقتل عدد كبير من المتظاهرين ومن المهاجمين على مديريات الأمن.

أما البعض الآخر، فجاء معبِّـرا عن تنوّع المرجعيات الأيدولوجية والفِـكرية، ناهيك عن محاولات لعرض أفكار متغيِّـرة لكي تتناسب مع التطوّرات المتلاحقة، مما أوضح أن الميدان ليس على قلب رجل واحد وليس لديه رُؤية شاملة لإدارة دولة بحجم مصر.

طرح الشباب أيضا أسماء بعينها لتتولّى هذه الحكومة الإنقاذية، أبرزها د. محمد البرادعي ود. عبد المنعم أبو الفتوح والمحامي وأستاذ القانون د. حسام عيسى والمستشار هشام البسطويسي.

والمفارقة المثيرة، أن مطالب الشباب لم تتضمّـن أي شيء عن إجراء الانتخابات في موعدها أو غير موعدها أو الأخذ في الاعتبار التحفُّظات التي تقول بها قِ،وى أساسية في الشارع المصري على هذه الشخوص تحديدا أو الاستحقاقات التي تضمنها استفتاء 19 مارس الماضي. وكان آخر ما طالب به الشباب في ميدان التحرير، أن يُـجرى استفتاء على مبدإ تشكيل مجلس رئاسي مدني يحكُـم البلاد، دون تحديد الهدف من ذلك وعلاقته بالانتخابات الرئاسية المقبلة.

لا.. لمُـصادرة رأي الشعب

بدت هذه المطالب لدى قِـوى شعبية وسياسية، بمثابة وصفة لوضع البلاد على بداية حرب أهلية، باعتبارها تُـصادِر حقّ الشعب في الاختيار وتتعالى عليه وتتحدّث باسمه، دون تفويض، وتتجاهل آلية الانتخابات كوسيلة ديمقراطية، تكشف عن الأوزان النسبية لكل قوّة سياسية ورديفها الاجتماعي، كما أنها تعكِـس رؤية لقوى شبابية، ليست بالضرورة مقبولة من باقي التيارات، ذات الرصيد الموثوق في الشارع.

في حين استنتَـج محلِّـلون أن مطالب المتظاهرين في الميدان، ليس الغرض منها بدء عملية ديمقراطية، وإنما الوصول إلى السلطة بأي شكل كان، مستغلِّـين حالة الاستنفار الإعلامي لنقْـد المجلس العسكري وتحميله كل الأخطاء، وكأن الائتلافات الشبابية التي أهدرت فرصة ذهبية في التواصل مع الشعب وبناء جذور حقيقية لها في المجتمع عبْـر انشاء حزب شبابي قوي أو حزبيْـن قوييْـن للمنافسة بحق في الانتخابات البرلمانية، لم تخطِـئ أبدا، وكانت كل خطواتها ملائِـكية.

يُـذكر هنا، أن عدد الائتلافات الشبابية، يَـفوق المائتين، ائتلاف واتحاد ومنظمة سياسية، أغلبيتها الساحقة غيْـر معروفة ومجهولة البرنامج والقيادات. وفي أكثر الأحوال، مجرّد بيان يصدُر باسم ائتلاف ما للتعليق على حدث أو لتعبئة الناس عبْـر الفضاء الإليكتروني وإثارتهم جنْـبا إلى جنب، توجيه النقد القاسي للمجلس العسكري، باعتباره غاصبا للسلطة التي يستحقّـونها، دون غيرهم. أما بعض الرموز الشبابية، فقد اكتفت بالمُـبالغة في النقد والظهور المكثَّف في القنوات الفضائية والتأكيد على استمرار الثأر مع الجيش المصري الذي اغتصب الحكم ووقف ضدّ الثورة، حسب رؤيتهم، والتأكيد كذلك على استمرار المواجهة مع وزارة الداخلية، لأنها لم تتغيّـر ولم تتطهّـر، وِفقا لقناعاتهم.

وتبَـعا لفريق من الناقدين لهكذا طرح، فإن الائتلافات الشبابية، وإن كانت فصيلا حركيا وديناميكا في الفضاء الإليكتروني وفي تعبئة المظاهرات وتنظيمها في أكثر من محافظة، فهذا لا يعطيها الحقّ في احتكار الحديث باسم الثورة وباسم المصريين جميعا، فهُـم أولا وأخيرا مجرّد فصيل سياسي، يبدو أنه يخشى المشاركة في الانتخابات والكشف عن حجمه الحقيقي عبْـر هذه الآلية الديمقراطية.

من ضَـحى يستحق؟

في المقابل، تؤكد رموز شبابية أنه، لوْلا تضحياتهم وتمسّـكهم بالتظاهرات الواحدة تِـلو الأخرى، لَـما كان الكثير من القرارات الكبرى التي أصدرها المجلس العسكري قد رأت النور، ولَـما حدثت محاكمات رموز النظام المخلوع ولما صدر قانون العزل السياسي أو تمت الإطاحة بحكومة د. عصام شرف والإطاحة بوثيقة السِّـلمي، التي كانت تعطي الجيش مبرِّرا للتدخّل في الحياة السياسية.

وانطلاقا من تلك القناعات الراسخة، فإنهم سوف يستمرّون في الاعتصام في قلب القاهرة، كما كان الحال في فبراير الماضي، وصولا إلى رحيل المجلس العسكري من السلطة. غيْـر أن عموم المواطنين يروْن أنهم قدّموا الكثير من التضحيات من أرزاقهم التي تأثرت بشدّة، ومن أمنهم وأمانهم، وأنه ليس لأحد أن يُـزايِـد عليهم، وليَـكن التقدير والحساب عبْـر صندوق الانتخابات.

هنا، نرصد قول أحد أعضاء المجلس العسكري في المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه إجراء الانتخابات في موعدها “أن شباب المتظاهرين في التحرير قوة مهمّـة، ولكنهم لا يمثِّـلون كل الشعب المصري ولا يحتكِـرون الحديث باسمه”. ومع نزول الأغلبية الصامتة إلى ميدان العباسية رافضة أطروحات التحرير ومؤيِّـدة إدارة المجلس العسكري للفترة الانتقالية، اكتملت صورة الواقع المصري، حيث التنوّع واستحالة احتِـكار الحقيقة من طرفٍ بِـذاته.

في خِـضَـمّ هذا الجدل الصاخب، سوف تتِـم الانتخابات في موعدها وسيُـؤمِّـن الجيش كل المقرّات الانتخابية، حيث أعدّ أكثر من 126 ألف جندي مدرّبون جيِّـدا لهذه المهمة الوطنية النبيلة، حسب تصريح للدكتور سليم العوا، الذي شارك في مباحثات خطّـة انتقال السلطة حتى يونيو المقبل.

وللمرة الأولى، صار هناك برنامج زمني مُـختصَـر ومكثَّـف في آن، للإنهاء من إعداد دستور جديد في غضون شهر واحد وانتخابات رئاسية تنتهي مع نهاية يونيو 2012، وعندها، سيكون لمصر برلمان مُـنتخَـب ودستور جديد ورئيس مُـنتخَـب. فهل سيبقى المتظاهرون في ميدان التحرير حتى ذلك التاريخ، تاركين كل هذه الخطوات الجبّـارة تحدُث بعيدا عن مشاركتهم الإيجابية والفعّـالة، مكتفين فقط برفع الشعارات والغضب على ما يحدُث؟

كثيرون يعتقدون أن دَوَران العَـجلة كفيل بتصحيح الأوضاع، ومِـن ثمّ كشْـف الغطاء عن المكتفين فقط بالصوت العالي والصراخ، وهؤلاء الذين يملكون جذورا عميقة في الشارع السياسي ويشاركون في بناء مصر جديدة وديمقراطية.

القاهرة (رويترز) – فتحت مراكز الاقتراع بمصر أبوابها يوم الاثنين 28 نوفمبر في أول انتخابات برلمانية منذ الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في فبراير .

وألقت اشتباكات وقعت بين الشرطة ومحتجين في الاونة الاخيرة بظلالها على الانتخابات. ويطالب المتظاهرون المجلس الاعلى للقوات المسلحة بتسليم السلطة لحكومة مدنية. وحتى بعد انتخاب البرلمان سيحتفظ المجلس العسكري بصلاحيات رئيس الجمهورية لحين اجراء انتخابات الرئاسة المقررة في منتصف 2012 .

وقال الجيش، ان التصويت في كل مرحلة من المراحل الثلاث لانتخابات مجلس الشعب سيجري على يومين متتاليين، بدلا من يوم واحد لاتاحة المزيد من الوقت للناخبين الذين يحق لهم الادلاء بأصواتهم وعددهم 50 مليونا للتصويت.

ولم يتضح بعدُ ما اذا كان قرار التصويت في كل مرحلة على يومين سينطبق على انتخابات مجلس الشورى التي تجري في وقت لاحق.

ويدلي المصريون بأصواتهم في تسع محافظات من بينها القاهرة والاسكندرية في المرحلة الاولى، اعتبارا من الثامنة من صباح يوم الاثنين (0600 بتوقيت جرينتش) وحتى الساعة السابعة مساء (1700 بتوقيت غرينتش). وتكتمل مراحل التصويت الثلاث في 11 يناير.

وفيما يلي بعض التواريخ والتفاصيل الرئيسية عن انتخابات مجلسي الشعب والشورى التي أعلنتها اللجنة الانتخابية في مصر.

انتخابات مجلس الشعب

28 و29 نوفمبر
 – انطلاق المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية في تسع محافظات، هي القاهرة وبورسعيد والاسكندرية وكفر الشيخ والفيوم ودمياط والبحر الاحمر واسيوط والاقصر. وتجرى جولة الاعادة للمرحلة الاولى في الخامس والسادس من ديسمبر، اذا لم يفز مرشح بأغلبية واضحة.

14 و15 ديسمبر – تبدأ المرحلة الثانية من الانتخابات في تسع محافظات أخرى هي الجيزة وبني سويف والمنوفية والشرقية والاسماعيلية والسويس والبحيرة وسوهاج وأسوان. وتجري جولة الاعادة في 21 و22 ديسمبر.

3 و4 يناير – المرحلة الثالثة والاخيرة من انتخابات مجلس الشعب في المحافظات التسع المتبقية وهي، المنيا والقليوبية والغربية والدقهلية وشمال وجنوب سيناء والوادي الجديد ومطروح وقنا. وتجري جولة الاعادة في 10 و11 يناير.

انتخابات مجلس الشورى

29 يناير
– بدء المرحلة الاولى من انتخابات مجلس الشورى في نفس المحافظات التي جرت فيها المرحلة الاولى من انتخابات مجلس الشعب. وتجري جولة الاعادة في الخامس من فبراير.

14 فبراير
– المرحلة الثانية من انتخابات مجلس الشورى. وتجرى جولة الاعادة في 21 فبراير.

4 مارس – المرحلة الثالثة والاخيرة من انتخابات مجلس الشورى. وتجرى جولة الاعادة في 11 مارس.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 28 نوفمبر 2011)

القاهرة (رويترز) – فتحت مراكز الاقتراع ببعض محافظات مصر أبوابها يوم الاثنين 28 نوفمبر في أول انتخابات برلمانية منذ الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك في فبراير.

وفتحت مراكز الاقتراع الساعة الثامنة صباحا بالتوقيت المحلي (0600 بتوقيت غرينتش)، لكن شهود عيان أبلغوا بحدوث تأخير في فتح بعض المراكز.

وفي مقر انتخابي بروض الفرج في الدائرة الاولى بالقاهرة، دخل أول ناخبين بعد حوالي نصف الساعة من موعد بدء الاقتراع.

وقال ضابط جيش في المقر لرويترز، ان القاضي المشرف على المقر اتخذ اجراءات فتح مراكز الاقتراع متأخرا.

وفي مقر انتخابي قريب في نفس الدائرة لم تفتح مراكز الاقتراع أمام الناخبين حتى حوالي الساعة التاسعة صباحا. وقال مدحت رأفت (35 عاما) وهو مندوب عن حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان المسلمين ان القضاة رفضوا العمل في المقر بعد أن اكتشفوا أنه لا يوجد قاض على كل صندوق اقتراع.

وقبل الاقتراع توقع محللون انتخابات نزيهة على خلاف الانتخابات التي كانت تجرى في السابق لكن محللين اخرين قالوا ان ضعف الاستعدادات يجعل القضاء التام على أساليب الانتخابات السابقة يبدو بعيد المنال.

وقال شاهد في مدينة أسيوط جنوبي القاهرة ان ناخبات دخلن ستة مراكز اقتراع في الدائرة الاولى بمحافظة أسيوط في الساعة الثامنة و18 دقيقة بالتوقيت المحلي لكن أيا منهن لم تخرج بعد نحو 12 دقيقة من فتح المراكز أمام الناخبين.

وأضاف أن الناخبين المقيدين في 12 مركز اقتراع في مقر انتخابي مجاور لم يدخلوا المراكز بعد 25 دقيقة من موعد فتح مراكز الاقتراع. وأضاف “يبدو أن محاضر فتح اللجان لم تكتب بعد.”

ويدلي المصريون بأصواتهم في المرحلة الاولى من انتخابات مجلس الشعب في تسع محافظات هي القاهرة والاسكندرية وأسيوط والفيوم والاقصر وبورسعيد ودمياط وكفر الشيخ والبحر الاحمر.

وتغلق مراكز الاقتراع أبوابها في السابعة مساء (1700 بتوقيت جرينتش) ويستطيع الناخبون الادلاء بأصواتهم أيضا يوم الثلاثاء في هذه الجولة الى منتصف الليل بحسب اللجنة القضائية العليا للانتخابات. وتكتمل مراحل التصويت الثلاث في 11 يناير وتجرى كل منها على يومين.

ويتطلع المصريون الذين سيدلون بأصواتهم الى الاستقرار بعد أسبوع من اراقة الدماء سقط فيها 42 قتيلا وأصيب أكثر من ألفين. وتسببت الاضطرابات التي يردها كثيرون الى فشل الاختيارات السياسية للمجلس العسكري الذي يدير شؤون مصر في دفع البلاد في اتجاه أزمة اقتصادية.

وقال المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة ان الجيش سيضمن تأمين اللجان الانتخابية وأكد مجددا على أن الانتخابات ستعقد في المواعيد المحددة لها.

(المصدر: وكالة رويترز بتاريخ 28 نوفمبر 2011)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية