مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الرئيس المصري يقطع خطوة جريئة على طريق انتزاع صلاحياته

يتساءل المتابعون هل فاجأت قرارت الرئيس مرسي المجلس العسكري الأعلى ام كانت بالتشاور معه منذ البداية swissinfo.ch

رحب خبراء سياسيون وإعلاميون وأكاديميون مصريون بالقرارات التي أصدرها الرئيس محمد مرسي، عصر الأربعاء 8 أغسطس 2012م، بإقالة عدد من القيادات الأمنية، على رأسهم مدير جهاز المخابرات العامة، معتبرين أنها "تصب في اتجاه انتزاع صلاحياته"، و"رسالة بأنه لا أحد فوق المحاسبة".

وأوضح الخبراء في تصريحات خاصة إلى swissinfo.ch أن هذه القرارات “حاسمة وجريئة”، وأنها تمثل “سياسة جديدة لم تتعود عليها مصر”، وأنها “تستهدف مواجهة الدولة العميقة”، مشيرين إلى أنها “أرضت غالبية الشعب المصري”.

وقد لاقت هذه القرارات ارتياحًا شعبيًا كبيرًا، وأعربت غالبية الأحزاب والقوى السياسية، والائتلافات الثورية والشبابية، عن تأييدها لقرارات الرئيس، ودعمها له في مواجهة قوى الدولة العميقة، والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وبلغ الأمر بأن تنادى المئات من شباب الثورة للتظاهر و وتناول الإفطار أمام قصر الاتحادية برئاسة الجمهورية، فضلاً عن التظاهر أمام مسكنه بمنطقة التجمع الخامس بالقاهرة الجديدة إظهارًا لدعمه وتأييده.   

وكان الرئيس قد أصدر قرارًا بإحالة اللواء مراد موافي مدير جهاز المخابرات العامة للتقاعد، وتعيين نائبه اللواء محمد رأفت عبد الواحد قائمًا بأعمال رئيس المخابرات بدلا منه. وشملت القرارات تعيين نائبه اللواء محمد أحمد زكي قائداً للحرس الجمهوري المسؤول عن حماية الرئيس، والسفير محمد رفاعة الطهطاوي مديراً لديوان رئيس الجمهورية. فيما كلّف وزير الدفاع المشير محمد حسين طنطاوي بتعيين قائد جديد للشرطة العسكرية خلفاً للواء حمدي بدين الذي أحاله الرئيس للتقاعد. كما كلّف وزير الداخلية اللواء أحمد جمال الدين بتعيين ماجد مصطفى كامل نوح مساعداً لوزير الداخلية لقطاع الأمن المركزي، واللواء أسامة محمد الصغير، مساعداً لوزير الداخلية مديراً لقطاع أمن القاهرة.

أرضت غالبية الشعب المصري

في البداية، قال الخبير والأكاديمي السياسي الدكتور علاء عبد الحفيظ: “أرى أن هذه القرارات حاسمة وجريئة، وأرضت غالبية أفراد الشعب المصري، الذين ساءهم ما حدث في سيناء من اعتداء على الجنود المصريين، وما حدث أثناء تشييع الشهداء من اعتداء على بعض الرموز الوطنية والسياسية المشاركين في الجنازة”.

وقال عبد الحفيظ، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أسيوط: “هذه القرارات تعطي رسالة واضحة لمن يتولى المناصب التنفيذية في المجالات الأمنية بأهمية تفعيل المنظومة الأمنية والقضاء على الانفلات الأمني، وهذا شرط أساسي لتحقيق الاستقرار والتنمية في المجتمع المصري، كما تشير هذه القرارات إلى أن الرئيس مرسي بدأ يمارس سلطاته التنفيذية بحرية، وبدون ضغوط، وبالاستناد إلى التأييد الشعبي الواسع الذي يحظى به”.

وردًا على سؤال: وهل تعتقد أنها ستساهم في انتزاع مرسي لبقية صلاحياته المنقوصة؟ أجاب عبد الحفيظ: “أعتقد أنها ستكون خطوة مهمة في انتزاع مرسي لبقية صلاحياته المنقوصة، وستكون لها تأثيرات في زيادة شعبية الرئيس مرسي وإمكانية قيامه بالاستفادة من هذا التأييد في انتزاع باقي الصلاحيات”.

ويعتقد الخبير السياسي أن “هذه القرارات ستقوي من سلطة الرئيس إزاء المجلس العسكري، خاصة بعدما أحرج رئيس المخابرات السابق المجلس العسكري عندما ذكر أنه أبلغ الجهات المختصة باحتمال حدوث الاعتداء، وربما تؤدي هذه القرارات إلى احتمالات للصدام بين الرئيس والمجلس العسكري، وإن كنت أرى أن من مصلحة الطرفين في الوقت الحالي عدم تصعيد الخلاف بينهما”.

تستهدف مواجهة الدولة العميقة

وفي سياق متصل، أوضح الخبير السياسي الدكتور أحمد الطويل، أنه “بالنسبة لقرارات مرسي هي لمواجهة الدولة العميقة، التي تعمل ضد الثورة، وتسعى لإفشاله وإظهاره بمظهر العاجز، وكانت هناك ضرورة بالفعل لتغيير قيادات مؤسسات كثيرة، لأن هذه القيادات التي تم تعيينها من قبل مبارك غير موالية للثورة، ثم إنه تم اختياره على أساس الثقة، وليس وفقًا لمعيار الكفاءة، وبالتالي فإنها قيادات عاجزة وفاشلة”.

وقال الطويل، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام: “مرسي يرى عن حق أن استمرار هذه القيادات في مواقعها معناه فشله، ثم إن مرسي يريد أن يدشن حملة تطهير- مطلوبة يقينًا- لاستمرار الثورة ونجاحها، وبخاصة في هذا الوقت الذي يهاجم فيه مرسى من قبل جهات مختلفة تتهمه بالعجز وعدم القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة”.

وأشار الطويل، إلى أنه: “ربما تكون هذه القرارات خطوة تعقبها خطوات أخرى، ولكن هناك خوف من أن يؤدي ذلك إلى حدوث صراع بين الرئيس والمجلس العسكري الذي لم يغب بعد عن الساحة السياسية، ويبدو أنه سيستمر لفترة غير قليلة مقبلة، ولكن فيما يبدو أن هذه القرارات حدثت بالتوافق بين الطرفين، ويمكن أن تكون هناك قرارات أخرى بالتوافق بين الطرفين أيضًا إذا لم تمس وضع المؤسسة العسكرية”.

رسالة بأنه لا أحد فوق المحاسبة

متفقًا مع الطويل، يعتبر الخبير الإعلامي الدكتور حمزة سعد، المتخصص في الإعلام السياسي أن: “القرارات الأخيرة للرئيس هي بداية تصحيح المسار، خاصة في ظل التطورات الأخيرة التي شهدتها مصر من بلطجة وانفلات أمنى وبوادر فتنه طائفية، ثم الأحداث الأخيرة التي أودت بحياة 16 عسكريًا في سيناء، ومن ثم فقد كان على الرئيس أن يتخذ قرارات شجاعة وحاسمه تعيد للدولة هيبتها”.

وقال سعد، والأستاذ في كلية الإعلام بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة إلىswissinfo.ch: “هذه القرارات ستعيد الانضباط إلى بعض مؤسسات الدولة التي أصابها الترهل نتيجة استمرارية قيادتها لفترات زمنية طويلة، وكان لابد من التغيير وتعيين قيادات جديدة”، مشيرًا إلى أن “أهميتها أنها رسالة إلى كل مسؤول متقاعس أن زمن عدم الحساب قد ولّى إلى غير رجعة، وأنه لا أحد فوق المحاسبة”.

وأوضح الخبير الإعلامي، أن: “رئيس الدولة بما لديه من سلطات قادر على الحفاظ على أمن الوطن وسلامه أراضيه التي أقسم عليها أمام الشعب، وأنه كما ذكر اتقوا غضب الحليم”، معتبرًا أنه “مطلوب مزيد من هذه القرارات الحاسمة، والتي أري أنها تاريخية في تلك الفترة الحرجة في تاريخ مصر، ومن الضروري دعم هذه القرارات، وأن يلتف الشعب حولها، لأن مصر تحتاج مثل هذه القرارات في هذه الفترة بعيدًا عن المزايدات السياسية”.

سياسة جديدة لم تتعود عليها مصر

يرى الكاتب الصحفي الدكتور عمرو أبو الفضل، أن “الرئيس يرسى سياسة جديدة لم تتعود عليها مصر، وهى سياسة الثواب والعقاب، فما حدث في سيناء كارثة بكل المقاييس الأمنية والسياسية والعسكرية، أضرت بأمن واستقرار وسمعة مصر، والمسؤولية عن هذه الجريمة الغادرة مشتركة بين أكثر من جهة، ولكن المسؤولية الأساسية تقع على عاتق جهاز المخابرات العامة، لأنه المختص بجمع المعلومات ورصد العداءات، وتقييم المخاطر، وتقديم رؤيته للجهات التنفيذية ممثلة أولاً في رئيس الجمهورية، وثانيًا في الوزارات المعنية، وهى هنا الدفاع والداخلية”.

ويقول أبو الفضل، الخبير بمركز الجمهورية للدراسات السياسية والأمنية: “إذا تأملنا البيان الصادر عن المخابرات بخصوص العملية الغادرة في سيناء نجد أنه نفى عن نفسه التهمة، وأكد أنه قدم معلومات تفصيلية عن العملية للجهات المعنية، ولكن الغريب أنه لم يبين تحديدًا من هي هذه الجهات، وهل يقصد رئيس الجمهورية أم المجلس العسكري”، معتبرًا أنه “من ناحية ثانية قدم تبريرات لا تليق بجهاز بحجم المخابرات المصرية، حيث أرجع التهاون في الحيطة والحذر إلى أنه لم يكن يتخيل أن مسلم يقتل أخاه المسلم وقت الإفطار!!”.

تصب في اتجاه انتزاع صلاحياته

وأضاف قائلاً: “لا شك أن قرارات الإعفاء من المناصب التي اتخذها الرئيس تصب في اتجاه انتزاع صلاحياته، والتأكيد على قدرته على إدارة شؤون الدولة، باعتباره الرئيس المنتخب والمسؤول عن السلطة التنفيذية”، مشيرًا إلى أن “هناك جهات مرتبطة بالثورة المضادة تريد استثمار هذه التغيرات وإحداث وقيعة بين الرئاسة والشارع، وإظهار الأمر على أن مرسى هو المسؤول الأول عن حادثة سيناء، وأنه أجرى التغيرات كنوع من كبش الفداء لحماية نفسه من غضب الشارع، وهذا غير صحيح لأن القرار اتخذ بناء على مشاورات بين القوى والأحزاب السياسية، وأيضًا بموافقة مجلس الدفاع الوطني، الذي يرأسه مرسى ويضم أغلب قادة المجلس العسكري”.

وتابع أبو الفضل قائلاً: “الآن يحدث نوع من التسخين، واستعداء الشارع ضد الرئيس، وهناك محاولات لإظهار أن هناك فوضى عارمة تجتاح مصر، غضبًا على الإخوان وسياسات الرئيس المنتمى لهم أيديولوجيًا، وهناك توظيف لملفات من نوعية تغيير رؤساء تحرير الصحف القومية، للتخديم على ذات الفكرة التي تسعى الثورة المضادة إلى إبرازها، والخاصة بأن الإخوان يريدون السيطرة على مفاصل الدولة”.

وقال: “وبالتالي يجب مقاومتهم والنزول إلى الشوارع، ومحاصرة قصر الاتحادية وإقالة مرسى، ولكن أعتقد أن كل هذه الدعوات غير المسؤولة لن تثمر شيئًا، لأن رجل الشارع على درجة من الوعي، وأكثر إدراكًا لألاعيب الثورة المضادة، والجهات التي تقف خلفها، وتستهدف زعزعة الاستقرار، وتقويض الثورة والثوار، والقضاء على التحول الديمقراطي الذي تشهده مصر، أو على الأقل تعويقه حتى لا تحدث المحاسبة والمسألة على الجرائم والفساد والأموال المنهوبة خلال عهود حكم محمد حسني مبارك”.

الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح السابق للرئاسة: “تطهير المؤسسات الأمنية مطلب للثورة والإطاحة بقيادات مقصرة في واجبها ومتورطة في انتهاكات متكررة مطلب يقدر من الرئيس، وإننا لن نبني وطنًا جديدًا إلا بتطهير شامل”.

الدكتور عبد الله الأشعل، المرشح الأسبق لرئاسة لجمهورية: الرئيس تخلص من رجال مبارك وتلميذ اللواء عمر سليمان والذي تعلم منه التعاون مع مخابرات الكيان الصهيوني، لكنها غير كافية.

الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة: قرارات الرئيس استجابة للمطالب الشعبية والسياسية، وهي خطوة في طريق استكمال أهداف الثورة.

الإعلامي حمدي قنديل: قائد الحرس الجمهوري المقال هو الذي ورط الرئيس في الغياب عن جنازة الشهداء بدعوى استحالة حمايته، في حين حمى الجيش المشير حسين طنطاوي ونائبه الفريق سامي عنان. وبرأيي أنها “قرارات ثورية”.

الدكتور أيمن نور رئيس حزب غد الثورة: “مصداقية الرئيس تبدأ بجدية المحاسبة على الأخطاء، لذا نساند القرارات الأخيرة كخطوة أولي في اتجاه الإصلاح، ولا أحد فوق المسائلة حتى الرئيس”.

أحمد ماهر، مؤسس حركة ٦ أبريل: قرارات صائبة وقد تأخرت كثيرًا. فالشعب المصري وجماهير الثورة تنتظر المزيد من قرارات التطهير وإقالة المسئولين الفاشلين. ونتعهد بمساندة مرسى في “هذه القرارات الهامة والثورية”.

الكاتب والروائي علاء الأسواني: رئيس الجمهورية استخدم سلطاته اليوم وهذه بداية لـ« تطهير حقيقي لجهاز دولة مبارك». وأنا «أؤيد قرارات الرئيس مرسي كبداية لتطهير حقيقي لجهاز دولة مبارك».

طارق الملط، عضو المكتب السياسي لحزب الوسط: قرارات الرئيس الميلاد الحقيقي لصلاحيات رئيس الجمهورية التي جاءت مفاجئة للجميع وتلقيناها بسعادة بالغة, وهي تفعيل لصلاحيات رئيس الجمهورية علي الأرض، ورد فعل طبيعي لحادث سيناء الإجرامي، وأيضًا رد فعل للفوضى التي حدثت في أثناء تشييع جنازة الشهداء. وهذه القرارات ثورة تصحيح جديدة.

عبد الغفار شكر، وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي: هذه القرارات هي نوع من العقوبات بالنسبة لمسئولين كبار قصروا في أداء واجباتهم ومسئولياتهم, وأرى أن رئيس الجمهورية بهذه القرارات يمارس صلاحياته كاملة بالنسبة لجميع المؤسسات بما فيهما الجيش، بما ينفي ما تردد من أنه مغلول الأيدي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية