مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بروكسل: لنتفاوض إذن على “شينغن ودبلن”!

مع اقتراب موعد انطلاق الجولة الثانية من المفاوضات الثنائية بين سويسرا والإتحاد الأوروبي، بدأت ترتفع وتيرة النبرة القادمة من بروكسيل Keystone

أعلنت لجنة الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء في بروكسل أن الاتحاد الأوروبي على استعداد للدخول في مفاوضات حول انضمام سويسرا لاتفاقيتي شينغن ودبلن، شريطة أن تتبنى سويسرا التشريعات الحالية والمستقبلية للاتحاد الأوروبي.

إذا كان هذا البيان الأوروبي يعرب عن شيء، فانه يعرب عن عدم رغبة الاتحاد الأوروبي في تقديم التنازلات لسويسرا التي لا تنتمي للعضوية في الاتحاد، دون مقابل. كما يعكس عدم نية الاتحاد الأوروبي في التعامل مع سويسرا بطريقة تختلف عن تعامله مع الدول غير العضوة الأخرى كالنرويج أو أيسلندا اللتين انضمتا لاتفاقيات شينغن تحت نفس الشروط.

لكن الأهم من ذلك بالنسبة إلى برن هو أن هذا البيان يدل صراحة على عدم رغبة الاتحاد الأوروبي للدخول مجددا في مفاوضات طويلة وشاقة حول أدق التفاصيل، كتلك المفاوضات التي أسفرت على صفة الاتفاقيات الثنائية السبع بين بيرن وبروكسل والتي لا تزال مرهونة بمصادقة بلدان الاتحاد الأوروبي التي تنتظر بعض التنازلات من جانب برن.

موقف بين اللين والشدة

بكلمة أخرى يطالب الاتحاد الأوروبي سويسرا القبول جملة وتفصيلا بالقوانين والتشريعات الحالية والمستقبلية لبلدان الاتحاد، من أجل تحطيم الجليد عن الحلقة الثانية من المفاوضات على الاتفاقيات الثنائية السبع التي تعتبر بالغة الحيوية لسويسرا، لموقعها الجغرافي في قلب أوروبا من جهة، ولاعتمادها الاقتصادي والتجاري على بلدان الاتحاد من جهة أخرى.
فهذا الموقف، من وجهة النظر اللجنة الأوروبية في بروكسل، يستجيب للمطالب السويسرية الدائمة بالدخول في مفاوضات عامة وآنيّة على جملة من الاتفاقيات الثانوية والهامة للطرف والآخر والتي لا يزال بعضها عائقا في سبيل البدء بتطبيق الاتفاقيات الثنائية السبع بين سويسرا والاتحاد.

السرية المصرفية

وهذا هو بالفعل ما تطالب به سويسرا منذ سنوات على أمل أن يقبل الاتحاد الأوروبي ببعض التحفظات السويسرية في بعض المجالات، خاصة مجال السرية المصرفية، بما في ذلك تبادل المعلومات حول عوائد رؤوس مال أبناء بلدان الاتحاد الأوروبي في البنوك السويسرية.

لكن سويسرا قالت مرارا وتكرارا، إن السرية المصرفية أصبحت من أبرز التقاليد العريقة للبنوك في سويسرا وأنه لا مجال للتفكير أبدا في التخلي عن هذه السرية التي تعتبر حجر الأساس للرخاء والازدهار في هذا البلد.

وعلى هذه الخلفية يبدو البيان الصادر يوم الثلاثاء عن الجنة الأوروبية في بروكسل، كبيان يستجيب لمطالب بيرن بالانضمام لاتفاقيتي شينغن ودابلن اللتين تعالجان مشاكل اللجوء والأمن في بلدان الاتحاد الأوروبي من جهة، وكبيان متشدد يرفض اعتبار سويسرا كحالة خاصة، أي يرفض أية تحفظات سويسرية في أي مجالا من المجالات الهامة للاتحاد من جهة أخرى.

لذا يعكس هذا الموقف الأوروبي من وجهة نظر المراقبين السويسريين، تصعيدا للضغوط المتواصلة من كل حدب وصوب على السرية المصرفية في سويسرا، خاصة من جانب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتحصيل المعلومات من البنوك السويسرية لمكافحة فرار رؤوس المال والتهرب من الضرائب أو لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب وغيرهما.

وعلى هذا الصعيد، لم تكف سويسرا عن الإعراب عن استعدادها الكامل لرفع السرية المصرفية تأييدا لأية تحقيقات دولية في مجالات مكافحة غسل الأموال والجريمة المنظمة أو الإرهاب، ولكن بعد الحصول على الأدلة التي تبرر رفع السرية المصرفية باعتبار هذه الجرائم جرائم تقع تحت طائل القوانين السويسرية.

لكن الفرار أو التهرب من الضرائب لا يعتبر في سويسرا من الجرائم والجنايات العادية وإنما من الجنايات الإدارية التي تترتب عليها غرامات مالية ولا تبرر رفع السرية المصرفية، وذلك على عكس المألوف في بلدان الاتحاد الأوروبي الذي يطالب على الرغم من ذلك برفع السرية عن أبناء الاتحاد المشبوهين بعمليات التزييف الضرائبية أو الجمركية على حد سواء.

سويس انفو/جورج انضوني

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية